نكاح الشياطين لنساء المسلمين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
* في عصور الإحباط تنتشر روايات المس الشيطاني وأطفال العفاريت
* أحاديث النبي ( ص ) عن الجن والملائكة والخرافة مدسوسة!
*فتأوي الإمام محمد عبده أكدت أن النبي ( ص ) لا يعلم الغيب
ونحن نثرثر بأهمية التأهب العلمي والفكري للحاق بالقرن القادم، ومواكبة ثورة المعلومات والاتصالات والأرقام، فاجأتنا قضية " عبدة الشيطان " لتقوم بتعريتنا دينيا وفكريا واجتماعيا.. فقد أثبتت لنا أننا تقدمنا إلى الخلف مائة عام بالضبط.. أي أننا حين كنا في أواخر القرن التاسع عشر مؤهلين فعلا لأن نلحق بالقرن العشرين، فأصبحنا في أواخر القرن العشرين غير مؤهلين لأن نلحق بالقرن التاسع عشر. وبالطبع هذا كلام نظري يستوجب الدليل.. وإليكم الدليل في صورة عرض تاريخي فكري سريع.
في أواخر القرن التاسع عشر كتب الإمام محمد عبده في تفسير سورة البقرة، ينفي عن النبي محمد صلي الله علية وسلم العلم بالغيب، ويؤكد ذلك من خلال الآيات القرآنية التي تعلن وتؤكد أن النبي صلي الله علية وسلم لا يعلم الغيب، ومعني ذلك أن كل الأحاديث المنسوبة للنبي صلي الله علية وسلم في الكلام عن غيوب المستقبل والآخرة وأحوالها، وعن عوالم الجن والشياطين والملائكة، كلها لم يقلها النبي صلي الله علية وسلم.. لأنه لا يعلم الغيب. وما كتبة الإمام محمد عبده في تفسيره " المنار "، يتفق مع منهجه الفكري في اعتبار كل الأحاديث مجرد أحاديث ا حاد تفيد الظن، ولا تفيد اليقين، ولا يؤخذ بها في أمور الاعتقاد، ومنها السمعيات أو الغيبيات، وهو منهج أ كثرية المحققين في الحديث، خصوصا في عصور ا لأجتهاد، وكانت حركة الإمام محمد عبده في أواخر القرن الماضي عودة بالفكر الإسلامي إلي عصر الاجتهاد، ليواكب التقدم العلمي المتزايد "وقتها"!
ولكن حركة الاجتهاد التي قام بها محمد عبده صادرها وأجهضها تلميذه رشيد رضا، إذ حولها إلي حركة فكرية سلفية، ثم تحولت الحركة الفكرية السلفية إلي حركة سلفية سياسية تطمح للوصول إلي الحكم، وذلك علي يد الشيخ حسن البنا تلميذ الشيخ رشيد رضا، والدليل علي تنكر رشيد رضا وخيا نته لفكر أستاذه الأمام محمد عبده نراه في تفسير المنار نفسه، فالشيخ رشيد رضا يؤكد في مقدمة تفسير المنار أن الإمام محمد عبده توقف في التفسير عند آية (126) من سورة النساء، فقام رشيد رضا باستكمال الكتاب، وهنا نجد التناقض بين تفسير الإمام، وتفسير تلميذه، وخصوصا في موضوع علم النبي صلي الله علية وسلم بالغيب، ذلك الذي ينفيه محمد عبده مستدلا بآيات القرآن ، ثم يؤكده رشيد رضا مستدلا بأحاديث كاذبة، وكل ذلك في نفس الكتاب.
وفي سياق دعوة الشيخ حسن البنا السياسة وانتشارها، انتشر في إطارها الفكر السلفي، وجاءت الثورة فأجهضت حركة الإخوان سياسيا، ولكن تسامحت مع أيدلوجيتها الدينية السلفية، ومع ذلك فإن بصيصا من مدرسة الإمام محمد عبده انطلق يضيء جنبات الأزهر خلال مشيخة الإمام الشيخ شلتوت في عهد عبد الناصر، وفيما يخص موضوعنا، فقد كتب الشيخ شلتوت في مقدمة الفتاوى المنشور سنة 1959 عن موضوع الجن والشياطين بمنهج تقدمي عقلاني، وإن كان أقل وضوحا من الإمام محمد عبده، الذي سبقه بأكثر من نصف قرن.. ( لاحظوا التقدم إلى الخلف ).
فقد قال الشيخ شلتوت أن صلة الجن والشياطين بالإنسان لا تتعدى الوسوسة والتزيين للشر، أما ما عدا ذلك فكله أوهام، وجعل من الأوهام ظهورهم للإنسان العادي بصورتهم الأصلية أو بغيرها، ودخولهم جسم الإنسان، والتزاوج بينهم وبين الإنسان، واستخدامهم في جلب الخير أو دفع الشر.. وأكد الشيخ شلتوت على أن هذه الأوهام خارج المصادر الشرعية القطعية اليقينية.
وباستحياء شديد يناسب التراجع أو التقدم للخلف أشار الشيخ شلتوت إلى الأحاديث التي تثبت هذه الأوهام عن رؤية الجن والشياطين والتعامل معهم، فقال أنها حكايات جعل منها الفقهاء مادة للتدريب على تطبيق الأحكام الفقهية، ولا يصح أن تكون دليلاا أو شبه دليل على الوقوع والتحقق، ثم قال : " فلنتركهم على سنتهم يفترضون، ومردنا إلى القرآن الكريم ".
وكان المفترض أن يبني الشيخ شلتوت على فكر أستاذه محمد عبده، ولكن المناخ تراجع، وعلا الصوت السلفي، فاضطر الشيخ شلتوت، وهو شيخ الأزهر أن يعالج الموضوع بدبلوماسية، ولم يضع النقاط على الحروف، وعذره أنه كانت له تجربة سابقة في المعاناة مع الشيوخ فى الأزهر.. أجاركم الله !!
ولكن هذا البصيص الضئيل من الاستنارة أطاح به النفوذ السلفي الذي عاد في عصر السادات، وانتشر عبر قطار النفط السريع إلى عقول وقلوب الناس، فأصبح الفكر السلفي هو الممثل للإسلام مع أنه كان في عصور الاجتهاد يسمى بالحشوية، أي الذين يحشون عقولهم بأوهام وخرافات لا تصمد أمام العقل، فيضطرون لصياغتها في أحاديث حتى تتحصن من النقد والانتقاد.
وفي عصر الفكر السلفي، فوجئنا بعبادة الشيطان. أو عبدة الشيطان، وكتب كثيرون في الموضوع، ولكن أبرز ما يعبر عن مأساتنا الفكرية السلفية هو ما كتبه قاض فاضل في صحيفة قومية كبرى، يقول في لهجة الواثق : " وقد يتزوج الشيطان من نساء الإنس، وهي حقيقة لا مراء فيها، ولا جدال، ويؤكدها قول الحق سبحانه وتعالى : ( وشاركهم في الأموال والأولاد ) الإسراء 64، وكثيرا ما ينكح الشيطان المرآة من الإنس، ويكون ذلك إذا أتاها زوجها وهي حائض، فقد قال ابن عباس : إن الشيطان يسبقه إليها فتحمل منه، ولهذا نهى الحق سبحانه الرجل من مباشرة امرأته وهي في هذه الحالة، فقال ( فاعتزلوا النساء في المحيض ).. البقرة 222، وكذلك ينكحها الشيطان إذا أتاها زوجها دون غطاء يستر عورتها، كما ينكحها إذا أتاها زوجها قبل أن يستعيذ بالله، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( إذا جامع الرجل زوجته ولم يسم انطوى الشيطان إلى إحليله فجامع معه )، والمولود في كل هذه الحالات هو في حقيقته ابن الشيطان، وليس أبن هذا الزوج المخدوع، الذي تسمى باسمه في شهادة الميلاد زورا وبهتانا.. وأولاد الشيطان من نساء الإنس هم المخنثون، أي الشواذ جنسيا، كما قال ابن عباس. ولهذا فأنه ليس غريبا أو مستغربا أن يميل هؤلاء المخنثون إلي والدهم الحقيقي وهو الشيطان، فيحبونه إلي درجة التقديس، ويعتبرونه القدوة و المثل الأعلى لهم.. ومن شابه أباه فما ظلم..أ.هـ.
وهكذا تقدمنا أو تراجعنا إلي الخلف مائة عام.. وحاولنا بتفسيرات مغلوطة وأحاديث كاذبة لم يقلها النبي صلي الله عليه وسلم أن نثبت أوهاما لا أصل لها في الإسلام، ولا في القرآن، ولم يعرفها عصر النبي صلي الله عليه وسلم، وضاع كل الاجتهاد الذي ساد في القرنين الثاني والثالث..كما ضاع اجتهاد محمد عبده، ومحمود شلتوت،وكل عام وأنتم بخير..!!
إن ما قاله القاضي الفا ضل عن علاقة الشيطان بالأنس يستند إلي أحاديث فيها أن النبي صلي الله عليه وسلم يتكلم عن الغيب، وذلك يخالف القرآن الذي يؤكد علي أن النبي لا يعلم الغيب، وليس له أن يتحدث فيه، كما استند إلى آيات قرآنية تتحدث في سياق آخر، فقد استدل علي زواج الشيطان بالنساء بآية " وشاركهم في الأموال والأولاد "، وجعل المشاركة زواجا، ولو أتبع نهج القرآن ومفاهيمه ومصطلحاته، لأدرك أن علاقة الشيطان بالإنسان تدور في إطار الوسوسة والهمز والتزيين والنزاغ،أي الإضلال والإيقاع في الشر بالتأثير علي الإنسان ونفسه.. دون جسده.
أما علي المستوي الجسدي المادي، فليست هناك أدني علاقة بين الإنسان والشيطان، فالله تعالي يقول لنا " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " (الأعراف 27)،أي هو يرانا ونحن لا نراه، وذلك يعني اختلاف المستوي الوجودي بيننا وبينه، وهذا يعني أنه من عالم الغيب، أي العالم الذي يغيب عن عالمنا المادي وحواسنا الجسد ية، وبالتالي فأي اتصال جسدي مستحيل بين العالمين ، وكل ما هناك هو غواية يقوم بها علي المستوي النفسي، والنفس كائن برزخي ينتمي إلي نفس عالم الغيب، ومن الممكن النجاة من كيد الشيطان ووسوسته وشروره بالاستعاذة بالله تعالي منه.. وكفي الله المؤمنين القتال !!.. لذلك فأن الله تعالي يقول عن كيد الشيطان ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) " النساء 76 ".
ونعود إلى الكاتب الذي يستدل بتحريم القرآن مباشرة الزوجة في الحيض، وهو يربط هذا بنكاح الشيطان المشترك مع الزوج لزوجته حين الحيض، ويؤسس تحريم القرآن للمباشرة في الحيض على هذا السبب، وهذا لا يتفق مع منطق الآية وسياقها، ومقصدها التشريعي، وذلك يبدو في قوله تعالى ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن )
فالتحريم لان المحيض أذى، ويجب امتناع المباشرة وقت نزول هذا الأذى، وحلوله بالمرآة، فأين موقع الشيطان هنا ؟.. كما نتذكر أن السياق القرآني في الحديث عن الشيطان قد حوى كل شيء يخص الشيطان وعلاقته بالبشر، وغير البشر، سواء في القصص القرآني أو في التشريع القرآني، وذلك في أطار أن علاقته بنا لا تتعدى الإضلال النفسي، وأنه لا يمكن أ ن نراه، وأن كيده بنا ضعيف، ويمكن النجاة منه بالاستعاذة بالله تعالى مباشرة، وغير ذلك أوهام لا وجود لها إلا في خيالات بعض الناس وتراثهم، وهذا يدخل بنا على رؤية قرآنية وسسيولوجية لقضية عبدة الشيطان.
ونعطي أمثلة لبعض أنشطة الشيطان المسيطرة على حياتنا الدينية:
1- فالضريح المقدس هو مجرد بناء من تراب وطين وأسمنت وزجاج ورمل وأخشاب، وتحتها رفات ميت، ومواد البناء هذه ندوسها بأقدامنا، ومع ذلك تصبح مقدسة نركع أمامها ونخشع.. والسبب أنها تقوم فوق رفات رجل صالح، أو يقال أنه كذلك.. مع أننا لو فوجئنا برفات ذلك الرجل ينتصب أمامنا من الضريح لولينا الفرار.. إذا فأين عقولنا حين نقف خاشعين عابدين أمام الضريح المقدس ؟ الإجابة أن الشيطان هو الذي أقنعنا بالأوهام والأساطير.. إذن فتلك الأضرحة التي لا تختلف عن أي بناء أخر إنما هي من صنع الشيطان، هو بالطبع لم يصنع مواد البناء، ولم يقم بالبناء، وإنما هو الذي أقنعنا بأن تلك المواد الطينية والخشبية تستحق التأليه والتقديس.. كل ذلك يوجزه قوله تعالى لنا ( يأيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) " المائدة 90 " فالأنصاب هي القبور المنصوبة للتقديس أي الأضرحة.. والله تعالى يحذر المؤمنين من عبادتها، ويأمر باجتنابها.. ومع ذلك فالمؤمنون عليها يعكفون.. ولا يزالون.. أليس هذا عبادة الشيطان ؟
2- وهذه الأحاديث التي لم يقلها النبي صلي الله عليه وسلم، والتي تخالف القرآن وسنة الله تعالي ورسوله، من الذي وسوس للناس بها ؟ القرآن يسميها وحيا شيطانيا " الشعراء 221 "، والله تعالي يجعل أصحاب تلك الأحاديث أعداء للنبي، ويصف في دقة بالغة أولئك الناس، ويدعو للاحتكام للقرآن في شأنهم " الأنعام 112 : 116 " ومع ذلك فإن أ كثرية الناس يتبعون تلك الأحاديث المخالفة للقرآن.. وهم علي ذلك قائمون..أليس هذا عبادة للشيطان؟
3- ويتعاظم دور الشيطان في الاحتيال عندما يسود الاحتراف الديني والتدين المظهري السطحي، خصوصا في عصور الإحباط السياسي والاجتماعي، حينئذ ترى علامات التدين منتشرة على الوجوه في اللحى والنقاب والجلباب والمساجد والقباب، وتجد في نفس الوقت مظاهر الفساد والانحلال والشعور بالتفوق الديني والاستعلاء العقائدي، وكل ذلك يرتبط بالتكفير والتعصب والجمود والتقليد.
حينئذ يبحث الناس عن فتوى لكل بديهية، وعن استدلال ديني لكل تحرك وتصرف.. وتتقافز فتاوى التحريم، لتحرم ما أحل الله، وعن طريق الترهيب والتكفير يرتدى الوعاظ زى الاجتهاد، ويفتون بكل شئ بدءا من نقل الأعضاء إلي الطب والتداوى.
هنا تتربع سيطرة الشيطان، وهنا أيضا يتحول المفهوم القرآني عن " المس الشيطاني " من معني الغواية والإضلال إلي حكاية أخري مؤداها أن الشيطان يلبس الأجساد، فيحدث بها المرض، أو يتزوج النساء وينجب أطفالا من العفاريت.. وهنا أخيرا.. تسود الخرافة بعد أن ارتدت زى الدين، وتتم عبادة الشيطان الكاملة، فإذا سقط بعض الشباب في تقليد الغرب في مجونه الغربي جاءت التحليلات من نفس الثقافة تسمي ذلك تزاوجا بإبليس ، وإنجابا منه، وامتزاجا عضويا به، مع أنه لا فارق نوعيا بين المس الشيطاني في مفهوم أهل الاحتراف الديني، وبين عبادة الشيطان لدى أهل الغرب العلماني، اللهم إلا أن الغرب العلماني أكثر صراحة وأقل نفاقا.
4 - ولكن ما الذي أوجد لدينا هذا التنوع في عبادة الشيطان ؟ هنا ندخل علي الظروف الاجتماعية الاقتصادية.. في عصرنا الراهن أصبح واحد في المائة من المصريين يملكون 99% من الثروة، وبدأت الطبقة الوسطي في التآكل والتلاشي، والتعليم الذي كان في عهد عبد الناصر طريقا لصعود الطبقة الدنيا إلي الطبقة المتوسطة ، ومن الطبقة المتوسطة للعليا ، انتهي دوره الآن في تذويب الفوارق بين الطبقات، لان الوصول للطبقة العليا أصبح محكوما بالعلاقات بين الثروة والسلطة ، وما نتج عن ذلك من فساد إداري وسياسي واقتصادي ، نتج عنة اختلال المعايير وارتفاع الأسوار أمام الطامعين للارتقاء، إلا من خلال ثقوب يصنعها الفساد بمعرفته وقوانينه .
وهذه الفجوة الهائلة بين أغلبية عظمى لاتملك ، وأقلية ضئيلة تملك وتحكم أدى إلي اتجاه الشباب اليائس المقهور إلي التطرف والتدين المغلوط ، خصوصا مع استشراء الفكر السلفي، وقيامه ممثلا للإسلام خلال أجهزة الدولة ، ولهذا أصيبت الأغلبية بثقافة المس الشيطاني، وخرافات الجن والعفاريت.
أما الشبا ب الآخر المترف، فقد كانت له معاناته المختلفة، فالآباء مشغولون باقتناص كل ما يمكن اقتناصه، وبالتناحر والتفاخر، وليس لديهم وقت لرعاية الأبناء ، ويعرضون هذا القصور بالإغداق عليهم بالأموال، وحتى لو أعطوا الأولاد اهتماما ، فأولئك الآباء ليسو قدوة صالحة للأبناء، وليس المال الذي يرتع فيه الأبناء مالا حلالا يثمر في هداية الذرية ، ثم هذا الشباب يعاني من الوفرة وتوفر كماليات الكماليات.. ويعاني من الفراغ والملل من ممارسة كل المتع ولا يقلق علي مستقبل.. هذا الشباب يعاني من الانفصام التام بينه وبين مجتمعه الكبير ووطنه .. بل وأسرته الغائبة عنه لابد له من مجال يدفن فيه معاناته، ومن الطبيعي أن تتكفل الحضارة الغربية ومنجزاتها بتوفير الوسائل التي تمتص وقته وحياته.. وتصل به إلي نوع آخر من الانتحار النفسي والجسدي ، لا يختلف كثيرا عن صرعى المس الشيطاني.. إذن تتجمع الخطوط في النهاية إلي تأدية طقوس واحدة هي عبادة الشيطان ، إما بصورة ضمنية يمارسها أصحابها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ( الكهف 104)، وأما بصورة واضحة صريحة لا تختلف هي الأخرى عن أقاويل بعض الصوفية في تمجيد إبليس ، ولا تختلف عن طريقة اليزيد ية في عبادته.
وحتى تكتمل الصورة فإننا نختم بالقرآن، وهو يحذرنا بعد أن حكي قصة هبوط آدم ، ويقول تعالي لنا " يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " (الأعراف 27 ). أي هناك موالاة بين الشيطان والذين لا يتبعون المنهج الإلهي، ويوم القيامة سيقول لنا رب العزة ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن أعبدوني هذا صراط مستقيم. ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون ) " يس 60 " أي أن عبادة الشيطان مستمرة في كل جيل.. وذلك من خلال تقديس الأحجار والبشر ، ومن خلال الافتراء علي الله تعالي ورسوله .. والعاصم من ذلك هو كتاب الله تعالي المنزه عن كيد الشيطان في التحريف والتحوير.
ولعلها تكون لحظة صدق نراجع فيها أنفسنا وعقائدنا..