كتَّاب إيلاف

حكومة المالكي والأخطاء السبعة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ليس حديثي هنا عن الأخطاء السبعة التي كتبها أرفينج جانيس متأثرا بما كتبه وليام هوايت عن مطبات التفكير الجماعي، وهي الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها دوائر القرار الأمريكي، في تعاملها مع أزمة ضربة بيرل وهاربر وفيتنام وخليج الخنازير، فأنا على ثقة أن مستشاري السيد رئيس الورزاء من السياسين والإعلاميين قد قدموا له خلاصة وافية عن أصولها الدقيقة كي يستفيد منها.لا أتحدث عن ذلك أبدا، وإنما أتحدث فيما أعتقده أخطاء وقع بها السيد المالكي مباشرة، عن غير عمد بطبيعة الحال، وإنما ربما بسبب الظروف المقعدة التي تحيط بالقضية العراقية برمتها ، أو لأنه لم يكن متهيئا لمثل هذه المسؤولية الكبيرة، أو لأن الشغلة جديدة بالنسبة إليه، فهو كان معارضا لأكثر من عشرين سنة، ومستحقات العمل السياسي في المعارضة غيرها في الحكم...
لا علينا...
كان الخطا الاول في تصوري هو أنه لم يأخذ تعهدا خطيِّا من الامريكان أن يحلوا الجيش الأمريكي السري، والمخابرات الأمريكية السرية، فهناك كلام طويل عريض أن الأمريكان اسسوا قوات عراقية سرية ومخابرات عراقية سرية ترتبط بهم مباشرة، وهي مسؤولة عن إفشال الكثير من قرارات الحكومة بمحاربة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين. لست أنا الذي اقول عن وجود مثل هذا الشر السري المستطير، بل محسوبون على السيد المالكي يتحدثون بذلك سرا.
الخطا الثاني في تصوري هو أن السيد المالكي نسى أن الحوار مع المليشيات تحتاج إلى عقلية مليشياوية، أي إلى عقلية خبرت العمل المليشياوي، ولها خبرة بثقافة الملييشيات .
ترى هل قرآ مثلا وزير الحوار الوطني وهو يحاور هذه المليشيات المسلحة ثقافة العمل المسلح؟
هل كانت له خبرة بالعمل المليشياوي كي يعرف كيفية الحديث مع قيادة هذه المليشيات؟
أليس هناك قانون السنخية في الفلسفة الاسلامية التي طالما نقراها مندهشين من دقتها وبراعتها؟
الخطا الثالث الذي وقع فيه السيد رئيس الوزراء هو عدم الضغط على الأمريكان بتحمل مسؤولياتهم في محاربة الإرهاب بشكل واضح وليس بطريقة غامضة، لسنا نحن الذين نقول ذلك أيضا ، فقد صرح رجل دين محسوب على المالكي بشكل وأخر بان الامريكان يمنعون أو يعرقلون عمل الحكومة في متابعة القوى الإرهابية، بل وصرح أحد المحسوبين علي السيد رئيس الوزراء، بأن المالكي سوف يبحث مع بوش هذه النقطة بالذات، وبعمق!!!
ترى هل هو إكتشاف جديد؟
لا أدري...
الخطا الرابع الذي وقع فيه السيد المالكي أو حكومته، هو تبشير العراقيين منذ أن استلم قيادة البلد بأن عهد الإرهابيين أزف على الرحيل، وإن العراقيين على موعد مع الأمن والسلام والاطمئمنان، فيما كان الأولى أن يكون واقعيا، ويؤكد للشعب بان معركة حكومته مع الإرهاب طويلة ومعقدة، وتحتاج إلى صبر وتحمل.
الخطا الخامس الذي وقع فيه السيد المالكي هو حصر مسشتاريه ومعاونيه بذوي الخبرة البسيطة في المجال السياسي والأعلامي، لا أعتقد أن السيد رئيس الوزرا ء لا يعلم أن الوضع في العراق يحتاج إلى أهل أختصاص، وعلى درجة عالية من المهارة، سواء في مجال الاستشارة السياسية أو الإعلامية، فالعراق يا سيادة الرئيس بلد مضطرب وقلق وينتظره مصير مرعب، وتحيط به كوارث، وتجتاحه موجات مخيفة من الارهاب، واحتمالات الموقف مثيرة للفزع، وعلى ارضه قوى أجنبية متصارعة ذات قدرات مريعة، وأعتقد أن السيد رئيس الوزراء فكر بذلك جيدا.
فهل يتطلب مثل ذلك ألا خبراء كبار وأختصاصين ومهرة، وليس مندوبي صحف ومراسلي وكلات أنباء...
وهل يتطلب ذلك إلا خبراء في السياسة ا لعالمية، وأهل اختصاص بما يجري في المنطقة، وليس كتاب تقارير سياسية لتثقيف حلقة حزبية يتيمة.
الخطأ السادس هو أن يتعامل السيد رئيس الوزراء مع المسؤولين الروحيين عن بعض القوى المليشيايوية بلغة روحية، فيما يجب أن يكون التعامل معهم بلغة سياسية، يجب أن يضع هذه القيادات أمام مسؤوليتها، اللغة السياسية هي لغة الحوار بين الحكومة وبين هذه القيادات، سوا ء كانت شيعية أو سنية، ليس هنا أية الله ولا حجة الإسلام وا لمسلمين ولا سماحة الشيخ، ولا مولانا في التعامل مع رؤوس هذه المليشيات، اللغة السياسية هي قانون الحوار والتعامل مع هذه الرموز.
أعني ما أقول!
الخطأ السابع هو أن السيد رئيس الوزراء لم يعمل بما فيه الكفاية لتعميق وجوده العربي، لا يعني تعميق الوجود العربي عقد معاهدات بين العراق وبين جيرانه العرب، بل يعني إشراكهم بحل ما يعاني منه العراق، وذلك عبر خطوط ساخنة مستمرة وحاضرة بين عاصمة العراق وعواصم السعودية والاردن والكويت، لقد كتبت مرة وذلك بعد أن زار السيد المالكي السعودية، بأن عقد معاهدة أمن لا تكفي، بل لابد من خط ساخن بين السيد المالكي والملك عبد الله، يتم من خلاله التشاور الدائم، بحيث يضع العرب أمام مسؤولياتهم تجاه ما يجري في العراق، وا عتقد أن السيد المالكي يملك قراءة جيدة عن صناع القرار السياسي في السعودية، وكيف ان العلاقات الشخصية تؤثر في تأسيس هذا القرار، وكيف أن للسعودية حضورا مهما في العراق ويمكنها أن تساهم في معالجة الوضع الماساوي لهذا البلد، أذكر ذلك على سبيل المثال، وليس الحصر...
لا أدعي أن هذه الا خطاء ـ كما أرى ـ هي وراء فشل حكومة المالكي أو عجزها النسبي على أقل تقدير في إدارة البلاد المنكوبة، ولكن أدعي أنها ساهمت في ذلك، ولو في حدود بسيطة.
وللسيد المالكي الله.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف