ليست غيرة الاسلام سبب غضبنا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سبحان الله...
في الايام الاولى من ازمة الرسوم الدنماركية، كتبت حينها اننا نبالغ في ردود افعالنا تجاه رسوم لن تضر رسولنا ولا اسلامنا في شيء. وكتب قلة معي الشيء ذاته. فكنا بذلك اقلية وسط اغلبية تعارضنا!
اليوم يحدث العكس. اصبحت الاصوات التي تدعو الى العاصفة هي الاقلية، والداعين الى عدم المبالغة في ردود افعالنا هي الاكثرية!
نحن نغير مواقفنا سريعا. بل اسرع مما نتصور.
ولعل اولئك الذي أشادوا بهيجان الشارع، ودعوا اليه في اليوم الاول، يدركون الآن انه كانت هناك اكثر من وسيلة حضارية ننتصر فيها لقضيتنا، دون الحاجة الى احراق اعلام او سفارات.
ودون الحاجة الى تلك الصور المقززة للأسلحة التي يستعرضها رعاع لا يعلمون ما القضية أساسا.
ودعوني من هنا اخلص الى نتيجة..
ان معظم من صرخ ومزق واحرق لا يعلم لم هو غاضب على الدنمارك. بل لا يعرف اين هي الدنمارك. ولا كيف تكون. ولا ما فعلت!
سأزيد واقول، ان بين من صرخ ومزق واحرق اناس لا يعرفون شيئا عن الرسول اكثر من اسمه الاول. ولم يصلّوا عليه يوما واحدا!
لماذا ثاروا اذا؟
ثاروا لأنهم في حاجة الى التنفيس عن كبتهم..
لكن ليس من الدنمارك، ولا من الرسوم!
المسلمون يمرون بحالة قهر واحساس عميق بالظلم. احساس عميق جدا بالظلم. سواء من الغرب، او من الانظمة السياسية التي يعيش تحتها. واعتقادهم بأنهم مستهدفون دوما، وان اسلامهم مستهدف دوما، وانهم مهزومون دوما، كل ذلك جعلهم قابلون للاشتعال في اي لحظة، ايا كان السبب، سطحيا ام عميقا!
منذ متى كنا نسمع عن تطرف اسلامي في سوريا، حتى يقوم الاغيار على الرسول باحراق سفارة الدنمارك؟
ليست القصة غضبة من الدنمارك، بل هي غضبة من داخلنا، وجدت تبريرها في الدنمارك.
هي تماما مثل اعمال الشغب التي حدثت في فرنسا. صحيح ان موت صبيين فجر الغضب، لكن ليس موتهما هو ما غذى هذا الغضب. بل هو القهر. هو الاهمال لهؤلاء المشاغبون. هو الرغبة في ايصال صوت آدميتهم..
بالمثل هو حالنا مع قضية الدنمارك.
ليست هي الغيرة الدينية وراء ما حدث من هيجان. بل هي الاوضاع الداخلية التي نعيش فيها ما دفع اليه.
رسوم الرسول كانت، على الارجح، حجة لا اكثر! وان شئنا الدقة قلنا، كانت فرصة تنفيس عن كبت متراكم، لا اكثر!
لست اقول ان الجميع هم كذلك، لكني استطيع ان اؤكد ان نصف الغاضبين هم اولئك الذين لا يعرفون لم هم يتظاهرون، لكن القهر في داخلهم كان في حاجة الى الانطلاق، الى التحرر.. وقد فعل!