كتَّاب إيلاف

لا تصالح ياوزير الثقافة على جثة الثقافة وإن قلدوك الوزارة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

*سؤال إلى فاروق حسنى : هل هى لجنة ثقافة دينية أم محكمة تفتيش كهنوتية ؟!
*تشكيل اللجنة هو تقديم كفن الثقافة هرباً من الثأر وطلباً للصفح !
*هل سينضم إلى اللجنة الشيخ عمر عبد الرحمن الحاصل على دكتوراه الأزهر أم المفتى صاحب فتوى تحريم التماثيل أم عمر هاشم القائل بأن الحجاب أمن قومى؟!

[ من حق وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى أن يخرج من مأزقه مع مجلس الشعب، ولكن مأزق فاروق حسنى له فرعان مثل نهر النيل، الفرع الأول شخصى، والثانى ثقافى، ولايصح أن يحل مأزقه الشخصى على حساب الثقافى، ولجنة الثقافة الدينية التى شكلها الوزير الفنان هى صيغة توفيقية تلفيقية لحل مشكلة تصريحات الحجاب، وتغليب للمصلحة الشخصية على المصلحة الثقافية.
[ ليس المطلوب من فاروق حسنى أن يكون هرقل أو شمشون الجبار يحارب وحده فى البرية، وهو فى موقفه الذى أعلنه ولم يتراجع عنه برغم أنه كان حديثاً تليفونياً غير مسجل من السهل تكذيبه والتملص منه، أثبت أنه أكثر الوزراء المصريين جدعنة، فالوزير المصرى يكذب الصحفى المصرى ويبيعه فى أول حارة حتى ولو كان الكلام مسجلاً على كاسيت !، ونعرف جميعاً أن الكل وطنى وإخوان باعوه، والجميع منتخبون ومعينون ذبحوه قرباناً لدوائرهم وأصوات ناخبيهم، ولكن قطاعاً كبيراً من المثقفين حتى المختلفين معه ساندوه وآزروه فى معركته مع القمع تحت ستار الدين، وكان لابد أن يستغل الوزير خوف المثقفين على أسس الدولة المدنية، وتكاتفهم معه ضد بيزنس الدين، لكى يجعل من المعركة المفتعلة ساحة لطرح سؤال حاسم وحيوى ومصيرى وهو :هل مصر دولة دينية أم دولة مدنية ؟، ولكنه للأسف سارع بتقديم الكفن الثقافى حتى يطلب الصفح ويهرب من الثأر !، وقرر تشكيل لجنة ثقافة دينية بعد عشرين سنة فى الوزارة لم يتنبه فيها الوزير أو الوزارة إلى أهمية هذه اللجنة المصونة.
[ الكارثة أن تشكيل هذه اللجنة جاء بعد مناورة ذكية من الوزير إطمئن بعدها إلى أن الأمن مستتب وكرسى الوزارة ثابت ليس من التيفال حتى لايلتصق به الوزير، بل على العكس قرر إنشاء اللجنة بعد هدوء غبار المعركة والحصول على رضا نواب الحزب الوطنى فى إجتماع معهم فى الحزب، وبعد الصفح عنه من جانب المرشد فى تصريح فى برنامج "العاشرة مساء " وتسامح القيادى البارز د.عبد المنعم أبو الفتوح معه ووعده بعدم تصعيد الموقف، وأعتقد أن قرون الإستشعار الإخوانية قد أحست بأن الحرب ضد الوزير خاسرة ولذلك أخذها الإخوانجية من قاصرها وقالوا تيجى مننا مش منهم وأهى تبقى بجميله !، وهنا مربط الفرس، لماذا تبرعت من تلقاء نفسك بهذا الإجراء الذى لم يطلبه منك أحد، ولم يجبرك عليه أحد ؟، لماذا وضعت رقبتك ورقبتنا تحت مقصلة الكهنوت ؟، لماذا إستضفت تنين الوصاية الدينية على الفكر والإبداع فى بيتك وهو أساساً لم يطلب الدخول من الباب ؟، لماذا أيقظت أهل الكهف من سباتهم العميق فتصيبهم صدمة الحداثة بعد أن دفعتهم فجأة وبلامقدمات إلى داخل وادى السليكون وهم لايعرفون إلا ظلمات مغارة الكتب الصفراوية والأفكار الصحراوية ؟، بالطبع سيكون رد الفعل هستيرياً سادياً مدمراً.
[ أعرف أن مجلس الشعب تبرع من قبلك سيادة الوزير بأن يقدم رقبته إلى مقصلة الكهنة، ويعرض قوانين مدنية ذات طابع غير دينى على رجال الدين، فقد تبرع من تلقاء نفسه بعرض قوانين مثل قوانين الإيجارات الزراعية والسكنية وزرع الأعضاء...الخ على الشيوخ، ليه وعلشان إيه ؟..ماحدش عارف ولافاهم، ولم تثمر هذه التبرعات البرلمانية وإستخدام رجال الدين كمحلل شرعى إلا عن مزيد من اللخبطة والتأجيل والتعطيل، ولكن وبرغم معرفتنا بهذا الإتجاه من البرلمان إلا أننا كنا نثق بأنك مختلف، ونأمل فى أن تكون قادراً على إفهام الجميع بأنك تشرف على نشاط مختلف وهو النشاط الثقافى الإبداعى، فهو نشاط رحب وجدلى وليست له مثل هذه الحدود الحادة والألوان الصريحة، نشاط خاضع ومتقبل لإختلاف وجهات النظر، وليس فيه هذه الفرمانات الفقهية، ولايقاس فقط بالمازورة الأخلاقية، وهو علامات إستفهام ثائرة مؤرقة أكثر منه إجابات مسكنة مخدرة، هو بإختصار نشاط خارج النص ومغرد خارج السرب ولايستطيع أن ينمو بروح القطيع وحتماً يختنق إذا تعرض لدخان القهر والقمع وسكن بين جدران خرسانية سابقة التجهيز، فهو يحتفظ بحيويته عندما يسكن بيتاً بلاجدران أو سقف، عندما يسكن حقل الحياة المتسع اللانهائى ملتحفاً بألوان الطيف السبعة.
[ هناك عدة أسئلة تطرح نفسها على خلفية تشكيل هذه اللجنة الغامضة، أولها لماذا هذه اللجنة أساساً وماهى طبيعة وحدود عملها ؟، هل هى لوضع خطاب دينى جديد أم لمراقبة الإصدارات الدينية ؟، وهل وضع خطاب دينى جديد يحتاج إلى لجنة وزارة أم إلى تكاتف دولة بتعليمها وإعلامها أولاً ؟؟، وهل ستقبل تلك اللجنة كتباً أو دراسات تجديد الخطاب الدينى أم ستعتبرها خروجاً عن الدين والملة وإنكاراً للمعلوم من الدين بالضرورة ؟، وهل ستقبل اللجنة أن تضم فى عضويتها جمال البنا وسعيد العشماوى والقمنى مثلاً ؟، وقبل أن يجيب الوزير عن تلك الأسئلة لابد أن يضع فى إعتباره تلك الإعتبارات فى التعامل مع قضية إشراك رجال الدين فى الرقابة الثقافية.
أولاً : نقل القضايا الثقافية من خانة الصواب والخطأ إلى خانة الحرام والحلال هو من أخطر المصائب على الحياة الثقافية، وهجر التفتيش فى الكتب والقواميس والمعاجم إلى التفتيش فى النوايا والضمائر هو كارثة محدقة بكل المبدعين والمفكرين، ووأد لثقافة الإختلاف وتكريس لثقافة النمطية والباترون الجاهز والبشر الفوتوكوبى، ورجال الدين ينطلقون من مفهوم الشمولية وأن كل كتاب أو رواية أو فيلم لا يخضع لمقاسات فهمهم وكتالوج عقولهم هو خروج ومروق عن الخط الدينى المرسوم، وهذا الخروج فى العرف الثقافى يعتبر وجهة نظر، ولكنه فى العرف الدينى ردة وكفر.
ثانياً : طرحت فى تصريحاتك أن اللجنة مشكلة من رجال الدين أو المرجعيات الدينية الموثوق فيها، والسؤال هل الموثوق فيهم من ناحية فهم كتب الفقه هم نفس الموثوق فيهم من ناحية فهم الإبداعات الثقافية المختلفة ؟!، وإذا إعتمدنا على شهادة الأزهر كصك إعتراف بمصداقية تلك المرجعية الدينية أين يذهب إجتهاد عمر عبد الرحمن أليس حاصلاً على الدكتوراه من الأزهر ؟!، وإذا قلت لنا أنا أتحدث عن العلماء الأجلاء الرسميين، أرد عليك وأقول أليس الدكتور على جمعة المفتى الرسمى خالص قوى جداً هو صاحب فتوى تحريم التماثيل والحمل الذى مدته أربع سنوات، وأليس أحمد عمر هاشم هو القائل بأن الحجاب قضية أمن قومى ؟!، ياسيادة الوزير لابد أن تقتنع بأن أرضية التفكير ومنهجه ليست مشتركة بين المبدع ورجل الدين، ولايصح أن يكون الشيخ أو القسيس أو الحاخام وصياً على فكر المبدع، ولو فعلت ذلك فإنك كمن يقيس مساحة الأرض بالكيلوجرام، ويزن البضاعة بالسنتيمتر !.
ثالثاً : التعامل مع الثقافة الدينية على أنها من إحتكار رجال يعيشون فى جيتو منعزل، يصدرون صكوك الغفران، هم الوحيدون الفاهمون للدين، هو تعامل سطحى محفوف بالمخاطر، فالدين غير الفقه، الدين مفهوم وبسيط وسهل وفى متناول الجميع أو كما كان يقول بسطاء المحروسة ربك رب قلوب والدين المعاملة، أما الفقه ومعادلاته فهو تلغيز للدين وجعله محتكراً ومصادراً لصالح من يريدون أن ينصبوا من أنفسهم وسطاء فى دين أهم مافيه أن علاقة الرب بعبده بلاوسيط، والدين لايعرف كلمة الوكيل الوحيد، وإذا قال لك رجال هذه اللجنة أنه يكفى أن نتبع الإسلام فقط وستصبح وزارة ثقافتك عظيمة بمجرد هذا الإكتفاء، فالرد حاضر وهو أن الإسلام أصبح الآن إسلامات، فأى فكر فيهم سينقذ وزارة الثقافة، هل هو إسلام حسن الترابى أم إسلام عمر عبد الرحمن أم مهاتير محمد أم الخمينى أم بن باز ؟.
رابعاً : الكتب الدينية بالفعل لها مسار رقابى محدد ومعروف، فلماذا تتبرع برقابة زيادة على البيعه ؟، هى ناقصة رقابات وجهات مصادرة، وإذا كنت تنشد المساهمة فى تجديد الفهم والخطاب الدينى، فساهم من خلال خطة محددة بالكتب المستنيرة وأنت فعلتها من قبل فى إصدار أول عام من مكتبة الأسرة، وأيضاً من خلال قصور الثقافة وهى سلاح خطير فى معركة التخلف لو أحسن إستخدامها بمسارحها وقاعات عرضها السينمائية ومكتباتها وجاليريهاتها، ولتسأل نفسك سؤالاً صريحاً قبل أن تقدم على مثل هذه الخطوة، هل ستوافق تلك اللجنة على كتاب الحجاب للعشماوى أو البنا أو إقبال بركه، أو كتاب الإسلام وأصول الحكم ؟، ولن أتحدث عن السماح بروايات صنع الله إبراهيم أو القعيد أو أشعار نزار وأدونيس أو أفلام خالد يوسف....الخ، أرجوك وأتوسل إليك ألا تصالح كما قال أمل دنقل، لا تصالح ولو قلدوك الوزارة، لاتصالح ياوزير الثقافة على جثة الثقافة.

*ياأهل "البيت بيتك "..القرآن كتاب هداية وليس كبسولة أنتى بيوتك !.
* الحاجة فوقية تشفى السرطان بالقرآن، وتجلس على نفس مقعد فتحى سرور !
[ إرتكب برنامج "البيت بيتك " الأسبوع الماضى جريمة لاتغتفر فى حق العقل المصرى، فقد إستضاف الصديق الإعلامى محمود سعد سيدة إسمها الحاجة "فوقية " تدعى أنها تعالج بالقرآن، وظل معها قرابة الثلث ساعة فى حديث تحكى فيه الست فوقية عن صولاتها وجولاتها فى عالم العلاج بالقرآن، وكيف أنها تشفى العليل الغلبان من الفسفوسة حتى السرطان، والكارثة أن عديداً من المغسول عقولهم حكوا عن قدرات الست فوقية فى فقرة إعلانية عن التخريف والتزييف، أما مكان إستضافة الست فوقية فهو ديكور الفى آى بى، والمقعد الذى جلست عليه الست فوقيه هو نفس المقعد الذى جلس عليه رئيس مجلس الشعب والوزراء وكبار العقول المصرية فى حلقات رمضان، وهاتفنى فريق الإعداد من أجل مداخلة إستغرقت نصف دقيقة قبل الماتش، كنت غاضباً فيها من الست فوقية التى مكانها الطبيعى سجن القناطر وليس إستوديو ماسبيرو، وكنت غاضباً أكثر من ضيوف البرنامج وبينهم أساتذتى الذين أعتز بهم والذين أمسكوا العصا من المنتصف وقالوا جميعاً إنهم مصدقينها ولكن، وأنا أعتقد إن "لكن" و"إذ ربما"...إلى آخر هذه المماينات هى اللى ضيعتنا فى مناقشة مثل هذه التخاريف، والحمد لله أننى لم أحضر اللقاء الثانى لمناقشة الموضوع، لأننى كنت سأصاب بإرتفاع ضغط الدم وجميع الأمراض المزمنة، فالشيخ ظل يتحدث ثلاثة أرباع الوقت ولاحد فاهم منه حاجة، والفرصة المتاحة للرأى الآخر محدودة، وبالطبع لن يسمح البرنامج للرأى العلمى الجاد أن يحضر وحيداً ولنفس المدة وفى نفس الديكور الفخم لكى يشرح وجهة نظره متكاملة وليست نتفاً أو شذرات من رأيه، وأنا أرى أن مثل هذه المسائل لابد أن تناقش بحسم ووضوح وليس بأسلوب الجدل أو ال DEBATE أو التوك شو، فأنا أصبحت واثقاً من أن هذا الأسلوب عقيم وفاشل فى مصر فى مثل هذه الموضوعات ، والمصيبة أن البسطاء وأيضاً معظم المتعلمين لايستمع إلا لوجهة نظره وينتقى من الجدل مايطمئنه ويتحمس له، وأحياناً يصاب بالصمم ويترجم مايقال على الشاشة إلى وجهة نظره الشخصية حتى ولو كان ماقيل عكسه تماماً، وهذا ماحدث لى ونزل على كالصاعقة وكان كالكوميديا السوداء، فبعد هجومى على ظاهرة الحاجة فوقية بيومين فوجئت بالحلاق يهنئنى بحرارة قائلاً " يسلم فمك على اللى قلته فى البيت بيتك..دافعت عن الست الغلبانة الحاجة فوقية..حد يقدر ينكر إن القرآن بيعالج السرطان "!!، أقسم لكم أن هذا حدث ولا هزار فيه، خبطت كفاً على كف وقلت "الظاهر مافيش فايده..إنت ياعم خالد بتؤذن فى مالطه "، ولو الإعلاميين يعرفوا بيعملوا إيه فى مخ الناس من أجل السخونة الإعلامية ولو على حساب العقل والمنطق ومصلحة البلد كانوا حسبوها ألف مرة، ياجماعه القرآن كتاب هداية وليس كبسولات أنتى بيوتك أو حقن مضادة للحساسية، ولاينتقص منه أنه ليس أجزاخانة، إننا ننتهك قدسية القرآن بمثل هذه الخزعبلات، وعلى فكرة ياأنصار الحاجة فوقية..محلول الجفاف أبو ربع جنيه بتاع العلم اللى بتكرهوه هو الذى أنقذ الأطفال وليس الحاجة فوقية، والجدرى وشلل الأطفال والطاعون دخلوا متحف التاريخ بسبب العلم الذى تشمتون فيه وتسبونه ليل نهار، وسيدخل معهم نفس المتحف قريباً السرطان وفيروس سى ولكن بشرط المنهج العلمى وليس منهج الحاجة فوقيه، أرجو من الأصدقاء الأعزاء أسرة البيت بيتك الناجحة أن تتأنى وتتروى فى مثل هذه القنابل الإعلامية، لأنها فى النهاية قنابل عنقودية ستحرقنا جميعاً، ونابالم سيشوه عقولنا اللى مش ناقصه غيبوبة.
khmontasser2001@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف