الحاجبة: مدينة الملك عبدالعزيز
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ربما لم يسمع كثيرون عن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلا بعد أن أشرفت، علمياً وفنياً، على حجب المواقع الانترنتية، وأصبح جل نشاطها العلمي يدور حول هذه المسألة، وينبثق منها ثم يعود إليها كرة أخرى بسبب المناوشات التي تتعرض لها، ومحاولات تجاوز "حجبها" وهو أمر لايقدح في سمعتها العلمية، ورصانتها الحجبية لأن "ناسا" ذاتها عانت من بعض اختراقات، فماالفرق؟
والحق أن المدينة العتيدة أظهرت براعة فذة في الحجب تستحق عليها أن تكون سيدة الهيئات الحاجبة في العالم الثالث، ومرجعاً داعماً لأولئك الذين ماتزال عوالم الحجب ومشتقاته تربكهم، وتزيدهم حيرة وقلقاً. ولابد من الإشارة إلى أن تفوق "المدينة" لايقتصر على طاقاتها العلمية المهولة، وأنها قلعة علمية عريقة، بل إن السر في هذه المهارة مرده الاستفادة من الثقافة المحلية باعتبار الحجب من اشتقاقات الحجاب، والعاملون في هذه المؤسسة يجوز القول أنهم نتاج تربية الحجاب، والأشد ولاءا له، وهم أكثر العالمين ألفة له، ومعرفة بتفاصيله، وقدرة على التفريق بين درجاته، وتحديد أوقات كل درجة ولون بدءاً بحجب أفكارهم وحتى خنقها إن تعارضت مع بعض قناعات الوعي الساكن الظروف والحاجة وانتهاءاً بالمشهد الفعلي للحجاب النسوي. إذن هؤلاء المختصون خبراء في الحجب وهم، تالياً، الأقدر على ترسيخ ثقافة الحجب، ومن ثم تمريرها إلى الآخرين للإستفادة من هذه المعرفة الفريدة.
صححت مدينة الملك عبدالعزيز خطأ تاريخياً وقعت فيه البشرية منذ أن بدأت اكتشاف نعمة التفكير والبحث والتحليل وهو الوهم أن المعرفة مشاعة، ولم تكن البشرية قادرة على التطور دون مناقلة هذه المعرفة وتبادلها ونشرها، أما الحجب فهو تاريخياً خاصية الجاهلين المحاربين، أصالة، للوعي، وللسحرة الذين يتناقلون نمطاً سرياً ومغلقاً من الشفرات والطلاسم.
الآن صحصح الحق فالحجب من أعلى درجات العلم ثم إذا اتصل بالانترنت فهو قمة التقنية، وماتبذله "المدينة" من جهود علمية متواصلة في هذا السياق خوفاً على العلم من التشوية، وحماية للتقنية من العبث مايجعل الوصاية، هنا، منارة معرفية تحدد مسارات الوعي للمجتمع إلى أن تتيقن المؤسسة العليمة من أهلية الأفراد لتلقي جرعات المعرفة حسب مايقرره نطاسوها البارعون.
الآن انشغل خبراء هذه المؤسسة، بصبر العلماء، في عمل مضن غايته ملاحقة المواقع الجديدة ليلقوا عليها حجبهم، ويتحملون بروح الأبوة شغب الشباب المتمردين على معايير قلعة "المعرفة" فيعلمونهم الطاعة واحترام الأنظمة ويصقلون، في الوقت ذاته، مهاراتهم التقنية، ويشجعونهم على تكرار المحاولة وعدم اليأس.
على الأقل أصبح الجمهور يعرفون عمل "المدينة"، ويقتربون قليلاً من طبيعة نشاطاتها، أما الرافضون فلهم في استخدام الأقمار الاصطناعية متسع وحرية وهوالأمر الحادث للأسف!
Jasser87@hotmail.com