الأصوليون وامتهان المرأة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس من عادتي مناقشة الأصوليين لقناعتي بعدم الجدوى؛ فمن أغلق صندوق عقله من زواياه الستة ما أبصر الضوء قط. ولا عرف البحث العلمي إلا مهاوشة ورفعا للعقيرة. ولكن ما سمعته من أحدهم أخرجني عن طوري وأنا الحليم. قال الرجل نقلا عن شيخه الشعراوي إن النساء ليس فقط ناقصات عقل ودين بل ليس فيهن عقل ودين؟! وهكذا فبناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأمهات المؤمنين وخديجة الكبرى وزينب الصغرى يدخلن جميعا في هذه الخانة المشبوهة. قلت للطبيبة بل لقد وضعك أحدهم في حديث مشبوه بين الشياطين والكلاب والحمير؟ وهو حديث اعترضت عليه السيدة عائشة منذ أيام النبي، ومثله تلك النصوص المشبوهة عن مكان لقاء النساء في النار مثل نقط اللقاء في المطارات. وهي نصوص تهدم الأساس القرآني جملة وتفصيلا رواها من رواها..
وأنا استفدت من محمد إقبال قوله أن تراثنا في معظمه كتب في ظروف مشبوهة. وهو ما استنهض علماؤنا سابقا ليغربلوا الحديث ويصنفوه، ومنه رد الحديث المتهاوي عقليا؛ تحت بند علم الحديث دراية..
شعرت بالحرج والإهانة ثلاث مرات: الكذب على رسول الرحمة. ولأنني أب لخمس بنات. ولأن الكلام كان موجها لطبيبة ممتازة تؤدي عملها أفضل من الأصولي، فينطق بالدين ونصوصه كل جاهل ومتعصب؛ متذرعا بنصوص مشبوهة، مدعومة بزعيق جيد، طالما كانت ثخانة الحبال الصوتية أعمق في الحجة، وأفضل في الأداء، وأسرع في القضاء على كل ذي لب وفطنة.
التفت للأخت مواسيا وقلت خذي الهدية. وكان تعليقي آية من القرآن:" ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب". انظر كيف يفترون على الله الكذب؟ وهذه الآية مكررة في القرآن على نحو ملحوظ، ولم أكن أتفطن لمعناها حتى اشتبكت مع الأصوليين ،في أكثر من مجلس ومكان، والبارحة اعترض أحدهم على زوجتي وهي التي لم يبرز من وجهها سوى عيناها قال تستري؟؟ تعجبت وظنت أن الكلام لغيرها، فلما تأكدت من الرجل أنه يهاجمها أجابت ببراءة وكيف؟ قال غطي عينيك؟؟ لذا نصح البعض بعدم الرد عليهم بالعربية بل استعمال اللغة الإنجليزية، وأنا شخصيا أفضل الألمانية فهي أغرب لكنة وأنا فيها أكثر تمكنا. وهذه القصة ليس لها نهاية، وعدوان هذه الفئة ليس له حد، ورسالته للمرأة أن لا تبرح مخدعها فهو أقرب إلى الله مجلسا؟ وعندما كانت زوجتي مغطاة الوجه اعترض أحدهم ليرشدها أن (الأنف) مجسم وأن غطاء واحدا للوجه لا يكفي؟
وهذه القصص أسجلها للتاريخ حتى يمكن أن توضع في كتب موسوعات الفكاهة الدولية.. لولا أننا ما زلنا نكتوي بآثارها المرضية، وينتشر وباء العنف معها بالكلمة والسلاح والتفجيرات.
ألا ساء ما يحكمون
وفي يوم روى لي صديقي طبيب البولية؛ أن أحد الأصوليين طارد زوجته ليقول لها تنبهي لحقيبة كتفك؟ تعجبت من أريحيته؟ وسألته: شكرا وكيف؟؟ أجاب الفحل: إنه يجسّم كتفيك؟ وهنا ينطلق الخيال في محاولة لفهم معادلة عالية في الرياضيات، كيف طارد الرجل وتصور وتخيل (التجسيم في الكتف) لو لم يكن قد تصور المرأة في خياله السقيم تماما، ليعرف الكتف من العنق، من باقي أماكن الجسم.
وفي يوم كانت ابنتي في زيارتي؛ فأحبت التعرف على حقيقة ما يروى؟ حتى كان حظها مع من هجم علينا، واقتحم سيارتي، ومنعني من التحرك لأنه اكتشف أن ابنتي تلبس بنطالا تحت العباءة، ولنتصور كم أتعب الرجل نفسه للتأكد فالاقتحام والعدوانية.. إنها فصول من كتاب الفافوش في أحكام قراقوش؟
وجودت سعيد عندما سمع مني بعض هذه القصص قال: إنهم مثل الثدي الضامر عند الرجل بالنسبة للعالم الإسلامي ، وموضة الصحوة الإسلامية في حقيقتها ظلام جديد يغلف قدر العالم الإسلامي، والفكر العنفي ينتشر في أندنوسيا وجزر المالديف وكيبك في كندا حتى جزيرة سخالين وباتاغونيا، فالأمر جد وليس هزلا. ولقد كتبت يوما بحثا ممتعا عن خرافة الدولة الإسلامية، وأن كل الظلم في التاريخ تمت ممارسته باسم الدين، مما جعل كارل ماركس يطلق قولته عن الكنيسة وفعلها في أوربا أنه أفيون الشعوب. ويعلن نيتشه موت الإله.
وفي بلد ثوري عربي كان رجل الدين يؤسس للطاغية، في الوقت الذي كان أحدهم ينام في الزنزانة الإفرادية سبع عشرة عاما، مثل توماسو كامبانيلا في العصور الوسطى في سجون محاكم التفتيش؟
وهذا الكلام كله يفيدنا في فهم التطورات التاريخية، وأن محاكم التفتيش التي تخلصت منها أوربا، بدأت عملها عندنا، وأصبح لها مؤسسات تبنى على مدار الساعة، بقدر فروع المخابرات، من كل فاكهة زوجان: من المؤسسة الدينية والأمنية، بدءً من المهد إلى اللحد، فحتى القبر ازدحم بعناصر المخابرات مسلحين بكل أدوات التعذيب جاهزين لإكمال إزهاق الروح بعد أن زهقت فعلا.