الإرهابى الذى أغرق العبارة المصرية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فجعت عندما سمعت نبأ غرق الباخرة، وأرجو أن يزيد عدد الناجين ولكن حتى تاريخ كتابة مقالى هذا ما زال هناك حوالى الألف فى عداد القتلى والمفقودين، وهو رقم هائل، وإذا قارنا عددا سكان مصر بسكان الولايات المتحدة فإن عدد الضحايا (بالنسبة والتناسب) يزيد عن ضحايا 11 سبتمبر، صحيح أن 11 سيتمبر الأمريكية كانت بفعل فاعل إرهابى، ولكن إسناد جريمة غرق العبارة المصرية إلى القضاء والقدر فقط lsquo; فيه ظلم للقضاء والقدر، وإنما يجب علينا أن ننسبها إلى الإرهابى الحقيقى، وهو الإهمال والجشع، وإنعدام قيمة المواطن.
ولمن لا يعرف فإن ركاب تلك العبارات المصرية هم من فقراء وغلابة المواطنين والذين لا يتمكنوا نظرا لضيق ذات اليد من ركوب الطائرة، وهم عمال وفلاحين يعملون فى السعودية لرعاية أسرهم فى مصر، وبعضهم يذهب للحج والعمرة ويتخلف قليلا على أمل أن يعمل له قرشين يساعدوه فى حياته، وهم فى النهاية يمثلون قاع المجتمع، وبما أنهم فى قاع المجتمع، فلابأس من عدم الإهتمام بالتفتيش على عباراتهم، ولا بأس من تكديسهم فى تلك العبارات القديمة. وهناك عدة أسئلة هامة يجب أن نطرحها على أنفسنا وعلى المسئولين (لو كان هناك مسئولين):
أولا: هل صحيح ما قيل على لسان إحدى شركات التأمين على الملاحة العالمية من أن هذه العبارة تفتقد مقاييس السلامة العالمية، لذلك فإنها ممنوعة من الإبحار فى موانى أوروبا؟ وهل صحيح أننا نشترى مراكب أوروبا الخردة وطائرات أوروبا الخردة ونقوم بدهانها بوية ونشحن فيها الغلابة؟!!
ثانيا: هل صحيح أنه لم يكن هناك على العبارة قوارب إنقاذ تكفى كل ركابها، ولم يكن هناك سترات نجاة كافية لكل ركابها كما تقتضى اللوائح العالمية والإنسانية؟
ثالثا: هل صحيح أن طاقم العبارة لم يكن مدربا على مثل هذه الكوارث؟ وهل صحيح أنه حدثت فوضى فى السفينة فى أعقاب ميلها مما أدى إلى الغرق؟
رابعا: لماذا مكث بعض الناجين لمدة 48 ساعة فى المياه قبل أن يتم إنقاذهم؟ هل تحركت أجهزة الإنقاذ السعودية والمصرية بالسرعة الكافية؟ وهل كان لديها المعدات والأطقم المدربة على تناول مثل هذه الكوارث؟
خامسا: هل تم طلب الإستعانة ببعض المراكب الموجودة فى المنطقة فى هذا الوقت؟ لقد قرأت أن هناك مركب بريطانى تحركت للمساعدة فى الإنقاذ.
سادسا: نريد أن نرى دفاتر التفتيش الدورى على مثلل هذه المراكب للتأكد من مطابقتها للمواصفات العالمية؟
سابعا: لقد سمعت أحد الناجين من طاقم العبارة يقول: بأن عند إندلاع الحريق فى ماكينات العبارة بدأ إطفاء الحريق بالمياة، وكانت كمية المياه كبيرة جدا بحيث تسببت فى غرق العبارة؟ فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحا لماذا لم تستخدم أجهزة إطفاء إتوماتيكية حديثة مثل التى تستخدم فى الأماكن المزدحمة فى العالم كله والتى لا تستخدم المياه فى إطفاء الحريق؟
ثامنا: هل صحيح أن قبطان العبارة قد هرب مع بعض أفراد طاقمه فى قارب إنقاذ وترك الركاب يواجهون مصير الموت؟
ثاسعا: هل إهتمام مصر كلها بالدورة الأفريقية سوف تصرف الإنتباه عن الكارثة، والتى تعتبر الأكبر فى تاريخ مصر الحديث؟
عاشرا: ماذا فعلنا وسوف نفعل لأهالى الضحايا؟ هل سنصرف لهم التعويضات المتواضعة والتى لا تشترى أكثر من بقرة ومعزة؟ هل هناك تأمين على حياة الركاب مثلما فى كل الشركات والبلاد المحترمة؟
حادى عشر: لماذا لا نبدأ فى تخصيص حملة عالمية لجمع تبرعات لضحايا العبارة؟ الأموال مهما بلغ حجمها لن تعيد الضحايا لأهليهم، ولكن على الأقل سوف تساهم فى إستكمال تعليم طفل يتيم، أو زواج شابة يتيمة، أو فى إعاشة أرملة مكلومة، أو فى إسكان عائلة أحد الضحايا.
ثانى عشر: هذا سؤال على المستوى الإنسانى، لماذا نجد أن معظم ضحايا الكوارث الكبيرة هم من الفقراء والغلابة؟ حدث هذا فى مصر فى حوادث إحتراق قطار الصعيد و غرق العبارات وتهدم منازل الفقراء، ويحدث أثناء الحج من وقت لآخر وفاة المئات من فقراء الحجاج، ويحدث فى الهند وباكستان والصين، حتى أمريكا لم يسلم فقراء نيو أورليانز من الموت غرقا أثناء إعصار كاترينا؟ هل نلوم الفقراء، ونقول أنهم لا يعرفون كيفية التصرف فى مواجهة الكوارث، بمعنى آخر أن (المرحوم غلطان)، أم أن الإنسان بطبعه لا يهتم بالضعفاء، وأن الفقراء لا نصيب لهم فى الدنيا، وكفاية عليهم نصيبهم فى الآخرة، أعتقد أننا ما زلنا نعيش فترات بدائية من التاريخ الإنسانى، والإنسان لا يزال أمامه الكثير ليصل إلى الرقى والرفعة والرحمة والحس الإنسانى الذى يدعى أنه وصله.
ثالث عشر: هل عرفتم من هو الإرهابى الذى أغرق العبارة؟ هو مجموعة إرهابية قديمة قدم التاريخ وقدم التخلف، إسمها الإهمال وإسمها الفهلوة وإسمها الجشع وإسمها الجهل وإسمها الأنانية وإسمها ملعون أبو الفقر.
hellip;...
رحم الله الضحايا أرجو من الله أن يبعثهم مع الشهداء، كفاهم عذابهم فى الدنيا، فلهم الآخرة ولهم الجنة ونعيمها بإذن الله. وإلى الإرهابى المجرم الذى تسبب فى غرق الباخرة نتمنى له المحاكمة والسجن المؤبد، ونرجو ألا يطلع براءة ويطلع كالعادة (أن المرحوم كان غلطان).