كتَّاب إيلاف

شكرا للطائفة الاصولية..!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أبدأ مقالي بتقديم الشكر الى انصار الطائفة الاصولية. الأصولية الدينية والفكرية.
فقد وفروا علي جهد اختيار ما يجب ان اقرأ وما لا اقرأ. مدركا ان كل، او لنقل معظم، ما يسفهون وينتقدون من كتب هي في الواقع اعمال تستحق التقدير الى درجة التقديس لو شئتم.
احد هذه الكتب، هو كتاب قديم جديد. تعرفونه او سمعتم عنه. انه "صدام الحضارات".
ما كنت حريصا على قراءته. لكن كثرة ما سمعت عنه من تهكم ونقد، حتى من خطيب الجامع الذي اسكن بجواره، دفعتني الى قراءته..
اقول عن هذا الكتاب، وقد قرأته بتمعن، انه انتقد الغرب اكثر مما انتقد الشرق. وان المؤلف صامويل هنتنجنتون كان موضوعيا وحياديا اكثر من شيوخنا وبعض علماء ديننا المتعفنة عقولهم على ثقافة علاها غبار الف واربعمائة عام.
نحن كرهنا المؤلف، والكتاب، وقلنا فيهما ما لم يقله مالك في الخمر. ولا اعلم السبب اكثر من انه كان صادقا، ونحن لا نحب الصدق.
لست ادافع عن الكاتب وكتابه، لكني اقول فيما يختص بنا، انني ما وجدت شيئا خارجا عن المنطق والحقيقة.
يقول المؤلف ان الاسلام سيصطدم مع الحضارة الغربية. وهو يقدم اسبابه لذلك:
اولا، ان الاسلام له تاريخ يتسم بالعداء مع كل جيرانه.
وهنا أقول بأن تلك حقيقة لا يمكن ان ننكرها. ولمن قال بعكس ذلك فليعطني دليلا واحدا على حبنا وسلامنا لكل من جاورنا، من حدودنا الشمالية مع اوروبا الى حدودنا الشرقية مع الهند وحتى الجنوبية مع افريقيا.
ثانيا، يقول الكاتب ان من صميم مبادئ الاسلام عسكرة الشارع.
هنا اقول ايضا ان الكاتب ما اخطأ فيما ذهب اليه. فقد تعلمنا منذ رائحة المهد تحت إبطينا ان العالم بالنسبة للمسلمين اما دار حرب او دار سلام. ومن ليس معي فهو كافر يستحق القتل. ولمن شاء فهناك آيات القرآن تتحدث بذلك، وعشرات الأحاديث وعشرات عشرات الفتاوى. هل هو خطأ في تفسير القرأن من طرفنا؟ ربما، لكنه ليس خطأ الكاتب ولا خطأ من ينتقدون نزعتنا القتالية ضد كل من لا يؤمن بما نؤمن به.
ثالثا، يقول الكاتب ان المسلمين يتزايدون بشكل مذهل. وان هذا التزايد يجعل من فرص احتكاكهم بالآخرين أمرا حتميا في المستقبل.
هل هناك من ينكر ذلك؟ هل هناك من ينكر اننا أصبحنا مجتمع ارنبيا؟
وتزيد المشكلة عندما نعرف ان انتاجنا من الابناء لا يتفق وقدرتنا على تطوير ثقافتنا في تقبل الآخر. ولكم في مصر والباكستان وشمال افريقيا ومعظم الدول الاسلامية الاخرى دليل على ذلك.
نحن كتلة بشرية نصفها جائع، ونصفها متعصب لدين لا تفهم منه شيئا. كيف لن نصطدم بالآخرين اذا؟ نحن بتنا نصطدم حتى بأنفسنا.
رابعا، يقول الكاتب ان الوضع الاقتصادي المتردي في العالم الاسلامي يجعل من فرص التصادم مع الحضارات الاخرى واقعا لا مفر منه.
ولست املك دليلا يخالف هذا القول. ولمن شاء فهناك قائمة على الانترنت يسهل الحصول عليها، لأفقر دول العالم. ولن تجدونا على القمة، ولا حتى في منتصف القاع في احسن حال.
اذا.. لم الغضبة من الكاتب والكتاب؟
في رأيي اننا نعرف عيوبنا. لكننا لا نجرؤ على كشفها، ولا نريد لأحد بالمثل ان يكشفها.
نحن نعلم اننا فقراء، ومهزومون. لكننا نريد من يقول اننا المنتصرون بقوة ايماننا، ولو اثقلتنا الهزائم.
نريد من يقول اننا اهل ثقافة وسلام، بدليل ابو زيد الهلالي وعنتر وعبلة وابن زيدون وكل موتانا المحنطين في ذاكرتنا!
ألم يكن من الافضل، بدلا من نقد الكتاب وشن الهجوم عليه، ان نقرأ ما فيه بتمعن، ونناقش بأسلوب حضاري جوانب الفائدة فيه؟
كان يجب ان نشكر الكاتب ان كشف لنا عيوبنا. وان نقدم له وردة عرفان.
لكننا صرخنا.. شتمنا..
ثم كالنعام دفنا رأسنا في الرمال.. ودفعنا بمؤخرتنا الى العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف