علمانيون/ محافظون: محاربون عبثيون!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تكاد تطغى الكتابات الليبرالية والعلمانية على الاقلام الدينية في العالم العربي والاسلامي. ولا يقلل ذلك من الجهد المضني الذي يبذله اصحاب النزعة الدينية لنشر مقالاتهم في كل مكان.
لكني الاحظ خلطا كبيرا لدى كتاب النزعة الليبرالية، عندما تتداخل الخطوط في كتاباتهم بين معاداة الاسلاميين المتشددين ومعاداة الاسلام نفسه.
فعلى سبيل المثال، اقرأ الكثير من المقالات الليبرالية التي تتحدث عن الحجاب بصورة سلبية. فأجدها لا تتحدث عن المحجبة ذاتها بل عن الحجاب. أي انها لا تتحدث عن المسلمة المتحجبة، بل عن الاسلام نفسه. فيخلطون ما بين انتقاد المرأة المحجبة وانتقاد الحجاب نفسه.
بالمثل عند الحديث عن ظاهرة التطرف الديني. الخطأ هو في التطرف نفسه وفي المتطرفين الاسلاميين لا في الاسلام نفسه.
في حين ان دور الكاتب، سواء كان علمانيا ام ليبراليا، ليس نقد الدين، او تصيد مواقع الضعف والقوة فيه، بل انتقاد السلوك الخاطئ لبعض المسلمين.
هناك صحوة دينية قوية، او كما يسميها الكاتب الامريكي صامويل هنتنجتنون عملية "انبعاث" ديني. وهو يبرر ذلك بأن الاسلام يعطي هوية لابناءه، حتى لأولئك الذين يأخذون بالنموذج الغربي في تطلعاتهم.
ويمكن ان ننظر الى الكثير من النماذج في هذا المجال، من اندونيسيا التي دمجت افكارا وقوانين اسلامية في نظامها العلماني، الى تونس التي دخل اسم الله في كل خطبة لرئيسها، مرورا بتركيا العلمانية التي اصبح الحجاب فيها علامة لافتة.
بل ازيد على ذلك واقول ان العودة الى الدين هي ظاهرة تكاد تكون في العالم ككل، من مسيحييه الى هندوسه. ولو كان الحجاب جزءا من تعاليم المسيحية على سبيل المثال، لوجدنا شوارع اوروبا تمتلئ بالكثير من الاوروبيات المحجبات.
عليه اقول ان كانت هناك صحوة دينية اسلامية، او "انبعاث اسلامي" فليس من الحكمة تشويه صورة هذا الانبعاث، عبر كلمات لا تستهدف اكثر من اثارة وقتية.
الأولى ان يحاول اصحاب الرأي، الليبرالي والعلماني، توجيه رأيهم الى ضمان ان لا تخرج هذه الصحوة عن الخط الذي ينبغي ان تسير عليه. اي أن لا تسير في اتجاه خاطئ، فتتحول من صحوة دينية الى فوضى دينية.
يقول الليبراليون ان هناك من قد يستغل هذه الصحوة الاسلامية لمآرب اخرى، سياسية وعسكرية وتدميرية ايضا، لكني اقول في الوقت ذاته انه يجب ان ننظر الى النصف المملوء من الكأس، فاذا كان هناك من احد قد يستغل الصحوة، فهناك من هو قادر بالمثل على استغلال الاغماءة.
لا يجب ان نقف ضد هذه الصحوة ان سارت وفق نهج اسلامي معتدل. لأن ذلك من صالحنا جميعا، ليبراليون ومحافظون. بل انه افضل لتنظيم علاقاتنا بالاديان والثقافات الاخرى التي يجب ان ترى الجانب المضيء منا.
علينا اذا ان نكيف خطابنا لضمان ان تسير هذه الصحوة الى الهدف الذي يجب ان تنتهي اليه، لا التقريع والتهجم على بعضنا او على الدين نفسه بلا طائل.