قراءة فى دفتر أحوال الوطن (1/3)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كنت قد كتبت هذه المقالات منذ عدة سنوات وحفظتها فى الدرج ولم أنشرها فى موقع" إيلاف "، وأعتقد أنه قد آن الأوان لنشرها وقراءة هذه الجرائم القديمة برؤية جديدة، فالجرائم هى نفس الجرائم، والوطن هو نفس الوطن، واليأس هو نفس اليأس، فدعونا ندخل السيرك ونقرأ ملامح الوطن من تحت ماكياج البهلوانات.
-أسباب الجريمه فى مصر صارت أكثر تفاهة وتنفيذها صار أكثر عنفاً
- يطعن جاره بسبب لعب الأطفال، ويحرق زوجته بسبب المصروف، ويقتل إبنه بسبب شوية تراب، ويذبح عمته من أجل قالب طوب!
- الوطن فى جلسة زار جماعى والعنف لم يعد مثيراً للدهشة
- المجتمع مريض بأنيميا التواصل
[إذا أردت أن ترسم بورتريه لوجه هذا الوطن، فحتماً سترتبك وستقع فى حيرة من كثرة علامات الإستفهام التى ستحاصرك، بأى فرشاة سترسم ؟وبأى درجات الألوان ستنفذ لوحتك؟وماهى الظلال والرتوش والزوايا التى ستمنح هذا البورتريه الحيوية والمصداقية؟، فالوطن قوس قزح متعدد الأطياف والألوان، فهاهو وطن الخمس نجوم وحفلات مارينا ومهرجانات الفنون وأفراح الصفوة والمستشفيات الإستثماريه وسيارات الليكسس ومدارس الدفع بالدولار وحيتان الإقتراض بالمليار وأكلة السيمون فيميه والكافيار ولحم النعام، وهاهو الوطن الذى يقدمه لنا ماسبيرو معقماً مبستراً خالياً من أى شوائب، الوطن الباترون الذى تم تفصيله بمقص الترزى الرقيب وإبتسامة مذيعة الربط ونظرة ممدوح موسى!!، وهناك الوطن الآخر الذى يعيش على الهامش فى العشوائيات والمقابر وعلب سردين الميكروباصات وغرز البانجو ومستوصفات الخير ومدارس الفترتين وخيم الإيواء وأطفال الورش وطوابير السكر المدعوم والرغيف غير المحسن وشوربة أرجل الفراخ، وإستسقاء البطن وتضخم الطحال ودوالى المرئ، وشم "الكله" وبلبعة "أبو صليبه"!!!، أى وطن سنرسمه وأى وطن سنصدقه وأى وطن نحلم به ويحلم معنا، وكان السؤال هل نحن ننتمى إلى أكثر من وطن والسؤال الأهم هل تغير الوطن؟.
صفحة الحوادث أصدق ترمومتر
[وللإجابة على هذا السؤال وغيره من الأسئلة الهامه قررنا الإستغناء عن صفحة الإجتماعيات المخملية واللجوء لصفحة الحوادث الواقعيه، قررنا النظر من خلال ثقب الباب حيث يتخلى المجتمع عن وقاره الزائف وهدوئه المفتعل وإبتسامته المصطنعه، حيث يتعرى ويصبح "على راحته" ويخلع ثياب شعاراته البراقة التى إعتبرناها لقرون من الزمان بديهيات مقدسة مثل مقولة المجتمع المصرى الصبور الهادئ طويل البال الذى لايلجأ للعنف لحل مشاكله، إلى آخر هذه الكليشيهات التى صدقناها وساهم فى ترسيخها بعض رجال السياسه وبعض علماء الإجتماع الذين يبررون ولايحللون ويبيعون العلم من أجل الدعايه والصدق من أجل المنصب والكتاب الأكاديمى من أجل الكرسى الجلد الوثير، وصفحة الجريمة فى نظرى أهم من الصفحة الأولى فنحن نرى أنفسنا فيها بدون مساحيق وأصباغ وماكياج، نرى فيها المجتمع قبل أن يجرى عملية تجميل لشد الوجه المتجهم الغاضب وشفط دهون البطن المترهلة المرتخيه، ولايصح الإدعاء بأنها صفحة المرضى النفسيين فقط أو مايطلق عليهم "السيكوباتيين "، فالرجل الذى يسرق لسد جوع أطفاله لايصح أن نطلق عليه مريضاً نفسياً بل هو رجل فقير معدم قبل أن يكون متهماً خارجاً على القانون، إنه بالفعل سارق ومتهم ولكنه أيضاً جائع ومشرد وحل مشكلته ليس فى مصلحة السجون بقدر ماهو فى أروقة مجلس الشعب وفى مدرجات الجامعه وذنبه فى رقبة وزراء الإقتصاد والمالية وليس فى رقبة وزير الداخليه، والشاب الذى يبقر بطن من يختلف معه لم يتعلم فن الحوار أو آداب الذوق لا فى فصل مدرسة ولا فى حضن أسره، والصبى الذى يلف سيجارة البانجو هو حطام إنسان يحتال للهروب من واقعه القاسى الفاجر قبل أن يهرب من أعين رجال البوليس، والزوجة التى تمزق جسد زوجها بالساطور وتعبئه فى أكياس، قبل أن تتحول إلى مجرمة كان زوجها قد حولها إلى مجرد أشلاء روح وفضلات وفتات إنسان، ضاجعها وكأنه يتبول فى دورة مياه، ضربها وكأنها مجرد حيوان، داس على كرامتها وكأنه يدوس على عقب سيجاره، مزق روحها شظايا بتلذذ فمزقت جسده فتافيت بمنتهى العنف والتشفى.
لماذا فقدنا الدهشة مما تنشره صفحة الحوادث؟
[إننا لانبرر الخروج على القانون وإنما نرصد لماذا تم هذا الخروج وكيف؟، لماذا قفز هؤلاء من على سور المحرمات وتجاوزوا الخط الأحمر للأعراف والتقاليد ؟، لماذا كل هذا العنف الذى يصبغ الشخصية المصرية فى الوقت الحالى ؟، لماذا إختلفت نوعية الجرائم فى مصر ولماذا أصبحت صفحة الحوادث متخمة بأخبار الجريمة ومحصولها من العنف والتحايل والغرابة وفير ؟، والأهم لماذا فقدنا نحن قدرتنا على الدهشة من تلك الجرائم التى يقشعر لها البدن من هولها وفظاعتها ؟، هل نحن فقدنا هذه الدهشة لأننا نعيش فى حالة" توله " جماعيه كما وصفها د.يوسف إدريس وهى حالة غياب وعى جماعى أو على الأقل هو وعى مخدر " شامم خطين هيروين"، أم هى حالة" تناحه" كما يسميها د.محمد السيد سعيد ومعه الباحث أحمد محمد صالح وهو تعبير يعكس "منظومة سلوكيات السلبية واللامبالاة والأنا مالية والإستهتار والبلاده والتحايل والعجز والنفاق والإستسلام لدرجة اليأس"، والتى تجعلنا على حد تعبير الباحث محمد صالح"نتعامل مع العمل وكأنه سد خانه، والمسئولية وكأنها تشريف، وأصبح الذين يحكمون لاينتجون، وإذا كان هناك من ينتجون فهم لايحكمون، فالوطن كله فى أجازة وضع "!!.
الوطن فى حالة هستيريا
[ متى تتم الجريمه؟، الجريمة تتم إذا فقد الفرد بوصلة التمييز، وإرتفعت عنده حدة الغضب لدرجة العمى الكلى، ووصل اليأس إلى قمته، وأصبح الحل والتفكير فأراً مذعوراً فى نهاية ذيله خرقة مبللة بالكيروسين ينطلق فى حقول وأحراش العواطف المتأججه وردود الفعل الملتهبه بدون أن يمر على بوابة العقل، ولكن لماذا وصل المجتمع إلى هذه الحالة من الهستيريا ؟، نعم هى هستيريا فأنا أعترف بأننى عندما أقرأ صفحة الحوادث يعترينى إحساس بأن المجتمع فى حالة زار جماعى تختلط فيه الأجساد وتتصاعد معها حرارة الحمى والدروشه على صوت دفوف صارخة بإيقاع رتيب ممل خانق، فهناك من يخبط رأسه فى الحائط وهناك من يمارس الجنس مع ممسوسة بدعوى إخراج الجن من جسدها وهناك من يهتز على الأنغام وينزف بدون أن يتألم، ومحاولة رصد هذا الزار المحموم محاولة شبه مستحيلة ولكننا على الأقل نستطيع قياس النبض والحرارة لجسد المجتمع المحموم من خلال صفحة الحوادث والجرائم، لأننا إذا أنكرنا هذه الصفحه نكون كمن يقيس الحرارة بدون ترمومتر أو بمجرد وضع اليد على الجبهة، وأعتقد أن تحليل صفحات الحوادث هو بلغة الطب رسم قلب دقيق للمجتمع المصرى وأشعه مقطعيه لعقله وأحشائه من الداخل، وبالطبع سيقود كل ذلك إلى التشخيص السليم ومن ثم الحل السليم.
هل هى حوادث فردية؟
[وسيرد قارئ مستنكراً بأن هذه الحوادث هى مجرد حوادث فرديه، وأعتقد أننا إذا لهثنا وراء هذه الأخبار الشاذه والجرائم المستنكره وتراكمت فوق رؤوسنا تلال منها فنحن لسنا أمام حوادث فرديه وإنما أمام تيار عنف مريض وإحتجاج صامت وغليان داخلى، والعالم النفسى الكبير د.مصطفى سويف يرفض تعبير الحوادث الفرديه ويسميها "الحوادث ذات الدلاله"، وهى فى رأيه من الممكن أن تكون غير مسبوقه ولكن لأنها تقع فى سياق معين يكون لها معنى "المؤشر "و"النذير" و"النبؤه"، أى أنها تنذر بأننا على مشارف تيار من الجرائم يمثل تصعيداً على مستوى العنف أو التخطيط أو التنظيم أو الإستهداف أو أى بعد آخر من أبعاد السلوك الإجرامى وهى متعدده".
إنتهى تعليق د.سويف ولكن لم ينته طابور المعترضين على إستخدام صفحة الجرائم والحوادث كمقياس ومعيار، ولكن برغم كل الإعتراضات إلا أن أحداً لم ينكر غرابة وبشاعة ماتطالعنا به صحف الصباح من جرائم والتى حولت ليلنا كما يقول الكاتب سعد القرش"ليلنا خمر تختلط فيه دماء ضحايا وأطفال، بأموال مرتشين، وقوادين، وفاسدين، بأعراض أبرياء وبريئات وبائعات هوى بذمم ضاق بها أصحابها، فإتسعت بحجم ماتتعرض لإغراءات".
أنيميا التواصل
[أول مايلفت الإنتباه عند قراءة كف الوطن من خلال صفحة الجرائم إفتقاد الناس الحاد للحوار والتواصل، هناك زهق شديد وقرف مزمن، وأعصاب عارية مكشوفه فوق الجلد، وتحفز دائم، وعصبيه تبلغ درجة الهستيريا مع أدنى إنفعال، وبالبلدى الصريح "تلكيكه " للخناق والشجار والوصول بهذه المعركه إلى أقصاها حتى ولو كان القتل، وحتى لو كان هذا القتل لأعز الناس الأب والأم والأشقاء، فرابطة الدم لاتكبح جماح هذه الهستيريا، ولاأوامر الدين وتقاليد المجتمع تستطيع السيطرة على هذه التلاكيك، فالمجتمع يعانى من أنيميا حاده فى التواصل وجوع وفقر شديدين فى التحاور، ولذلك تزيد قوقعة الذات صلابة وسمكاً، ويبنى كل منا جداراً من الجرانيت حول نفسه مبطن من جميع الجهات بمرايا لانرى فيها إلا ذواتنا المتضخمه، لانرى البثور فى وجوهنا والتقيحات فى أرواحنا لأننا أدمنا الزيف والضحك على النفس، يعانى كل منا من الوحده حتى ولو كان فى مظاهره والعزله حتى ولو فى أحضان الحبيب، اللغه مبتوره واللسان أخرس والأعصاب مشدوده والغربه هى المصير المحتوم، مجتمعنا أصبح لايتواصل بل يتناحر، وفقد قدرته على الحوار ففقد معه الدفء فإفترسه البرد القارس والليل الموحش، وهذا هو الدليل وهذه هى القراءة الأولى لعينة عشوائيه من صحف الشهور الأخيره من عام 2000 وبدون ترتيب.
قراءة فى دفتر الأحوال
[*"الإبن العاق يشعل النار فى أمه ثم يحاول الإنتحار " هذا هو العنوان الذى طالعتنا به صحف 14 أغسطس والسبب هو الميراث، الأم تبلغ الستين من عمرها والإبن قضى خمسة عشر عاماً فى الخليج، عاد إلى قريته الزرقا بدمياط ليطالب بالميراث ويلح فى الطلب، نفذ صبره فسكب الكيروسين على جسد أمه أثناء نومها ثم أسرع بسكبه على أختيه اللتين أفلتتا من الموت بأعجوبه، ولفظت الأم أنفاسها وهى تقول "ربنا يسامحك ياصلاح"....ضحى صلاح بصلة الرحم بعد أن سرى فى شرايينه نفط الخليج ومياهه المالحة التى يزداد عطشاً كل من شرب منها.
-*"القتل عقوبة فسخ الخطبه" جريدة الخميس 17 أغسطس :العريس المشئوم خطب للمرة الثانية ولكن أهل خطيبته الأولى كانوا له بالمرصاد برغم أنهم كانوا السبب فى فشل الإرتباط الأول حيث تشاجرت حماته مع أمه فى الكوافير ليلة الدخله، إنتظره ثلاثة بلطجيه أرسلهم حماه القديم وأجبروه على إمضاء شيكات ثم قتلوه ولفوه فى حصيره....إنه الخوف الشديد من العنوسه والهلع الذى ينتاب الأهل حين تبلغ البنت الخامسه والعشرين دون أن يطلبها إبن الحلال، والهلع الأشد حين يتركها عريس الغفله، إنها حمى الإنتظار المر لإرتباط أوهى من خيط العنكبوت، والخوف من مرور قطار الزواج دون أن يقف على محطة البنت فيدهس القطار الجميع ويزفهم إلى المقابر والليمان.
-*"طالب هندسه يدعى إرتكابه جريمة قتل ليجبر والده على الموافقه على سفره للخارج" أهرام 15 سبتمبر : إنه شاب ورجل ولايستطيع مفاتحة والده فى موضوع السفر فيتحايل ويختار هذا الطريق الغريب لتنبيهه، إنها أنيميا التواصل وغياب الحوار وتحلل الصلة حتى بين الأب وإبنه، هما لايتقابلان إلا أمام التليفزيون الذى يساهم للأسف فى تعميق الفجوه وزيادة حدة الخرس الأسرى، إنها الوحدة داخل جدران البيت الواحد.
-*"زوج يضرب زوجته النكديه بونيه تودى بحياتها" الميدان 19 سبتمبر:هل كان هذا هو أول بوكس تتلقاه سميه محمد التى تعدت الأربعين ؟، بالطبع لا فقد لكمها زوجها من قبل حين تزوج عليها الزواج المصرى التقليدى والذى تهبط فيه الضره كالقضا المستعجل وبالبراشوت على رأس الزوجة المسكينه والتى تكون وقتها قد فقدت جمالها القديم وشاب شعرها وبدأت التردد على طبيب الروماتيزم، يهجرها الزوج بحجة أنها قد صارت نكديه ولايعرف أن النكد النسائى هو سلاح الإحتجاج الوحيد لدى المرأة الغلبانه فى مجتمع يتعامل فيه الرجل مع زوجته وكأنه يبدل الحذاء!
-*"مزارع فى أشمون يقتل عمته من أجل قالب طوب" الخميس 21 سبتمبر:ضربها بالفأس على رأسها لأنها رفضت إعارته قالب الطوب كى يكمل بناء القنطره، ماتت العمه وأصيب سبعة أشخاص، وقالب الطوب هذا هو ناتج تجريف أرض زراعية كانت فى الماضى أغلى من العرض، وهذا القتل هو نتيجة تجريف فى المشاعر جعلت الفأس يتكلم بدلاً من اللسان.
-*"عروس روض الفرج إنتحرت بسبب عشرة جنيهات" الجمهوريه 21 سبتمبر : طلبت الزوجه ناديه من زوجها الذى تزوجته منذ عام ونصف بعد طلاقه من زوجته الأولى، طلبت عشرة جنيهات لعلاج إبنه من مطلقته ولكنه رفض وأعطاها خمسة جنيهات، ونشبت بينهما مشاجرة إنتحرت على أثرها حرقاً بالكيروسين، وأنا مندهش من هذا الكم الذى ينتحر حرقاً بالكيروسين، فالحرق هو أبشع أساليب الإنتحار فهو أقصى أنواع التدمير الذى يقترفه إنسان فى جسده، ومن يرتكبه فهو يرسل رسالة أننى أريد بالفعل مغادرة هذا العالم نهائياً وبدون حتى أى ملامح ظاهره من جسدى فقد دمرته وإلتهمته النار.
- *وفى نفس هذا اليوم المشئوم 21 سبتمبر كتبت الوفد عن "رجل ينهال طعناً على جاره لأنهما إختلفا على ركن السياره"، والسياره للأسف لم تعد مجرد وسيلة إنتقال ولكنها فقدت هذه الوظيفه التى تعد تافهة فى الوقت الحالى بالنسبة للوظيفة الأهم وهى أنها رمز الصعود الإجتماعى كما يقول د.جلال أمين، فالماركه وسنة الصنع ومكان الصنع أيضاً فالمتجمع بأرض المحروسه غير مثيله وارد ألمانيا واليابان وبلاد العم سام، والزلمكه غير الشبح غير عيون صفيه غير مؤخرة الراقصه فلانه! وكلها على فكره أسماء للمرسيدس، وكل هذه العوامل تجعل السياره بالنسبة للشخص كالعلم بالنسبة للوطن لايجوز المساس بها فكرامتها من كرامة صاحبها، والركن هو هبة ممنوحه للعربيات الفاخرة أولاً، والمتبجح هو من يريد أن تعلو العين على الحاجب أو تعلو السيات على المرسيدس وتركن فى مكان أفضل منها، ولذلك أصبح ركن العربيات ساحة قتال تسفك فيها الدماء.
-*وفى أهرام اليوم التالى 22 سبتمبر طالعنا مانشيت "مشاجرة فى قرية النديبه بالبحيره بسبب لعب الأطفال لكرة القدم" وقد إستخدم فى هذه الخناقة الرهيبه الفئوس والكواريك مما نتج عنه مصرع أحد سكان هذه القريه، إنه بيان عسكرى صدر بسبب لعب العيال تحاور فيه الجميع بالفئوس التى بدلاً من أن تزرع وتحصد الخير والنماء زرعت الدم وحصدت الرقاب، ولكن من الظاهر أن الزراعه أصبحت عادة قديمة إنقرضت بسبب التجريف وإنتظار الفلاح لدخول أرضه كردون المدينه ويدخل معها كردون الملايين، فتفرغ الفلاحون لحل مشاكل لعب العيال بجرائم القتل.
-*"عامل يضرب الطفل الرضيع إبن زوجته الجديده ويكويه حتى الموت"أهرام 3 أكتوبر ترى ماذا كان يريد هذا الرجل الذى رفعه لأعلى و"هبده" على البلاط حتى هشم رأسه؟هل كان يريد تأديبه كما إدعى أمام النيابه ؟أم أنه كان يريد النوم مع زوجته بكل ماتحمل كلمة النوم من معانٍ ؟وهل يعمى الشبق العقل ويعطل المشاعر ؟ براءة الأطفال التى لايستطيع إنسان مهما بلغت قسوته إلا أن يلين أمامها ويهتز، لم يعرها هذا المجرم أدنى إهتمام، ألا يحق لنا أن نتساءل ماذا حدث دون أن نتهم بتلويث سمعة الوطن ونشر غسيلنا القذر إلى آخر هذه الإسطوانه المشروخه التى ملها الجميع ؟!
*-"جده تدعى أن حفيدها إغتصبها " أخبار 23 سبتمبر :ويتضح أنه بلاغ كيدى بسبب خلافات مع الحفيد، إلى هذا الحد بلغ التفسخ الأسرى وإنعدام الحوار والتفاهم بالحسنى والوصول إلى حلول وسط، وصار أسهل الحلول هو إدعاء الإغتصاب، وهو إدعاء يجد صدى كاسحاً فى مجتمع يدعى الشرف ويقصره على غشاء البكاره.
*-ومع إنتفاضة الأقصى وفى نفس يوم إندلاعها 28 سبتمبر" تاجر يقتل جاره فى قنا لخلاف على رش المياه فى الشارع " وهكذا ثبت كذب المقولة التى تقول أن الدم عمره مايبقى ميه!.
*-"محاولة قتل بسبب موتوسيكل "الوفد 26 سبتمبر:طعن الرجل نسيبه برقبة زجاجة مياه غازيه لأنه طلب موتوسيكله للنزهه، والنزهه تعنى المنظره، والمصاب لم يدرك أنه قبل أن يتنزه عليه أن يعرف أن الملكية الخاصة حتى ولو كانت موتوسيكل لاتمس، فالموتوسيكل هو بالنسبة لصاحبه ليس مجرد ركوبه ولكنه جزء من جسده فهل يستطيع أحد أن يجردك من قدمك مثلاً ؟بالطبع لا!
*-وفى أهرام 27 سبتمبر "موظف يقتل سمكرى بسبب ضوضاء لعب الأطفال"ومثلها فى أهرام 21 أكتوبر "جريمة قتل فى المنيب بسبب لعب الأطفال"، إنها الأعصاب العاريه عالية الفولت والتى تنفجر بمجرد توصيل التيار.
*-أما أبشع هذه الجرائم وأكثرها دراماتيكيه فهو مانشرته أهرام 24 سبتمبر عن المزارع الذى ذبح إبنه الأكبر فلذة كبده لأنه نثر الأتربة على ملابس شقيقه أثناء كنسه أمام بيته، وماكان من الأب عندما سمع عن هذا الفعل المشين إلا أن قام بفصل رأس الإبن عن جسده وألقاها أمام البيت لتكون عبرة لمن يجرؤ على تلويث الثياب !
*-وفى أهرام 28 سبتمبر "القبض على نجار بقليوب فقأ عين شقيقته " أما السبب فهو أنها تقيم معه بعد طلاقها لأنها بلامأوى، وبالطبع إتهم محمد عزمى أخته نظله40 سنه بأنها سيئة السلوك لكى يعلل جريمته التى إنتهت بتقرير طبيب الإستقبال الذى يقول"إنفجار فى مقلة العين اليسرى وخروج محتويات العين الداخليه بالإضافة إلى جروح وكدمات"، وهكذا بدلاً من أن يضعها الشقيق فى عينه طلع عينها !
الجرائم العبثيه
[*-وفى أخبار 28 سبتمبر وفى نفس الصفحه ثلاثة جرائم من النوع العبثى الثقيل أولها "مزارع يحدث عاهه برأس جاره لخلاف على الرى "، والثانيه"مزارع يضرب رأس جاره بالفأس لخلافهما على المرور فى الطريق الفاصل بين حقليهما"، والثالثه"طعن بائع متجول زميله بمطواه للخلاف على مكان البيع"، والجرائم الثلاثه كان من الممكن أن تحل بمجرد كلمه أو طبطبه أو مصافحه تؤدى للصفح، ولكننا فى مجتمعنا فقدنا فضيلة التسامح والصفح وأصبحنا مجتمع "روحه فى مناخيره" كقنبلة البارود التى ترقد على بركان.
*-وطالعتنا أهرام 30 سبتمبر بالأب الذى يطلق النار على إبنه لأنه طلب منه فلوس !، الأب لمزيد من المعلومات رجل أعمال وصاحب مستشفى.
*-"يهشمان رأس جارهما بالشوم بسبب تسرب المياه" هكذا نشرت وفد 8 أكتوبر هذه الجريمه التى إنتقلت من مكانها الطبيعى وهو ورشة السباك إلى سراى النيابه !
*-"مصرع صاحب محل أحذية فى سوهاج بسبب الخلاف على المحل"الأهرام 11 أكتوبر.
*-وفى وفد 15 اكتوبر كان المحصول اكثر وفرة، فهاهو عاطل فى الوراق يقتل صديقه فى جلسة عتاب ومن عتاب الكلمات إلى عتاب المطاوى وكانت النهاية فى مشرحة مستشفى إمبابه العام، أما فى الفيوم فقد أشعل عاطل النار فى شقة طالبه لرفضها الزواج منه، وسنجد وصف عاطل كثيراً فى صفحة الحوادث وهذا ماسنتحدث عنه فى حلقة خاصة، والمهم أن الأسرة معذورة فى الرفض والعاطل معذور فى العشم فليس هو أول العاطلين ولاآخرهم فالطابور طويل وممتد بمساحة المحروسة كلها، والبنت صغيرة وتسمع وتشاهد مايبثه تليفزيون الرياده الإعلاميه عن دريم لاند وبيفرلى هيلز وهما بالمناسبه فركة كعب من الفيوم، ولكن أخانا الذى فى البطاله لديه رغبة متأججه ويد قصيره وعين غير بصيره فماذا يفعل!
*-ونعود إلى القتل بسبب إزعاج الجيران ففى أهرام 16 أكتوبر نطالع هذا المانشيت "أشغال شاقة سبع سنوات لشاب قتل صديقه فى مشاجرة بسبب إزعاج جيرانه" وقد طلب الصديق من صديقه أن يخفض صوته من أجل الجيران، إذن الصديق الأول رجل مهذب ولكن عندما مارس الصديق الثانى الغلاسه تحول الأول إلى وحش مجنون فقد إنطلق إلى مسكنه بسرعة الصاروخ وإستل سكيناً وطعن به الصديق الغلس، إن إنسان الكهف الخاضع لغرائزه يرقد أحياناً تحت قناع الأدب الجم ويعربد بشراسه فى جنبات الروح ويطعن حتى أعز الأصدقاء.
[*-أما وفد 18 اكتوبر ففيه الزوجه تشعل النار ولكن هذه المرة لاتشعلها فى نفسها وإنما فى زوجها وأيضاً بالكيروسين !، وصل مستشفى الباجور أنور فهمى عوض 26 عاماً مصاباً بحروق من الدرجة الثالثه ولم يكن يتصور أن تصل حدة الخلافات الزوجيه لمسألة الحرق، إنه زواج محروق منذ البداية فلاداعى للدهشة إذا نفذ الحريق بجد.
*-وكما أحرقت الزوجة الزوج، فقد إنتقم جنس الرجال لكرامتهم وألقى زوج بزوجته من الطابق الخامس بسبب المصروف، هذا ماذكرته أهرام 20 أكتوبر، ساميه انور شاكر التى تهشمت جمجمتها لاتعرف ان زوجها مبارك يوسف القاطن فى أسيوط يعتبر أن يوم قبض المرتب أتعس يوم فى الشهر فالمفروض عليه كسبع البيت ان يلبى الطلبات ولكن الحكومة التى تعامله كفأر البيت تصر على وضعه فى هذا الكورنر كل شهر، وتظل أزمة المصروف تطل بوجهها القبيح فى الأول من تاريخه وتستعصى على الحل وأتحدى وزير الماليه أن يرتب ميزانية البيت المصرى طبقاً للمرتب المصرى بدون ان يتناول علبة مهدئ كاملة وحتماً سيفشل.
*-وبعد لعب الأزواج الخطر نعود للعب الأطفال المزعج والذى يقود الأسر هذه الأيام لزنازين السجون، فى أهرام 22 أكتوبر عاطل أطلق الرصاص على صديقه بالمنيب بعد مشاجرة بسبب لعب الأطفال، وهنا اصبح البمب يفجر الكوارث، ونط البصله يفلت الأعصاب، والإستغمايه تخفى الحقيقة وتعمى الحكمة.
-وفى جريدة الأسبوع 23 أكتوبر شحته يعذب طفله عمرها عامان ويحرقها ثم يلقى بجثتها فى القمامه، والطفله إبنة زوجته أميره بائعة المناديل الورقيه فى إشارات المرور، والتى تبتلعها مدينة الإسكندرية فى شوارعها المتشعبة كل ليل، وكل ليل أيضاً يقتنص شحته رزقها الشحيح وجسدها الذى أكلته الأنيميا ويودعها بشخيره الصارخ، وماتت الطفلة ياسمين التى لاتملك أمها إلا حرية التفنن فى إطلاق الأسماء، فالأسماء هى السلعة الوحيدة فى وطننا العزيز اللى ببلاش وفى متناول الجميع فالأم أميره بالرغم من أنها صعلوكه والطفلة ياسمين إلا أنها نمت وترعرعت على ضفاف المجارى!
جبل الجليد يطفو فوق محيط الدم
[**وهكذا إختفى قاموس التفاهم وإدفع بالتى هى أحسن والعفو عند المقدرة ومايصحش وعيب ده أد ابوك وإختشى والدم مايبقاش ميه وعمر الظفر مايطلع من اللحم........ إلى آخر هذه العبارات التى تم صكها وصياغتها فى زمن غير الزمن، ومازال جبل الجليد طافياً لايظهر منه إلاقمته البارده الهادئه أما القاع ففيه كل الثقل وكل الكوارث وكل المصائب، ومازال فى الجعبة المزيد الذى سنستعرضه الأسبوع القادم إن شاء الله وإن شاءت الحكومه!!!
يتبع