كتَّاب إيلاف

طلبات فريق دفاع صدام مخالفة للقوانين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

من اول الصفات التي يوجبها قانون المحاماة العراقي رقم 173 لسنة 1965 المعدل ان يكون المحامي محمود السيرة وحسن السمعة وأهلا للأحترام الواجب لمهنة المحاماة، وكما اوجب القانون على من يريد مزاولة المهنة قبل ان يزاول عمله في المحاماة يؤدي يمينا يقسم وفقها بالله العظيم أن يؤدي أعماله بأمانة وشرف وأن يحترم القوانين ويحافظ على تقاليد المهنة وأدابها، وان يعكس هذا اليمين في اعماله ويترجمها الى افعال يتقيد بها.
ومن تقاليد المهنة أن يكون المحامي ظهيراً للعدالة وجزء مهم من منظومة العدالة وركن فاعل من أركان العمل القضائي، فأذا تحول المحامي الى وسيلة تعرقل سير العملية القضائية، فأذا فقد المحامي أي ركن من هذه الأركان عد خارجاً عن القانون ومخالفاً للشروط والأعتبارات التي توجبها الأمانة والشرف ويخرج كلياً من العمل القضائي بأعتباره لم يلتزم بموجبات الخلق الذي يلتزم به المحامي حتى وأن كان مستمراً في انتماءه للنقابة.
ومنح القانون العراقي الاهتمام اللائق للمحامي حين منع توقيفه عما ينسب اليه من جرائم القذف والسب والاهانة بسبب اقوال او كتابات صدرت منه اثناء ممارسته المحاماة، كما يعاقب كل من يعتدي على المحامي اثناء تأدية مهنته بذات العقوبة المقررة في الأعتداء على الموظف العام.
على ان القانون نفسه اوجب على المحامي أن يتقيد في سلوكه بمباديء الشرف والنزاهة والاستقامة وأن يقوم بواجبات المحاماة وفقا للقانون وأن يلتزم بما تفرضه عليه هذه المهنة من التقاليد والاداب.، والمهم هو ان على المحامي أن يسلك تجاه القضاء مسلكاً محترما يتفق وكرامة القضاء وان يتجنب كل ما يؤخر حسم الدعوى وأن يتحاشى كل ما يخل بسير العدالة أو بجلسات المحكمة، وتلك من الأمور المهمة التي ترفع من شأن المهنة.
وفي محاكمة المتهم صدام بقضية مجزرة الدجيل تقدم للدفاع عن المتهم صدام عدد من المحامين غير العراقيين مما يوجبه الموقف السياسي لهم بالدفاع عن المتهم لأرتباطهم ضمن منظومته السياسيةاو الشخصية وهو موقف منسجم مع مبدأ ان يكون لكل متهم مهما كانت تهمته محام للدفاع عنه، ويفترض أن يكون القانون العراقي حاضراً في مثل هذه الحالات حيث اوجب القانون انه يحق للمحامي في الدول العربية ان يترافع في ( قضايا معينة ) امام المحاكم العراقية في الدرجة المقابلة لدرجته (محددة مقيدة أومطلقة ) وبعد التثبت من أستمراره على ممارسة المحاماة (( بشرط المقابلة بالمثل ) وتم اعفاء المحامي السوري من هذا الشرط في القانون، كما يجوز للمحامي العراقي ان يشرك معه محامي اجنبي باذن من نقيب المحامين ووزير العدل العراقي.
النقطة المهمة التي لم تلتفت لها المحكمة الجنائية أنها قبلت محامي من دولة قطر ومحاميين من دولة الأردن دون أن تقم بتطبيق النص القانوني الموجب عليهما، فلم يتم التثبت من مبدأ العمل بالمقابلة بالمثل في المحاماة، كما لم يتم الحصول على أذن النقابة العراقية ولاموافقة السيد وزير العدل، لذا فأننا نعتقد ان وجود هذا النقص والخلل في وجود المحامين العرب ضمن فريق الدفاع الحاضر جلسات المحاكمة يوجب اعادة النظر في قبولهم وبقائهم ضمن قاعة المحكمة أو اخراجهم منها وعدم قبول ترافعهم وفقاً للقوانين النافذة.
كما ان القاعدة ( 29 ) من قواعد الأجراءات وجمع الأدلة الخاصة بالمحكمة الجنائية العراقية العليا جوزت للمتهم ان يوكل محامي غيرعراقي، الا انها في الفقرة ثالثا اوجبت الالتزام في سبيل تأدية الواجبات الالتزام بالنصوص ذات العلاقة سواء كانت في قانون المحكمة أو في قواعدها او في قواعد وانظمة اخرى، وعلى المحامي أن يلتزم بالقوانين الخاصة بممارسته لمهنته وبأخلاقيتها كما جاء بالنص، يعني هذا ضرورة التمسك بنصوص قانون المحاماة العراقي فيما يخص المحامي العربي والأجنبي.
هذا من جانب ومن جانب أخر فأن الطلبات التي يقدمها المحامين المذكورين حول نقل المحاكمة الى دولة عربية مخالف ليس فقط للمنطق، وانما لنصوص التطبيق القانوني من حيث المكان، وليس لأية دولة أية سلطة في أن تنظر قضية لدولة اخرى ليس لها فيها أية علاقة أو اختصاص فالأمر لايكون مزاجاً شخصياً او تمنيات شخصية، بالأضافة الى انطباق جميع نصوص الفصل الأول من قانون العقوبات العراقي بحق المتهم صدام من حيث الزمان والمكان وبقية الأختصاصات الواردة في القانون،بالأضافة الى كون الطلبات تشكل سابقة خطيرة في العمل القضائي لايمكن قبول أي تبرير او سبب يورده المحامين المذكورين في طلباتهم سوى الغرض السياسي المتعارض مع المنطق القانوني والعمل القضائي، كما أن طلباتهم تقرر ردها ورفض النظر بها وتم تصديقها من قبل الهيئة التمييزية، وأن عملية أشاعة هذه الطلبات التي تخالف قواعد العدالة والأجراءات والنطاق الوطني في التطبيق القانوني يخرج بالتصريحات عن واجبات المهنة التي أقسم المحامي على المحافظة عليها، ومن جانب أخر فأن طلب نقل القضية الى المحكمة الجنائية الدولية يتعارض مع قانون المحكمة الجنائية ذاتها أولاً، بالأضافة الى كون العراق ليس عضواً في الأتفاقية الخاصة بالمحكمة أذ يشترط قانون المحكمة ان تكون الدولة طرفاً في الأتفاقية، وأختصاص المحكمة يقوم على الأختصاص الأقليمي، بالأضافة الى تقيد المحكمة بأن تنظر القضايا التي وقعت بعد قيام المحكمة وليس لها اختصاص في النظر بما وقع من جرائم قبل قيامها أي انها تتقيد بقواعد الأختصاص الزماني ولايسري قانونها الا على الجرائم التي ارتكبت بعد أنضمام الدولة مما يعني أنها غير مختصة بالنظر في القضايا موضوعة المحاكمة.
كما ان تشكيل محكمة عراقية من القضاة والمحامين العراقيين تقوم بالتطبيق المباشر وغير المباشر لنصوص المعاهدات والمواثيق الدولية والاستعانة بأحكام المحاكم الجنائية الدولية بالاضافة الى ماتضمنه قانون العقوبات العراقي وقانون العقوبات البغدادي وقانون العقوبات العسكري التي من الصعب ان تجدها ضمن الاختصاص الدولي لانها بطبيعتها مكندرجة في الاطار التجريمي الوطني، وأن لاتخضع الجرائم التي تتم محاكمة المتهم صدام عنها للتقادم المسقط للدعوى الجزائية وللعقوبة.
أما من ناحية أنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة المتهم صدام، فأن الأمر ليس بيد القضاء العراقي الجدير بالتصدي لمثل هذه المهمة، اذ يتطلب الأمر قراراً دوليا يصدر من مجلس الامن، بالأضافة الى تعارض أنشاء مثل هذه المحكمة مع فاعلية القضاء الوطني العراقي الذي جسدته أنشاء المحكمة الجنائية العراقية العليا، وهي محكمة تتميز بأستقلاليتها حتى عن منظومة القضاء العراقي تحقيقاً ومحاكمة، كما تخضع قراراتها للطعن تمييزاً أمام الهيئة التمييزية وفقاً للقانون.
وفي سوابق خطيرة خرج فيها فريق الدفاع عن المتهم صدام عن أصول وتقاليد المهنة ونقلت عنهم الصحافة اتهامات شخصية باطلة خصت وزير العدل العراقي الدكتور مالك دوهان الحسن وهو عالم جليل وأستاذ متمرس وقانوني ضليع، بالأضافة الى مقابلات اوتصريحات في الصحافة لاتنم عن حرصهم الأكيد في معاونة القضاء العراقي من خلال سير العملية القضائية وفقاً للقوانين، وسعى الفريق قبل ان يختلف بعضه مع بعض في الأردن ويتم الأنفصال وتتوضح بعض الحقائق ان فريق الدفاع يحاول أستغلال الموقف سياسياً على حساب المتهم، والسعي في سبيل عرقلة عمل القضاء العراقي ووضع العصي والذرائع التي تريد اعاقة عملية أكتمال المحاكمات الجنائية العادلة، وظهرت أسباب تناقلتها الصحافة، منها ان الفريق يريد اعاقة عملية المحاكمة حتى يصير عمر المتهم 70 عاماً ليتجنب الحكم بالأعدام، وهذا التصريح وأن يشكل خروجاً لسلوك المحامي الذي يطلق الحكم على موكله قبل ان يحكمه القضاء، فأن هذا السبب الواهي لاوجود له في القانون العراقي وهو القانون الذي سيتم تطبيقه والحكم بموجبه وأن مثل هذه التصريحات ليس لها سند في القانون العراقي.
كما أن ( زعل ) فريق الدفاع وخروجهم وأنسحابهم من قاعة المحكمة أكثر من مرة، يدلل على أن هذا الفريق الذي يريد أن يسجل موقفاً سياسياً لايقدم ولايؤخر ولايفيد المتهم بأي حال من الأحوال، بل العكس انما يحدث ضرراً بليغاً بحقوق موكلهم، ولايحدث أي ضرر في جدار المحكمة، التي ستلجأ حتما الى تطبيق أحكام المادة 144 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل بأنتداب أحد المحامين العراقيين للدفاع عن المتهم وأن تدفع الخزينة أتعاب المحامي المذكور، وكما أن القاعدة 30 من قواعد الأجراءات وجمع الأدلة الخاصة بالمحكمة الجنائية العليا كشفت ان هناك مكتب للدفاع يطالع القضايا ويستوعبها وهو جاهز للدفاع عن المتهمين الذين يتخلى عنهم محاميهم أو ينسحبون من جلسات المحكمة أو لأي سبب أخر.
أن سلوك طريق المماطلة والمراوغة في الطلبات بقصد تأجيل المحاكمة وعرقلة أجراءاتها القانونية، اضافة الى السلوك الغريب في خرق قواعد العدالة وعدم أحترام المحكمة والتحدث دون أذن القاضي والاستخفاف بالشهود والمشتكين والضحك دون سبب والأشتراك في التحدث مع أخرين في قفص الاتهام لأرباك عمل المحكمة، فأن هذه الأساليب لاتنم عن تصرفات تليق بالمحامي وبالعدالة، كما أنها لاتزيد المتابع الا استهجانا لتلك التصرفات التي تدلل على ان فريق الدفاع يحاول أن يقدم صورة غير حقيقية لما يجري، فيتقدم بطلبات الحماية من القوات الأمريكية، ويكون تحت أمرتهم وبواسطة آلياتهم والأنتقال بواسطة طائراتهم، ومحاولة أن يفرض على المحكمة العراقية شكل مكان السكن والخدمات التي يريدون ان توفرها لهم المحكمة، وكأن فريق الدفاع في سفرات سياحية.
كما أن طلب المحامين من رئيس المحكمة الاستقالة يعد تعدياً على القضاء العراقي وتدخلاً في عمله مما يوجب المسائلة القانونية وأتخاذ الأجراءات بحق من صدر منه مثل هذا التصريح، كما انه يشكل اساءة بليغة بحق قاضي عراقي عرف بعدالته ونزاهته وحكمته ورعايته لحقوق الإنسان، لأن القانون نص على سلوك الطريق القانوني الذي يوجب انه اذا شعر احد الخصوم ان هناك خطا قانوني جسيم ارتكبه القاضي او مخالفة لقانون او امتنع القاضي عن احقاق الحق بطلب يتقدم به من يشعر بهذا الحيف يقدم الى مرجعه دون ان يتضمن الطلب عبارات غير لائقة في حق القاضي أو المحكمة، وقد نص قانون المرافعات المدنية على الطريقة والتفصيل في باب الشكوى من القضاة، اما ان يدلي احد المحامين بتصريح الى أحدى الصحف ويزعم ان موكليه تعرضوا لعبارات نابية من القاضي رئيس المحكمة، فهذا الأمر ليس باطلا وافتراءاً رخيصا فقط أنما أن جلسة المحاكمة تم تسجيلها وبثها على الهواء مباشرة، و يشكل هذا الزعم الباطل توجيه أهانة بالغة للقضاء العراقي يوجب اتخاذ الأجراءات التي تتناسب مع هذه الأساءة والأفتراء غير المبرر، فطلبات تغيير القضاة ليست طلبات المستمعين أو المشاهدين، كما أن القضاة وأعمالهم ليست تحت سلطة المحامين العرب والأجانب ولاتخضع لمزاجهم، وأنما ينظمها قانون وتحكمها نصوص وبغير تلك القوانين والنصوص سيبقى فريق الدفاع عن المتهم صدام لايعي هذه المسالك القانونية ولايعرف هذه النصوص وأبتعاده عنها دليل على الجهالة بالقوانين التي يفترض علمه بالحد الأدنى منها على الأقل.
كما ان عدم حضور أي من وكلاءالمتهم صدام لايضر سوى بالمتهم وحده فالمحكمة ماضية في أجراءاتها القانونية، وتستكمل يوما بعد يوم من الأجراءات ما يجعل القضية قريبة من الحسم وتحقيق القرار القضائي العادل، بالأضافة الى الأداء القانوني الذي صدر من رئيس المحكمة خلال الجلسة الأخيرة في فرض سيطرته على المحكمة والذي اوجبته المادة 153 من قانون الأصول، بالأضافة الى تطبيقه احكام المادة 158 من القانون في اخراج بعض المتهمين ممن اخلوا بنظام الجلسة، علما بأن للمحكمة ان تمنع وكلاء المتهم من الأسترسال في الكلام اذا خرجوا عن موضوع القضية المعروضة، وأخلوا بنظام المحاكمة.
ونجد ان الأفتراء على قاضي من قبل المحامي يعد خروجاً عن شرف المهنة وتعدياً صارخاً على مباديء الشرف والنزاهة، ولم يسبق للمحامين العراقيين أن مارسوا مثل هذه الأفعال المشينة التي يترفعون عن القيام بها تجاه زملائهم القضاة، وقد أتسم المحامي العراقي تمسكه بقيم وأخلاق المهنة وعدم أنجراره وهبوطه ذلك الهبوط المشين حتى في أحلك الفترات السياسية التي حكمنا بها المتهم صدام بالحديد والنار.
الأخلاق والشرف يدعوان للتمسك بالقيم الفاضلة واخلاق المهنة، وليس الشهادة الأكاديمية وحدها من يستطيع أن يجعل المحامي متمسكا بالشرف والأحترام، انما الممارسة الشريفة والأخلاص للحق والعدل، والصدق في الأقوال والتمسك بمباديء التطبيقات القانونية والسلوك المهني الخالي من التلويث، وتطبيق الآية الكريمة التي تقول ( رب لاتجعلنا مع القوم الظالمين ) في عملهم ومواقفهم في مساندة العدالة، وأن لاينس المحامي بأنه قاض واقف وعليه أن يوازن تصريحاته فقد بائت التصريحات التي أطلقها بعض أعضاء فريق الدفاع ضد شخص السيد وزير العدل السابق بالفشل الذريع وأنكشفت حقيقة القصد، كما جاءت التصريحات التي توظفها جهات سياسية لمصالحها المادية والشخصية أن تتعكز عليها لعلها تتصور انها تنجح في أن تجني ثمار زرعها في الهواء، وبعد كل هذا فأن المحامين المنسحبين لايستحقون اتعاب المحاماة التي كلفوا بها بالاضافة الى الاخلال الذي حدث بواجبات المهنة اكثر من مرة بما يحط من قدر المحامين ويمس كرامتهم مما يوجب المسائلة القانونية، مع يقين علم فريق الدفاع ان ماقدموه لموكلهم لايساوي شيئاً امام تراكم الأدلة والوقائع التي باتت تتراكم يوما بعد يوم، ودون ان يلتفتوا كونهم فوتوا فرص عديدة لصالح موكلهم وقلبوها ضده مما يجعل وجودهم دعائيا لهم شخصيا على حساب حياة المتهم ومصيره، وقد استهل رئيس المحكمة جلسة المحاكمة الاخيرة بمقولة علي بن ابي طالب فيلسوف الامة وحكيمها ( أذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك )، وفي تلك المقولة الحكيمة عبرة لمن أعتبر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف