كتَّاب إيلاف

فى اصلاح الاخوان المسلمين فى مصر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


بسم الله الرحمن الرحيم

1 ـ يعانى الاخوان المسلمون من أزمة تتلخص فى الضغط الأمنى عليهم فى مصرمع عدم الاعتراف الأمريكى بهم مع أنهم أكبر قوة شعبية معارضة فى مصر والمؤهلة أكثر من غيرها للوصول للسلطة بعد حكم عسكرى وصل بمصر الى الحضيض.
وتعانى السياسة الأمريكية نحو مصر من الحيرة، فهى تتردد فى فى قبول توريث الحكم لنجل الرئيس مبارك لأن ذلك يدمر مصداقيتها فى الدعوة للاصلاح الديمقراطى، وفى نفس الوقت فانها لا ترغب فى صعود الاخوان الى المشاركة السياسية ووصولهم الى السلطة.
لا أعتقد أن الرئيس مبارك يرضى بأن يجعل ابنه حاكما بعده تاركا له تركة ثقيلة يعجز عن اصلاحها بعد تخريب لمصر استمر حوالى ثلاثة عقود. إن غياب مبارك عن الساحة سيخلف ثورة شعبية هائلة ستطيح بابنه اذا تولى السلطة بعده، ولا بد لمن يتولى الحكم أن يفتح كل الملفات المسكوت عنها , وبالتالى فلا مجال لآل مبارك الا الهجرة ناجين بحياتهم وأموالهم. وعليه فان إثارة قضية التوريث فى مصرـ بين النفى والاثبات ـ يقصد بها مبارك الهاء الناس ليظل محتفظا بالسلطة الى آخر مدى يستطيع التماسك فيه صحيا و سياسيا، ويستطيع التمهيد لنفسه وأسرته ملجأ آمنا فى الخارج. وهكذا فان كل يوم يمر يضيف الى رصيد مبارك بينما يزيد فى تدمير مصر اقتصاديا و سياسيا. وقد يسفر الحال عن انفجار قادم فى مصر بدأت نذره تتجمع فى الأفق.
وهكذا فانها ليست فقط أزمة الاخوان إنما هى فى الاساس أزمة مصر حاليا وفى المستقبل القريب الوشيك.
وللخروج من هذه الأزمة لا بد من علاج وضعية الاخوان المسلمين باعتبارهم القوة الشعبية الوحيدة التى تستطيع سلميا ـ بعد الاعتراف بها سياسيا ـ إنهاء الحكم العسكرى فى مصر واستبداله بحكم مدنى. بل وأكثر من هذا تستطيع ترشيد الحركات الأصولية الأخرى فى الشرق الأوسط.
وعلاج وضعية الاخوان المسلمين يكمن فى أن يكونوا حزبا مدنيا يتبنى نفس الأطروحات المدنية الديمقراطية التى تؤكد حقوق الانسان وحقوق المواطنة ولكن بمرجعية اسلامية أصيلة.
والدكتور سعد الدين ابراهيم ـ وهو أكبر دعاة الديمقراطية و حقوق الانسان و المجتمع المدنى فى مصر والشرق الأوسط ـ يجاهد لإقناع الادارة الأمريكية وفصائل أخرى مصرية من أجل اشراك الاخوان فى الحياة الديمقراطية ولكن لا تزال لهذه الأطراف الأمريكية والمصرية شكوكها وارتيابها من الاخوان.
هذه الشكوك لها ما يبررها فى تاريخ الاخوان وفى تراثهم الفقهى السلفى الذى لا يزالون يتمسكون به ولا يقومون بعملية نقدية له ليتوافق مع العصر ومع الاسلام.

2 ـ ليس من الاسلام أو من الديمقراطية أن يستعلى الاخوان المسلمون على الناس أو أن يعطوا لأنفسهم هداية الناس وحكمهم باسم الله تعالى، فهذا ما لم يعطه الله تعالى للنبى محمد عليه السلام حين كان حاكما فى المدينة، بل أنه من الاسلام والديمقراطية أن يكون عليهم تقديم إجابات واضحة معلنة للناس طالما يسعون لحكم الناس. من حقهم السعى للحكم كالآخرين ولكن من حق الناس عليهم وعلى الآخرين أن يعرفوا بالتحديد وبالتفصيل والوضوح برنامجهم السياسى ومبادئهم السياسية وماذا سيفعلون، من حق الناس أن يأمنوا على حرياتهم الدينية والاجتماعية اذا ما أوصلوا الاخوان للحكم، ومن حق الناس أن يعرفوا كل ما يبدد شكوكهم التى نبتت بسبب تاريخ الاخوان وبسبب التراث السنى الذى يتمسكون به والذى يجرى تطبيقه بالحديد والنار حول مصر والذى مارسته جماعات ارهابية فى مصر تنتمى لنفس الفكر ونشأت وترعرعت على منهج الاخوان.المعترضون على الاخوان المسلمين لديهم مخاوف مشروعة وعندهم أسئلة جادة لا بد للاخوان من الاجابة عليها علنيا وفى وثيقة رسمية تضع كل النقاط فوق كل الحروف ولا تدع فرصة لأى تشكيك أو ارتياب. ثم يكون الجيش المصرى ـ فى حالة تطبيق الاصلاح السياسى ـ هو الحارس للديمقراطية وتداول السلطة.
إذا بدد الاخوان كل الشكوك والمخاوف فانهم يسهلون مهمة الدكتور سعد الدين ابراهيم فى اقناع الادارة الأمريكية، إذ يكون صعبا على تلك الادارة التنكر للوضع الجديد الذى وصل اليه الاخوان. إذا رفض الاخوان هذا الاصلاح الذاتى فهم الذين يضعون المتاريس أمام جهاد الدكتور سعد الدين ابراهيم فى الدفاع عنهم.
لا يمكن لمعارضى الاخوان المسلمين ـ ومنهم كاتب هذه السطور ـ أن يقبلوهم طالما يتمسكون بما قاله السيدان (سيد قطب) عن الحاكمية أو الثيوقراطية الدينية و(سيد سابق) عن أهل الذمة والجزية على الأقباط والرجم وقتل المرتد بعد الاستتابة وقتل الزنديق عند العثور عليه وبلا محاكمة وحتى لو تاب. والزنديق هو المسلم المؤمن بالقرآن والسنة والأحاديث ولكن يخالفهم فى بعض آرائهم. وما قاله السيدان (قطب و سابق)وغيرهم يخالف القرآن الكريم وهو المرجعية الاسلامية الوحيدة التى لا شك فيها، بالاضافة الى أنه يخالف مواثيق حقوق الانسان وهى المرجعية الانسانية لعصرنا.
وإذن لخروج الاخوان من هذه الوضعية ولكى يقبلهم الآخرون ولكى تنتهى حالة الاغتراب والاضطهاد التى دخلوا فيها منذ 1948 لا بد لهم من عبور هذه الفجوة باصلاح فكرى اسلامى.
وطالما يقولون فى شعاراتهم المعلنه (القرآن دستورنا) عليهم أن يحتكموا الى الدستور القرآنى فى تطوير دعوتهم السياسية الى الأفضل.

3 ـ على الاخوان المسلمين فى مصر الاختيار بين واحد من اثتين :
*إما قوله تعالى فى تشريع القتال للدفاع فقط (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) (البقرة 190) وقوله تعالى فى الحرية الدينية (لا إكراه فى الدين) (البقرة 256)
وإما الأحاديث الكاذبة الدموية مثل (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا..)
*إما الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمفهومه القرآنى (فالمعروف هو القيم العليا المتعارف عليها مثل الصدق والأمانة والرحمة و التسامح والعدل والسلام والحرية..الخ) والأمر بها هو تواصى وتناصح بين الناس جميعا وليس لفئة معينة وهو مجرد أمر قولى ونهى قولى وليس استطالة على الناس وتدخلا فى حريتهم الشخصية...
وإما الحديث الكاذب القائل (من رأى منكم منكرا فليغيره) والذى أثبتنا من قبل بقواعد الجرح والتعديل والبحث التاريخى أنه تم وضعه وتأليفه فى عصر الخليفة الواثق العباسى أبان اضطهاد ابن حنبل فى موضوع خلق القرآن.
*إما أن يكون خاتم النبيين محمد عليه السلام مبعوثا رحمة للعالمين كما أكد رب العزة فى القرآن الكريم (الأنبياء 107)
وإما أن يقفوا مع الفكر الدموى الذى أنتج ابن لادن والذى شوّه الاسلام وصورة رسول الاسلام عليه السلام.
* إما أن يقفوا مع العدل المطلق الذى حفلت به آيات القرآن الكريم فى التعامل مع الأقارب والأعداء ومع الناس جميعا،
وإما بمنهج الظلم الذى مارسه العرب والمسلمون حين حكموا وسادوا فى العصور الوسطى و اضطهدوا غير المسلمين وغير العرب فى فترات مختلفة من تاريخهم الممتد والطويل.
*أما أن يقفوا مع المبدأ القرآنى (الدين لله تعالى) يحكم فيه يوم القيامة و لذلك فلا بد من تقرير الحرية الدينية المطلقة (والوطن للجميع) على قاعدة المساواة والعدل حيث لا تميز لأحد على أحد بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو المذهب أو المال أو الذكورة أو الجاه والمنصب، وانما على حسب العطاء و العمل الصالح النافع للمجتمع،
وإما احتكار الدين والوطن لطائفة تستعلى على الناس باسم الله فتظلم الله تعالى الذى أكّد أنه لايحب الظالمين ولا يريد ظلما للعالمين.
*أما أن ينصفوا المرأة ويسيروا مع حقوقها بالعدل الذى قرره الله تعالى لها،
وإما أن يقولوا ما قاله البخارى عنها أنها ناقصة عقل ودين وأنها مخلوقة من ضلع أعوج وأنها شؤم..الخ.
* إما أن يؤمنوا بالشورى الاسلامية كما جاءت فى القرآن بمفهوم الديمقراطية المباشرة وأنها جزء من عقيدة الاسلام وجزء من فرائضه التعبدية ومن ثقافته العقلية والسلوكية كما أوضحنا فى كتابات منشورة باللغتين العربية والانجليزية،
وإما أن يؤمنوا بالحاكمية وهى أرذل أنواع الديكتاتورية الدينة وأفظع الظلم لله تعالى وللناس.
*إما أن يؤمنوا بقوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات 13) وما يعنيه هذا من مساواة بين البشر وصلة قرابة بينهم لانتمائهم لأب واحد وأم واحدة وأن الله تعالى خلق البشر مختلفين فى ليتعارفوا سلميا وليس ليتحاربوا،
وإما أن يظلوا على عقيدة تقسيم العالم الى معسكرين متقاتلين.

4 ـ لقد كتبت قبل ذلك مستبعدا أن يقبل الاخوان الديمقراطية وتداول السلطة لأنهم ليسوا مؤهلين سياسيا للمساءلة امام البرلمان، ولأنهم يعتبرون أنهم أعلى من أن يسائلهم أحد باعتبارهم المختارون من الله تعالى لتطبيق شرعه على الغير، ولذا فهم لا يريدون تولى حكم مصر الآن بالطريق الديمقراطى وإنما يفضلون الانتظارالى أن يصلوا الى (التمكين) أى ب(تربية) الشعب المصرى على الطاعة العمياء تمهيدا للقبول بمبدأ (الحاكمية) أى الايمان بهم مبعوثون من الله تعالى لحكم الناس وأنهم مسئولون أمامه تعالى عن تنفيذ شرعه. والشرع عندهم هو الأحاديث الضاله والفقه الحنبلى، أى كلام بشر انتهى عمره الافتراضى ولم يكن صالحا لعصره فكيف يكون صالحا لعصرنا.
لازلت عند رأيى طبقا لحال الاخوان الان فليس لهم اجتهاد فى استخلاص صيغة تشريعية من القرآن توافق العصر، ولا يدور فى أدبياتهم الا اشارات عن الحاكمية والتمكين والتربية. ولا يزال ما قاله حسن البنا وسيد قطب والقرضاوى والمودودى هو الحجة لديهم. وبالتالى فان ما كتبه السيدان (قطب) و(سايق) هو المرجعية السياسية و الفقهية لديهم. وما يقوله وما يفعله ابن لادن هو التطبيق الحرفى لتلك المرجعية السياسية والفقهية.
إن الذى يحتم الدعوة لاصلاحهم هو الحال الذى وصلت اليه مصر وهى على وشك انفجار قادم ان لم نسارع بالاصلاح، ولذا فان اصلاح الاخوان لنفسهم جزء جوهرى لانقاذ مصر، وهو أيضا طوق النجاة لهم.

5 ـ أتمنى أن يبادر الاخوان المسلمون المصريون بعقد مؤتمر موسع ليناقش فى ضوء القرآن الكريم ومن الناحية الفقهية الاسلامية سائر النقاط المختلف عليها أصوليا وفقهيا مثل (الجهاد ـ الولاء والبراء ـ التسامح الدينى) (حقوق المرأة) (الجزية وأهل الذمة ـ حقوق المواطنة ـ حق بناء الكنائس ـ الدين لله والوطن للجميع...) (الديمقراطية ـ الدولة الاسلامية المدنية العلمانية)، (و تطبيق الشريعة الآن ـ النسخ، الرجم، وقتل المرتد والزنديق و قتل تارك الصلاة، و عقوبة شرب الخمر) (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحرية الشخصية وحرية الفكر والمعتقد) (الشفافية فى العمل السياسى وتحريم العمل السرى ومنع الاستخدام السياسى للدين حفظا لقداسة الاسلام). وأن يخرج الامؤتمر ببيان يؤكد على علمانية الدولة الاسلامية وديمقراطيتها.
إذا رفض الاخوان هذا الاقتراح واذا تمسكوا بأفكارهم القديمة فهم مسئولون عما يحدث لهم من استمرار الاضطهاد والاستبعاد دون ان يرثى لهم أحد، بل سيفقدون المتعاطفين معهم وسيكون مصيرهم التجاهل والنسيان طالما لا يتكلمون بلغة العصر. إذ لا بد فى عصرنا الجديد من تغيير الأفكار السلفية القديمة. خصوصا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ووجود مسلمين أصوليين يرفضون السلفية ويواجهونها من داخل الاسلام.وهم يتزايد عددهم ويتعاظم تأثيرهم ومعهم المنطق والحجة القرآنية ومعهم أيضا المستقبل وثقافة العصر وأدواته.

6 ـ يعلن الاخوان شعار (القرآن دستورنا) وإذن فلا بد لهم من الاحتكام الى القرآن فيما ورثوه من معتقدات وشرائع تناقض القرآن.
يؤمن الاخوان بان الاسلام صالح لكل زمان ومكان، وإذن فلماذا يقزمون و يحصرون الاسلام فى تشريعات بشرية تنتمى للعصور الوسطى وتتناقض مع القرآن الكريم ـ إذا قرأنا القرآن الكريم بمصطلحاته هو بمفاهيمه هو وليس بمصطلحات التراث السنى وأحاديثه ومروياته.
يعرف الاخوان أن الدعوة الاسلامية فى جوهرها دعوة اصلاحية، وان الاصلاح هو مهمة كل نبى طبقا لما جاء فى القرآن الكريم. فلماذا يتقاعس الاخوان عن الاصلاح ـ واصلاح أنفسهم ومنهجهم هو البداية؟

7 ـ اصلاح الاخوان ضرورة لانقاذ أنفسهم وانقاذ مصر وهو أقصر طريق لعلاج الفجوة بين الاخوان والادارة الأمريكية التى تعارض التوريث وتعارض المنهج الحالى للاخوان فى نفس الوقت. فى الاصلاح الداخلى للاخوان قطع لدابر فكرة التدخل الخارجى، بالاضافة الى أن اصلاح الاخوان يسهل الدعوة لرفع الحظر عنهم والافراج عن المعتقلين من شتى التيارات السياسية مثل الدكتور العريان والدكتور أيمن نور وغيرهما، ويكف يد الأمن المصرى عن التدخل فى العمل السياسى، توطئة للدخول فى عملية اصلاح سلمى فى مصر تنقذها من الانفجار القادم.

8 ـ الانفجار القادم هو الذى سيأتى بالتدخل الخارجى. فى ظل الفوضى القادمة سيصرخ الناس انفسهم يطلبون التدخل الخارجى فيأتى ليكون وبالا عليهم..

9 ـ وانظروا الى انفجارات العراق.. لعلكم تعقلون..!!


http://www.ahl-alquran.com/arabic/main.php

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف