رادارات دبي وحاكمها!

حين تسال عن شخصية حاكم ما في بلد ما فان ما يجب أن تبحث عنه من إشارات لا تخرج غالبا عن التصريحات والسلوكيات والإنجازات المختلفة لكن في دبي الأمر يختلف مثلما هو حالها في كل مناحي الحياة التي حققت فيها إنجازات تشرف أي عربي.
وإذا أردت مثلا أن تتعرف إلى واحد من أهم ملامح حاكم الإمارة التي يطلق عليها أبناء الإمارات "دار الحي" يمكنك أن تصل إلى مبتغاك بالنظر إلى راصدات سرعة السيارات أو ما يعرف بالرادار وهي في دبي منتشرة بالمئات في مختلف الشوارع السريعة التي تحفل بها الإمارة، وبينما جرى العرف في كل دول العالم تقريبا على أن يوضع الرادار بحيث يلتقط السيارات من الخلف بعد عبورها له متجاوزة السرعة القانونية فان رادارات دبي وحدها تنفرد بأنها تواجه المخطئين من متجاوزي السرعة وتلتقط صورهم من الوجه وليس من الظهر مثل باقي رادارات الدنيا وهي في ذلك تحمل ملمحا مهما من ملامح شخصية الشيخ محمد بن راشد ألا وهو الشجاعة والصراحة بمنطق أن صاحب الحق دائما شجاع فيما على المخطيء أن يخاف ويستدير ويتخفى.
والحقيقة أن هذا الرابط بين رادارات دبي وشخصية حاكمها تستوقفني دائما كلما مررت بواحد من تلك الأجهزة التي وان كانت غير محبوبة لدى أي شائق سيارة ألا أنها في دبي على الأقل تواجهك فتعرف من فورك انك أخطأت وان عليك تحمل تبعات خطاك بعكس ما يحدث في أماكن كثيرة في الإمارات وخارجها حين تكتشف في وقت متأخر غالبا ما يكون وقت تجديد رخصة السيارة أن عليك العديد من مخالفات تجاوز السرعة مل تدر بها في وقتها لان الرادار الغادر التقط أرقام سيارتك من الخلف أو كما يقال طعنك في الظهر وهي صفة تترفع عنها رادارات دبي ربما تأثرا بأخلاق حاكم الإمارة التي هي مزيج من أخلاق الفرسان والبدو.
وعلى عكس ما يظن كثيرون فأن الدافع الوحيد من هذا المقال وتلك الإشادة ليس شخصيا وإنما لنقل انه محاولة لإعطاء رجل اجتهد وعمل وأنجز حقه في زمن يبخل فيه القدر على عالمنا العربي برجال يرتقون بأممهم، وفي وقت تعيش فيه الدول العربية حالة انحدار متسارع تنفرد دبي بالصعود إلى مصاف الكبار في العالم وهي الإمارة الصغيرة التي كانت حتى عشر سنوات فاتت تبحث عن طريق تسير فيه قبل أن تتحول في زمن قياسي إلى وحش اقتصادي أحال هونج كونج إلى مجرد ماضي تجاري جميل، ولم تكتف دبي ولا حاكمها بالبقاء في حالة تجمد والاستمتاع بوضع الإمارة المميز في تجارة الترانزيت وإنما قام بتطوير الإمارة لتكون واحدة من ابرز اللاعبين في مجال اقتصاد الخدمات في العالم وبات طموح دبي يخيف الكبار في العالم سواء في مجال الطيران حيث تسبب طيران الإمارات رعبا لعدد من منافسيها حول العالم بداية من كانتاس الاسترالية ونهاية بايرفرانس الفرنسية أو في مجال المواني وأحدث دليل ما حدث في صفقة المواني الاميركية التي أقامت الدنيا في واشنطن.
باختصار وبساطة يستحق محمد بن راشد أن يمثل نموذجا عربيا يحتذي به بدلا من النماذج الأخرى التي لا تجلب إلى نفوس الشباب العربي سوى الإحباط والاكتئاب وفي أحسن الأحوال انعدام الطموح.

heabajnf@yahoo.com