تراكمية الاغلاط
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ان قيادة بلد الحظارات قدمت على صحن من ذهب للكثير من ممارسي السياسة أظهرت السنوات الثلاث بعد التاسع من نيسان زيف كفائتهم في اول اختبار فعلي لممارسة الديمقراطية. ابتداءا من استغلالهم عباءة رجال الدين في الفوز وانتهاءا بما يجري تحت قبة البرلمان العراقي ،وآخرها ما سمي بديمقراطية " القندرة" التي مارسها رئيس البرلمان الدكتور المشهداني. وبعدها تمرير مشروع تاسيس الاقاليم الذي التقت في الموافقة عليه القائمتين الكردية ومجموعة عبدالعزيز الحكيم " المجلس الاعلى" ودعم شيوعين عراقيين سابقين وحالين . لكل من القائمتين حساباتها على حساب المصلحة الوطنية العراقية ولاهداف قومية بحته ، كما هو الحال بالنسبة للاخوة الاكراد، مع العلم اثبتت الايام ولا زالت ان الوعاء الصادق لطموحات الشعب الكردي والمظله الآمنة له، في العراق الموحد على اساس الوطنية العراقية وليس الشعور القومي الزائف الذي اوقع العرب في سرابه خمسة عقود كاملة، وتقع فيه جماعات كردية عراقية اليوم ،لان التقوقع القومي في شمال العراق "كردستان العراق" وخلق جيب او دولة داخل الدولة بعيدة في نزعتها عن الدولة الاتحادية، نظام الحكم الذي تسير عليه اكثر دول العالم رفاها وديمقراطية، سوف يزيد معاناة العراقيين ومنهم الاخوة الاكراد ايظا. وان تفتيت العراق كما تريده الجماعات السياسية وكذلك حلفائها من الخارج سوف لن يخدم في اي حال من الاحوال الشعب العراقي بمكوناته المختلفة وكذلك دول المنطقة التي تسعى للامن والسلم الاجتماعين وكذلك القضية الكردية وتطلعات الشعب الكردي في العراق تحديدا ،لان المجازفة في الانفصال كما جاء على لسان المسؤول الثاني في الاقليم الكردي سوف ينهي حلم الاكرد إلى مئات السنين الاخرى وذلك للاتفاق المحوري بين إيران وتركيا ، على الرغم من اختلافاتهما الطائفية ونظمهما السياسية وسياستهما الاقليمية وتحالفاتهما الدولية على اجهاض اي محاولة لقيام كيان كردي مستقل في اي بقعة من كردستان الموزعة بين ثلاث دول مع ثلاث قوميات( العربية ، التركية والفارسية). وقد اثبت الايام بان العرب، خاصة العراقيين منهم في اغلبيتهم كانوا ولا زالوا من اشد دعاة الاخوة العربية الكردية ودعم حقوق الاكراد، هذا لا يعني نسيان ما اقترفته القوى السياسية تحت راية القومية العربية بحق الاكراد بعد انقلاب الثامن من شباط الدموي ، ولكنهم لسوء الحظ ليس وحدهم وانما كانت معهم جماعات مختلفة وقوى كردية مؤثرة ساهمت ايظا في محنة الشعب الكردي(الجحوش). وقد قدم عرب العراق الكثير منذ خمسينات القرن الماضي ولحد الآن الكثير من اجل القضية الكردية وكانت محور اغلب البرامج السياسية للاحزاب الوطنية العراقية. حتى ذهب الحزب الشيوعي العراقي بعيدا في دعمه في تقسيم الحزب إلى حزبين شيوعين عراقيين واحد لكل العراقيين والثاني للاكراد وذلك في زمن قيادة عزيز محمد(كردي عراقي) للحزب.
والتحالف مع المجلس الاعلى في موضوع قانون الاقاليم المثار للجدل لا يخدم قيد شعرة قضية وطنية عراقية مبنية على بناء وطن عراقي موحد لجميع العراقيين بغض النظر عن القومية والدين والطائفة يحظى به الاكراد شركاء فعلين في ظل العراق المحرر. لان السيد الحكيم ينطلق من مفهوم الفدرالية ليس على اساس وطني بحت وانما طائفي بحت. ان معاناة شيعة العراق في ظل النظام الساقط وتهميشهم في ظل الانظمه التي قبلها يتحمل الشيعة العرب جزء غير قليل من ذلك ، وهذا الجانب غطاه اكثر من باحث ، وبالتالي بناء اقاليم او اقليم على اسس طائفية لا يصب ولن يصب في مصلحة الشيعة والعرب منهم تحديدا وانما ياتي لمصالح دول الجوار وتحديدا إيران. واعتقد لا يستطيع السيد عبد العزيز الحكيم اثبات العكس ابتداءا من الولاء المطلق للسياسة الايرانية ومرورا في تنفيذ اهدافها على الارض خلال سنوات ما بعد التاسع من نيسان ولولا هذا لما اعترف الدكتور الجلبي بتاثير إيران على الساحة السياسية العراقية. وان كانت الفديرالية التي يدعو إليها عبد العزيز الحكيم هدفها حماية الشيعة من بروز نظام دكتاتوري يحكم من المركز لما تصدى لها حليفين قوين في قائمة الاتلاف وهما حزب الفضيلية وجماعة مقتدى الصدر وغيرهما . اما العراقيين وفي طليعتهم الوطنيين ، بغض النظر عن قوميتهم ودينهم ومنطقتهم وبكل معتقداتهم ومذاهبهم فانهم مع العراق الموحد باختيار نظام فدرالي على اساس إداري بحت، اي اعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات وابقاء القضايا الاساسية( الخارجية والامن الوطني والدفاع والمالية والسياسة التربوية وغيرها ) بيد الحكومة المركزية. وليس كما يجري الان من ممارسة فدرالية كما في مدن عراقية ؛ حكومة تقودها مليشيات القوة للحزب المسيطر كما في البصرة ، العمارة، النجف .....الخ وكذلك ما يمارسه الاقليم الكردي ، حتى وصل الامر لارسال وفد لاجتماعات الامم المتحدة( وزارة خارجية) على الرغم من ان وزير الخارجية العراقي كردي عراقي ، وقائد من جماعة الرئيس برزاني، رئيس الاقليم . ان الحكومات الفدرالية ومقاطعاتها ليس لها جيش خاص ولا قوى امن خاصة وغيرها ولا تمثيل ديبلوماسي ولا وفود خاصة في المحافل الدولية. فلم ترسل مقاطعة في دولة اتحادية كالنمسا او سويسرا، الولايات المتحدة او المانيا الاتحادية وفدا يمثلها في المحافل الدولية وانما الشؤون الخارجية من شأن الحكومة المركزية كما هو الحال الدفاع والمالية والامن والتعليم....الخ . فقائمة الاتلاف التي قام الدكتور الجلبي على لمها ويفتخر بانها انجزت دستورا اعتقد بان اكثر الوطنين العراقيين ومنهم اصدقاء الجلبي ومريديه يعترفون بانه دستور يحوي اكثر من 20 ثغرة يشم منها النفس الطائفي والابتعاد عن الوطنية العراقية والتسلط الديني وتقليل دور المرأة . وفي صياغة الدستور الذي لعب الجلبي دورا فيه بعيد جد عن الروح اللبرالية التي كان عليه ان يرفع لوائها ويحشد اكثر الكفاءات الوطنية العراقية تحتها من اجل العراق الموحد الديمقراطي في صياغة دستور يلم العراقيين ويثبت وحدة ترابهم ويقوى النزعة الوطنية العراقية فيهم ويكون بعيدا عن سيف الدين ومرجعياته المختلفه .لقد استطاع الدكتور الجلبي ان يجمع حوله الكثير من الوطنيين العراقيين لما تحلى به من نفس ليبرالي ووطنية عراقية ظاهرة قبل التاسع من نيسان. ورغم الهجوم الذي تعرض له من قبل الكثيرين ومنذ سنوات كان هناك ، ولو بقت قلة جدا، تدافع عنه قبل التحرير بسنوات وبعده كالدكتور عبدالخالق حسين وكاتب هذه السطور. تحمل المدافعين عن الجلبي الكثير من الشتائم والاتهامات واقلها الاتهام بالعمالة.
وعلى الرغم من الدور الذي لعبه الحزبان الكرديان في صياغة الدستور العراقي مع الدكتور الجلبي، لم يخرج دستور الاقليم الكردي افضل حالا فان القيادي بالإتحاد الوطني الكردستاني، فريد أسسرد، في حديث له مع وكالة (آكي)الايطالية للأنباء يوم الخميس الخامس من الشهر الماضي( تشرين اول) دعا إلى"توسيع حقوق الأقليات القومية في كردستان بالدستور الإقليمي"وإلى إلغاء العلم الكردي الحالي لأنه "لا يعبر عن المكونات الكردستانية"، وقال "أقترح إلغاء علم كردستان الحالي لأنه علم قومي للأكراد فقط يلتزم به أكراد العراق وتركيا وإيران". وناشد بـ"صياغة علم جديد يعبر عن الواقع الراهن لإقليم كردستان الذي يتكون من الكرد والتركمان والعرب والآشوريين. فنحن أيضا في إقليم متعدد القوميات والأديان". وأكد أن دستور الإقليم "تمت صياغته بعقلية قومية طاغية ولذلك فيه نواقص كثيرة، وكان يفترض أن تكون صياغته أكثر ديمقراطية خصوصا لجهة تحديد حقوق الأقليات القومية وكذلك تحديد علاقة القوات المسلحة بالسياسة". اما الانفراد في السياسة غير الاتحادية في الاقليم فتلك صورة غير سليمة تغض الطرف عنها عيون ، كان عليها ان تبين مكامن الخطأ قبل استفحاله ووصوله في طريق الا عودة . وهنا اود ان اعيد قول الدكتور احمد الجلبي :" والمؤسف ان عمليات النقد ومحاولات الاصلاح في العراق حاليا تفسر على ان دوافعها شخصية وفي معظم الاحيان هذا تفسير صحيح فالكلام عن الاصلاح بشكل عام لاجدوى منه". ولكني قبل ان اثني على جزء من هذا القول هذا لا بد من مطالبته ان يطلب الاعتراف بالخطأ من قبل الاحزاب السياسية العراقية التي شاركها صنع القرار التي اوصلت وطننا إلى ما هو عليه الآن وكذلك سياسيونا بعد التاسع من نيسان ومنهم الجلبي نفسه لدورهم فيما يعيشه عراقنا اليوم. وان ناخذ الشجاعة من الآخرين الذين يعترفوا باخطاء قاموا بها في العراق وفي رغبتهم تقيم استراتيجياتهم للمرحلة المقبلة . ان فشل الدكتور احمد الجلبي في عدم حصوله على مقعد واحد له في الانتخابات الاخيرة ليس مرده تنكر المرجعية له ولا رجال الدين وانما لعدم وجود قاعدة ما له في الشارع العراقي بعد ان تخلى عن جميع حلفائه من الوطنين العراقيين واللبرالين النزعة. اما " ما العمل؟" الآن : فهو في ايجاد تيار وطني عراقي ديمقراطي يظم كافة شرائح الشعب العراقي بغض النظر عن القومية والدين والمذهب والمنطقة ليتحمل المسؤولية الخلقية والعبئ السياسي لاخراج وطننا مما وصل إليه ووأد المحاصصة الطائفية والقومية ومرضيهما . وعراقنا غني في تجربته السياسية بوجود احزاب وطنية من هذا الطراز. وهذا ما كان يأمله اكثر الوطنين العراقيين من ان يقوم به " المؤتمر الوطني العراقي" قبل التحرير بهذا الدور. وقد نشر كاتب هذه السطور مقالا مطولا في صحيفة "المؤتمر " قبل التاسع من نيسان بفترة غير قصيرة عن ذلك. ولكن هل كانت نية المعارضين العراقيين للنظام البعثصدامي بناء عراقي جديد فعلا بعد التاسع من نيسان ؟ هذا هو السؤال .
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف