الحكومات العربية وتجربة الإمارات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكن أن نرى من أربع إلى خمس سيارات أمام منزل مواطن إماراتي يعمل ويفكر كما يريد في وطن وفر له كل شئ من صندوق دعم الزواج حتى فرص العمل وثم المشاركة السياسية، بينما لا يستطيع مواطن عربي في بلد عربي آخر أن يشتري حمارا يربطه أمام غرفته، علما أن بلاده غنية بالثروات مثل الإمارات، وإذا تمكن من شراء الحمار عليه أن يحضر له رخصة من خمسين فرع مخابرات خشية أن يكون الحمار متمردا ويرفس بطريقة مخالفة للقوانين!
تعززت فكرة تصدير الديمقراطية من الغرب إلى العالم العربي مع إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن، التي اعتقدت أنه يمكنها تصدير الديمقراطية التي تعيشها إلى دول الشرق الأوسط كما لو كانت تصدّر الطماطم أو البطاطا، في حين راحت حكومات عربية تعبر يوميا أثناء الاستيقاظ من النوم وقبل اللجوء إلى الفراش عن إدانتها لمحاولات فرض الديمقراطية والقيم الغربية على المجتمع العربي "الذي له تراثه الخاص وقيمه الخاصة جدا التي لا يمكن تغييرها مقابل المبادئ والقيم القادمة من الغرب".
من حق هذه الحكومات أن تعلن الخوف على مجتمعاتها من قيم غربية معينة، ولكن لماذا لم تقدم على الاستفادة من تجارب حكومات عربية أخرى لم تجلب الديمقراطية من الغرب وإنما بدأت بالاصلاح والنهوض المجتمعي والمعرفي واحترام حقوق الإنسان بمبادرة ذاتية ودون ضغوط دولية مثل المغرب والبحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة؟
حديثا وعد رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بالمضي في مسيرة تقدم تدريجي في اتجاه انتخابات مباشرة في الامارات التي تشهد انتخابات برلمانية جزئية في ديسمبر/كانون الاول المقبل. وقال في حديث لصحيفة "الشرق الاوسط" التي تصدر في لندن ان الاقتراع الجزئي في الامارات و"التدرج في الانتخابات" يهدف الى "تهيئة البيئة واستكمال الاسس القانونية اللازمة لاجراء انتخابات شاملة ومباشرة".
تتمتع دولة الإمارات بعلاقات قوية مع دول العالم الكبرى وفي مقدمتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ولاضغوط عليها من هذه الدول، ورغم ذلك فإنها تقيم الإنتخابات وتوسع المشاركة السياسية. هذه الدولة وفرت الرخاء الاقتصادي لشعبها ووفرت لهم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المستقرة، ولم تدخل في حروب مع جيرانها.
انظروا إلى المواطن الإماراتي.. لماذا لا يغترب هذا المواطن ويسافر؟ ببساطة لأن وطنه وفر له كل شئ وجعله يشعر أنه يعيش في وطن حقيقي. لماذا يسافر أبناء بلدان عربية أخرى وأحيانا لا يرجع الواحد منهم إلى بلده إلا بعد سنوات طويلة علما أن لدى بلده من الثروات ما هو موجود لدى الإمارات؟ ببساطة لأنه مسحوق مذلول وفقير لم يعثر على فرصة عمل أو حياة يمكن أن نصنفها أنها إنسانية "وفق معايير الأمم المتحدة ".
بناء عليه، سيبقى سؤالنا مشروعا : إذا كانت بعض الحكومات العربية ترفض الديمقراطية الغربية فلماذا لا تحاول الاستفادة من تجارب عربية رائدة: تجربة المغرب مثلا في معالجة ملف حقوق الإنسان، تجربة البحرين في المشاركة وإدخال الاصلاحات، تجربة الكويت في الحريات الصحفية، تجربة الإمارات في النهوض الاقتصادي والعمراني وتحقيق رفاهية المواطن وتوسيع المشاركة السياسية إلخ..
وأخيرا، توجد بلدان عربية عديدة دوختنا وهي تصرخ منذ قرون في الثقافة والفكر والوطنية والقومية وتقول تعالوا وشاهدوا ما لدينا من مثقفين ومفكرين ومنظرين وحركات فكرية وتيارات إيديولوجية. لكن دولة مثل موريتانيا، التي لم نسمع منها خطابات من أي نوع، سبقت هذه الدول في إجراء انتخابات نزيهة.. لماذا؟ سؤال آخر برسم تفكير الكثيرين يضاف إلى السؤال أعلاه لماذا لم تتطلع هذه الدول إلى تجربة الإماراتيين وتنهل منها؟
hnayyouf@hotmail.com