تساؤلات ووصايا لمن يهّمه حكم العراق!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مدخل ورؤية
لعل من اصعب المهن ان يتزعّم البعض حكم العراق، وتزداد الفوضى العراقية بانماطها التي لم يعرفها احد بعد، بل وان ما نشهده ونسمعه لم نقرأ كمثله في التاريخ ابدا! صحيح ان العراق على امتداد القرن العشرين قد عرف تباينات سياسية وصراعات حزبية ودولة منّظمة وانظمة قمعية وجيش محترف.. ولكن ان تستحدث هكذا انقسامات، وتصبح الدولة غطاء لذبح المجتمع.. فهذا ما لم يعرفه العراقيون ابدا! كان الانسان في العراق يخاف السياسة منذ ان تشكّل تكوينه السياسي، بل وتوارث خوفه منها منذ عصور خلت، لأنها كانت تودي به الى المهالك.. اما ان بات العراقيون يخافون ان خرجوا من بيوتهم او حتى المشي في شوارع احيائهم او ازقة قراهم.. فهذا امر جلل لا يمكن لأي عراقي السكوت عنه.. دعوني اسجل بعض الرؤى التي اجدها مطلوب تحقيق جلها او البعض منها ونحن نعيش محنة العراق التاريخية.. وادعوا معي كل مسؤول وسياسي من زعماء العراق ليشاركنا التمنيات والافعال معا من اجل ان يدرك كيفية الحكم واسلوبه الصعب.. وهي دعوة خالصة لكل عراقي يجد نفسه في موقع المسؤولية السياسية والسلطوية والحزبية والاجتماعية، واذا كنت قد لخّصت بعض " التوصيات "، فان كل واحدة منها تصلح ان تكون موضوعا منفصلا للمرء ان يتأمل فيه طويلا:
1. مشروع عهد للسلام Pax Iraqiana
هل يمكننا ان نغلق صفحة الماضي المتعب ونفتح كل ضمائرنا ورؤانا للمستقبل؟ هل يمكننا ان نزرع كلمة طيبة كمسؤولين كبار في كل وسائل الاعلام؟ هل يمكننا ان نكفّ عن شتم احدنا الاخر بالطرق الفجة الجارية؟ هل يمكننا ان نمحي من على السنتنا أي ذكر لطائفة او منطقة او نصوص او شعارات او شتائم او اوصاف تثير هياج هذا وتقض مضجع ذاك؟ هل يمكننا ان نتقّبل احدنا الاخر اذا اقتنعنا بأن لا مفّر ابدا من وجودنا المتنوع؟ هل يمكننا ان نهادن انفسنا ونخرج من اغلال تعقيداتها وتقاليدنا البالية وترسبات تاريخنا المرير ونبعث في روحنا الامل؟ هل يمكننا ان نقول للشعب العراقي كل الحقيقة؟ هل باستطاعة العراقيين ان يعلنوا للعالم يوما للسلام كما فعله غيرهم عبر التاريخ، وبدأت منه حركة استقرار ووئام؟ هل يمكنهم ان يوافقوني في اعلان " عهد السلام العراقي " على غرار ما فعلته دول اخرى في التاريخ بأسم Pax Iraqiana))؟
2. بعيدا عن التمايز والاستقطاب
على كل عراقي ان يشعر بالذنب والتقصير ازاء وطنه واهله.. فهل يمكن الغاء بعض ما راج من تعابير ومصطلحات ناشزة قاتلة نتمايز بها على احدنا الاخر لنعلن بأننا من مكّون اجتماعي واحد اسمه العراق بدل التفاضل الاجوف والتكامل المتخّيل على حساب صناعة ما اسموه بـ " المكونّات " المضادة احدها الاخر؟ هناك اناس بدت تفضل ان تبقى ساكتة، وسكوتها اما ان يكون علامة على رضاها بما يجري كونها طليقة اللسان في قضايا شتى.. واما ان يأتي سكوتها كونها لا تدري ما الذي يمكنها فعله.. او انها تسكت خوفا ورعبا من المجهول! بات كل عراقي على درجة عالية من الحساسية، بل وانه يتحسّس من كل شاردة وواردة نتيجة هذا المهرجان الدموي القاتل الذي لا يمكن السكوت عليه مهما كان العراقي صبورا! ولكن لا يأتي السكوت هنا لاسباب يجهلها أي عراقي، بل لأن العراقيين غدوا يعيشون حالة استقطاب طائفي او جهوي.. وهذا ما نلتقطه من لسان هذا او تصريح ذاك! فمن مهمّة رجال الدين ان يسكتوا قليلا ليمنحوا ما هو مدني ان يترسخ في العراق، اذ كفاهم ما فعلوه الى حد الان!
3. الديمقراطية: الاعتراف بالخطأ فضيلة!
لا ادري، فالفرق في الديمقراطية فكرا وتطبيقا بين تجاربنا وبين تجارب الغرب أشبهه دوما بحال الارض والسماء! الامريكيون ـ مثلا ـ يعترفون باخطائهم اعلاميا وسياسيا، ويرسمون خطوطا جديدة في الرمال المبعثرة، وطبقّوا تجارب فاشلة.. ولكنني اجد ان كل المسؤولين العراقيين يشعرون بالضعة والعيب ان اعترفوا باخطائهم.. نعم، عيب على احدهم، سواء كان من ماضي النظام السابق او من حاضر النظام اللاحق ان يقدّم نقدا قويا لذاته او اعترافا باخطائه اعلاميا وسياسيا! وعيب على أي واحد منهم ان يخاطب الناس ويطلب العذر منهم نظرا لما سّببه لهم من الآم وقسوة ومعاناة! كنت اتمنى على صدام حسين ان يرفع يده ويتكلم بهدوء وصراحة طويلا ليعترف بكل شيئ ويقّدم اعتذاره لشعبه حتى وان كان لا يعتقد بأنه قد سبب له اي مصائب كي يدرأ حمام الدم ولكي يعمل على خلاص العراقيين من الانسحاق.. وبنفس القدر، كيف لا اطالب من يجلس على دست الحكم اليوم بالاعتذار من الشعب العراقي حتى وان كان يعتقد بأنه برئ.. مصيبتنا ان المسؤولية قد تشظيت وتفاقمت التناقضات وولدت جملة من المشاكل، ولكن مقتل العراق الاساسي اليوم هذا العصف الطائفي الذي حلّ به على ايدي الغلاة الطفيليين من كلا الطرفين وفقدان الامن والسلام والطمأنينة!
4. ارادة الشعب فوق ( جئنا لنبقى )!
السياسة الذكية وانت في السلطة ان تفكّر وتعمل وكأن الشعب سيجرفك حالا عن عرشك وعن مجدك وتذهب الى غير رجعة.. اذ لا يمكنك ان تعامل شعبك دوما على قاعدة ( جئنا لنبقى )، كما فعلها غيرك من قبلك! كيف يمكن للفرقاء جميعا سواء من الذين جلسوا في السلطة او من الذين ينتشرون في المعارضة ان يرمي كل واحد منهم التهم الصعبة على الاخر؟؟ ومن سوء القدر للعراق ان ينتقل من حكم الحزب الواحد وحكم الرئيس القائد ومن حكم الرأي الواحد.. الى حكم جماعات متصارعة والى حكم احزاب متعصبة والى حكم ميليشيات بدائية والى حكم فوضى عارمة تضرب اطنابها والمسؤولون محصورون في منطقة خضراء وكل مجتمع العراق في مناطق اصبحت حمراء مخضّبة بالدماء؟ ما اقسى الاوضاع على العراقيين اليوم؟ انهم لم يعد يتكلمون لا في الشوارع ولا في الاسواق ولا في المقاهي.. ولا في الساحات.. لا في المدارس والجامعات ولا في الدوائر او في المحافظات. لقد سكتوا سكوتا عجيبا ولكن صدورهم تغلي كالمراجل!
5. السياسة ان تعرف اين يكون رأس الشليلة!
السياسة وانت في السلطة ينبغي ان تكون فن وذكاء ودهاء وكيفية الخروج من عدة دوائر متشابكة او التأمل والتدقيق في معرفة اين يكون رأس الشليلة للقبض عليه لتبدأ اللف وانت تقبض على الرأس.. والعراق لا يهجم احجاره الا الاغبياء ولا يحطّم بيوته الا ذوي العاهات.. السياسة ليست طريقة في الحفاظ على كرسيك او الانتفاع بمصالحك وتوفير المحسوبيات والمنسوبيات من اولادك واقربائك وعشيرتك فقط، بل هي طريقة في جذب كل الناس العراقيين اليك! السياسة في العراق لا تحدد بحالة نقنع انفسنا انها سفينة الخلاص، واذا بنا والسفينة ممزقة ونحن نطفو ننام ونصحو على خشبة والناس تضحك علينا! السياسة ان لا تحتكر ما ليس لك به حاجة! السياسة ان لا تتعصّب او تتطرّف لاتجاهك وتعارض الاخرين! السياسة ان تبقى لك هامشا يمكنك ان تتحرك عليه مع الاخرين، وان تكون صبورا وجريئا ومنفتحا على العالمين! ومن ابرز ما تحتاجه وبيدك المسؤولية ان تعرف كيف تتعامل مع المحتل؟ ان تكون ماهرا في التفاوض معه في كل دقائق الامور.. ان تكون مدافعا عن مصالح العراق العليا حتى الرمق الاخير معه.. ان تطالبه بتحقيق الحدود العليا مهما كان الثمن.. ان لا تسكت عليه وهو يلقي بآرائه واحكامه. فهل يتعلم زعماء اليوم من زعامات العراق القديمة شيئا كي يسهموا في استقلال العراق استقلالا تاما؟
6. الدفاع عن كل العراقيين
السياسة وانت في السلطة.. ان تكون حقا فوق الميول والاتجاهات السياسية ـ كما قالها من سبقك ولم يخلص هو نفسه ـ، وبقدر ما تعطي ينبغي عليك ان تأخذ.. وبقدر ما تعطي لحاضرك عليك ان تتذكر مستقبلك وتعمل لمصيرك واولادك واحفادك.. السياسة ان تتكلم باسم الجميع لا باسم حزبك او جماعتك او طائفتك او تكتلك.. وانت في السلطة لا تستخف بالاخرين ولا بترابهم ولا بشعائرهم ولا بطقوسهم ولا باقوالهم.. عش معهم وليتقّرب كل ذي طرف من الطرف الاخر حقيقة لا زيفا.. وانت في السلطة عليك ان تقدّم بلدك فوق الجميع.. عليك ان تدافع عن كل العراقيين حتى وان اختلفت معهم طائفيا او فكريا او سياسيا.. عليك ان لا ترد على من يشتمك، بل ابتسم له وكن فوقه وفوق الجراح.. عليك وانت في السلطة ان تنسى حسابات من تنتمي اليه! وان لا تأخذك الاهواء في احقاق الحق! عليك ان تلتزم القانون حتى على نفسك كي يشعر الاخرون بقيمة ما تفعل! عليك ان تتعاطف مع قضايا كل العراقيين القومية والاقلياتية والاجتماعية.. ان تعرف كيف تمنح الجميع حقوقهم.. وان تعرف كيف تحافظ على المرأة العراقية وتصون كرامتها وتمنحها حقوقها وحريتها في التصرف والقرار باعتمادك على صاحبات القدرة لا على من ليس لها الامكانات.. فالمرأة العراقية لها تاريخ حافل من المشاركات السياسية والثقافية والاجتماعية في كل الاوساط وعلى امتداد زمن طويل.
7. الكفاءة اساس التقدم
السياسة وانت في السلطة ان تعرف من تعتمد عليه في شؤون ادارتك او مكتبك او تصريحاتك.. ان تكون ذكيا في اختيار مستشاريك وموظفيك وحاشيتك والذين تمنحهم الصلاحيات في القول والفعل! ان تعرف كيف تختار من يكون طاقمك، فالناس تعرف اسرار كل مسؤول عراقي.. فلا تحرق اوراقك من اجل خلق طاقم يسئ اليك والى العراق.. عليك ان لا تفاضل بين العراقيين على اساس الطائفة او العشيرة او الحزب.. بل تفاضل بينهم على اساس الكفاءة والخبرة والسيرة النظيفة! لا يمكنك ان تعتمد على شباب غر لا يفقهون من امر العراق شيئا.. لا يمكن ان نتخيّل العراق وهو بمثل حالته هذه وقادته لا يفقهون شيئا في تاريخه او مجتمعه او حتى جغرافيته.. وليس لهم أي قدرات خارقة في معرفة التعامل مع الجيران ولا أي ذكاء في التعامل مع قوى المحتل!؟ عليك ان لا تأخذك الرحمة بكل المجرمين والقتلة..
8. اياكم والمال العام.. اياكم واملاك الدولة
السياسة وانت في السلطة ان تدرك حجم المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد البلاد / الوطن قبل النظام السياسي.. او التي تهدد النظام السياسي قبل خوفك من تهديد السلطة.. او التي تهدد السلطة الحاكمة قبل ان تهددك انت بالذات!! لكي تثبت للاخرين كيفية تقديمك الاهم على المهم.. وعليك ان تكون قدوة للجميع في عدم استغلال المال العام او أي تطفل على المال العام! لا يمكنك وانت تتمشدق باسم الدين وفضائله في كل الاوساط ان تقيم في بيت ليس بيتك او قصر ليس قصرك.. او تتمتع بمصالح ليس لك او ان تستحوذ على املاك الدولة والمجتمع بالقوة او باستخدام الترهيب والترغيب! اياك اياك والرشوة والاختلاس من اموال العباد.. اياك وجني الارباح على حساب المظلومين والمسحوقين.. اياك ان تأخذ شيئا ليس من تعبك.. كن قدوة ومثالا للملايين الذين باتوا لا يعرفون غير السرقة والارتزاق غير المشروع والطلبة من هذا وذاك!
9. جاذبية الخطاب
السياسة وانت في السلطة ان تعرف ماذا تقول من الخطاب؟ وان تكون في غاية اللباقة والجاذبية في ان تستقطب بكلامك وافعالك حب الجماهير اليك.. وتفرض احترام الشعب لمسيرتك.. وان تكون جريئا في الفصل بين الامور علنا.. وان لا تستخدم التعابير البذيئة الرائجة في الشارع كالتي يستخدمها السوقة والرعاع.. وان ترتجل الخطاب في كل الاوساط.. وتدرك فحوى ما يوجّه اليك لتكون ذكيا جدا في صياغة اجوبتك وبراعة تعليقاتك! من الخطأ ان تبحث عن قصاصات كتبتها ووضعتها في جيبك لتقرأ منها امام رؤساء الدول! من المهم ان يكون كلامك مؤثرا ومختصرا ويزدحم بالمعاني والافكار والرؤى.. وان لا تخرج عن موضوعك او ما انت فيه كي لا تضيع! فان ضاع القائد السياسي لا يمكنه ان يعود ابدا، اذ انه لم يتحدث في قاعة مغلقة، بل تسمعه الملايين في عصر العولمة! ان خطابك عنوان شخصيتك وان خطابك هو الذي يصنع سحرك.. والريادة والكاريزما تجانس بين القول ومقول القول من طرف وبين الفعل وفاعلية الفعل من طرف آخر.. وآخر ما يمكنني ان اوصيك به هو الابتعاد عن المتاجرة بالتاريخ امام العراقيين، اذ دع حسابات التاريخ للمختصين والمفكرين ولذوي الخبرة.. اذ كان استخدامك للتاريخ قد خلق مشكلات اجتماعية لا حصر لها!
10. الزعامة: دواخل وطن
السياسة وانت في السلطة تفرض عليك ان لا تنزل عن مكانتك الوطنية لتجري وراء هذا او ذاك.. او لتقنع هذا الحزب او تلك الكتلة.. عليك ان تبقى لتعّبر عن ارادة الامة.. ان ترسم رمزا وطنيا لك امام كل العالم.. وان تعمل على تحقيق مصالح الشعب.. وان تكون ابا لكل البلاد من دون ان تمارس دورا طائفيا او تعبيرا مناطقيا او خطابا حزبيا.. عليك ان تنتقل من مكان الى آخر عبر اراضي بلادك لتلتقي بكل فئات مجتمعك لتقضي اياما هنا واياما هناك.. وان تقدم ذلك على تنقلاتك خارج حدود بلادك.. فدواخلك الوطنية اهم بكثير من مخارجك الاقليمية! واعلم ان الشعب العراقي ينتظر من حكامه ان يكونوا مع همومهم ومع معاناتهم ويشاركونهم في السراء والضراء!
11. الزمن الثمين: برنامج عمل لا الهذيان والمواعظ
السياسة وانت في السلطة ان تعرف قدر نفسك.. وان تقدّر الزمن حق قدره وتثمّن كل لحظة تاريخية تمر عليك وانت في واجهة المشهد.. ينبغي ان يكون برنامجك اليومي حافلا بالانشطة والفعاليات المهمة التي في خدمة البلاد وادارتها.. عليك بالدوام الرسمي منذ الثامنة صباحا لا ان تأتي على الحادية عشرة ضحى وتقتل ما تبقى من الدوام في صغائر الامور وتوافهها.. عليك ان تسمع اكثر مما تتكلم.. وان تكلمت لا تهذي في امور شخصية او وعظية او ليس لها شأن بالمصالح العامة والبلاد دفتها بلا ربّان.. عليك ان تحترم كل ساعات يومك وتشغلها كلها في الخدمة بدل ساعات في النوم وساعات في الادعية والمواعظ والصلوات.. وساعات في اكل المسكوف والهذيان عنه في ساعات الليل المتأخرة، وهذا ما اخبرني به احد الاصدقاء عندما كان مستشارا لواحد من رؤساء الوزراء السابقين!
12. الحيتان تنتحر عند السواحل
السياسة وانت في السلطة تقضي ان تكون في حالة طوارئ ان كانت البلاد في مخاض حرب او فقدان امن او كارثة.. الخ عليك ان تجنّد نفسك في موقعك وبلباس العمل العادي بدل كل البذخ في الالبسة والموائد والسفرات وكأن البلاد في احسن الاحوال! شعورك وخطابك وجوارحك لابد ان تندمج كلها مع الاحداث المأساوية.. فكل ما يحدث من مخاطر هي من مسؤولية كل السياسيين والقادة والزعماء! ان السلطة مسؤولية وامانة كبرى يضعها الناس بايدي من له القدرة على قيادة السفينة بمهارة وحذاقة بعيدا عن طائفته وجهويته وحزبه.. وسواء كنت في السلطة ام في البرلمان او مرتبط بالدولة بأي شكل من الاشكال فعليك ان تتواجد على ترابك الوطني بدل الانتقال الى واحدة او اكثر من العواصم الغربية، ولا يهمك الا الموائد وجلسات التكريم! ان زعماء العالم الوطنيين الحقيقيين ساهموا في بناء اوطانهم وتحريرها من فوق ترابهم الوطني لا من عواصم بعيدة! قلت لواحد من المسؤولين العراقيين الكبار وامام مجموعة من الاصدقاء وكنت مدعوا لوليمة كبيرة على شرفه: أسألك بالله، اذا كان رئيس الدولة في مدينته الام ونائبه يتجول هنا ورئيس الوزراء في تركيا وبرفقته كل طاقمه وانت تحضر هنا كواحد من نوابه وزميلك في بلد آخر.. والاخرون ايضا على سفر في عواصم الدنيا.. قل لي بربّك كيف يمكن للدولة ان تعمل؟؟ ومن يقودها كمؤسسات واجهزة؟ ومن يقدم خدماته في كل لحظة الى الناس؟؟ فأجابني جوابا غير مقنع ابدا كعادة غيره!
13. الميليشيات: اوليغاريات كوميونات بدائية
السياسة وانت في السلطة تقضي ان تجّرد البلاد كلها من اية عصابات او ميليشيات او اوليغاريات شبه عسكرية عرف مثلها تاريخنا وكانت وبالا عليه.. والا تكون انت مشاركا في الجريمة ان ابقيتها على قيد الحياة، وقد ساهمت في قتل النظام السياسي برمته! لا يمكنك ان تحظى بأية مشروعية سياسية وانت لا تعلن على الملأ براءتك من اية ميليشيات ستكون بالضرورة متصارعة على حساب دماء الناس في المجتمع ن اجل مصالح فئوية او طائفية او عرقية او مناطقية جهوية.. لا يمكن ان يبقى اعلانك خاويا من مضمون العمل الرسمي على الغاء تلك الكوميونات البدائية في دولة ذات نظام سياسي! وان كنت مؤمنا حقيقة بالمصالحة، فينبغي ان تعرف ما تأثير مشروعك على حمامات الدم؟ وان يتصالح السياسيون في الساحات والميادين بدل القاعات بين الجدران.. والا اعتبرها العراقيون مجرد مسرحيات هزلية!
14. تجسير الفجوة بين الزعماء والمثقفين
السياسة وانت في السلطة تقضي بتجسير علاقتك بصفوة المجتمع من المثقفين والعلماء والمختصين في كل مدينة عراقية او اولئك المنتشرين في كل بقاع الدنيا.. وعليك ان تستمع اليهم وتلبي مطاليبهم كونهم الهيئة الاجتماعية العليا من الذين يعلمون وهم يختلفون عن الجهلة الذين لا يعلمون.. وعليك ان تزرع الثقة بينك وبينهم، فهم الذين يقدّمون افضل بكثير مما يقدّمه غيرهم للعراق والعراقيين.. وهم على الاقل لا يتبعون المناورات ولا يشتغلون بالخفاء.. انهم ليسوا من السياسيين ولا من الطفيليين ولا من ذوي الملايين ولا من وعاظ السلاطين، انهم صفوة المجتمع الحقيقي.. ومن اولى مهام ذوي السلطة حماية هذه الهيئة الاجتماعية من كل ما تتعرّض له من القتل والخطف والتدمير.. واحترام ارادتها الفكرية. وبعد التي واللتيا، الم يقتنع زعماء العراق والجماهير بأن علمنة العراق وحكمه مدنيا ضرورة ماسة ينبغي ان يؤمن بها الجميع بدل كل هذا العصف المأكول الذي خلقته الاحزاب الدينية؟؟
15. اخلاقيات الزعامة الحقيقية
السياسة وانت في السلطة تطالبك بأن تبقى نظيف اليد والعقل والاخلاق.. لا تتكبر ولا تتجبر ولا تتصرف برعونة وصلف.. واعلم بأن الدنيا يوم لك ويوم عليك! حافظ على هندامك القديم وسيرتك الاولى ان كانت نظيفة، وحاول ان تكون نظيفا، حتى وان كان في سيرتك الاولى شائبة او شوائب! قل الحق ولو على نفسك، وساعد الناس ما استطعت وكن واحدا من ابناء شعبك.. لا تفرق بينهم ابدا على أي اساس الا العراق.. وكن مبتسما وتعامل بلطف وصراحة وشفافية مع الجميع ولا ترتفع عليهم فما طار طير وارتفع الا كما طار وقع واعلم ان المنصب لم يسّجل باسمك في دائرة الطابو.. لا تنم ليلك وغيرك يتألم من امر ما.. اذهب الى حيث يبكي الاطفال.. وامضي الى حيث تستغيث النساء.. وابحث عن بيوت يقتل فيها اصحابها غدرا.. او يؤخذ شبابها خطفا.. اذهب الى حيث تتفجر الناس بالسيارات المفخخة واستعجل الامر الى حيث الساحات وقد نشرت على اطرافها الاشلاء.. وانتقل بين المستشفيات حيث يرقد الابرياء!
وأخيرا اقول: صفقوا معي ان كنتم تحبون العراق!
هل سنجد للعراق هكذا ساسة من قادة نجباء عظام.. ونحن نعلم بأن العراق قد انجب على امتداد حياته افذاذ من اروع الرجال وخير النساء.. لا اعتقد انني مثالي النزعة ابدا حتى اطالب بوصايا تعجيزية، اذ هذه هي الحدود الدنيا التي عرفناها في زعماء حقيقيين عرفهم التاريخ الحديث، امثال: غاندي وسعد زغلول ونهرو وديغول وماو وجيفارا ومانديلا وبورقيبه ومحمد الخامس وانديرا ( ولا اذكرهم ببعض زعماء العراق المعروفين ).. فمن اسمى واجبات الزعماء والمسؤولين ان يكونوا قدوة لغيرهم ويحققوا الحد الادنى من العظمة الانسانية.. وان من واجبي تنبيههم ورسم معالم الطريق امامهم.. وان اسجل رؤيتي مع بعض التوصيات التي اجدها اساسية يحتاجها العراق وكل العراقيين اليوم اكثر من أي وقت مضى.. صفقوا معي ايها العراقيون اذا كنتم تحبون العراق من اجل ان يعود العراق قلبا حيويا للمنطقة نابضا بالحياة، وبلدا آمنا ومستقرا بكل اهله وجماهيره وان يكون مركزا حضاريا نظيفا لكل هذا العالم.