كتَّاب إيلاف

الوقت من ذهب.. ووقت الفلسطيني من دم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

معنى حكومة تكنوقراط

يحيرني أمر البعض من القرّاء الذين يعيبون على كتابتي ضعفها في القواعد أو إهمالي للتاء المربوطة بطريقة لا تنم إطلاقا عن الإنتقاد الهادف ولكنها تقع في خانة إحراجي أو منعي من الكتابه.. ولكن أشّد ما يحزنني أنهم لا يتعمقون في المعنى أو الهدف من كتاباتي...

مقالتي اليوم سأحاول أن أجيب بها على تساؤل أحد القراء على كلمة حكومة تكنوقراط.. وهو الإسم الذي تناقلته العديد من الصحف العربية والذي يعني إختيار أحد الأسماء المعروفه.. لتولي رئاسة الحكومة والخروج من أزمة الرفض الدولي والإسرائيلي للتعامل مع حكومة حماس التي ترفض كليا أي مرونه في مواقفها المتشددة ولا تنفك تستعمل بلاغاتها الخطابية في ضبابية كبيرة لتمويه الملفات الشائكه وضياع الإنسان الفلسطيني في عبثية الشعارات.. لتزيد التعنت الإسرائيلي وتزيد في حيرة المجتمع الدولي تاركة الإنسان الفلسطيني بدون مائدة إفطار.. يحزنني جدا أن أكثر من ثلث هذا الشعب أصبح في عداد المتسولين للمنح الدولية.. ولكنهم غير قادرين على تلمّس أو فهم المتطلبات الدولية للخروج من عنق الزجاجة...
تتبعت العديد من المقالات من كتاب أشعر بصدقهم وأكن لهم منتهى الإحترام.... في طرحهم لحلول مختلفة الهدف منها مساعدة الفلسطينيين وأيضا الخروج من الأزمة العربية المرتبطة بهذا الصراع.. وأؤمن أن هذا من حق الكثيرين نظرا لإرتباطهم العاطفي والديني بالأخوة الفلسطينيين.. ولكني أيضا أؤمن أن أية من هذه الدول لن ترسل بجيشها ولا بأبنائها لمساندة الإنسان الفلسطيني.. والجميع ملّ وتعب من المليارات التي صرفت بدون أي نتيجة..
من هذا المنطلق طرحت وأيدت فكرة حكومة تكنوقراط يتولاها أحد الأسماء المقبولة عربيا ودوليا.. والإسمان المطرحان حاليا هما..
رجل الأعمال السيد منيب المصري و السيد سلام فياض، وزير المالية السابق.. كلاهما معروفان بصدق نواياهم تجاه فلسطين.. ومصداقية في المجتمعين العربي والغربي.. هذا هو معنى كلمة تكنوقراط..
سبب تأييدي لمثل هذه الحكومة.... الأول العنوان الرئيسي في مقالة أمس في إيلاف...
"فتح سرقونا وحماس جوعونا...فليرحلوا
لا نريد فتح ولا نريد حماس...كلاهما دمرونا وأخربوا بيوتنا...ليرحلوا جميعا.."
دعنا نعترف بفشل كلا الطرفين في تأمين أي هدوء أو إستقرار معيشي لأبناء الكادحين دعنا نعترف بأن فتح مشبوهة بالعديد من قضايا الفساد.. وأن حماس بمجرد تسلمها للسلطة طردت العديد من موظفي فتح لإحلالهم بموظفيها بغض النظر عن كفاءاتهم...
دعنا نعترف بأنه لم يكن هناك أي تنسيق بين كلا الطرفين.. ولم يستطيعا إطلاقا التغاضي عن مصلحة كل منهما في بسط نفوذه وسلطته مما أدى هذا إلى الإقتتال الداخلي..
دعنا نعترف بأنه وبرغم الإدعات المستمرة من كلا الطرفان بتحريم الإقتتال.. إلا أن الوضع القائم والصور التلفزيونية المؤلمة تؤكد عكس ذلك تماما..
دعنا نعترف بأن الترويج لثقافة الموت.. جعلت من الموت لقمة سائغة في أفواه العديد من الشباب الفلسطيني المحروم.. وأن خطابات قادة حماس عبّدت الطريق إلى شارع الموت..
دعنا نعترف بان التناقض التام لبرنامج ورؤية كلا الطرفين للحل لن يسمح بأي حللحلة في موقف المجتمع الدولي وفي التعنّت الإسرائيلي..وإصرار حماس على رئاسة الحكومة لن يساعد على أي تطور...
كما نعلم الحلول المطروحة..
إعادة الإنتخابات.. وهو وكما وضّحت في مقالتي السابقة يتطلب هدوءا نسبيا. و توازنا في تقييم الأمور.. وستتخذه كلا الطرفين وسيلة لإحراز أكبر عدد من الأصوات.. وبالتالي ستوقع الفلسطيني في نفس المطّب..

فكرة الأستاذ الكبير شاكر النابلسي بإعادة الضفة إلى الأردن. وغزة إلى مصر.. أحترمها. ولكنها ستكون حلا مؤقتا. كالمسكّن بدون معالجة الجرح الأساسي.. وهو ضياع الأرض وضياع الهوية.. أنا أعترف بأن الهوية شيء غير ملموس.. الملموس منه هو إحترام الكرامة الإنسانية بالمساواة بين الجميع في توفير فرص العمل.. لتعزيز القدرة الإقتصاديه على توفير أساسيات الحياة من غذاء وملبس وتعليم.. ولكن دعنا نعترف بأن أي من الأردن.. أو مصر لم تساوي بين مواطنيها وبين الفلسطينيين ولم تحترم كرامة الإنسان الفلسطيني في قوانيها حيث ميّزت في معاملته أمام القضاء وفي جوازات السفر.... أعترف أيضا بأن العودة إلى أي من الدولتين سيكون بشروط جديدة وفكر جديد كما طرح الأستاذ شاكر النابلسي.. وقد يكون فيها الكثير من العدالة التي حرم منها الفلسطيني سابقا. ولكن تطّّوّر الهوية للقبول بهوية جديدة لا يتم فجأة بل يتم بالتدريج وحين يصاحبه الإحساس بالأمان والإحترام المجتمعي والفردي.
التمسّك بالهوية الفلسطينية كان للتأكيد على أننا بشر لا نقل عن الأردني.. والمصري.. واللبناني.. وبالتالي من حق الفلسطيني المجروح أن يؤكد على هويته حاليا.. لحين يحصل هذا النضوج.. بعدها يستطيع الخروج من التعريفات الضيقة للهوية إلى فضاء أوسع.. الفضاء الأردني.. المصري.. العربي.. ثم العالمي.. وأتمنى أن لا يطول به الوقت..

ما ينقص الإنسان الفلسطيني الآن.. الإحساس بأن حقه متساوي لكل البشر في تقرير مصيره..حينها سيكون قادرا بوعي أعمق على اختيار الأصلح لحماية مصلحته في التطور والحياة..

الحل الثالث المطروح..
حل السلطه والعودة إلى تعرية إسرائيل فبرغم أنني أتمناه ولكنني أيضا أعترف بأن ثمنه أكبر من أن يستطيع الفلسطيني تحمّله.. ليس فقط لأن إسرائيل سترفضه كليا. ولكن لأن معناه الدخول في عملية تعبئة شعبية كبيرة تمهّد الطريق لإضراب كامل مماثل لإضراب عام 36 قد يطول أو يقصر تبعا لتعامل الفلسطينيين معه سلما أم عنفا وفي حال إختيار الأخير.. فإن تبعاته ستكون مرة أخرى عائقا أمام أي قبول من المجتمع الدولي للحقوق الفلسطينية برغم عدالتها...
سيدي القارىء وأخي الفلسطيني..
لقد حصلنا على تعاطف المجتمع الدولي بقي علينا أن يترجم هذا التعاطف من الناخبين لهذه الحكومات أن الفلسطينيون أهل للدولة ولقبولهم في المجتمع الدولي أسوة بكل الشعوب الأخرى..
كما كتب أستاذي الكبير الدكتور شاكر النابلسي.. محقا بأنه....
"ما لم يتفق العالم كله بكفّاره ومؤمنيه، بعادليه وظلمته، بمحبيه وباغضيه للعرب وللفلسطينيين، على طريقة حلها قبل أن يتفق الفلسطينيون أنفسهم، فلن تجد هذه القضية طريقها إلى الحل".

أحلام أكرم - باحثة وناشطة في حقوق الإنسان - لندن

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف