قنبلة نووية لشعب جائع!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بعد إعلان كوريا الشمالية عن نجاح تجربة تفجير أول قنبلة نووية في تاريخها النووي، سارعت قوى العالم الكبرى لإدانتها وفرض العقوبات عليها من تحت مظلة مجلس الأمن والأمم المتحدة. احتفل النظام الكوري بهذه القنبلة، ولكنه لم يخبر العالم كم جائعا ستطعم قنبلته، هذا إن لم نقل إنها قنبلة مصنوعة من خبز الكوريين أصلا! ولكن الحديث عن الجوع في كوريا لا يخلو من من طرح سؤال مرير: لماذا لم تتحرك الدول العظمى بسرعة هائلة من أجل إنقاذ ضحايا الجوع والضغط على النظام هناك لإطعام شعبه كما تحركت بوتيرة سريعة في فرض العقوبات بعد نجاح التجربة؟
رغم أن المفاهيم تغيرت كثيرا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وسقوط تمثال لينيين، وما نتج عن ذلك من تضخم أسواق السياسة بمصطلحات "الليبرالية" ، إلا أنه من الواضح أن السباق العالمي لا يزال سباقا من أجل التسلح، وأما السباق من أجل تحرير الشعوب من القهر والفقر والاستغلال الداخلي والخارجي فهو كذبة كبيرة.
فرح الكوريون أصحاب القامة القصيرة والقنبلة الكبيرة بقنبلتهم النووية، ولكن لم يطعم هذا الفرح ملايين الجائعين في تلك البلاد. أليست مفارقة غربية وعجيبة أن هذه الدولة التي هي في مواجهة الأمم المتحدة، تتلقى أكبر مشروع إغاثي في العالم من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة؟ هذا كاف لمعرفة حجم المجاعة والفقر والعوز في هذا البلد. فلمن يصنع نظام كوريا الشمالية قنبلته؟ للشعب؟ أو لإنماء الشعور القومي؟ إذا كان الشعب جائعا سيكترث لرغيف الخبز أكثر من القنبلة ، وبالتالي الشعب الجائع تنطفئ مشاعره وتنحصر كلها في صحن الحساء وحدود الرغيف وليس حدود البلاد !
يقول الخبراء إن مصادر الدولة الكورية الشمالية تصب في التصنيع العسكري وإطعام وإكساء أكثر من مليون جندي ، وذلك على حساب الصحة والتغذية والتعليم.
لكن من جهة أخرى، لماذا تتمسك الدول الغربية الكبرى بنظريات ورؤى لا تعكس أبدا حجم التطور الهائل الذي طرأ على أسلوب تفكيرهم ونهجهم العلمي الحديث ما بعد ثورات الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ . فمن ناحية أسقطت الولايات المتحدة نظام صدام حسين بحجة امتلاكه لسلاح الدمار الشامل، وعندما تبين عدم وجود هذا السلاح، انتفض الأمريكيون وراحوا ينتقدون حكومتهم لأنها أسقطت النظام وكذبت عليهم . يالها من مفارقة غريبة ! ألم تكن المقابر الجماعية والسجون أيام النظام العراقي السابق فضلا عن غزوه للكويت وقتل أهلها وتهديده لدول الجوار أكثر خطورة - أو على الاقل- خطرا مماثلا لخطر امتلاك سلاح الدمار الشامل؟
وفي ذات السياق، تفرض القوى الدولية حصارا على كوريا بهدف قطع أي إمدادات عنها، وكأن كوريا لم تكن طوال السنوات الماضية تحت عيون أجهزة الاستخبارات الغربية في وضع أشبه بالحصار التام !
وهذه عقوبات، إن تأثر بها أحد في كوريا، فلن يكون سوى ذلك الشعب الجائع، الذي انتظر الغرب ليتدخل حاملا معه رغيف خبز فإذ به يأتي ليخلص الكوريين من أخر رغيف خبز في فم أخر طفل كوري ينتظر أن يلقى حتفه بسبب الجوع أو بسبب فقدان والده في سجون القنبلة النووية!