كتَّاب إيلاف

قراءة فى دفتر أحوال الوطن (2/3)

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كنت قد كتبت هذه المقالات منذ عدة سنوات وحفظتها فى الدرج ولم أنشرها فى موقع" إيلاف "، وأعتقد أنه قد آن الحلقة الأولى الأوان لنشرها وقراءة هذه الجرائم القديمة برؤية جديدة، فالجرائم هى نفس الجرائم، والوطن هو نفس الوطن، واليأس هو نفس اليأس، فدعونا ندخل السيرك ونقرأ ملامح الوطن من تحت ماكياج البهلوانات.

جرائم الفقر الدكر
*للكاتب نجيب محفوظ قصة قصيرة بعنوان "الجريمه"، فى نهايتها يدور حوار عبقرى بين بطل القصة وأحد ضباط الشرطه يسأله فيه الضابط بإستخفاف قائلاً:
"-ماواجبنا فى رأيك ؟
-واجبكم أن تحققوا العداله.
*-لا بل واجبنا هو حفظ الأمن
-وهل يحفظ الأمن بإهدار العداله.
-وربما بإهدار جميع القيم!
- تفكيرك هو اللعنة.
-هل تخيلت مايمكن أن يقع لو حققنا العداله؟
- سيقع عاجلاً أو آجلاً
- فكر طويلاً، بلا مثالية كاذبة، قبل أن تكتب تقريرك، ماذا ستكتب؟
- سأكتب أن جميع القيم مهدره ولكن الأمن مستتب!!

إنتهى الحوار بهذه الجملة التى تحمل بصمة نجيب محفوظ التى تنفذ إلى أعماق الأعماق، والتى تلخص لنا فى نفس الوقت الصراع الأبدى بين العدالة والأمن، ويطرح السؤال الصعب والمحرج وهو هل لابد بالضرورة من أن يترجم الأمن مفهوم العدل وأن يكون تطبيقاً أميناً له؟، وأعتقد أن الإجابة فى أحيان كثيرة هى لا، ليس بالضرورة أن يكون الحفاظ على الأمن هو تطبيق للعدل، فأحياناً يكون الحفاظ على الأمن هو مجرد حفاظ على إستقرار زائف يغلى تحت سطحه ظلم فادح، وأحياناً أخرى يصبح الأمن تنفيذاً حرفياً أعمى لنصوص قانونية باردة أو مجرد ترجمة حرفية لها بدون النظر لروح هذاالقانون وهدفه، وهنا يتفوق الروتين والبنود والحيثيات وينتصر الأمن الذى لابد أن يلى ويتبع العدل لاالعكس، فالمفروض أن يأتى العدل أولاً ثم يستتب الأمن.

كله تمام يافندم.
[وعندنا فى مصر تقديس قديم لعبارة كله تمام يافندم، وكله بالقانون، ولكن ماهو التمام وماهو القانونى ؟لايهم، هذا يتوقف على مفهوم التمام والقانونى ومن أى زاوية ننظر إليهما، فكل الألفاظ عندنا "دوبل فاس" وذات وجهين وكلنا نتذكر عبارة الرئيس الراحل أنور السادات الشهيره التى قال فيها"حأفرمهم بالديمقراطيه"!، ومثلما تستطيع الديمقراطية أن تفرم فالأمن من الممكن أن يسلق والعداله من الممكن أن تشوى، وعلى الجميع أن يلتهم الطبخه، وكما تذكرنا جملة السادات الخالده سنتذكر أيضاً "جان فالجان" بطل رواية البؤساء للكاتب الفرنسى فيكتور هوجو والتى تجسد لنا كم يظلم التطبيق الحرفى لمفهوم الأمن بعض الناس الذين وضعوا وراء الأسوار، وكان الأحرى أن يوضع المجتمع بأسره وفى المقدمة مسئولوه خلف هذه الأسوار، فجان فالجان سرق رغيف خبز، كان جائعاً ومجتمعه لم يكتم صرخة جوعه ويسد رمقه فإضطر لسرقة هذا الرغيف، ومن ساعتها أطلق عليه وصف المجرم وطاردته يد العدالة، وإحتار الناس ومن بينهم القراء هل هذا الرجل مجرم ؟أم أن الفقر هو المجرم الحقيقى والفاعل المستتر ؟، الفقر الذى قال عنه على بن أبى طالب "لو كان الفقر رجلاً لقتلته "، وأوقف عمر بن الخطاب حد السرقة بسببه فى عام الرماده، والذى أظن أننا نعيشه كثيراً تحت مسميات أخرى أكثر شياكه مثل عام زيادة التضخم أو عام الكساد وقلة السيوله!!، وهنا وفى هذه المنطقة تقع جرائم الفقر وجرائم التطلعات التى يصنعها المجتمع ككل قبل أفراده.

الإنتحار فقراً
[فى أهرام 29 سبتمبر يطالعنا هذا المانشيت "شاب يشنق نفسه لمروره بضائقة مالية "، إن هذا الشاب بإجماع الأئمة كافر، ولكن الجوع أيضاً وبإجماع "اللى مش أئمة "كافر هو الآخر، فالمدعو عبد الله سلطان أحمد الذى يبلغ من العمر 43 عاماً صدق أكذوبة الكفاح والعرق والقطاع العام الذى هو عصب الدولة، ونسى أنه لم يعد عصبها بل أصبح يثير أعصابها فباعته وباعت معه أمثال عم عبد الله سلطان الذى كان يعمل فى إحدى قلاع الصناعة شبرا الخيمه، وقد كشفت التحريات عن أن المجنى عليه كان يمر بضائقة مالية فقام بشنق نفسه فى سقف حجرة النوم، وأعتقد أنه لم يكن لحجرة النوم بديل لأن شقته فى الأصل هى حجرة نوم فقط !، المهم أنه عندما ذهبت زوجته لإخباره بالحضور للإفطار الذى هو بالطبع فول ومشتقاته وارد مواقد الزباله وليس بالطبع حدائق كاليفورنيا، وجدته الزوجة مشنوقاً، فقامت بمساعدة أقربائه بنقل الجثة ودفنها بالمقابر دون أخذ تصريح دفن، وخيراً فعلت فهى تخاف من تشريح الجثة فالرجل مش ناقص بهدله فتكفى بهدلته فى الدنيا، وهكذا مات عامل شبرا الخيمه بدون شهادة وفاه وأعتقد أنكم تسألون معى وهو كان عمل إيه بشهادة الميلاد ؟!
إنه الفقر والذى نحت له لمصريون وصفاً فى منتهى البلاغة وهو الفقر الدكر، أى الفقر الذى يتفاخر بفحولته على البسطاء والغلابه، الفقر البلطجى الذى يفرض أتاوه على كل من رماه حظه التعس فى صندوق الطبقات الدنيا الطبقات الخرساء، الفقر الفاجر الذى يغتصب كرامة الرجال ويمتهن رجولتهم ويقزم احلامهم فتصير مجرد كسرة خبز أو مكان فى ميكروباص أو دورة مياه أفرنجى أو ركن فى مقابر الصدقه، هم أبناء الهامش وأصدقاء اليأس بإعتراف المجتمع وإرادة الدوله مع سبق الإصرار والترصد.
[وقد إسترعت أحوال هؤلاء الناس نظر علماء الإقتصاد والإجتماع ومنهم د.جلال أمين الذى كتب قائلاً "من الظواهر السيئة عودة المتسولين بكثرة إلى الشوارع، والتضاعف السريع فى عدد من يبيعون على قارعة الطريق كميات تافهة من سلع أكثر تفاهة، هم شباب قويو البنية رغم مايبدو عليهم من مظاهر سوء التغذية، الأسوأ من هذا مايبدو من عودة الإنقسام الحديدى بين طبقات المجتمع، وإنتشار روح اليأس من إمكانية العبور من طبقة لأخرى، والمذلة التى أصبحت تطبع سلوك عدد متزايد من أفراد الطبقة الدنيا إزاء الطبقات العليا، فنحن جميعاً نسمع فى كل خطوة من ينادينا ياباشا دن أن نكون بالطبع كذلك، كل مافى الأمر أنه مع عودة ذلك الإنقسام الحديدى بين الناس، أدى التضخم فى أسعار كل شئ إلا سعر العمل الإنسانى، إلى أن تتحول البيه القديم إلى باشا دون أى وجه حق".

الإحتراق بنار الفقر
[وكما تحول الأفندى والبيه إلى باشا وملك على ألسنة مواطنى الهامش، فقد تحولت الأجساد التى تحوى هذه الألسنة إلى رماد من خلال النار والتى سبق أن قلنا انها أبشع أنواع الإنتحار فهى قرار تدمير قبل أن يكون قرار موت، فهو بالحرق يخفى معالمه كما إختفت معالم وملامح حياته المره والصعبه بل والمستحيله، إنها أقصى لحظات اليأس التى دفعت هشام سعد عبد السيد 30 سنه إلى الإنتحار، وكانت أهرام 1 أكتوبر قد نشرت قصته وملخصها انه بعد أن فشل فى الحصول على فرصة عمل لمدة أربع سنوات قرر وبمنتهى الهدوء والثقه أن يشترى بآخر خمسة جنيهات يمتلكها عبوة بنزين، سكبها على جسده وملابسه وأشعل النيران فى نفسه إلى أن تفحمت جثته، ووصل مستشفى الخازندار بحروق من الدرجة الثالثة، أى أنه عاش إبن الدرجه الثالثه ومات فى نفس الدرجه!، وقد قالت الأم فى التحقيق إنها لوكانت قد عرفت بنية إبنها فى الانتحار لقدمت حياتها فداء له، والمدهش أن الأم لاتعرف أن حياتها مثل حياة إبنها لاتساوى فى دنيا البيزنس مليماً أحمر.
[وكما إنتحر إبن المدارس نتيجة للبطاله، فقد إنتحر ميكانيكى عين شمس نتيجة للضائقة المالية (وفد 26 سبتمبر) وهو فى نفس السن 30 سنه وإنتحر بنفس الطريقه، الحرق المتعمد ابو درجه ثالثه، أما سايس الإسكندريه مصطفى محمد 41 سنه والذى نشرت قصته وفد 18 أكتوبر فقد إنتحر بنفس الطريقة السابقه الحرق مع سبق الإصرار والترصد، ولكنه لم ينتحر فى بيته ولكن فى مكان عمله بجراج سيدى جابر، والملاحظ فى الحالات الثلاث أن أصحابها شباب أو هكذا يطلقون عليهم، ولكن الحقيقه انه مع الفقر لايوجد شباب بل هى شيخوخة مزمنه توهن الروح قبل الجسد وتشيب معها الإراده وتتحلل الكرامه ويفقد الأمل الذاكره!
[وبماأن كلمة ضائقه ماليه أصبحت القاسم المشترك الأعظم فى معظم حوادث الإنتحار الفردى فإنها قد إحتلت مقدمة الصوره أيضاً فى حوادث الإنتحار الأسرى، فهاهو مزارع يذبح زوجته بملوى بالمنيا، وطبقاً للتفاصيل التى نشرتها أهرام 5 نوفمبر، فقد ذبح الزوج صالح بهادر 31 عاماً زوجته منى حسين 25 عاماً وإنهال عليها طعناً فى الرقبة والصدر بعد حياة زوجية دامت خمس سنوات، أما السبب فهى الملعونه الضائقه الماليه التى إضطر الزوج بسببها التصرف فى مصاغ زوجته لحل مشكلته، وعندما إعترضت الزوجه تبادلا السباب وتطور الأمر إلى القتل ذبحاً، ثم حاول الزوج الإنتحار بقطع شرايين اليد ولكن زوجة عمه أنقذته من الموت.
إنتهت تفاصيل القصه الداميه ولكن هل إنتهى الفقر الدكر ؟وهل قبضنا عليه ؟وهل عرفنا ملامحه ؟أظن أننا نحفظ ملامحه عن ظهر قلب ولكننا إبتلينا فى عصر الفقر الدكر ببلوة أخرى وهى الطناش الدكر !

ماهى ملامح الفقر الدكر؟
[[لوحة الفقر فى مصر لاترسمها الفرشاة والألوان بل ترسمها الأرقام والإحصائيات التى تجسده لنا دراكيولا الذى يغرس أنيابه فى أحشاء المصريين فيتركهم هياكل عظميه لاحول لها ولاقوه، فالفقر عندنا ليس دكراً فقط بل هو فقر "دقه" أى خلاصة الفقر وعصارته وشوربته التى مازالت بخيرها!، وهذا ماتثبته لنا الأرقام ففى آخر تقرير دولى أصدرته منظمة الأغذيه والزراعه التابعة للأمم المتحده أشار إلى أن 52% من المصريين يقعون تحت خط الفقر بمفهوم متوسط إستهلاك البروتين الحيوانى الذى يقل عن 23 جراماً يومياً بالمقارنة مع المتوسط العالمى وهو39 جراماً يومياً، أمابمفهوم دخل الفرد فالباحث د. نادر فرجانى له رأى آخر فى دراسته المنشوره عام 1998، فهو يتبنى تعريف البنك الدولى للفقير وهو من قل دخله عن دولار فى اليوم، وبهذا التعريف يصنفهم د.فرجانى إلى 94% من سكان الريف و80% من سكان المدن هم من الفقراء، لأن دخل عائلاتهم يقل عن 500 جنيه شهرياً (أى بمعدل خمسة دولارات فى اليوم للعائلة المكونه من خمسة أفراد)، أى أن الفقر فى مصر يتميز بثلاث صفات وهو أنه دكر ودقه ومدقع وأنا أعرف تفسير الأول والثانى ولكنى لاأعرف الثالث، ولكن من المؤكد ان الواقفين فى طابور العيش والسكر والجاز يعرفون المعنى جيداً ولايحتاجون إلى اللجوء لمجمع اللغة العربيه لمعرفة المعنى فالفقر المدقع يعيش بينهم كأحد أفراد الأسره يقاسمهم حتى رغيف العيش غير المحسن!
[والفقر المدقع تلخصه لنا حكاية فجر وتشرح لنا لماذا لجأ لسرقة العربيات ؟، تحكى لنا جريدة الأسبوع عدد 23 أكتوبر عن فجر وهو إسم الشهره لعصام متولى 32 سنه والذى كون عصابة لسرقة السيارات تمكنت من سرقة 30 سياره خلال خمسة أشهر، وفجر هو نموذج للكثيرين من "يكملون عشاهم نوم " كما يقول المثل، فقد ظل يبحث عن عمل إلى أن وجد ضالته فى بوفيه أحد المستشفيات بمرتب ثلاثة جنيهات فى اليوم، ورضى فجر بهذه القروش القليله لأنه مطالب بإطعام تسعة أفواه منهم أمه وثمانية أشقاء، وعندما أراد إكمال نصف دينه بالزواج فكر فى مشروع عشه أمام المستشفى تسمى بالبلدى "نصبه" لعمل الشاى وتقديمه للزوار، وحاربه زملاء البوفيه القدامى لأنه ينافسهم فى الرزق، وصمد فجر رغبة فى الكسب الحلال ولكن القدر كان له بالمرصاد، فقد إنفجر فى وجهه الوابور وتشوه وجهه وأصبح مصدر رعب للزبائن، وهداه تفكيره إلى سرقة السيارات التى تنتظر أمام المستشفى، وهكذا لم يعد أمام فجر إلا أن يعيش فى الظلام، أما من المسئول عن ذلك؟ فذلك هو السؤال الذى يحتاج إلى إجابة، وهل بالقبض على فجر تحقق العدل أم إستتب الأمن ؟أم أن الجانى الحقيقى مازال طليقاً يعربد فى الطرقات ؟؟؟

فلذات الأكباد تباع فى المزاد
[ وإذا كان الفقر فى بعض الأحيان قد دفع البعض إلى بيع كلاهم ودمائهم وجلودهم، فإننا لم نتوقع أبداً أن يضطرهم لبيع فلذات أكبادهم، فالأمومه كما تعلمنا هى غريزة حتى فى الحيوانات فهل إستطاع الفقر أن يغتال حتى الغريزه ؟!، نعم إستطاع وتحققت نبؤة الكاتب يوسف القعيد فى روايته شكاوى المصرى الفصيح وأتى قرر بطلها المعدم أن يبيع أولاده فى ميدان التحرير، وهكذا تجاوز الواقع خيال المبدعين وإستيقظت مصر على مانشيت مأساوى لأهرام 4 أكتوبر عن الأم التى باعت طفلتها منذ ثلاث سنوات ووليدها منذ سبعة أشهر، والأم هى قصة متكرره لإمرأة مصريه شعبيه تتلطم فى زواجها مثلها مثل آلاف غيرها، تزوجت ثلاث مرات ولاحظوا أن عمرها مازال 21 عاماً، لم تنجب من زواجها الأول وأنجبت من الثاني آيه ومن الثالث حاتم، وتكشفت خيوط القصه حين تقدمت الأم رشا عبد الخالق ببلاغ ضد سعاد عبد الرحمن الشهيره بأم خربوش، تطالب فيه بإبنها لذى تركته للمربيه التى تساومها على خمسمائة جنيه، وتتضح الحقيقه فقد باعت الأم حاتم لقاء 1500 جنيه ومن قبله آيه لقاء نصف الثمن السابق، وقد عللت أم خربوش فعلتها بأنها تنتشل هؤلاء الأبناء من هوة الفقر التى لاقرار لها علشان تطلعهم على وش الدنيا، والمدهش أن أم خربوش وأتى تعمل فى دار أيتام قد باعت من قبل 15 طفلاً فى سوق النخاسه الجديده، إنه كابوس أسود ولكن منذ متى كان لأمثال هؤلاء أحلام ورديه؟!

[وكما كانت عبارة ضائقه ماليه هى مفتاح السر فى كثير من لحوادث والجرائم، فإن صفة عاطل هى مدانة أيضاً وتتحمل مسئولية الكثير من انهار الدماء، ففى حوادث كثيره مما ذكرنا من قبل كان الجانى عاطلاً، والعاطل رجل مشلول متعطل الكرامه، يحس ان الجميع يدينه ويسخر منه، يملأه شعور بالقهر والخزى كلما مد يده طالباً المساعده، إنه درجة أدنى من المتسول لأن المتسول لايحس مع مد اليد بأى مهانه على عكس العاطل الذى يمثل قنبلة موقوتة فى كل بيت مصرى، وهو نوع من البشر سهل الإستفزاز والإنقياد لتنفيذ الجرائم، ويكفى أن تنظر لوفد 25 أكتوبر والمانشيت الذى يقول "عاطل ينهال بسنجه على عامل لخلاف على أسبقية تغيير أنبوبة البوتاجاز "، أما فى وفد 30 أكتوبر فقد لقى عاطل مصرعه فى مشاجرة بالبساتين مع صاحب محل تليفونات محموله، اما السبب فهو الخلاف على بنطلون كان قد إقترضه امجنى عليه من صديق المتهم.

[والبطاله هى الإيدز المصرى الذى ينخر فى جهاز المناعه الوطنى وينشر السوس فى جهاز القيم والأخلاقيات، فالمتعطل شاب يملك طاقة وأملاً، وعندما تخمد تلك الطاقة بدش من اليأس والإحباط يولد العنف والصدر الضيق والغضب المكبوت، والأرقام مذهله ومفزعه ونحن نورد هنا أرقاماً قديمه لابد على القارئ أن يضيف إليها طوابير الخريجين الجدد والمطرودين الحداثى من ضحايا الخصخصه، وفى تصريح لوزير القوى العامله فى منتصف التسعينات وبالتحديد فى أهرام 9/11/1994 قال إن نسبة البطاله بين خريجى الشهادات المتوسطه 87% وهى نسبة مفزعه يزيد من قتامتها مانراه من مظاهرات بشريه خارجة من مدارس الدبلومات التجاريه والصناعيه والزراعيه التى أسميها دبلومات الوهم، والتى إخترعتها الحكومة السنيه لتخدير الأسر المصريه ببانجو الوهم التعليمى لكى يصرح بعدها وزير التعليم "الحمد لله عملنا اللى علينا والباقى على ربنا".
[وإذا نحينا الأرقام الرسميه جانباً وقرأنا تقرير التنميه البشريه 1995 لوجدنا أن نسبة البطاله فى محافظه مثل الوادى الجديد بلغت 32% وفى حضر الدقهليه 20% وفى ريف أسوان 25%، وهذا معناه أن هؤلاء الشباب لم يعد أمامهم إلا طريق البانجو أو التطرف أو إنتظار طارق علام كل رمضان والحصول على جوائز إريال وبرسيل!!، وتجعلنا هذه الأرقام وغيرها من إحصائيات الضائقه الإقتصاديه وخلل توزيع الثروه، كلها تجعل من مثل هذه المانشيتات التى تملأ صفحات الحوادث شيئاً عادياً وغير مستنكر.

يتبع

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف