كتَّاب إيلاف

أهكذا نجازي المسيحيين؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

"شجرة ميلاد اصطناعية صغيرة مزينة ببعض المصابيح والبالونات اتخذت زاوية محددة داخل بعض المنازل، هي كل مظاهر الاحتفال السنوي بعيد الميلاد الذي عاشه المسيحيون في العراق هذا العام". هكذا وصفت بعض الصحف تفاصيل احتفالات المسيحيين العراقيين في العاصمة العراقية، بعيد الميلاد.
إما لماذا يحدث ذلك، فله سببان، الأول هو، كما ذكرت الصحيفة إياها، إن المسيحيين امتنعوا عن إبراز مظاهر العيد في حدائق منازلهم أو الأماكن العامة، حتى لا يجرحوا مشاعر أشقائهم ومواطنيهم من غير المسيحيين، المنكوبين بأعزة لهم اختطفهم الموت، نتيجة لأعمال العنف التي يشهدها العراق. وهذه البادرة ليست غريبة، قط، عن نبل العراقيين المسيحيين ومروءتهم، وهي تستوجب الشكر والامتنان. وبدلا من أن يحيي البعض منا، نحن المسلمون (أقول جيدا: البعض)، هذه التحية العراقية المسيحية، بتحية أحسن منها، أو على الأقل الرد بمثلها، تماشيا مع تعاليم الإسلام السمحاء، فأن هولاء "البعض" راحوا يواصلون تطبيق سياستهم التعسفية ضد العراقيين المسيحيين. فقد تمت مضايقتهم، وتفجير بعض كنائسهم، وحرق محلاتهم التجارية وهي مصدر رزقهم الوحيد، بذريعة بيع الخمور. وأخر فعل همجي ضدهم هو، ذبح رجل دين مسيحي، والتمثيل بجثته، في 16/10/2006 في مدينة الموصل.
تقول امرأة مسيحية من بغداد: " إنها نصحت أحدى صديقاتها المسلمات بعدم زيارتها في منزلها لتبادل التهاني، لأن المجموعات المسلحة التي تفرض سيطرتها على المنطقة التي تسكنها قسمتها إلى أحياء ولا تسمح لغير ساكني الحي بالدخول إلى المناطق السكنية".
ويقول عراقي مسيحي من بغداد، أيضا: "إنه قضى أعياد الميلاد العام الماضي في القرية التي نزح منها أجداده في دهوك، حيث يعيش المسيحيون هناك حياة أفضل، عكس المسيحيين الذين يسكنون في بغداد الذين اضطر معظمهم إلى مغادرة البلاد أو النزوح إلى قراهم الأصلية بعد تعرضهم للتهديد من الجهات المسلحة ورجال دين متشددين (صحيفة الحياة في 26/12/2006)".

"جهات مسلحة" و"رجال دين متشددون". أي تسميات مهذبة هذه!

قل: هم البرابرة القادمون إلى القرن الحادي والعشرين، من عصور ما قبل التاريخ.
قل:هم البرابرة الذين يريدون مسح ذاكرة الإنسان العراقي، ليجردوه من أي حصانة تاريخية، أو عصمة أخلاقية، أو لحمة وطنية، أو وشيجة بشرية، ويجعلوه، مثلهم، وحشا كاسرا.
يريدون أن يحولوا العراقيين كلهم إلى كواسر وضواري بهيئات بشرية، ليصبحوا أشرس ألف ألف مرة من الذئاب، فينطبق، آنذاك، على من يفلت من ثقافتهم، أعني الإنسان العراقي الذي يحتفظ بآدميته، قول القائل:
عوى الذئب فاستبشرت بالذئب إذ عوى/ وصوح إنسان فكدت أطير.

الذاكرة، الذاكرة العراقية الجمعية، الذاكرة التاريخية، الذاكرة الدينية، الذاكرة السياسية، الذاكرة الاجتماعية، الذاكرة الثقافية، الذاكرة، الذاكرة، الذاكرة العراقية الجمعية هي، ألد أعداء هولاء البرابرة، بكل تسمياتهم وأوصافهم وانتماءاتهم.ما من شيء يخيف هولاء البرابرة مثلما تخيفهم الذاكرة.أنظر إلى عين الواحد منهم كيف تنطفئ ذبالتها، وإلى وجهه كيف يصفر، وإلى إهابه كيف يرتعش هلعا، وأنت تروي له هذه الواقعة من تاريخ العراق القريب:

كان سكان منطقة باب الشيخ ببغداد، وغالبيتهم العظمى من السنة، ينتظرون بلهفة حلول أيام عيد الأضحى وعيد الفطر، وعيد النوروز الذي يحل في ربيع كل عام. فإذا حلت واحدة من هذه المناسبات، يجتمع الشيخليون، جماعات جماعات، قرب ضريح الشيخ عبد القادر الكيلاني (قال ابن السمعاني عن الشيخ الكيلاني، واصفا تقواه وكثافة الشحنة العاطفية الإنسانية عنده " فقيه صالح، كثير الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة)، ويتوجهون من هناك إلى نهر دجلة، فيستأجرون السفن والقوارب الشراعية، وينطلقون بها صوب منطقة سلمان باك، حيث ضريح الصحابي الجليل سلمان الفارسي. وطوال أيام ذاك الكرنفال الرائع (كانوا يطلقون عليه تسمية "الهلاي"، بتضخيم اللام الثانية) يظل الشيخليون يهزجون، على إيقاع الدبكات والأغاني: (من أبو صالح "الشيخ عبد القادر الكيلاني" لبو داود أجينا/ من أبو صالح لبو داود أجينا). فيلاقيهم أشقائهم الشيعة القادمون من أطراف منطقة سلمان باك، بأهزوجة موازية: عيدك مبارك يا سباح القلب/ صفكة وهلاهل على طول الدرب. "هذه قصص أصبحت في ذمة التاريخ الذي مات واندرست ملامحه"، هكذا سيرد عليك البرابرة القادمون من عصور ما قبل التاريخ.

هل، حقا، يموت التاريخ؟
على خلفية من، إذن، تتبادل مناطق بغداد، هذه الأيام، "الهاونات"؟
قلت "مناطق" بغداد؟! أبدا، أبدا، هم برابرة مناطق بغداد، الذين ينتقون من التاريخ أكثر نقاطه اختلافا، ويتركون، عامدين متعمدين، أكثر جوانبه تسامحا.

أيموت، مثلا، "تاريخ" الشابشتي المتوفي سنة 388 هجرية/998 ميلادية؟

في سفره الرائع (الديارت) الذي حققه اللغوي والمؤرخ الأستاذ كوركيس عواد (وبالمناسبة فأن كوركيس عواد وأخاه ميخائيل عواد، والأب انستاس الكرملي هم، بعض من نجوم العراق الزاهرة الذين يحق أن يفتخر بهم، ليس المسيحيين فحسب، وإنما جميع العراقيين)، يذكر أبو الحسن علي بن محمد الشابشتي "ديارات" النصارى في العراق، وكيف كان يتحول كل دير من تلك الديارات إلى "مضيف" تضم حناياه أهل العراق، كل أهل العراق، لا فرق بين نصاراهم ومسلميهم، شيعتهم وسنتهم، سوقتهم وأكابرهم، خلفائهم ورعيتهم، علمائهم وخلعائهم: المعتمد، المتوكل، المعتز، المأمون، الحسين بن الضحاك، أبو نواس، عبادة المخنث، مطيع بن إياس، أبو العيناء الشاعر، ابن جمهور العاشق لأهل البيت عليهم السلام، هند بنت النعمان، جحظة البرمكي، وآخرون كثيرون. وفي كتابه (الديارات) يذكر الشابشتي، كيف كان أهالي بغداد، التي (يا للعار) ضاقت هذه الأيام السوداء بنصاراها، يتدفقون، زرافات ووحدانا، تماما على طريقة البغداديين أيام "الهلاي"، ولكن هذه المرة، صوب ديارات أشقائهم النصارى، ليشتركوا وإياهم في احتفالاتهم الدينية.

لنترك الشابشتي يتحدث، لنتركه يرد على برابرة هذه الأيام الذين ولغوا في دماء أهل العراق، لنتركه يعلق على ما يحدث في كل دير (كل ما سيرد هو للشابشتي. وما يرد بين قوسين ( ) ليس من عندنا إنما للمحقق):

دير درمالس. هذا الدير في رقة باب الشماسية ببغداد. وموقعه أحسن موقع. وهو نزه كثير البساتين والأشجار. وبقربه أجمة قصب. وهو كبير، آهل برهبانه وقسانه والمتبتلين فيه. وهو من البقاع المعمورة بالقصف، والمقصودة بالتنزه والشرب. (...) وعيده أحسن عيد، يجتمع نصارى بغداد إليه، ولا يبقى أحد ممن يحب اللهو والخلاعة الا تبعهم. ويقيم الناس فيه الأيام، ويطرقونه في غير الأعياد.
ولأبي عبد الله بن حمدون النديم ( أديب لغوي من أهل المائة الثالثة للهجرة) فيه:
يا دير درمالس ما أحسنك ويا غزال الدير ما أفتنك
لئن سكنت الدير يا سيدي فأن في جوف الحشا مسكنك

وكان من خبر هذا الشعر، ما ذكره أحمد بن خالد الصريفيني (تولى الخراج بمصر، ونسبة الصريفيني، قرية بواسط وأخرى ببغداد) ، قال: كنا عند أبي عبد الله بن حمدون، في الوقت الذي نفاه فيه المتوكل، فتذاكرنا الديارات، وطيبها وحسنها في الأعياد، واجتماع الناس بها. فقال: قد، والله، شهيتني لحضور هذه المواضع، والتفرج فيها، والتسلي بها، فأي دير منها قد حضر عيده؟ قلت: دير درمالس، وغدا عيده. قال: فعلى بركة الله. فأعددت جميع ما يحتاج إليه ويصلح لمثله، وبكرنا إلى الدير، ونظرنا إلى اجتماع الناس وتعييدهم. وانصرف من انصرف، وأقمت معه في الدير ذلك اليوم ومن غده. وجلسنا منه مجلسا يشرف على تلك البساتين والمزارع. فشرب، وطابت نفسه وطرب، وقال الأبيات المتقدمة.

دير سمالو. وهذا الدير شرقي بغداد، بباب الشماسية، على نهر المهدي. وهناك أريحية للماء، وحوله بساتين وأشجار ونخل. والموضع نزه، وحسن العمارة، آهل بما يطرقه، وبمن فيه من رهبانه. وعيد الفصح ببغداد، فيه منظر عجيب. لأنه لا يبقى نصراني إلا حضره وتقرب فيه (تناول القربان على مذهب أهل النصاري) ، ولا أحد من أهل الطرب واللهو من المسلمين إلا قصده للتنزه فيه. وهو أحد متنزهات بغداد المشهورة، ومواطن القصف المذكورة. ولمحمد بن عبد الملك الهاشمي، فيه:
ولرب يوم في سمالو تم لي فيه السرور وغيبت أحزانه
وأخ يشوب حديثه بحلاوة يلتذ رجع حديثه ندمانه

دير الثعالب. وهذا الدير ببغداد، بالجانب الغربي منها، بالموضع المعروف بباب الحديد. وأهل بغداد يقصدونه ويتنزهون فيه، ولا يكاد يخلو من قاصد وطارق. وله عيد (هو أخر سبت من أيلول، إلا أن يكون أول تشرين الأول من السنة الآتية يوم الأحد، فيتأخر العيد إليه ويخرج من أيلول) لا يتخلف عنه أحد من النصارى والمسلمين.
وباب الحديد، أعمر موضع ببغداد وأنزهه: لما فيه من البساتين والشجر والنخيل والرياحين، ولتوسطه البلد وقربه من كل أحد. فليس يخلو من أهل البطالات، ولا يخل به أهل المتطرب واللذاذات. فمواطنه أبدا معمورة، وبقاعه بالمتنزهين مشحونة.

دير الجاثليق (الجاثليق يقابل في وقتنا هذا "البطريك"). وهذا الدير يقرب من باب الحديد. وهو دير كبير، نزه، تحدق به البساتين والأشجار والرياحين. وهو يوازي دير الثعالب في النزهة والطيب وعمارة الموضع، لأنها في بقعة واحدة. وهو مقصود مطروق، لا يخلو من المتنزهين فيه والقاصدين له.
ولمحمد بن أبي أمية فيه:

تذكرت دير الجاثليق وفتية بهم تم لي فيه السرور وأسعفا
بهم طابت الدنيا وتم سرورها وسلمني صرف الزمان وأنصفا

دير أشموني. وأشموني، امرأة بني الدير على اسمها، ودفنت فيه، وهو بقطر بل (قرية قرب بغداد، ينسب إليها الخمر) غربي دجلة. وعيده اليوم الثالث من تشرين الأول، وهو من الأيام العظيمة في بغداد، يجتمع أهلها إليه كاجتماعهم إلى بعض أعيادهم، ولا يبقى احد من أهل التطرب واللعب إلا خرج إليه، فمنهم في الطيارات (سفن نهرية سريعة الجريان) ومنهم في الزبازب (نوع من السفن النهرية الصغيرة) والسيميريات، كل إنسان بحسب قدرته. ويتنافسون فيما يظهرونه هنالك من زيهم، ويباهون بما يعدونه لقصفهم، ويعمرون شطه وأكنافه وديره وحاناته. ويضرب لذوي البسطة منهم الخيم والفساطيط، وتعزف عليهم القيان. فيظل كل إنسان منهم مشغولا بأمره، ومكبا على لهوه، فهو أعجب منظر وأطيب مشهد وأحسنه.

قبة الشتيق (الشتيق لفظة سريانية "شتيقا" بمعنى الساكت والصامت). وهي من الأبنية القديمة بالحيرة، على طريق الحجاج. وبإزائها قباب يقال لها الشكورة (من أصل سرياني "شكورا" بمعنى الزهر والورد)، جميعها للنصارى. فيخرجون يوم عيدهم من الشكورة إلى القبة، في أحسن زي، وعليهم الصلبان، وبأيديهم المجامر، والشمامسة والقسان معهم يقدسون، ويتبعهم خلق كثير من متطربي المسلمين وأهل البطالة، إلى أن يبلغوا قبة الشتيق. فيتقربون ويتعمدون، ثم يعودون بمثل تلك الحال، فهو منظر مليح.

دير الأعلى. هذا الدير بالموصل، يطل على دجلة، وهو دير كبير عامر. (...) والشعانين في هذا الدير حسن، يخرج إليه الناس فيقيمون فيه الأيام يشربون. ومن اجتاز بالموصل من الولاة نزله. (...) وكان المأمون، أجتاز بهذا الدير في خروجه إلى دمشق، فأقام به أياما. ووافق نزوله عيد الشعانين. فذكر أحمد بن صدقة، قال: خرجنا مع المأمون، فنزلنا الدير الأعلى بالموصل لطيبه ونزاهته، وجاء عيد الشعانين، فجلس المأمون في موضع منه حسن مشرف على دجلة والصحراء والبساتين، ويشاهد منه من يدخل الدير. وزين الدير في ذلك اليوم بأحسن زي. وخرج رهبانه وقسانه إلى المذبح، وحولهم فتيانهم بأيديهم المجامر قد تقلدوا الصلبان وتوشحوا بالمناديل المنقوشة. فرأى المأمون ذلك، فاستحسنه. ثم انصرف القوم إلى قلاليهم وقربانهم، وعطف إلى المأمون من كان معهم من الجواري والغلمان، بيد كل واحد منهم تحفة من رياحين وقتهم، وبأيدي جماعة منهم كؤوس فيها أنواع الشراب. فأدناهم، وجعل يأخذ من هذا ومن هذه تحية، وقد شغف بما رآه منهم.

دير قنى. وهذا الدير، على ستة عشر فرسخا من بغداد، منحدرا في الجانب الشرقي،بينه وبين دجلة ميل ونصف. وهو دير حسن، نزه، عامر. وفيه مائة قلاية لرهبانه والمتبتلين فيه، لكل راهب قلاية. وحول كل قلاية بستان، فيه جميع الثمار والنخل والزيتون. وعيده الذي يجتمع الناس إليه عيد الصلب (يقع عيد الصلب في اليوم الرابع عشر من كل شهر أيلول في كل سنة). وقد وصفته الشعراء. ولابن جمهور فيه:

يا منزل اللهو بدير قنا قلبي إلى تلك الربى قد حنا
سقيا لأيامك لما كنا نمتار منك لذة وحسنا
أيام لا أنعم عيش منا إذا انتشينا وصحونا عدنا

وبن جمهور هو أبو علي محمد بن الحسين القمي. وكان أبوه من رواة أهل البيت، صلوات الله عليهم، وحاملي الأثر عنهم. وكان أبو علي ظريفا، متأدبا، مليح الشعر والكتابة. وكنا نحضر مجلسه بالبصرة، فيملي أخبار أهل البيت، عليهم السلام. فإذا فرغ من الإملاء، ابتدأ جواريه فقرأن بألحان ثم قلن القصائد الزهديات. فإذا فرغن من ذلك، انصرف من انصرف واحتبس عنده من يأنس به، وعمل الغناء والشرب.

دير العذارى. وهو ببغداد، في قطيعة النصارى (من محال بغداد)، على نهر الدجاج ( محلة ببغداد من الجانب الغربي). وسمي بذلك لأن لهم صوم ثلاثة أيام قبل الصوم الكبير، يسمى صوم العذارى. فإذا انقضى الصوم اجتمعوا إلى هذا الدير فتعبدوا وتقربوا. وهو دير حسن طيب.
ولأبن المعتز في دير العذارى:

خليلي قم حتى نموت من السكر بحانة خمار مماتا بلا قبر
ونشرب من كرخية ذهبية ونصفح عن ذنب الحوادث والدهر
ألا رب أيام مضين حميدة بدير العذارى والصوامع والقصر

ولما خرج عبيد الله بن عبد الله بن طاهر من بغداد إلى سر من رأى، وكان المعتز استدعاه، نزل هذا الدير، فأقام به يومين واستطابه وشرب فيه، ثم قال هذه الأبيات:

ما ترى طيب وقتنا يا سعيد زمن ضاحك وروض نضيد
فاسقنيها راحا تريح من الهم وتبدي سرورنا وتعيد
واحثث الكأس يا سعيد فقد حث ك ناي لها وجرك عود

دير الخوات. (تحريف الأخوات، جمع أخت. ويراد بها هنا:الراهبة). وهو دير كبير عامر، يسكنه نساء مترهبات متبتلات فيه. وهو وسط البساتين والكروم، حسن الموقع، نزه الموضع. وعيده الأحد الأول من الصوم (يريد به الصوم الكبير عند النصاراى). يجتمع إليه كل من يقرب منه من النصارى والمسلمين، فيعيد هولاء، ويتنزه هولاء.

أرأيتم! يعيد هولاء، ويتنزه هولاء.
هكذا، كانت بغدادنا، أرضا للتسامح، ومهدا لتعايش الجميع. وما تزال بغدادنا هي هي. وهكذا كان عراقنا، موطنا للجميع. وما يزال عراقنا هو هو.
إما البرابرة القادمون إلينا من عصور ما قبل التاريخ، فهم يريدون أن تكون بغداد مسلخا بشريا، والعراق غابة ذئاب، يسكنها بشر لا جذور لهم، ولا تاريخ مشترك يرتبطون بأواصره.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف