بغداد مبنية بتمر شلع وأكل إسلامي!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ثمة ضجة في البرلمان العراقي أين منها الضجة التي ذكرها أبو العلاء المعري في قصيدته:
"في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح
كل يعزز دينه يا ليت شعري ما الصحيح ؟"
ضجة البرلمان العراقي بدأت بمطالبة النائب الشيعي سامي العسكري بمراجعة كافة القوانين العراقية للتثبت من مطابقتها للشريعة الإسلامية ومرت بأسرع توافق طائفي في التاريخ الطائفي العراقي الحافل بالمفاجآت حين وافقه السني محمود المشهداني رئيس البرلمان على الفور ثم بلغت ذروتها الرهيبة حين شهر المشهداني القندرة( والعياذ بالله) بوجوه محاوريه. خيل لي لأول وهلة أن الأمر يتعلق في كون السيد العسكري قصير القامة والسيد المشهداني طويل القامة وكلاهما تفوته فتحة الشباك في بناية برلمان المنطقة الخضراء فلا يستطيعان أن يريا أنوار الشريعة الإسلامية الباهرة وهي تغمر بغداد والعراق كله وتجعل من العراق بحق الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق الإسلام بحذافيره بل وبمزايدة على ما جاء في الدعوة الأولى. فما الحاجة لهذه المراجعة التي تشغل أعضاء المجلس عن استراحاتهم الضرورية وتقطع السير في شوارع بغداد دون جدوى؟ لكني لم ألبث أن راجعت نفسي ومراجعة النفس فضيلة إسلامية وقلت كيف استطاعا أن يريا هلال شهر رمضان كل في يوم مختلف وحرما السنة والشيعة من الصوم في يوم واحد كمسلمين موحدين مفوتين على الإمبريالية والصهيونية والبابا في روما معهما فرصة التآمر على الإسلام وتخريب حضارة وسعادة المسلمين ؟ ثم لاحظا مسألة قانونية فقهية لا يفقهان بها وليست من اختصاصهما إذا أن النظر في دستورية القوانين هي من اختصاص المحكمة العليا الدستورية! فتوصلت إلى أن النائبين الموقرين بتوافقهما على ضرورة المراجعة للتأكد من ثبات الإسلام في العراق إنما هما في الحقيقة يريدان فقأ عيون الحساد من دول الجوار والعالم الذين لم يستطيعوا الوصول إلى ما وصل إليه العراق من نموذج ساطع متألق في تطبيق أسس وقيم الإسلام! ولكني لم أطمئن لهذا التحليل البدائي فعلاً ووجدتني أرفع سماعة التلفون وأطلب صديقاً وهو طبيب يعيش في استوكهولم ومتابع مثابر لجلسات البرلمان العراقي وكلما أصيب بالصداع أجهز عليه بشريط من حبات الألفي دون، يبدو إنه كان نائماً، جاء صوته رخياً متثائباً اخترقت غيمة نعاسه الداكنة وأفهمته بما أفكر به قال :
ـ الأمر لا يتعلق بهذا ولا ذاك إنهما وأتباعهما يريدون أن يبقوا النواب العلمانيين والمتنورين الأحرار في حالة دفاع عن النفس مع إشعارهم بالذنب والتقصير ليحققوا المزيد من المكاسب، إنهم في الحقيقة يقلدون جهنم نفسها كلما ألقيت فيها صاحت هل من مزيد!
قلت :
ـ ربما تلاحظ إن السيد المشهداني يدير جلسات البرلمان بعصبية وتشنج وتهور فهو يقمع الأعضاء ويضطهدهم وكما تعرف جرت محاولة لإزاحته فتدخلت العناية السماوية طائفياً وأحبطتها، هل تكرمت وأرسلت له بعض الأدوية المهدئة كهدية في عيد الفطر المبارك؟
قال وهو يتثاءب :
ـ لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها!
شعرت بالذنب أيضاً لإيقاظي إياه، دعوت له بنومة هانئة خالية من أشباح وكوابيس البرلمان،خاصة تقطيبة أو تكشيرة وجه محمود المشهداني التي صارت تزيد كآبتي, وأنا في المنفى لا تنقصني الكآبة.أغلقت التلفون وجلست مغموماًً!
وجدتني ما أزال مشتبكاً في حوار أعرف إنه لا يجدي نفعاً مع هؤلاء النواب النائمين في البصل ويضنون أنهم نائمون في العسل! قلت تعالوا نراجع معاً المنجز الإسلامي العظيم في العراق والذي تنكرونه أو تظنونه ما يزال غير كاف ولنبدأ من الدستور بصفته كما يقول فقهاء القانون النخاع الذي يتكون منه دم الدولة وقوامها وجسدها ونظام حياة الناس جميعاً فدستور العراق الحالي صممه العراقيون أنفسهم ( بمباركة ومفاخرة الأمريكان جزاهم الله خيراً) ليكون كتلك الآلة الشهيرة التي يمكن أن تكون مدفأة في الشتاء وما أن تضغط على زر في خلفيتها حتى تتحول إلى مبردة في الصيف أي هو ديمقراطي ديني بنفس الوقت! ولكن بما إن نواب الكتلة الأكبر أي نواب الشمعة دامت شعلتها مع حلفائهم من نواب السنة الإسلاميين يخشون على أنفسهم من نزلات البرد،وينامون مكشوفين أي دون لحفان فقد شغلوا آلة الدستور على التدفئة أو على الخط الإسلامي الساخن لذلك ترى كل شيء لديهم حاراً ساخناً بدءاً من خلافاتهم ومصائبهم إلى حساباتهم في البنوك إلى الخرفان المشوية على موائدهم العامرة إلى غرائزهم وعقولهم باستثناء قلوبهم فهي تظل والحمد لله باردة كالثلج!وهذه بمجملها حالة إسلامية طيبة ولها في التاريخ الإسلامي تراث مشهود وتحمل طابع القداسة أيضاً.
وإذا نظرنا إلى علمنا الذي كم أنشدنا أمامه ونحن تلاميذ : (عش هكذا في علو أيها العلم فإننا بك بعد لله نعتصم) فلم يخب أملنا وبقينا نسير تحته من نصر إلى نصر،ومن تقدم إلى تقدم، ومن أفراح إلى أفراح وهو اليوم يحمل جملة (الله أكبر)و حيث إن الإرهابي يصرخ ( الله أكبر) أيضاً حين يفجر نفسه عند باب مدرسة أو مستشفى ويطيح بها في أوحال الدماء فقد اقترح البعض رفع( الله أكبر) وعدم زجها في السياسة ووقايتها من الأوحال ولكنها أبقيت لأن الأمل معقود عليها بالنصر على الإرهابيين.ولأن النواب المسلمين يستعملونها هاتفين كلما راقت لهم حكاية في البرلمان،فعندما هدد المشهداني باستعمال الحذاء كأحد أسلحة التدمير الشامل ضد أي قانون يتعارض مع الإسلام ( ولتذهب الديمقراطية إلى الجحيم رغم فضلها عليه في نقله من القاع إلى القمة) هتفوا مهللين (الله أكبر) والآن هل هناك شك لديكم أن الدستور والعلم في العراق إسلاميان صميمان ولا يوجد مثيلاً لهما في أي بلد إسلامي؟
وماذا يريد النائب المسلم أكثر من دستور إسلامي وعلم إسلامي وأناشيد إسلامية وهناء وخير إسلاميين؟
أما عن المباركة الدينية أو المرجعيات ومذهب ولاية الفقيه فهي في العراق قد بلغت شأواً عالياً يناطح السماء نفسها انظروا قادة السنة كم يترددون على هيئة علماء المسلمين أو مساجدهم الكبيرة وإلى تكايا الدراويش وقادة الطرق الصوفية يأخذون منهم الرأي والمشورة وانظروا إلى السيد نوري المالكي وهو يذهب ذاهلاً خاشعاً إلى النجف ليقف بين يدي السيستاني دام ظله ويقدم له جرداً بالحساب طالباً الرضى والأمر والدعاء من قداسته لا من الشعب فاقد القداسة هل هناك أيمان أكثر من هذا الإيمان؟ ولا تصغوا لمن يقول كيف تقدم حسابات الدولة العراقية لرجل إيراني فالإسلام يقول لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى. كل هذا وتتحدثون عن نقص في إجراءات ولاية الفقيه وطاعة الأئمة؟
وفي المجمل اليوم هناك كثافة دينية تتربع على قمة الدولة وتمتد إلى كافة مفاصلها من رجال دين ونساء متدينات يحتلون البرلمان ومقاعد الوزارة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراقي حتى إنها فاقت الخلافة الإسلامية في العصر العباسي الأول وفترة حكم السلاطين العثمانيين، كل هذا وتقولون إن حضور الإسلام في العراق فيه شك ويستدعي المراجعة؟
والآن أخرجوا معنا وانظروا إلى البلاد والعباد،فالعراقيون وحسب إحصاءات مشرحة الطب العدلي يقدمون كل يوم ما لا يقل عن مائة وخمسين أضحية قرابين لوجه الله تعالى كل يوم! قرابين من البشر لا من الحيوانات طبعاً! وهذا منتهى الرقي في الفداء وتفجير الدماء على المذبح المقدس!
في كل بلاد المسلمين ينحر الناس الخراف والعجول وفي مناسبات دينية محددة أضاحي لوجه الله ورسوله، فقط في العراق ينحر المسلم أخاه المسلم والمسيحي والمندائي واليزيدي كل يوم وكل ساعة وعلى مدار السنة! مع كل غيبة شمس وإطلالتها يذبح مئات الرجال والنساء والأطفال أضاحي لوجه الله ورسوله وآل بيته وصحابته. ذبح شرعي علني كامل الأوصاف على الطريقة الإسلامية موجهة فيه الرؤوس إلى القبلة مؤيد بفتاوى رجال دين أشراف غير أجلاف يرافقه ما يكفي من التعذيب زيادة في الأجر و تقرباً إلى الله ورسوله وضمان لجنة وارفة الظلال والتي لا يدخلها إلا المتقون!
ليس دود القبور وحده المستفيد من هذه الأضاحي هناك جهات إسلامية شقيقة ومجاورة في إيران وسوريا خاصة فاض عليها نور الأيمان الإسلامي في العراق وغمرها برحمته فوقى أنظمتها من شرور الكفار! وهذا ما جعل الكثيرين يجزمون أن أبواب الجنة كلها الآن في العراق : لذلك راح يتوافد على العراق شبان مسلمون أغرار أبناء عوائل مسلمة شريفة، أمهاتهم أطهار، وآباؤهم أبرار، وتلقوا تربيتهم في المساجد والزوايا الدينية يتدفقون كالصلال من المغرب والجزائر وتونس ومصر واليمن والسعودية وغيرها ليدخلوا الجنة من أحد أبوابها الواسعة في العراق! وهناك اليوم شركات سرية وعلنية تدير تكسيات الجنة! يكفي أن يركب الشاب سيارة ويفجر نفسه في روضة أطفال أو عند باب مخبز يتجمهر حوله الفقراء حتى يدخل الجنة ويجد الرسول ينتظره مع ثلاثمائة وخمسين حورية تكفي واحدة منهن لإطفاء حرمانه الجنسي ألف عام كما يقول قادتهم وعلى ذمتهم في حديث غير مسند من أبي هريرة!
وحيث أن هؤلاء يمكن أن يكونوا شفعاء لمن شاءوا كما قال القرضاوي في خطبته من جامع الدوحة الهانئ في ظلال قاعدة العيديد الأمريكية لذا فقد تبارى رجال أعمال وشيوخ وأثرياء في الخليج أو دول أوربا بإرسال التبرعات السخية لهم ليذكرونهم عند ربهم وليغسلوا أمولهم التي حصلوا عليها بالسحت الحرام في أنهار الجنة! كل هذا وتريدون النبش والبحث إذا كانت قوانين وتفاصيل الحياة في العراق غير مطابقة للشريعة الإسلامية؟
ثم تعالوا وأحصوا بيوت الله الجوامع والحسينيات إنها الآن أكثر من بيوت الناس،وكثير من الناس لا يمتلكون بيوتاً وينامون في العراء أو دامات الطين والتنك بينما الله لا يحتاج حتى ولا لبيت واحد،فهو متعال في عرشه وهو الواحد الأحد وقد وسع كرسيه السماوات والأرض كما جاء في كتاب الإسلام ولكن زيادة في الإيمان على ما يبدو راحت الطائفتان في العراق تتباريان في بناء الجوامع والحسينيات وتتسابقان في الاستيلاء على ما لدى الأخرى، وليس صحيحاً أن بيوت الله هذه أضحت مقرات أولية لوفود شهداء القاعدة الميامين حين يحلون في بغداد في طريقهم إلى الجنة أو أنها صارت مقرات تستعملها ميليشيات المهدي وقوات بدر ومليسشيات الجريمة الأخرى في التحقيق وخطف الأطفال والفتيات وتلقي أموال الفدية والتعذيب ونحر الخراف البشرية لا وألف لا أنها في الواقع تقوم بدورها في حل أزمة السكن فقط لازدحام الفنادق بالرجال الخبراء والمستثمرين القادمين من الخارج أيضاً بعد أن حل الأمان وأخذت أموال النفط تصب في خزينة الدولة العراقية ولا تسرق من قبل قادة الميليشيات !هل لديكم شك الآن في أن أرض العراق تحمل على أديمها أكثر المنائر في العالم الإسلامي وأعلاها وهي لا تتوقف لحظة عن إطلاق أصواتها الجهيرة بمكبرات الصوت فما أن تتوقف لحظة مئذنة سنية عن جلد آذان الناس بسياطها الخطابية حتى تنقض مئذنة شيعية على آذان الناس بسياط أخرى فصار العراقيون حين يخرجون إلى البلدان المجاورة لا يسمعون من يتحدث معهم لذلك عليك أن تصرخ في آذانهم. كما إن أطباء الأنف والإذن والحنجرة في العراق الآن هم أكثر الناس ثراء في بغداد،وهذه من نعم الإسلام والمسلمين ينبغي عليها رفع الحمد والشكر لله عز وجل!
في كل بقاع الدنيا يؤخذ الدين نفحة روح تمنح الإنسان هناءة الدنيا وتخفف عنه وحشة الموت إلا عندنا فالمسلمون يمارسون الإسلام سياسة ومنافع دنيوية وهذا اجتهاد عظيم تمخضت عنه عبقرية أأمتنا الكبار ولا ضير أن تكون لمراجعنا جنة الدنيا والآخرة وللعامة من الناس جحيم الدنيا وفي الآخرة جنة على الحساب أو الاحتمال أو حتى الجحيم أيضاً. فمكاسب الإسلام كبيرة من هذه المعادلة وهذا هو ثمن بخس لإعلاء كلمته والآن انظروا كم لدينا من الأحزاب الإسلامية والميليشيات الإسلامية لتروا كيف إن جند الله هم المفلحون !فالسنة والشيعة الآن في مباراة رياضية ودية في صنع وتفريخ الأحزاب لا بمكائن تفريخ الدواجن طبعاً بل بمكائن دينية سياسية متطورة استوردت خصيصاً أو صممت في بيوت المراجع،فكل يوم تطل علينا أحزاب جديدة وكلها تحمل أسماء قدسية مباركة فهذا مقترن باسم الإسلام الذي هو أسمى الأسماء وهذا مشتق منه وهذا يحمل اسم الله الذي لا يعلو عليه اسم وهذا اسم مرتبط بالحق أو الخير أو الفضيلة! الناس كلها مستبشرة بهذه الأحزاب المباركة وتصيح (عاشت الأسامي) فهي منتصرة حتما وإن رجال حزب الله هم الغالبون فكيف يجروء هؤلاء العقلانيون البلهاء والعلمانيون التائهون العاطلون الفاسقون على منافسة الأحزاب الإسلامية التي هي ليست كالأحزاب المسيحية في أوربا التي تدعي الأعمال الخيرية بينما قساوستها يقضون الوقت في شرب الخمور ومغازلة الراهبات. أنها أسماء على مسميات حقاً،فهذه الأحزاب توزع على الناس الكيك الفرنسي وخبز العباس معاً وتلك توزع البطانيات ليلعبوا تحتها محيبس في رمضان وتلك توزع التبريكات والدعوات بالنصر لحسن نصر الله في لبنان أو لزعيم أمة الإسلام في أمريكا وتلك توزع على الناس مراوح الخوص ومضارب قتل البعوض والذباب الذي قل كثيراً في أيامكم المباركة وأخرى توزع الموز الصومالي المحشو بجوز كردستان مع أقراص التربة الكربلائية،وأخرى توزع الكهرباء والبنزين بالزنابيل،خيرات كثيرة تتدفق من الأحزاب الإسلامية ردت كيد الأعداء إلى نحورهم أولئك الذين يتصيدون في الماء العكر ويقولون إن الفقراء في بلادنا يزدادون فقراً والأغنياء يزدادون غنى كل هذا ولديكم شك في علو شأن الإسلام والمسلمين في العراق ؟
الإسلام في العراق بخير وهو يتسع ويكبر كل يوم فلا تقلقوا ولا تخافوا ولا تحزنوا فانتم الأعلون دائماً بإذن الله !
وكما تعرفون فإن الغزوات والفتوحات قد توقفت في كل بلاد المسلمين! فقط في العراق ما زالت جارية على قدم وساق وحامية الوطيس،وما زال المسلمون المجاهدون الأشاوس يشنونها في العراق على المسيحيين والمندائيين واليزيدين وبقايا اليهود وغيرهم من الكفار المارقين الذي دخل الجميع في دين الله أفواجاً وما زالوا هم ضلالهم يعمهون وبينما كانت الخيارات القديمة الإسلام أو الجزية أو السيف فإن تطوراً عظيماً قد حصل عندنا فهي تفرض اليوم عليهم دفعة واحدة،فدخل كثير منهم في الإسلام راغمين وصار قسم آخر منهم يؤدون الجزية بالدولار وقطعت رقاب من عصى وفر بعضهم إلى أمريكا (أصل كل شر وبلاء) وقبل أيام شوهد على حدود طريبيل آخر مسيحي هرب من الخيارات الثلاث وكان يحمل صندوقاً كبيراً على ظهره فجندله جند الإسلام وخر صريعاً وحين فتحوا صندوقه وقد ظنوه مليئاً بالذهب والفضة وجدوه مليئاً بكتب تحمل أشجار العوائل المسيحية التي تضرب في القدم إلى عهود أكد وآشور وكتب تقول أنهم مع المندائيين سكان العراقيين الأصليين! الواضح أن هذا الذمي المارق كان يريد تشويه صورة الأوضاع في بلادنا أمام الرأي العالمي فرد كيده إلى صدره وكان إحباط هذه المحاولة التبشيرية العدوانية أثمن من الذهب والفضة التي يعف عنها المجاهدون المسلمون. والآن ألا ترون إن الإسلام والمسلمين في العراق هم المنتصرون على الدوام ؟ فكيف لا تطمئنوا وتقروا عينا ؟
والناس في العراق يعيشون بحمد الله في براءة كاملة من كل بدع العصر فهم بلا كهرباء ولا ماء ولا بنزين،إنهم الوحيدون بين الشعوب المسلمة الذين يعيشون في عهد الرسول وآل بيته وصحبه،يعانون كما عانوا ويتضورون كما تضورا،ألقوا من أيديهم كل مخترعات الكفار وألاعيبهم الصناعية الخبيثة، يقرأون القرآن على الشموع ويتوضأون تيمماً بالتراب،ويركبون الحمير عملاً بصيحة ذلك الفقيه الجهبذ الذي صاح في القاهرة فسمعه أهل بغداد ( ويحكم أتتركون حمير الله وتركبون الشمندفر؟) وزيادة في التوثق من التزام الناس كل الناس بما فيهم من تبقى في بلادنا من الملل الأخرى فقد شكلت المليشيات الإسلامية قدس الله سرها فرقاً تداهم فيها الحلاقين والمصورين وباعة أجهزة الكومبيوتر وأشرطة الأفلام والأغاني والخياطين والخياطات ومحلات المشروبات حتى باعة اللبلبي والكركري والخرفيش وكل من تجرأ وزاول مهنا وتجارة لم تكن معروفة في عهد الرسول وتكتب على الحيطان بدمائهم ( لا إله إلا الله محمد رسول الله)،واليوم لو تجولت الشياطين والملائكة في كل أحياء بغداد فلن تجد حانة أو ملهى أو مقهى تنبعث منه أغاني الفديو كليب أو أغاني حضيري أبو عزيز أو الغزالي أو الكبنجي أو صديقة الملاية ( المسكينة الوحيدة التي لم تستفد من لقب الملاية بينما ملايات كثيرات لا يمتلكن مواهبها وطيبتها صرن الآن عضوات في البرلمان) كل هذا ويأتي من يفتش في القوانين والشرائع ليتوثق من مطابقتها للشريعة الإسلامية؟
أما عن قيم التسامح الإسلامية فهي مطبقة وبصرامة فهاهم المئات من المسؤولين السابقين والحاليين ممن سرقوا آلاف الملاين من الدولارات وامتصوا دماء الشعب ونفطه وتلاعبوا بقوته وعقله يتركون طليقي السراح دون حساب امتثالاً لقول الإسلام وإن تعفوا أقرب للتقوى!
وهم الآن يمرحون ويلعبون مع زوجاتهم الأربع السمراوات وما ملكت أيمانهم من عشيقات شقراروات وخلانهم في الميسر والخمر على شواطئ أسبانيا وجبال سويسرا وقد تبرعوا ببعض أموالهم للمجاهدين ولبناء المساجد والدعاء بديمومة هذه النعم في ظلال الإسلام أما أولئك اللصوص الرعاع السوقة الذين سرقوا كراسي ومناضد دوائر الدولة يوم سقوط النظام أو اقتلعوا المراوح السقفية ونهبوا مع من نهب من الكبار قبلهم أموال البنوك والمتاحف فلن تراود الحكام المسلمين في دولتنا العتيدة بهم رحمة وسينزلون بهم العقاب الصارم وقد عودنا هؤلاء الرجال الأفذاذ أنهم لا تأخذهم بالحق لومة لائم!
ولقد استطاع المسلمون المجاهدون كسب معركة الحجاب نهائياً لصالحهم تلك المعركة التي أطلقها الشاعر جميل صدقي الزهاوي بداية القرن الماضي بقصيدته التي مطلعها: أسفري يا ابنة فهر! ( من ابنة فهر هذه؟) وتصدى لها معممون ومحافظون ورجعيون وتقدميون ووصلت المعارك حد التماسك بالأيدي والخناجر لكنها لم تصل إلى مستوى السيارات المفخخة كما هو الحال في زماننا الحضاري وقد وقفت نساء دميمات إلى جانب الحجاب ليتساوين مع الحسناوات في الكفن الأسود كما وقفن أو يقفن اليوم مع الزواج من أربع أو عدم مساواة المرأة في الميراث مع الرجل،واليوم ترى جميع نائبات البرلمان ( عدا ثلاث أو أربع نائبات) يرتدين الحجاب المدرع والعياذ بالله وهو عبارة عن أقمشة سميكة شبيه بتلك الخرق السوداء المحروقة التي شد بها المحنطون الفراعنة مومياءاتهم ولا تكاد تبين عيونهن ولا تدري هل حقاً يستطعن قراءة قوانين الشعب من خلالها! ومن أجل الحفاظ على هذا الجو الروحاني العالي فقد تجاوز النائب جلال الدين الصغير والنائب عدنان الدليمي خلافاتهما الطائفية بسرعة البرق واتفقا على شراء بخاخات فرنسية بحجم الآربيجي لرش النائبات اللواتي يدخلن البرلمان غير محجبات ويقال أن النائبتين ميسون الدملوجي وصفية السهيل ونائبتين أو ثلاث ممن صمدن بوجه موجة الحجاب السوداء وتمسكن بما يسمى الروح التقدمية أو الحضارية قد وضعن في حقائبهن سبرتو مزيل للأصباغ لإحباط هذه المؤامرة التي لا تنم عن روح إسلامية تليق بقبة البرلمان! ولا بد من التنويه أن السفور يشمل الرجال أيضاً فكل من لا يرتدي عمامة هو سافر فاجر خاصة إذا كان شيوعياً أو ذا ماض ديمقراطي أو لبرالي أو بعثي يساري أو قومي ماركسي،فهؤلاء مريبون ويعاملون معاملة المرأة السافرة! حتى السيد إياد جمال الدين يعد سافراً فصحيح إنه يرتدي عمامة ولكنه لم يسمح لها أن تغوص كثيراً في رأسه وتطوق عقله وقلبه لذا فهوا مستهدف ببخاخ الدليمي والصغير الذي سيعمل قريباً وأمام شاشات التلفزيون! والبرلمان اليوم في رصانته العظيمة أقرب لمجلس عزاء من مجلس نواب ينتظر الناس أن يخرج من بين يديه مستقبل العراق الزاهر السعيد! ويقال إنه سينظم مجالس بكاء على غرار ما يحصل في البرلمان الإيراني من جلسات مكرسة للبكاء فقط على الرموز الدينية ومصائرها الفاجعة المحزنة إذ تعقد بين فترة وأخرى جلسات لا يجري فيه مناقشة أي شيء أو الحديث بأي شئ،لا شيء غير بكاء الأعضاء الذي يحملون صناديق من المناديل الورقية،يطوف رئيس المجلس عليها ليرى كم تشبعت بالدموع! برلماننا والحمد لله محكوم بنظام هذه الحشمة والأبهة أيضاً ورغم إن قرارته ما تزال مهلهلة لكنها والحق يقال مطابقة لتعاليم الإسلام كما يريدها المسلمون والمجاهدون الأتقياء!
إن التزام البرلمان بالأخلاق الإسلامية هو في تصاعد على الدوام، فثياب النواب رمادية كالحة يتصنع أصحابها فيها التقشف والمسكنة والفقر رغم اكتناز خزائنهم والكل يبسمل ويحوقل ويحمدل ويتشاهد ويوحي لك أنه سيستشهد بعد قليل والكل يحمل سبحاً سوداء طويلة كأنها سنارة ذاهب بها لصيد السمك أو الضفادع، ومناديل معكلة وسخة يهفي بها متظاهراً أنه لا يمتلك في بيته مولدة كهرباء ويلقي على أخيه تحية الإسلام حتى لو كان قبل قليل يتآمر عليه. بل هم جعلوا تلفوناتهم النقالة تدق على الطريقة الإسلامية فالنواب الشيعة تدق تلفوناتهم باللطمية والنواب السنة تدق تلفوناتهم بنقر الدفوف وتعال وشوف لما تختلط أصوات الدروايش باصوات اللطمية حيث تظن نفسك في سفينة فضاء وقد بدأت تسمع أصوات الملائكة وهم ينشدون لك وأنت تقترب من الجنة! كل هذا ولديكم شك في تطابق جو البرلمان العراقي مع الأجواء الإسلامية النموذجية وكما يجاهد من أجلها المجاهدون؟
الكل ساهر في العراق على أخلاق المسلمين،فها هي فرق الموت والاغتيالات الاستشهادية المجاهدة تحت راية الإسلام تطارد وتقتل بكل فروسية الصحفيين والكتاب والفنانين والشعراء الشعبين ( الشعراء الشعبيون الذي غنوا لصدام يغنون اليوم لقائمة الشمعة وكله نور على نور) والأساتذة الجامعيين والأطباء والصيادلة و كل هذه الأصناف الخبيثة وجعلت الآلاف الآخرين يولون الأدبار ناجين بجلودهم واليوم لا أطباء اختصاص في بغداد ولا مسارح ولا موسيقى ولا غناء أو رقص ولا سينما ولا حتى رياضة فالملاعب طوقت وحوصرت وقتل لاعبوها والمدربون عليها وقادتها واختفى كل أثر لهم وحقاً لماذا يركض الرجل وراء طوبة ؟ كما قال قائد إسلامي حكيم وفيلسوف جليل ولماذا التدريب على الركض في الساحات وشوارع بغداد صارت كلها ساحات للتدريب على الركض هرباً من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة! هذا هو الركض الحلال والطوبة الحقيقية ليست كرة القدم وإنما هي تلك القنابل المشتقة من طوب أبو خزامة والتي تستعمل في إعلاء كلمة الإسلام! كل هذا وتقولون أن شريعة الإسلام غير محترمة في بلادنا بما يكفي ؟
انظروا الإعلام والدعاية فهي عندنا إسلامية تماماً ويكفي أن ننظر للفضائية الرسمية المسماة بالعراقية فهي قد استحقت بجدارة اللقب الذي أطلقه الناس عليها (الحسينية الفضائية، أو الحسينية الطائرة) أما وزارة الثقافة فهي بيد وزير مسلم تقي ورع كانت أولى منجزاته أنه حرم نشر القصص والروايات غير تلك المطابقة لرويات عنتر بن شداد وأبي زيد الهلالي والشعر الذي لا يستوحي حسان بن ثلبت وحل الفرقة القومية للرقص ودائرة التراث الشعبي بصفتمها رجس من عمل الشيطان وقريباً سيصدر قراراً بحل الفرقة السمفونية الوطنية وتحريم كل جديد مارق يروج البدع في كل مجالات الثقافة إذا ظلت ثمة ثقافة ولو ألقينا نظرة على وزارة التربية التي يقودها رجل يصرح في التلفزيون أن من لا يؤمن بالمهدي المنتظر فهو غير مكتمل الإسلام ومن يجاهر بذلك يوضع الحد عليه! وهو قد أنجز كتابه عن المهدي المنتظر وسيضعه ضمن الكتب المقررة على طلاب المدارس فماذا نريد أكثر من ذلك لضمان سلامة الإعلام والثقافة والتربية لتكون مطابقة تماماً لمبادئ الشريعة الإسلامية!
نعم كل شيء لدينا في العراق إسلامي! بل هو أشد إسلامية مما كان عليه أيام فتح بغداد في صدر الإسلام وحيث إن عهد صدام لم يكن حكماً إسلامياُ،واليوم الحكم بيد رجال الدين والمتدينين جداً من الطائفيتين فبذا يكون ما حدث في 9 نيسان من عام 2003 هو بمثابة الفتح الإسلامي الثاني للعراق حتى ليبدو بوش خليفة الله الجديد في الأرض وهؤلاء هم ولاته المعينون،ولا أدري لماذا لا يدعوا أأمة المساجد له على منابرهم كما كانوا يدعون للخليفة التركي مثلاً ولماذا هذا الهجوم عليه وهو الذي وضع العراق أرضاً وبشراً في قبضة قادة المسلمين من أتباع ملالي طهران ومن أتباع ملالي سنة العراق ؟ لكن يبدو إن الأمر سيحل ودياً قريباً بإذن الله !
لذا على السيد العسكري أن لا يقلق على إسلامه فهو في الواقع مطابق لما في ذهنه تماماً وكلما أوغل في أحلامه الإسلامية سيجد الواقع يستجيب لها ولم العجب أليست مفاتيح الأشياء بأيديكم؟ والله يرعاكم ويهزم الضالين؟ وعلى المشهداني أن يطمئن ولا يضطر لاستعادة دوره الإرهابي داخل البرلمان أو يستعمل لغة الأحذية خاصة إذا كانت مستعملة في طرقات بغداد المليئة بدماء الأضاحي فالإسلام في العراق بخير وإذا ما أزفت لحظة وداع العراق لهذه الدنيا الفانية والانتقال للعالم الآخر الباقي فسيتولى أبناؤه المسلمون المجاهدون البررة من الطائفيتين السنية والشيعية ذبحه على الطريقة الإسلامية وتوزيع لحمه وعظمه على الجيران والأشقاء ليتذوقوا آخر ما تبقى منه ويتجشأوا ويدعو الله أن يسكنه فسيح جناته إن وجد له مكان طبعاً! ولا ندري هل سيدخله المجاهدون الانتحاريون هناك أيضاً !
وبذا يكون العراق الذي كان قد تجرأ وصنع الإله تموز وكل الآلهة الأخرى في عهود البشرية الأولى قد اختفى كبيت العنكبوت وقد هزته ريح !
ثمة خبر يقول أن المحكمة الدستورية العليا قد قامت بجولة في شوارع وأحياء بغداد لا للتوثق من دستورية القوانين بل لأن ثمة دعوى قدمها نائب صعلوك مستقل ومتمرد وصل إلى البرلمان بمعجزة دنيوية طالب فيها هذه المحكمة بالتوثق مما تبقى من روح بغداد القديمة وقد ذكر في دعواه الغريبة " أستحلفكم بحليب أمهاتكم الطيبات أن تقوموا بجولة أخيرة بحثاً عن رائحة بغداد التي يعرفها كل من أحب بغداد وصار يقرنها برائحة أمه! تجولوا ساعة في شوارعها وحواريها وساحاتها وحدائقها الجافة وأيقظوا حاسة الشم لديكم وحاولوا اقتناص شذى الجوري والرازقي والقداح والشبوي التي كانت تفوح من ثنايا بغداد في الليالي المقمرة والممطرة والصاحية، حاولوا أن تستحضروا عبير شجرة مجهولة كظل حب قديم أو عطر امرأة أو كاس أو إيقاع أغنية أو شيي قليل من حزنها المبثوث كالجمر في الروح هل ستجدوه ؟ عبثاً! لا رائحة اليوم لبغداد سوى رائحة الموت والمزابل والحرائق والكافور المتصاعدة من الأكفان!
أنأ أتهم دعاة الإسلام من قادة الطائفين وغيرهم من الإرهابيين وأطلب مقاضاتهم، هؤلاء الأكثر لجاجة في الصراخ حول الدين وهم أو من يخونه سراً هم الذين قتلوا رائحة بغداد العطرة الشذية،لم تطقها أرواحهم المجبولة على روائح أخرى فقتلوها برائحة الجثث " ويقال أن المحكمة الدستورية العليا بعد أن تجولت بما سمحت به الأوضاع الأمنية وجدت ادعاءات هذا النائب صحيحة ولكنها خشيت منازلة الإسلاميين قادة الطائفتين وغيرهم من الإرهابيين فسجلت الدعوى ضد مجهول! كل ذلك ويأتي من يقول إن بغداد مارقة خارجة عن رصانة المسلمين والمجاهدين الأبرار؟ اتقوا ربكم يا أعضاء البرلمان ألا تخشون أن لا ينتخبكم المتدينون كرة أخرى إذا سمعوكم تقولون أن الحالة الإيمانية في العراق ضعيفة ؟
لابد من القول إن أهل بغداد يسمعون بهذه الأشياء كلها وبتفاصيل اكثر دقة رغم إنهم بلا كهرباء ويعبرون عنها بما هو أوضح من أسمائها،فليس دون معنى أو قصد أن يغنوا وهم يقطعون الوقت في الطوابير الطويلة على الضروريات مقاطع من قصيدة لشاعر بغداد الشعبي عبود الكرخي :
"بغداد مبنية بتمر
شلع واكل خستاوي
وبعضهم يقولها:
شلع واكل إسلامي
وبالك يجيك الواوي"
وعلى كل حال سواء كانت بغداد مبنية بتمر أو بقلاوة أو حجر أو فولاذ فهي ستظل تثير شهوات الطامعين لينالوا منها تحت براقع الدين أو العلمانية!ولكن لا بد من سفر الروح إليها رغم إن أطول الطرق في الدنيا هو الطريق من بغداد إلى بغداد!