حزب الله: حرب ولاية الفقية على لبنان التنوع والعروبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس "حزب الله" مجرد نتظيم سياسي لبناني. انه جزء من منظومة النظام الايراني، وقياداته في لبنان تأتمر مباشرة بالقيادة الايرانية، و مرجعها الاول ولي الفقية السيد علي خامنئي المعتبر انه معصوم، و بالتالي فإنه يملك القرار الاول و الاخير بالنسبة الى تنظيم حزب الله في لبنان. و على الرغم من الشعبية الواسعة التي يتمتع بها الحزب في البيئة الشيعية اللبنانية، فإن العديد من المراقبين يرون ان الـتأثير هذا مرده الى سنوات طويلة من الدعم و الحماية و التعزيز التي نالها من النظام السوري خلال حقبة احتلاله لبنان، فضلا عن الدعم المالي الهائل المقدر بعدة بلايين من الدولارات نالها الحزب مما مكنه من ابناء منظومة ثقافية - اجتماعية اخترقت عمق المجتمع الشيعي اللبناني في وقت كان فيه شريك "حزب الله" اللدود "حركة امل" و رئيسها نبيه بري يقتحمان الادارة الرسمية اللبنانية و ماليتها العامة بأكثر من عشرين الف موظف جرى استخدام معظمهم خارج معايير الكفاءة، و بضخ اموال ضخمة من المشاريع العامة تحول قسم كبير منها عن وجهته المعلنة ليضخم ثروات خاصة لم تتجشم عناء اخفاء وضعها المستجد.
بالعودة الى "حزب الله" المتمتع بزخم شعبي شيعي كبير، فإنه مع ذلك بقي و يبقى حزبا فئويا يمثل قسما و ان كبيرا من شريحة لبنانية. و لكن هذه الشريحة تتشكل ايضا من رأي عام آخر صامت لا يجد نفسه في مشروع حزب الله بتماهيه مع اجندة النظام الايراني، و انخراطه في حروبه نيابة عنه، و آخر هذه الحروب حرب تموز 2006 التي شمنها حزب الله ضد ارادة اللبنانيين، و ورط فيها بلدا بأكمله مع النتائج الكارثية التي تمخضت عنها. و الحق ان معظم اللبنانيين على الرغم من اعتبارهم اسرائيل مسوؤلة عن تدمير لبنان، فإنهم يحملون في الوقت عينه، و بنفس الدرجة "حزب الله" مسوؤلية الحرب المدمرة، ويؤمنون ان "الانتصار الالهي" الذي ادعاه الحزب بنهاية الحرب، لم يكن سوى محاولة لإسكات الاصوات المعترضة داخل الطائفة الشيعية من ناحية، و حداً وضع لمنع بقية اللبنانيين من اجراء محاسبة سياسية كانت اكثر من ضرورية. و لجعل القضية قضية دينية الالهية غير خاضعة لمراجعة او سؤال من البشر العاديين: ألم يقل احد نواب حزب الله في خطاب شهير : ان حزب الله ليس حزبيا آدميا، انه حزب إلالهي؟
على مستوى آخر يمكن القول ان اللبنانيين يعرفون تمام المعرفة ان الازمة الحالية في لبنان، و الناجمة عن قيام "حزب الله" بمحاولة انقلاب مبرمجة في محاولة للسيطرة عليه و اعادة الاحتلال السوري، و زج لبنان ضمن منظومة "ولاية الفقية" الايرانية، يمثل ذروة ارتداد سلاح الحزب غير الشرعي اصلا من المواجهة مع اسرائيل الى مواجهة مع الداخل متنوع، يقبل بالتعايش مع ما يمثله "حزب الله" لكنه لا و لن يقبل ان يسيطر هذا الحزب عليه، او ان يغير من طبيعة لبنان كما يحاول اليوم عبر محاولته الانقلابية. والحال ان هذا الحزب من خلال سلوكياته للهيمنة على بقية مكونات لبنان الاجتماعية والطائفية و المذهبية، و لا سيما منذ ان اطلق اعتصامه في وسط العاصمة بيروت، بدأ يثير حساسيات التنوع المذهبي اللبناني الى حد خطير. فالتظاهرات السيّارة الاستفزازية في احياء عاصمة معظم ابنائها من السنة و المسيحيين، و نمط الشعارات المهينة التي ترفع في حق قادة البلاد الآخرين، و تعطيل الحياة العامة في المدينة و بقية البلاد، من شأنها ان استمرت ان تؤدي على المدى المتوسط الى صدام محتوم بين "حزب الله" ومعظم اللبنانيين من سنة و دروز و مسيحيين في بيروت و خارجها. و هذا ما يجب تداركه سريعا في ظل تنامي الاعتقاد ان الانقلاب هو انقلاب "حزب الله" النتظيم الشيعي الفئوي، و ان شركاءه مثل العماد ميشال المنهار في بيئته، ليسوا سوى واجهات هشة تخفي انياب "حزب الله". و من هنا يسود هذا الشعور في لبنان بان المشكلة مع مشروع حزب " ولي الفقية" في لبنان هي مشكلة ثقافية، اجتماعية، تتعلق بنظام القيم بمقدار ما هي سياسية، و تمس جوهر لبنان، و نمط العيش القائم فيه منذ مئات السنين.
ان "حزب الله" يقيم دولة فوق الدولة، و جيشا فوق الجيش الشرعي، و يكدس السلاح الذي بدأ اللبنانيون يشعرون ان وجهته تحولت الى الداخل، و هو يعمل على تغيير وجه لبنان، و على تحريف معنى وجوده القائم على التوازن بين مجموعة اقليات. و ثمة من يعتقد ان قادته اما انهم لا يعرفون هذا البلد الصغير و لكن الشديد التعقيد، اوانهم حقيقة جزء من نظام يأتمرون به تماما. وفي الحالتين فإنه يستحيل على بقية اللبنانيين العيش تحت سقف واحد مع هذا المشروع المخيف.
في مطلق الاحوال، ان ما يجري في لبنان، هو حرب على الاستقلال اللبناني يشنه النظامان السوري و الايراني. و مجابهة هذه الحرب عربيا لا يمكن ان تبقى لفظية عندما يكون السيد علي خامنئي يلعب بدماء العرب من العراق( شيعة و سنة) الى فلسطين مرورا بلبنان و سوريا.
أما آن للعرب ان يقفوا بوجه هذا الخطر الوجودي عليهم من المحيط الى الخيلج.