مستقبل الطبيعة الإنسانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمتد منطق حقوق الإنسان إلى مجال الأخلاق الحيوية والطبية التطبيقية. ففي تناولها لقضايا الجينوم البشري استندت اللجنة الفرعية لتطوير حقوق الإنسان و حمايتها بمنظمة الأمم المتحدة إلي رأي شيخ الفلاسفة المعاصرين يورجن هابرماس وهو خشيته أن يؤدي الخلط بين الطبيعي فينا وrdquo;المعالجrdquo; إلى تشويش فكرتنا الأخلاقية عن أنفسنا، إذ لا قِبَل للإنسان بأن يتحمّل أن تكون حياته ومستقبله محددين جينيّا، مع ما نعلم من مدلول ذلك بالنسبة إلى حرّيته، حيث لا يمكن للفرد أن يظلّ مؤمنا بحرّيته إذا كان مستقبله ومآل أفعاله معلومَيْن له من قبلُ. فثمّة ضرب من الحقّ الأساسي لكل فرد في أن يكون مستقبله غير محدد.
إنّ مطلب الحرّية ومفهوم الحرّية، باعتبارهما حقّا أصليا للإنسان، هما اللّذان يمليان هنا هذا الحذر الأخلاقي من هندسة وراثية، هي مع ذلك علامة تقدّم علمي مدهش.
وقد سبق وأكد الفيلسوف المعاصر بول ريكور ( Paul Ricoeur )، إن الأخلاق ليست إلاّ السّعيَ إلى إعادة بناء كلّ الوسائط التي تربط بين الحرّية بما هي نقطة الانطلاق، والقانون، بما هو نقطة الوصول.
بيد أن اكتشاف الخريطة الجينية للإنسان ثم الإعلان عن استنساخ كائن بشري تحديدا أثار ثورة في المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية في العالم.rlm; واعتبر المفكرون أن استنساخ إنسان مسألة لا أخلاقية وخطيرة بالنسبة للشخص المستنسخ الذي سيظل حسب قول البعض حبيسا في جسد المستنسخ منهrlm;.rlm; وحول قضية التكنولوجيا الحيوية والعلم الحديث والتحكم في الجينات البشريةrlm;.
عاش هابرماس منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار النازية يدعو إلى ما أطلق عليه الوطنية الدستوريةrlm;.rlm; وهي الفكرة التي تدعو إلى تكوين نوع من الثقافة السياسية تضم حولها كل أوروباrlm;,rlm; حاول من خلالها إعطاء أمل جديد للشباب والأجيال الجديدة من خلال المنطق ومن خلال الحفاظ على مستوي معين من الأخلاقيات في المناقشاتrlm;.rlm;
واليوم يستكمل طريقه هذا عن طريق مواجهة الأخلاقيات الحيوية والتي فرضت نفسها على الساحة بعد التطور التكنولوجي الكبير الذي شهده العالم في مجال التكنولوجيا والعلوم الحديثةrlm;,rlm; وبعد اكتشاف الخريطة البشريةrlm;(rlm; الجينومrlm;)rlm; التي تحدد الجينات في الإنسانrlm;.rlm; ولكن هابرماس لم يتناول القضية من وجهة نظر الخبيرrlm;,rlm; بل الفيلسوفrlm;,rlm; فيقول هابرماس إن ما أثار اهتمامه هو قبل كل شيءrlm;,rlm; إيجاد اجابة عن السؤال التاليrlm;:rlm; كيف يمكن لنا أن نغير من رؤيتنا لأنفسنا كبشرrlm;,rlm; يعيشون ويتحملون مسئولية افعالهمrlm;,rlm; عندما يأتي اليوم الذي نقوم فيه بالتحكم في طبيعتنا الجينية أو في كيفية عمل عقلنا ؟
ويري هابرماس أنه إذا جاء اليوم الذي يصبح فيه تطبيق التكنولوجيا الحيوية على طبيعتنا الجينية والتحكم في الأساس الذي يعمل من خلاله العقل البشريrlm;,rlm; من المسائل الطبيعية والروتينيةrlm;,rlm; فإنه من المحتم أن تتغير رؤيتنا لأنفسنا تغييرا كاملاrlm;.rlm; فإن هذا التطور من شأنهrlm;,rlm; حسب قولهrlm;,rlm; أن يؤثر بالضرورة في الإدراك الباطني الذي يعتبر مميزا لكل شخصrlm;,rlm; والذي يصاحب كل أعمالناrlm;,rlm; والذي يؤكد في النهاية أن الفرد هو الذي يتحكم ويصنع فكرهrlm;.rlm;
تلك الصفات الجينيةrlm;.rlm; وسوف يحملهم مسئولية أفعالهrlm;.rlm; ويقول هابرماس أن الأهل يريدون الأفضل لأطفالهمrlm;,rlm; ولكنهم لا يستطيعون أن يحددوا الصفات الأفضل في تاريخ حياة ليست حياتهمrlm;.rlm; لذلك فإن الفيلسوف الألماني يري أنه من الأفضل الاقتصار على إجراء تغييرات جينية طبيةrlm;,rlm; حتى لا نخاطر بإجراء تغييرات جينية فكرية وعقلية تأتي بنتائج عكسيةrlm;.rlm; على أن تتم تلك التغييرات الطبية بين أشخاص عاقلين قادرين على إعطاء موافقتهم عليهاrlm;.rlm;
ففي النهايةrlm;..rlm; أليست حرية التفكير والاختيار هي من الحقوق الأساسية التي تمنحها الديمقراطية للفرد في المجتمع ؟ وليست هي التي ظل الإنسان يناضل من اجل الحصول عليهاrlm;rlm; خلال تاريخه