كتَّاب إيلاف

للمفكرين المصريين والعقل عدو اسمه عبدالصبور شاهين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مازال د. عبد الصبور شاهين يمارس هوايته المفضلة بتكفير خيرة أبناء مصر، ولم يأخذ الدرس من فعلته الشنعاء بحكمه بالردة على د. نصر حامد أبو زيد، فلقد اتهم د. عبد الصبور شاهين أستاذ ورئيس قسم علم اللغة بكلية دار العلوم د. حسن حنفي أستاذ الفلسفة بالكفر والزندقة، و استباح دمه بعد استتابته، فإما أن يرجع للإسلام ويعلن براءته مما ذكره في حق الله والإسلام والقرآن، وإما أن تقطع رقبته تنفيذاً لحد الردة البغيض. أما ما أغضب د. شاهين هو أن د. حسن حنفي انتقد الفهم المباشر لصفات الله عز وجل وأسمائه الحسني، حيث اعتبرها :"تتناقض مع بعضها البعض، فعلى سبيل المثال فإن اسم الله عز وجل "الرحمن" يحمل التناقض مع اسمه "الجبار" أو "المنتقم"، وكذلك الأمر بالنسبة لأسم "العفّو" يتنافى مع اسمه جل شأنه "المهيمن"، وبسبب هذا الرأي اعتبر د. عبد الصبور شاهين أن تصريحات د. حنفي تمثل إساءة للدين، وأن الإقرار بها يعد كفراً صريحاً.
نصب د. عبد الصبور شاهين نفسه وكيلاً عن الله في أرض مصر المحروسة، ليفتش في قلوب المفكرين ليحكم بردة هذا وكفر ذاك؟ فبدلاً من أن يخجل ويتراجع عن حكمه بالردة على د. أبو زيد وبالتفريق بينه وبين زوجته ابتهال يونس، باعتباره مرتداً لأنه دعا إلى استخدام العقل في دراسة النصوص القرآنية، تماماً كما فعلت ذلك المعتزلة منذ قرون طويلة، أصدرت المحكمة حكماً بالردة على د. أبو زيد وبالتفريق بينه وبين زوجته ، مما حملهما على الفرار بدينهما وعقلهما إلى هولندا، هذا الحكم الذي يعتبر وصمة عار ليس فقط على جبين د. عبد الصبور شاهين، بل على جبين مصر والفقه الإسلامي التقليدي الذي مازال ،هدم تجديده،مصدراً لثقافة العنف والإرهاب.

أفكلما اجتهد كاتب أو مفكر وأبدي رأيه في نص قرآني أو حديث نبوي أو أعطي تفسيراً لأسماء الله الحسني نتهمه بالكفر والردة؟ أفنعيد إلى مصر في القرن الحادي والعشرين محاكم التفتيش القروسطية؟ العالم كله يتقدم إلى الأمام ونحن نتقدم دائماً إلى الخلف،علينا أن نتحلى بالشجاعة الدينية ونعترف أن هناك تناقضات كثيرة ليس فقط في أسماء الله الحسنى كما ذكر د. حسن حنفي، بل في السنة والأحاديث النبوية ذاتها، لأنها تعرضت كثيراً للوضع والتحريف، فكما نعلم أن السنة النبوية لم تدون إلا بعد قرنين من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما سمح لوضّاع الأحاديث أن يضعوا أحاديثاً كاذبة لو عاد رسولنا الكريم ورآها لتبرأ منها ومنهم في آن، فكل الأحاديث التي تدعو إلى كراهية الآخر مدسوسة، وكل الأحاديث التي تدعو إلى كراهية المرأة وجعلها في منزلة الحيوان مدسوسة وسأضرب مثلا واحدا على هذا التناقض الفج في تراثنا الإسلامي، حديث "من بدل دينه فاقتلوه"، هذا الحديث المكذوب يتناقض تناقضاً كلياً مع آيات قرآنية كثيرة، وبرغم ذلك مازال المهربون الدينيون يستندون إليه، فإذا لم يكن هذا الحديث مكذوباً، فكيف نفسر قوله تعالي:"لكم دينكم ولي دين"و"لا إكراه في الدين" و"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" هذه الآية التي فسرها الأزهري المصلح الإمام محمد عبده في تفسيره "المنار" بقوله" من شاء أن يدخل فيه فليدخل، ومن شاء أن يخرج منه فليخرج"، وهناك آيات للحرية الدينية كثيرة في القرآن، لكن حملة المباخر التكفيرية ومافيا الدين ينسخون كل هذه الآيات بحديث موضوع، ففي القرآن نفسه، آيات يجب نسخها كما فعل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، مثلما نسخ أبو بكر لآية المؤلفة قلبوهم، ونسخ عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل لآية الفيء رغم معارضة بلال بن رباح وعبد الله بن الزبير ... هذه الآيات لابد من نسخها حتى لا يقع تناقضاً، فلا تتفق مثلاً آيات السيف وآيات الرحمة. يجب أن يتم هذا النسخ باعتباره المخرج الوحيد لنا من هذه الازدواجية التي هي سبب البلبلة التي يجد المسلمون أنفسهم فيها اليوم بالقراءة التاريخية للنص القرآني، علينا أن ننسخ كل آيات الجهاد والسيف باعتبارها آيات نزلت لأناس معينين في مكان معين وفي فترة زمنية معينة، وأنها غير صالحة لزماننا الآن، زمن حقوق الإنسان، و حقوق المرأة، لأنه كما نقول في مصر"لكل وقت آذان" وأذان هذا العصر، عصر الثورة المعلوماتية، وعصر القرية الكونية الواحدة، هو حوار الحضارات لا صراع الحضارات، والسعي لحل مشاكلنا بالسلام لا بالجهاد الذي لم نجن من ورائه إلا الهزائم واحدة تلو الأخرى،وآخرها هزيمة الانتفاضة الفلسطينية وحزب الله.

علينا أن نعيد التفكير وبجرأة في كل موروثنا الثقافي والإسلامي، لنبقي منه على كل ما يتوافق مع روح حقبتنا وأفكار عصرنا، وننسخ كل ما يعارض ذلك حرصاً على مصلحة الإسلام والمسلمين، علينا أن نفند أفكار أبو حامد الغزالي الذي ألغي العقل بإلغائه مبدأ "السببية"، والذي كفر الفلاسفة في كتابه "تهافت الفلاسفة"، وكذلك علينا أن ننقي تراثنا الإسلامي من فكر ابن تيمية الذي يدعو إلى الخرافة والإرهاب، وثقافة الكراهية وعدم تقليد الغرب حتى في ما فيه منفعة لنا مثل العلوم الحديثة، والديمقراطية، وحقوق الإنسان،حتى أنه كفر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لأنه تقليد لاحتفال النصارى بمولد المسيح عليه السلام..
وعلى الدكتور عبد الصبور شاهين أن يتوقف عن اللعب بسيف التكفير المسلط على رقاب كل المفكرين المصريين الأحرار الذين يدعون إلى استخدام العقل، فمتى يعرف د. شاهين أن أوربا لم تتقدم إلا بنقد النص المقدس؟ ومتى نتخلص من عبادة الأسلاف الغبية والإجرامية؟!.
Ashraf3@wanadoo.fr

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف