كتَّاب إيلاف

جنرالكم وجنرالنا (الحلقة الثانية)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ادعى النائب وليد خوري العضو في "تكتل التغيير والإصلاح" الذي يرأسه العماد ميشال عون يوم السبت عبر برنامج "على مسؤوليتك" من "إذاعة لبنان الحر" إن العماد عون كان اعترف باتفاق الطائف وأن اعتراضه الوحيد اقتصر على عدم وجود جدول للانسحاب السوري.
في اتصال لي مع البرنامج المذكور أشرت إلى أن هذا الإدعاء غير صحيح وفيه الكثير من الاستخفاف بذكاء اللبنانيين والامتهان لذاكرتهم، كما أنه تجويف فاضح لتضحيات
الحلقة الأولىوعطاءات وتنكر واضح لثوابث ووقائع. أما الحقيقة الموثقة فهي أن حكومة العماد عون عارضت الإتفاق ورفضته لأكثر من بند الجدولة، وإن كان العماد ركز في رسائل بهذا الخصوص ومنها واحدة أرسلها إلى الرئيس الفرنسي في حينه فرنسوا ميتران على الجدولة، لكون المندوب العربي الأخضر الإبراهيمي افهم العماد بصراحة متناهية أن ما تقرر في الطائف هو غير قابل لا اقليمياً ولا دولياً ولا حتى محلياً لأي تعديل أو تبديل ولا حتى لزيادة أو حذف فاصلة واحدة.
العماد عون وبيار رفول واللواء عصام أبو جمرة وأنا وغيرنا الكثير من الكتاب والسياسيين السياديين لنا عشرات المقالات والدراسات حول رفض العديد من بنود الاتفاق وفي مقدمها، تشابك الصلاحيات وتوزيعها بما لا يتوافق مع المقامات، تهميش دور رئاسة الجمهورية، عدم وجود آلية لحل مجلس النواب، الانتماء العربي، وغيرها الكثير. والعماد عون أصلاً قبل عودته من المنفى لم يكن يعترف بشرعية ولا بقانونية للاتفاق ولا بكل ما نتج عنه ولا بالحُّكم الذي حمل اسمه. وسوف نخصص مقالاً كاملاً يتناول هذا الأمر مستقبلاً مع كل الوثائق التي تؤكد قولنا.
والآن لندع العماد عون نفسه يجيب الدكتور النائب وليد خوري، الذي على قدر معرفتي البريئة لم يكن من الناشطين المعروفين في حركة التيار لا في الوطن الأم ولا في بلاد الإنتشار قبل خوضه غمار الانتخابات النيابية:
جواب العماد نستعيره من مقالة له تحت عنوان "عقدة الذنب" نشرت في 7/7/2001: "لكل الذين يدّعون بان الطائف هو اتفاق جيد ولكنه نفذ بشكل سيء، نكرر القول بأنه اتفاق سيء وقد نفذ بشكل جيد فاقت أضراره كل تصور وقد آن للذين جعلوا منه غطاء لأخطائهم السياسية أن يتحلوا ببعض الشجاعة ويعترفوا بأنهم ارتكبوا المحظور في هذا الاتفاق وما يتخبط به لبنان من كوارث هو من جنى هذا الاتفاق المزعوم بعد أن دفعه على طريق الفناء". "لقد أعطانا اتفاق الطائف نظاما سياسيا مشلولاً ضمن هرم رأسه وقاعدته فوق وبحاجة دائمة إلى حَكم كي يتمكن من العمل ضمن بدعة الترويكا".

