كتَّاب إيلاف

ما تعرف ولا تبغى تعرف

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

"مالا تعرفه زوجة الكاتب أنه يكون يعمل أثناء تحديقه في النافذة" (كاتب).

في لقاء تلفزيوني أجراه المحاور المتألق على شاشة المستقبل مع الفنانة التشكيلية السعودية ش.ش، سألها عن رأيها بالشاعر فهد عافت -والذي سبق وان استضافه البرنامج نفسه في حلقة سابقة - فكانت اجابتها: ما أعرفه ولا أبغى أعرفه.
لست هنا بصدد الدفاع عن الشعر الشعبي وجمالياته وتعالي بعض النقاد عليه، كما أنني لست بصدد تناول سعودة القنوات الفضائية والتي تحسدها عليها وزارة العمل السعودية، حتى أصبح التوقيت السعودي مرادفا لتوقيت غرينتش وذلك وفق ما تتطلبه سوق الاعلانات، ولست بصدد الدفاع عن الشاعر الموهوب فعلا فهد عافت صاحب:
"وش القمرا سوى غلطة ظلام ولاني بمغالي وش الظلما سوى غلطة سما بتقلد أهدابك
يساورني يقين ان المطر غلطة هوا عالي حسب نفسه بيصالح غيمتين وبلل ثيابك"

وصاحب النظرة السمحة التي تقول أبياتها:
"ان قلت ان بعض الفراق عناق أوقلت ان بعض الكفن طرحة
ما ني بكاذب ولا أفاق لكنها النظرة ا لسمحة
أكبر خطا كوننا نستاق تعريف للبحر من ملحه"

وهو الذي لم يشبه حبيبته أحد ولم يبلغ جمالها أحد حتى صورتها في المرآة:
"عجزت مرايته فيه تتشبه حاولت فيه ما قدرت تجيبه"

وصاحب العديد من الروائع الأخرى مثل (فتنة الحفل) تلك القصيدة التي ترقص وتتمايل وتتعرق وقصيدة(مريم) وغيرها.
فقط أريد هنا أن أتناول هذا الرد البليغ (ما أعرف ولا أبغى أعرف) ولا ألومها لو لم تكن تعرف فهد عافت فجميعنا ما نعرفه قطرة صغيرة من بحر ما لا نعرفه، لكن ما ألومها هو أنها (ما تبغى تعرف) فمشكلة الفنان الأزلية أنه (يبغى) يعرف كل شيء ويسخر لذلك حواسه الستة، ويعذبه وعيه أنه لن يحقق ذلك لأن "العمر قصير والفن شاسع" وكما يقول (كزنتزاكي "أتمنى أن أحيا ألف سنة لأتمكن من ترجمة كل الكتب التي أريد ترجمتها) مشكلة الفنان أنه يدرك أن الحقائق الكبرى يصلها من أصغر الأشياء ويسعى الى الاطلاع على كل أنواع الفنون والبشر والأفلام والبلدان ليثري ويرفد فنه، لذلك فليس المأساة أن لا يعرف لكن المأساة أن يصبح (ما يبغى) يعرف.
فما الذي يبقى من الفنان اذا خسر أهم أدوات فنه: الدهشة والفضول؟
thepuzzle3@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف