بمناسبة إعدام صدام: قتلناك يا آخر الأغبياء!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قتلناك.. ياآخر الأنبياء
قتلناك...
ليس جديدا علينا اغتيال الصحابة والأولياء
فكم من رسول قتلنا
وكم من أمام ذبحنا.. وهو يصلي صلاة العشاء
فتاريخنا كله محنة وأيامنا كلها كربلاء...
هذه ليست كلماتى فى رثاء صدام حسين ولكنها كانت قصيدة نزار قبانى والتى كتبها عام 1970 فى رثاء جمال عبد الناصر.
وأنا أكره كل دكتاتور على مر التاريخ، وفى تصورى أن مشكلة كل دكتاتور هو الغباء الشديد، فهو يحب نفسه لدرجة الغباء وشعوره بذاته يتفوق على شعوره الوطنى والإنسانى.
وأضرب لكم مثلا بأكبر دكتاتور فى التاريخ: "أدولف هتلر"، إنتشل بلده العظيمة ألمانيا من ذل هزيمة الحرب العالمية الأولى، ومن الركود الإقتصادى العالمى فى نهاية عشرينيات القرن الماضى، وأعاد صنع دولة عظمى فى خلال سنوات معدودة وإستغل فى هذا عظمة وحب العمل وإتقانه لدى الشعب الألمانى، ولكنه بدلا من الإستمرار فى سياسته الإقتصادية الرائعة، فجأة "طلعت فى دماغه" أن يبدأ فى غزو جيرانه، فقام بأخذ النمسا، وقلنا: "مايضرش النمسا مهما كان بيتكلموا ألمانى وتعتبر تقافة ألمانية واحدة "، ثم فجأة قام ب "غزوة" بولندا وإستمر فى غبائه وأخذ يغزو كل أوروبا حتى روسيا لم تسلم من "غزواته" وقتل من قتل من أهل بلده لا لشئ إلا لأنهم يهود، وإستمر فى غبائه حتى اللحظة الأخيرة فى حياته وحتى إنتحاره.
...
أما صدام "ولد العشائر" فكان لديه فرصة عمره لكى يبنى العراق لكى يكون فى مصاف الدول الصناعية المحترمة، فالعراق لديه كل مقومات النهضة، لديه ثانى أكبر إحتياط بترولى فى العالم، لديه أرض خصبة ومياه وفيرة، موقعه متميز فى الشرق، لديه حضارة وتاريخ عريق، لديه موارد بشرية ممتازة من مهنيين ومهندسين وعمال وفلاحين، ولكنه بدلا من أن يستثمر أموال العراق فى التنمية، فجأة: "طلعت فى دماغه" وقرر الهجوم على إيران إستجابة لأصدقائه الأمريكان فى هذا الوقت، وإستطاع بغباء منقطع النظير أن يفرغ الخزينة العراقية الدسمة والسمينة على حرب إستنفدت مقدرات العراق وإيران، وإضطرت بلدان الخليج بغباء منقطع النظير أيضا على مساندته فى تلك الحرب العبثية (وليست البعثية)، ولما بدأت بلدان الخليج فى مطالبته بتسديد ما عليه فى حرب إيران، فجأة: "طلعت فى دماغه" مرة أخرى وبغباء يحسد عليه فى غزو الكويت جزاء لها على مساندته فى الحرب!! ولما تدخلت أمريكا لإنقاذ مصالحها فى الخليج أصر بعناد على عدم الإنسحاب من الكويت، وإنهزم شر هزيمة فى "أم المعارك" وعاد إلى بغداد يصب غضبه على أبناء شعبه من شيعة وأكراد وسنة، ولم يسلم من شروره حتى زوجى إبنتيه والذين قتلهما بعد أن أعطاهما الأمان للعودة من الأردن.
وبغباء شديد وتحت الحصار الإقتصادى من أمريكا ومن الغرب راح يعبث مرة أخرى بأموال البترول من أجل الغذاء والدواء، وراح يعطى" كوبونات الجاز" يمينا ويسارا ويشترى أسلحة من السوق السوداء لمحاربة من: أمريكا؟!! وكان أهبل شخص فى مستشفى المجانين يدرك أن الرئيس بوش الأبن، "بيتلكك" لضرب صدام، ولكن صدام بدلا من أن يسمح لمفتشى الأمم المتحدة فى الإستمرار فى التفتيش على الأسلحة الوهمية والتى لم يمتلكها أبدا، أخذ يلعب معهم لعبة القط والفار، وصدق التقارير الأمريكية المفبركة بأن الجيش العراقى هو رابع جيش فى العالم، وأخذ يكذب حتى صدق نفسه ووقع مرة أخرى فى الفخ الأمريكى وصدق أن تلك المعركة ليست "أم المعارك" ولا "أخت المعارك"، ولكنها معركة: "حواسم صدام ضد العلوج الأمريكان"، وصدقه العديد بغباء منقطع النظير، وكانوا ينتظرون سقوط أمريكا على أقدام بغداد، وفجأة تبخر صدام وجيشة، حتى تم القبض عليه فى جحر الفأر الشهير ومعه شنطة مليئة بالدولارات.، ولم ينقطع عنه غبائه حتى أثناء محاكمته، وكان فى مقدوره أن يحول تلك المحاكمة إلى محاكمة سياسية حقيقية، ولكنه بدلا من ذلك أخذ يكيل الإهانات إلى المحكمة ورئيسها مما حول المحاكمة إلى مهزلة حقيقية، وتمسك بغبائه العنيد حتى آخر لحظة..
....
الزعيم الحقيقى هو من يقود الجماهير ويحقق لها التنمية، ويحقق مكان فى مدرسة محترمة لكل طفل وطفلة، وظيفة لكل شاب وشابة، كرامة لكل مواطن..
أما الزعيم الغبى فهو كل من يسير وراء الغوغاء بدلا من قيادتهم، هو من ينتشى لتصفيق الغوغاء وهم يهتفون: "بالروح بالدم نفديك يا..."، وعندما يحين وقت الخطر لا تجد عندهم لا روح ولا تجد عندهم دم.
نريد زعيما يخرج الغوغاء من غوغايئتهم، نريد زعيما يعلمهم ويجعل منهم مواطنين لا رعايا، يجعل منهم أحرارا لا عبيدا.
نريد زعيما يخرج من الحكم معززا مكرما بعد أن يخدم شعبه.
لا نريد زعيما حاكما مؤبدا مع الشغل والنفاذ.
لا نريد زعيما يدعى أنه المهدى المنتظر، نريد زعيما مننا وعلينا، مواطن مثلنا له ما له وعليه ما علينا.
نريد زعيما يستثمر ذكائه فى خدمة شعبه، ولا يستثمر غبائه فى القضاء على مقدرات شعبه.
فهل ياترى سوف سيكون صدام آخر الأغبياء؟!!
أشك فى هذا.
samybehiri@aol.com
(سوف أستأنف حكاية: "سعيد أبو المعاطى المواطن الديموقراطى" هذا الأسبوع)