بما أن العماد الذي في الرابية هو "زعيم أوحد" كما لفتنا النائب عباس الهاشم، وبما أنه "الزعيم المسيحي الأول" طبقاً لتحذير وجهه النائب إبراهيم كنعان إلى زميله النائب وليد جنبلاط قبل ثلاثة ايم، وبما أن "حزب التيار" قد استنسخ الأسلوب الستاليني والهتلري في إقامة الدورات التأهيلية والتثقيفية والعقائدية لأعضائه، نقترح أن تشمل هذه الدورات نواب "تكتل التغيير والإصلاح"، خصوصاً الذين كانوا منذ سنة 1990 معسكرين في القاطع الآخر، وأيضا كل الطارئين الذين انضموا إلى التيار عبر تعبئة الإضبارات من على مواقع الانترنت ومن غرف "البال توك"، وذلك لأن سوادهم الأعظم إما كان بعيداً عن التيار بُعد العماد عون حالياً عن الوزير بيار الجميل، أو متمترسين في مواقع خفية بعيدة عن الأنظار انتظاراً لتحديد الجهة الرابحة والانضمام إلى صفوفها.
إن مصداقية أي قائد، زعيم، سياسي أو عامل في الشأن العام تكمن في ثباته على مواقفه والطروحات، وعلى مدى احترامه وعدم تنكره لما يقول ويفعل، والأهم، عدم تدوير الزوايا طبقاً لمصالح وأطماع شخصية، أو أحقاد وعقد نفسية. إن الناس الذين أحبوا العماد عون ورأوا فيه صفات وطروحات القائد والزعيم والمخلص لم يؤيدوه ويساندوه على أية خلفية أو معطيات شخصية، بل على أسس صرف وطنية؛ من مصير وهوية وآمال في مستقبل وطن حر سيد ومستقل. التفوا حوله ونحن في مقدمهم لأنه ابن المؤسسة العسكرية ولأنه وعدهم بالحفاظ على الدولة وشرعيتها أمناً وقضاءً وحقوقاً في زمن تسورن فيه السياسيون وأمسوا تجار صفقات ومساومات.
إن من حق أي مواطن في الوطن الأم أو بلاد الإنتشار فُجِع بعزيز عليه في معركة عسكرية من المعارك الكثيرة التي تسبب بها أو قادها العماد، أو منح الرجل تأييده، أو ناضل من أجل تحرير الوطن تحت رايته طوال سنين الاحتلال، أو كان ناشطاً سياسياً أو حقوقياً تعاون معه، أو مواطناً صوّت لمرشحيه طبقاً لمشروعه في الانتخابات الأخيرة، من حقه أن يسأل، يشكك، ويحاسب العماد دون أن يوصم بالخيانة، والأهم أن لا يبسط أمر النقد ويبرر بأن صاحبه انتقل إلى صفوف مجموعات سياسية أخرى.
لقد أوضحت في الحلقة الأولى هذا الأمر وأعيد تأكيده مجدداً:" أنا اللبناني الكندي الذي رفضت طوعاً وعن اقتناع أن انضم إلى "حزب التيار الوطني الحر"، أرفض أيضاً أن انضم إلى أي حزب لبناني آخر ما دمت مقيماً في كندا. في كندا أنا مواطن كندي بكل ما تلزمني به حقوق المواطنية وولائي الأول هو لكندا، وعندما أريد أن انضم إلى حزب يجب أن يكون حزباً كندياً وليس لبنانياً.
أما واجبي المقدس ككندي لبناني فهو مساعدة وطني الأم بكل قوتي وإمكانياتي ولكن من ضمن قوانين كندا كافة وفي أطر قيمية وحقوقية وأخلاقية لا تنفر مجتمعي الكندي وتغربني في وسطه، ولا تصورني إرهابياً، أو متعاوناً مع الإرهاب والأصولية وناكراً للجميل في نظرهم.
إن الردود الكثيرة التي وصلتني بعد نشر الحلقة الأول تنوعت في نهجها والأسلوب وقد أجبت على مرسليها كافة وسوف أخصص حلقة مستقبلية لها لكون مضمونها بالإجمال هو نتاج حالة لبنانية تحتاج للكثير من الدراسة وأخذ العبر.
في هذه الحلقة الحاملة عنوان "مصداقية الجنرالين على الحك والمحك" سوف أتناول التناقضات الناطحة بقرون التخلي بين جنرالنا، جنرال باريس، وجنرالهم، جنرال الرابية فيما يخص من شارك في سفك دما الأبرار في 13 تشرين الأول/أكتوبر 1990، وما يتعلق بالدولة القوية والجيش القوي والحرب الأهلية.

من خطاب جنرال الرابية في 15/10/2006 :
"أخاطبكم، لأؤكد لكم من جديد على قناعات وسلوكيات، قاعدتها الصدق والنزاهة والشفافية والشجاعة والوفاء؛ قناعات وسلوكيات، شكَّلت الأساس المتين والإطار الناصع لمسيرتنا النضاليَّة ذوداً عن لبنان، وطناً نهائياً لجميع أبنائه، ودفاعاً عن حقه المقدس في السيادة والحرية والإستقلال"".

من خطاب جنرال الرابية في 15/10/2006 :
لقد غُلب الشعب اللبناني على أمره يومذاك وخسر المعركة، وسقطت معه أيضاً في ذلك اليوم القيم الانسانية والشرائع التي تنادي بحقوق الانسان..وظلَّ الثالث عشر من تشرين الأول في وجداننا كرامةَ الخاسرين وذلَّ الرابحين.وكان عار تاريخي لا يمحى، وصم جبين كل من وقف متفرجاً آنذاك... وكانت جريمة في عنق كل من شارك في سفك دماء الأبرياء...

ترى هل يشمل هذا الكلام من شارك في سفك الدماء من رموز تلك الحقبة ومنهم النائب ميشال المر الذي يتصدر إلى جانب الجنرال جلسات كتلته النيابية كل يوم اثنين؟ أليس المر هو من هندس على طريقته انتخابات المتن النيابية الأخيرة ؟ أليس هو نفسه من وقف ضد الجنرال وضد كل القوى السيادية في انتخابات المتن الشمالي الفرعية التي تنافس فيها ابتنه ميرنا وشقيقه غبريال والنائب الحالي غسان مخيبر؟
ألم يقل الجنرال في النائب المر، ومعه العديد من ناشطي التيار ونحن منهم يومها، ما لم يقله أبو النواس في الخمرة؟
وأليس ميشال المر هو نفس الرجل الذي أذاق أفراد وأنصار "التيار"، في أول انتخابات بلدية شارك فيها الجنرال، الأمرين من اعتقالات وتهديدات واستدعاءات وحملات صحافية مغرضة؟
هل يحق لنا أن نستذكر ما قاله اللواء نديم لطيف، ممثل الجنرال يومها بالمر وعن المر في العديد من المقابلات وتحديداً في واحدة مميزة أجريتها أنا شخصياً معه وهي موجودة على موقعنا؟
http://www.10452lccc.com (المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية)
أليس النائب المر هو من كان وراء إقفال محطة الـ "أم تي في"، محطة أخيه التي أجرت مع الجنرال أول مقابلة شاملة من منفاه متحملة هي وصاحبها النائب غبريال المر الذي سرقت نيابته كل ردود فعل الحقد والضغينة والظلم؟
وهل من ليس فيه خير لأخيه سيكون فيه خير للجنرال الذي من المفترض وطبقاً لتاريخ الرجلين أن لا يجمع بينهما أي شيْ؟
في حديث هاتفي أجريته مع الجنرال قبل سنوات عدة وتحدثنا فيه عن المحاسبة بعد التحرير قال لي ما حرفيته: "يوم يتحرر لبنان سيكون مصير معظم رموز الحكم وجماعة سوريا، إن لم يتمكنوا من الهرب إلى خارج البلاد السجن، أما ميشال المر فأنا متأكد أنه لن يتمكن من الوصول إلى المطار ولن تتمكن أيضاً القوى الأمنية من اعتقاله وحمايته لأن الناس سيسبقون الجميع بالوصول إليه لكثرة ما أوقع بهم من أذى وإذلال".
يتساءل اللبنانيون السذّج من أمثالي كيف يستطيع الجنرال أن يجمع تحت جناحيه وفي كتلة نيابية واحدة بين ميشال المر الذي جنس العربان والغربان ونقل إلى دائرة المتن الشمالي نفوس الآلاف من بدو البقاع، وشارك في صناعة مرسوم التجنيس النصف مليوني الشهير، وبين النائب نعمة الله أبي نصر أبن الرابطة المارونية البار ورئيس الحزب المسيحي الديموقراطي الذي يفاخر بأنه متخصص، بل مترهبن في حراب ملف المجنسين؟
ببراءة الأطفال والسذّج أيضاً نسأل هل في أمر المساكنة ضبط ما لإيقاع ما على خلفية ما حتى تحين الساعة!

"وبعد، هل تعلمون، أيها الأخوة المواطنون، أن بعض الذين يستأثرون بالسلطة اليوم ويعملون على تهميشكم، هم أنفسهم من وقف ضد إرادتكم يومذاك، وهمّش دوركم وأمعن في إذلالكم؟" (من خطاب جنرال الرابية في 15/10/2006).

أليس بعض من خطط ونفذ وغطى وتبنى تلك المعركة المجرمة في 13 تشرين الأول/أكتوبر هو من يجلس حالياً إلى جانب الجنرال في كتلته النيابية؟
وأليس الجنرال متحالفاً اليوم مع العديد من هذا البعض ويدافع عن سلاحهم ومربعاتهم الأمنية وحروبهم وشرعيتهم ونهجهم والممارسات؟
ألم يكن العماد إميل لحود حليف اليوم قائداً للقوى التي ارتكبت المجزرة؟
ألم يتبجح العماد لحود طوال سنين بأنه هو من أعاد تكوين الجيش وجعله وطنياً بعدما حرره من المذهبية والتفرقة والتشتت؟
هل نسي الجنرال عون ما قاله في لحود حول قدرات الرجل ووطنيته ومسؤوليته وعن سفك الدماء قبل عودته من المنفى؟
أليس الجنرال عون هو من خرج برواية تقول إن المرة الوحيدة التي احتج فيها العماد لحود على القصف السوري لبيروت كانت يوم طاول ذلك القصف منطقة الحمام العسكري، حيث لم يتمكن فخامة العماد يومها من ممارسة السباحة؟
ألم يرو جنرالنا عشرات المرات بسخرية للعديد من الذين كانوا يتصلون هاتفياً به وصف المرحوم العميد ريمون اده للحود بعد تعيينه رئيساً: "رئيس النص عقل ونص كمّ ونص لسان"؟ أنُذكر ماذا كتب جنرالنا والعديد منا وأنا منهم عن رحلة استجمام لحود في مونتي كارلو مالاً ويختاً ومصاريف؟
لا أظن أن جنرالنا نسي ما كم حمّل لحود (مقالات وخطب وبيانات وأحاديث كلها موثقة) من مسؤوليات جرمية بسبب تغطيته جريمة 13 تشرين الأول/أكتوبر.
أليس هو من استمر في تعييره طوال ستة عشرة سنة على أنه تخفى في ملابس النساء وتسلل عن معبر المتحف إلى بيروت الغربية سنة التسعين لينضم إلى سوريين الذين عينوه قائداً للجيش ومن ثم رئيساً للجمهورية وجددوا له في الرئاسة رغم صراخ وتحذيرات كل المعترضين، وفي مقدمهم جنرالنا؟
هل من نسي نبؤة جنرالنا بهذا الخصوص: إن جُدد له لن يكمل ولايته؟ عجبي، فجنرالنا هو عينه من كذّب النبؤة هذه، لماذا؟
ترى هل تبقى لجنرالنا رصيد كاف من المصداقية لنصدق ما قاله في خطاب 13 تشرين 2006 /أكتوبر؟ إن الأمر متروك لوعي الناس وإدراكهم:
"من هنا، كانت الضرورة أن نلتقي بكم، كما عودناكم، لنسترشد بإرادتكم الصلبة وعزمكم الأكيد. فنحن، وكما في كل مرحلة مفصليَّة من حياتنا الوطنيَّة، نتّخذ قراراتنا بوحي منكم، يا أحرار لبنان، لا من الأوصياء والأولياء، وبعيداً عن المصالح الذاتية والاغراءات، كما نرفض أي ضغوط مهما اشتدت، وخصوصاً تلك التي تحمل في طياتها بذور الفتنة".(من خطاب جنرال الرابية في 15/10/2006).

phoenicia@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف