وجوه بوتين المتعددة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عيده ميلاده ال 52 (7/10/2006) وبقاء 19 شهرا على انتهاء ولايته، على خلفية دعوات بتجديد ولايته لفترة ثالثة وانتقادات لاترحم من قوى ليبرالية ويسارية لنتائج سياسيته منذ ان تسنم السلطة عام منذ عام 1999.
ويظل بوتين منذ ان اطلق بوجهه احد الاعلاميين الغربيين السؤال في اول لقاء صحفي مع مراسلين اجانب " من انت ايها السيد بوتين" شخصية سيساسية مختلف عليها او بعبارة اخرى على نهجها.ففي الوقت الذي تشير كافة الاستطلاعات الى اتساع شعبيته وسط سكان روسيا، فان هناك تيارات سياسية تنتقد نهجه السياسي. فاليسار يرى في سياسته بانها لاتخدم مصالح الجماهير الواسعة وتعزز من توجهات الراسمالية البربرية والتفريط بمصالح روسيا. والليبراليون يشيرون الى ان بوتين حصر السلطة في روسيا برمتها بيده، ومارست حكومته سياسية التضييق على حرية الصحافة والكلمة والملكية الخاصة، وانه اقام نظام حكم تقوده
" مجموعة"( بطرسبورغ) متحالفة بينها وباتت تسيطرعلى كافة مرافق الدولة والنفوذ والمال. واخرون يذهبون الى ان بوتين اطلق يد الاستخبارات التي خرج منها، مما نجم عن ظهور " اولغارشية مخابراتية".
وفي الغرب لم يحظ بوتين ايضا بتقييم متفق عليه. وتشن وسائل الاعلام الغربية حملة من الانتقادات التي ترسم وجه غير حسن لسياسة الرئيس واوضاع روسيا العامة خلال ولايته. حتى ان البعض يصفه بالقيصر الجديد والمستبد والمعادي للديمقراطية وغيرها من النعوت. وهناك ايضا مراقبون يرون ان بوتين فعلا حقق انجازات كبيرة في مقدمتها الازدهار والنمو الاقتصادي واستتباب الامن ، ولكنه يمارس اساليب تتنافى والديمقراطية بشكلها الغربي، وملاحقة الملكية الخاصة، وعدم حرية القضاء والتضييق على مؤسسات المجتمع المدني.
وفعلا فقد تحسنت الوضع الامني في عموم روسيا وانخفضت نسب الجريمة ونست التلقبات المفاجئة التي كانت تعيشها في زمن سلفه بوريس يلتسين. وقلم اظافر الاوليغارشية التي اثرت بوسائل غير شرعية وطمحت للسيطرة على اجهزة الدولة لصالحها. وحققت تقدما اقتصاديا ملحوظا خاصة بسبب ارتفاع اسعار النفط في الاسواق الدولية. بيد ان هناك قطاعات واسعة من السكان تعاني من الفقر وتواجه ارتفاعا حادا في المواد الغذائية والاستهلاكية، وتتسع بصورة سريعة الهوة بين الاغنياء والفقراء. وتمكن بوتين من اخماد بؤتر التوتر في منطقة شمال القوقاز بما في ذلك في الشيشان. وعزز المركزية في ادارة السلطة لاغيا بذلك انتخاب حكام الاقاليم بصورة مباشرة وربط ذلك بقرار وخيار رئاسي.ويرى البعض ان بوتين تمكن من استعادة هيبة روسيا على الساحة الدولية، والاستقلالية في قرارتها ومواقفها من المشاكل الدولية بما في ذلك في الشرق الاوسط والبلقان ومن الملفات النووية الايرانية والكورية الشمالية ومشكلة دارفور في السودان، وكسبها شركاء قوياء في العالم خاصة الصين والهند والافادة من ورقة الطاقة لاحترام الغرب مصالح روسيا.
ان المتابعة الدقيقة لتطورات نهج بوتين السياسي تشير الى انه يسعى لاقامة نموذج من الديمقراطية اُطلق عليها تارة " الديمقراطية الموجهة" واخرى " الديمقراطية السيادية" تتناسب وفق رايه مع طبيعة روسيا والمرحلة الانتقالية التي تمر بها والمستوى السياسي والحضاري لسكانها والمشاكل التي تواجهها. ويقضي هذا النهج بفرض المركز وبشكل قانوني، سيطرته وتحكمه في كافة العمليات السائرة في الدولة من اجل بلوغ اهداف المرحلة بتعزيز الاقتصاد وسيادة الامن والقانون وتقوية مؤسسات الدولة. ويقتضي ايضا كبح جماح وقمع كافة التيارات التي تمارس انشطة تهدد بجد المسيرة البوتينية. وتسمح بهامش من الحرية.ان تعزيز المركز وتحكمة في كافة العمليات الدائرة في الاطراف جعل الكثير يشكككون اليوم بنزاهة الانتخابات البرلمانية، في اشارة الى تدخل اجهزة الدولة فيها لصالح "حزب روسيا الموحدة" الموالي للرئيس بوتين لتحقيق فوز ساحق فيها.ويلاحظون ان هذا التوجه جعل البرلمان خاضع للرئاسة والسلطة التنفيذية وهمش دور المعارضة.
وقبل 19 شهرا من انتهاء ولايته فثمة قوى واوساط اجتماعية تدعوه الرئيس الروسي للترشيح لولاية ثالثة، انطلاقا من غياب الساحة الروسية من شخصية قوية قادرة على مسك الوضع الهش من الانفلات ومواصلة تعزيز اركان الدولة والنمو الاقتصادي وانتهاج سياسة خارجية تخدم مصالح روسيا. ويرفض بوتين لحد الاستجابة لهذه المطالب، مفسرا ذلك بالتزامه باحكام الدستور الروسي الذي يمنع الشخص الواحد البقاء في الرئاسة لثلاث دورات متتالية.
وبعد مرور 7 سنوات على ولاية بوتين فان الرد على السؤال الشهير من انت ايها السيد بوتين، غير شافي، فما زال للرئيس الروسي وجوه متعددة، لابما ستتبلور في توجه اكثر وضوحا بعد انتهاء فترة حكمه.