كتَّاب إيلاف

هل دنت ساعة ملالي طهران أخيراً؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، الذي يزور بغداد حالياً، قالها بصراحة "إن على جيران العراق أن يعلموا أن واشنطن باقية لفترة طويلة في المنطقة". تصريحات غيتس هذه جاءت على وقع أخبار ميدانية تفيد بإرسال واشنطن ولندن لحاملات طائرات وفرقاطات وقطع عسكرية بحرية أخرى إلى مياه الخليج العربي، لزيادة المراقبة و"إظهار العزم" إزاء إصرار نظام الملالي الإيراني على تطوير الذرة وبناء القنبلة النووية. هذا في الحين الذي يناقش فيه مجلس الأمن الدولي ملف طهران النووي، بغية الإجماع على إستصدار قرار حازم، يدعو لتطبيق عقوبات رادعة على طهران، جراء تعنتها في متابعة برنامجها التسليحي، ورفض كل النداءات و"الحوافز" التي قدمتها الدول الأوروبية، بموافقة أميركية، جاءت على مضض. ورغم ان التدخل الروسي والموقف الباهت إياه في عدم تشديد العقوبات على طهران والإبقاء على "شعرة معاوية"، في حال ضمان موافقة موسكو على القرار الدولي، لكن الثابت ان القرار سوف يأتي بإجماع القوى الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن على إدانة طهران وخروجها عن القانون الدولي. لكن قد يمنع ذلك، بشكل مؤقت، صدور قرار يشير إلى الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تلوح بإستخدام القوة ضد الدولة المنتهكة للقانون، في حال إصرارها على هذا الإنتهاك، ومضيها قدماً في عدم التقيد بقرارات الشرعية الدولية...

رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وفي منتدى إقتصادي أقيم في دبي، جددّ إتهامه لإيران ودعى دول المنطقة لإقامة "حلف إستراتيجي" ضدها. وأضاف بلير "انهم، أي الإيرانيون، يحاولون ان يعيقوننا في لبنان وفي العراق وفي فلسطين. ردنا يجب ان يكون مواجهة ما يقومون به وانشاء تحالفات لمنعهم واعاقتهم في كافة انحاء المنطقة". وتعتبر تصريحات بلير هذه حدثاً جديداً، مقارنة بتصريحاته المعتدلة بعض الشيء في السابق، جاءت في سياق الحملة الحاصلة حالياَ ضد الملف النووي الإيراني، وتدخل طهران في شؤون المنطقة.

واشنطن ولندن عازمتان على تطويق طهران وإعتراضها في أكثر من موقع. ورغم الوضع السيء في العراق والنصائح المتطايرة بضرورة الإستماع لجيران العراق وأخذ مصالحهم بعين الأعتبار، سيما بعد التقرير/الهاوية الأخير، الذي صدرّه وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر( أحد وجوه الحرب الباردة الآفلة)، إلاّ أن الثابت ان كل من واشنطن ولندن لن يتراخيا أمام الإمتداد الإستراتيجي الإيراني في المنطقة، وبروز المشاريع الإقليمية الكبرى، التي يقف ورائها طموح إيراني جموح، يتعدى صنع الذرة. فإيران اليوم حاضرة في بغداد، ودمشق، وبيروت، وغزة، وتحاول التمدد في مناطق شيعية أخرى كذلك. الأموال الإيرانية تشتري العقارات والمواقف في كل زوايا المنطقة. تستمر في إستقطاب المزيد من الأنصار وجذب العديد من الناس لحالة التشيع التي تسوقها في المنطقة، وبشكل خاص في الريف السوري. أذرع طهران الأخطبوطية تحاصر واشنطن ولندن في العراق، وإسرائيل في غزة( جماعة حماس) والقوى الديمقراطية في لبنان( جماعة حسن نصر الله)، وثمّة حاجة قوية لبتر هذه الأذرع والتحول للهجوم إزاء التمدد الإيراني الممنهج هذا.

واشنطن قد تفكر في ضرب إيران. هذا أمر وارد في ظل التحدي الأقليمي الكبير الذي يمثله ملالي طهران ومشروعهم الضخم، في تصدير" ثقافة المقاومة والتحدي" ومؤخرا صنع ً" القنبلة النووية الشيعية/الإسلامية" التي ينادي حاملها جهاراً نهاراً بتدمير إسرائيل وإخراج الأميركان من المنطقة. والموقف المبدئي الأميركي في الوقوف بجانب الحكومة اللبنانية الشرعية إزاء تحديات زلم طهران من جماعة حسن نصرالله ومٌشايعيهم من اللبنانيين وعملاء النظام السوري، هو احد أوجه هذه السياسة الجديدة.

هناك كذلك السعي الأخير في تقليم أظافر الزعيم الشيعي العراقي الطائش مقتدى الصدر، صاحب ميليشيا "جيش المهدي". ورددت الأخبار في اليومين الماضيين تصريحات أميركية قوية إعتبرت مقتدى وجيشه من ألد أعداء واشنطن والتحدي الأكبر الذي يمثله للجيش الأميركي وأمنه في العراق. ولعل مسارعة عقلاء الشيعة للإجتماع بالزعيم الروحي الشيعي علي السيستاني، الحكيم المجرب، كان لثني مقتدى عن متابعة مغامراته وطيشه، ودفعه لحل "ميليشيا المهدي" وفرق الموت المرتبطة بها، الوثيقة الصلة بالحرس الثوري الإيراني وبأجهزة"الإطلاعات" المتغلغلة في العراق.

ضرب البرنامج النووي الإيراني قبل نجاح احمدي نجاد في صنع القنبلة النووية ووضع العالم أمام الأمر الواقع، كما فعل كيم يونغ إيل قبل بضعة أشهر، هو إستراتيجية واشنطن ولندن الأن. فمنطقة الخليج والشرق الأوسط عموماً هي عصب الحياة بالنسبة لهاتين الدولتين ولكل العالم الغربي، الذي يستمد طاقته المحركة ومواده الأولية من هنا. وهناك أمر مهم وهو ضمان عدم حدوث فوضى في المنطقة وإيران في حال ضرب المفاعلات النووية الإيرانية. يجب تطويق حلفاء طهران القادرين على قلب الطاولة في وجه أصدقاء وحلفاء واشنطن في أكثر من موضع. يجب كذلك ضمان الإستقرار في طهران مابعد نظام الملالي: وهو الأمر الهين بتوزيع السلطات على الأقاليم الإيرانية وتفكيك هذه الدولة لفيدراليات عديدة، هي جاهزة في هيكليتها الجغرافية والديمغرافية: عربستان، بلوشستان، كردستان، تركمانستن، وأذربيجان الغربية...

التغيير في طهران، في حال قرار واشنطن ولندن وضع حد لبرنامج الملالي النووي وتدخلاتهم في العراق ولبنان وفلسطين، سوف يصطدم بنظامين ديكتاتوريين آخرين هما سوريا وتركيا. سوف يعمد هذين النظامين للحيلولة دون حدوث ذلك، أو عرقلة المشروع الأميركي/البريطاني هناك، كما حصل مع المشروع في العراق. من المفيد أن تضغط واشنطن من الأن على أنقرة لكي تكف عن التدخل في شؤون العراق( رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تحدث أمس عن نفاذ صبر بلاده حيال اقليم كردستان العراق، ولوحّ بتدخل عسكري)، وهناك مائتي الف جندي تركي بالقرب من الحدود العراقية ـ الإيرانية ـ التركية، وهم من أجل التدخل في كردستان الشرقية(8مليون كردي) في حال حدوث ضربة عسكرية أميركية لإيران وإنهيار نظام الملالي في طهران، كما ذهبنا مراراً...

تركيا أصبحت عقبة في طريق تطبيق المشروع الأميركي في العراق وإيران. هي تريد ان تبقي الأمور على حالها، كما هي الأن، وتستعد للتدخل لمنع أي تغيير قد يحسن حال الشعب الكردي. وهناك تحالف تركي ـ إيراني ـ سوري وزيارات مستمرة من أجل تطويق المشروع الأميركي وضرب القوى الكردية المسلحة في المنطقة. واشنطن تعي جيداً بأنها لو ارادت النصر والإستقرار في العراق، فليس هناك بد من التعاون مع الكرد هناك، وإنها لو أرادت إسقاط نظام ملالي طهران، فليس هناك خيار سوى التعاون مع القوى المعارضة، وفي مقدمتها القوى الكردية الناشطة ضد طهران، ويتصدرها "حزب الحياة الحرة الكردستاني" الذي يقاتل الجيش الإيراني منذ عدة سنوات، ويمتلك آلاف المقاتلين، وهو بالمناسبة "أخ شقيق" لحزب العمال الكردستاني، أعتى أعداء أنقرة...

المشروع التغييري الأميركي على المحك الأن. مصالح واشنطن تقتضي إحداث التبديل في تحالفاتها قبل أن تباشر في العمل، وأن تتوقف عن المراهنة على دول أصبحت مصالحها تضادد مصالح الأميركان. وتركيا خذلت واشنطن في السابق، حين عارضت الحرب في العراق، ورفضت السماح للقطعات العسكرية الأميركية بعبور أراضيها. وهي تتحين الأن لدخول الأراضي العراقية لقمع الكرد وإحتلال كركوك، كما تتحين الفرص لدخول كردستان الشرقية(الإيرانية) ومنع الكرد من إقامة الفيدرالية أو الإستقلال عن طهران...

الأيام حبلى بالأحداث، وقد تكون الأحداث كبرى وصاعقة من نوعية "حدث القرن" والمتمثل بوضع حد لطغيان نظام الملالي الإرهابي في المنطقة. أولم يراهن احمدي نجاد على حدوث حدث جلل، صاعق، قادم هو: قرب ظهور المهدي، ومعه المسيح المنتظر...!!.


tariqhemo@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف