السيد المسيح بعيد ميلاده يحل في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ناحلا بجسد واهن يلم بكلتا يديه وفوق عظام صدره البارزة كل عذابات البشر والآمهم ، مكللا بغصن رطيب من أشجار زيتون فلسطين يدور مذهولا في حارات الفقراء ، ينثر المحبة ويزرع الصفاء والتسامح ، ويوصي بأن يحل السلام في الأرض وأن تمتلئ القلوب بالمسرة ، ويتوقف عند حشد من الخائفين والجياع يقول لهم : ليس الأصحاء هم المحتاجون الى الطبيب بل المرضى .
فيضج من حولك بشكوى إن الناس تقتل الناس دون ذنب ودون سبب ، وأن الشر ينتشر في الهواء فلا يترك الأطفال ولا الشيوخ ولا عابري السبيل ، وأنت لم تزل تقول لاتقاوموا الشر بمثله ، بل من لطمك على خدك الأيمن ، فأدر له الخد الأخر .
عن أي خد ياسيدي تتحدث أنهم يذبحون البشر مثل النعاج ، هل ندير لهم الجهة الأخرى من الرقبة لتسهل لهم عملية النحر ، وهل يليق قتل البشر مثل الخراف ، وما يزيد النفس حزنا ياسيدي أنهم يصلون ويكبرون باسم الله ويسبحون ولهم ملامح مثل ملامحنا .
أنهم يكرهون الإنسان تحت ذريعة المنكر وحقد الطائفية وكراهية الآخر ، وقد تشبعت قلوبهم غلظة وحقداً فباتوا لايعرفون غير القتل لغة ، وتفخيخ البهائم التي سبق وان طردتها من ملكوت الله لقتل اكبر عدد ممكن من خلق الله ، والذبح وسيلة وطريقة لشفاء مافي الصدور ، وحين يذبحون ينامون ملأ عيونهم ويأكلون ملأ بطونهم ويضحكون لما أنجزوه من عمل في ذبح الإنسان .
نتجمع حولك من كل الأديان ، نردد ما قاله الله (( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ )) ، فبحق قربك ووجاهتك إن تتعرف لنا على ما يجري في شوارعنا وفوق أجساد شبابنا .
جياع وصائمين من تقتلهم أجساد البهائم المفخخة ياسيدي ، ولم تكن وجوههم عابسة فالفقراء دائما يبتسمون ، ولم يعطروا وجوههم فلم يلحقوا خبزتهم فالله يعطر ارواحهم ، وهم لايملكون سواها ، وتراكضوا غبشا لعملهم أملا بأجور تقيهم وأطفالهم جوع الدنيا .
بأسم الله يبدءون الذبح وبأسم الله يمسحون السكاكين الملوثة ، وباسم الله يصرخون عند بدء تفجير البهيمة لنفسه ، وقبلها باسم الله ربط أحدهم الحزام الناسف حول صدره وظهره وقرأ له أقوال مقدسة وآيات اكثر قداسة من الرب الجليل ، وأنت تقول ليس كل من يقول يارب .. يارب يدخل ملكوت السماء ، وسيقول الرب لهم ابتعدوا عني يافاعلي الآثم .
ياسيد السلام أنهم يعلنون الحرب على الفقراء باسم الدين ، ويعلنون الفتاوى التي تبيح القتل وسفك الدماء وتحث الناس على قتل بعضهم ، ويصرخون بصوت يشبه صوت الأفاعي أنهم ( طائفيون وحاقدون ) ، فتقول أن كل كلمة باطلة يتكلم بها الناس سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة ، فأنك بكلامك تبرر وبكلامك تدان .
وأنت تدور في حارات الفقراء وتعلن ان المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة ، لاتستغرب من وجل الناس وخشيتهم إن تطل رؤوسهم عليك من بيوتهم ، فالرعب داخل قلوبهم ومع خبزهم ليلا ونهارا ، لاأحد ينشد للسلام اليوم ، فقد تحول المتناحرين لفرق تبطش بالبسطاء والفقراء والضعفاء والأبرياء لعلهم يغيضون بعض ، ومن يحترق هم من المساكين والبائسين والفقراء .
وتقول لنا أغفر لمن يخطئ ، ليس الخطأ اليوم ما نغفره للآخرين ، وإنما ياسيدي لم يعد بالإمكان إن كل ما يطلب بالصلاة بأيمان يناله الإنسان لأن الرب بات يشيح بوجهه عنا ، فقد انتشر الشر وساد العقول وسيطر على الأرواح ، حتى بات من يمارس الأجرام مفتيا ومتعبداً ورجل يتخذ الدين مطية ، وبات من يحث الخطى ليجد له مكانا رفيعا في زائلة من الدنيا يتقاتل ليكون له مركزا أو منصبا .
وانت لم تزل تقول لنا إن احبوا اعداءكم وباركوا لاعنيكم واحسنوا معاملة الذين يبغضونكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويضطهدونكم ، ولكنهم ياسيدي لايدعوننا نصلي لأجلهم ، فخناجركم مشحوذة فوق رقابنا تقتلنا على جريرة الأسم والهوية والمناطقية ، هب لنا فسحة من الزمن نستطيع معها إن نحبهم وان نعلن إننا نحسن معاملتهم ، فعند ركوعنا ستنفصل رؤوسنا عن الأجساد بفتوى شرعية .
وتقلب وجهك نحو السماء ثم ترتد الينا تقول لنا وماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ، ونحن معك نسأل عن الربح الذي سيجنون ومن قبلهم من اخذ أرباح الدنيا وأموالها ؟ وهم في غيهم يخسرون الله وأنفسهم ، ويحيلون حياة الإنسان الذي اصطفاه الله على كثير من المخلوقات وأكرمه وأحسن إليه الى جحيم وخوف وهلع وإرهاب .
نعم انه ميلادك ياسيد السلام ، فلا تنزع غصن الزيتون الذي يكلل جبهتك الناحلة ، ولاتمسح الدم المتيبس وماعلق برجليك من الحصى والأشواك ، الآم البشر تكاثرت وتنوعت وصار بعض بنوه افاعي وفريسيين ، وتحول القتل وشرب أنخاب الدم الى طقوس وأعراف ، وصار القتل دون سبب ودون وعي هواية يمارسها حتى ممن لادين له ولاضمير .
أحمل صليبك واحتفظ بأكليل الشوك ولك منا كل السلام في ميلاد السلام ، وحافظ على غصن الزيتون الذي تحمله بين ضلوعك فلم يعد لنا به حاجة ، فقد تحول القطيع الى ذئاب مفترسة تأكل بعضها ولاتعرف سبب هياجها ، ولم يعد غصن الزيتون علامة في مدننا وحاراتنا حيث يهرب الناس من بيوتهم حفاة وعراة .
نسمعك وانت تغادرنا حاملا الصليب تقول : اجعلوا الطريق مستقيمة إمام الرب .. أجعلوا الطريق مستقيمة إمام الله ، ثم يضيع الصوت تدريجيا في البرية .