الحجاب.. يُشيّء المرأة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الفعل يُشيّء على وزن يفـَعّل، ويُشيّء بضم الياء الاولى وفتح الشين وكسر الياء الثانية مع تشديدها كما تعلمناه باللغة العربية يعني يجعله شيئا جمادا ويعامله معاملة الاشياء المادية الاخرى المتداولة كالمال والذهب والأكل والخشب والحديد والاحذية والملابس والتراب..الخ.
حتما سوف يحتج على مقالتي كل من يرى للحجاب قدسية الشريعة الاسلامية، وكالعادة سوف يقذفون علي كلماتهم العنيفة بما يساوي حجم الوهم والعقد المتراكمة عبر سنين الكبت والقهر الاجتماعي والسياسي الذي يحملون، لكننا مللنا مجاملة الموهومين والراغبين بالعودة الى الوراء او الحالمين بعودة الزمن الى زمن الدعوة الاسلامية..
وبما انها حرب فكرية بين السير نحو الامام او الرجوع الى الوراء، فلابد من ان يقول المرء ما بنفسه خاصة وان الصراع محتدم هذه الايام حيث يتصدى أئمة الجوامع ومن لف لفهم لكلمة شجاعة قالها وزير الثقافة المصري بنقد الحجاب، وسياتي اليوم الذي يكون به الف وزير يقول هذا الكلام وستأتي الانفجارات تباعا لما بقلوب الناس من غضب ٍ على الدينصورات التي تريدنا ان ننقرض معها وتنقرض كل احلامنا كشعوب طامحة للانعتاق والحرية والكرامة التي تحققها ابسط حقوق الانسان المحروم منها الانسان العربي غالبا.
ان الحجاب الذي يغطي المرأة ليخبئها يعلن بكل وضوح انها ملك محرز لرجل ما، رجل يملكها، قد يكون الاب او الزوج او الاخ او اي رجل اخر.. وبانها شيء مادي لا احساس له ولايملك العقل ليتصرف بما يناسبه، لهذا يخبئونه كي لايتم سرقته وافتراسه. مما يعطي المرأة احساسا بالماسوشية وبالضعف كشاة ضعيفة قابلة للافتراسhellip;
وان دافعت بعض النسوة عنه وقلن انه باختيارهن وانه يشعرهن بالامان، فقد اثبتت احداث كثيرة عدم صحة ذلك حيث تعرضن للمهاجمة والمضايقة من قبل بعض الشباب رغم حجابهن، وقد تطلع علينا بين الفينة والاخرى ممثلة او اعلامية عربية لتشرح لنا هدايتها وبانها وجدت نفسها في هذه الخرقة التي يطلق عليها الحجاب، مالئة وجهها بالالوان والمساحيق بعد ان شبعت من عمليات التجميل والتشفيط طامعة بشهرة اخرى استثنائية ليس عن طريق الفن والاعلام الهزيل، انما عن طريق رجال الدين وائمة الجوامع الذين يعتبرونها قدوة يضربون بها المثل كالشيخ القرضاوي الذي يخرج علينا مدافعا عن الحجاب بقوله :(طوال الزمن الاسلامي لم تخرج امرأة مسلمة كاشفة راسها الا بفترة الاستعمار حيث اسفرت النساء وها نحن نعود للصحوة الاسلامية ليتكاثر الحجاب بين صفوف النساء)..
لقد نسي الشيخ القرضاوي ان زمن الصحوة الاسلامية الذي يتحدث عنه هو الزمن الذي اتى بالقتل والخراب والتدمير وخراب القيم والعقول وصار قتل الانسان واستباحة ارواح البشر وحقوقهم من اسهل الامور على مدعي الاسلام وحاملي راية العودة للزمن الاسلامي الاول..
لا ادري هل ان الشيخ القرضاوي لايرى اشلاء الاطفال المقطعة على مساحات واسعة من الخريطة العربية بسبب مايسميه الصحوة الاسلامية؟ وهل هو لم ير فقدان الامان في كل انحاء العالم بسبب من جنون بعض المراهقين المغسولة ادمغتهم بدعوى هذه الصحوة القاتلة ؟ حتى اصبح الموت متوقعا في طائرة ركاب ابرياء او قطار يحمل المئات من الغافلين او في مطعم يضج بعمال متعبين من عناء يوم شاق، كما انه ينسى ان رغبته بالعودة للزمن الاسلامي تعني الغاء كل اساليب ووسائل الحضارة التي اتى بها العلم لاسعاد الناس ورفاهيتهم، فماذا اتت الصحوة الاسلامية به لاسعاد الناس رغم ان كل الديانات من المفترض انها جاءت لسعادة البشرية لا الى قتلها وتخريب بنائها ؟ فهل ان دعاة الصحوة الاسلامية حقا هم من الاسلام بشيء؟ وهل يرضى الله كل ما يشيعونه من ثقافة الموت ودفع المراهقين له؟
أم ان مايطرحه الشيخ القرضاوي من عودة للزمن الاسلامي لا يتعلق الا بما يخص حرية المرأة وكيانها والا فهل هو مستعد ان يتخلى عن السيارات التي صنعتها دول الاستعمار ؟او يتخلى عن السفر بالطائرة؟وهل يذهب للحج على ناقة أو بعير كما كان يفعل المسلمون في الزمن الاسلامي؟
وهل يستطيع احد هؤلاء الذين يملأون الجوامع صراخا ان يتخلى عن التكييف في عز الصيف؟ او يتخلى عن الاجهزة الكهربائية المنزلية التي لم ينعم بها لا نبي الأمة ولا المسلمون الاوائل؟
لماذا يريد الشيخ القرضاوي من المرأة فقط العودة للزمن الاسلامي لوحدها والابقاء على نفس التقاليد والعادات الاسلامية في حين نرى ان الرجل قد ارتدى لباسا اخر ومارس حياة حضارية اخرى والقى بملابس المسلمين الاوائل منذ زمن طويل ليرتدي الملابس الغربية في اغلب بلدان الاسلام دونما نرى له اي نقد؟
سيقول لنا انه شرع الله وانه مقدس واننا سنحاسب عليه يوم القيامة. وهذا ديدن المتاسلمين الذين خربوا حيواتنا، فحينما لايتمكنون من قدرتهم على اقناعنا بالعقل والعلم تعللوا بالمقدس الجامد وتركوا المنطق الفعال المتحرك وفي قلوبهم يرددون بعصبية الرافض للفكر الاخر: مَن تمنطق تزندق..
فهل ننتظر بعد ذلك اي تطور في بلداننا المستعمرة من قبل ديكتاتوريات وعقول مناقضة للحياة وحركة الطبيعة؟ وماذا ننتظر مع السعي الجاد لمن نسميهم علماء الدين للدفع الى إغماض أعيننا عما يجري في العالم من حركة وتغيير حتمي لابد وان نتقبله ونسير معه لا ان نبقى متشبثين بموتنا بحجة الثوابت والمقدسات؟
Email:balkis8@gmail.com