ببركات (الجعفري).. مقتدى حاكم العراق الأوحد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إتفاق القائمة الإئتلافية على مرشحها لرئاسة الحكومة العراقية الدائمة القادمة وهو السيد إبراهيم الجعفري وبفارق صوت يتيم هو واحد من أخطر الألغام التي لا تهدد فقط وحدة الإئتلاف، بل تهدد واقع ومستقبل الشعب العراقي حاضرا ومستقبلا، فحكومة السيد الجعفري المؤقتة كانت من أسوأ الحكومات في التاريخ العراقي تشكيلا وأداءا وعملا وتصرفا (مع الأخذ بنظر الإعتبار ظروف العراق الصعبة)!، كما أن الشعب العراقي قدم خلال عهد تلك الحكومة خسائر وتضحيات بشرية لا تعد ولا تحصى، بدءا من ضحايا العمليات الإرهابية التي تصاعدت والتي تقوم بها الجماعات التكفيرية والإرهابيين من التيارات السلفية والبعثية، مرورا بجرائم عصابات وزارة الداخلية وفرق موتها السرية والتي كشفت القوات الأمريكية جانبا منها رغم أن ما خفي كان أعظم! وليس إنتهاءا بالخسائر البشرية التي لا يمكن الدفاع عنها ككارثة (جسر الأئمة) قبل شهور قليلة والتي تمخض عنها آلاف الضحايا تفننت السلطة إعلاميا في إخفاء حقائقها وأسرارها وتمت المتاجرة بدماء الضحايا الذين لا يعرف أحد أين ذهبت أموال التعويضات ولا كيف صرفت؟ ولا أحد يعرف مصير ملفاتهم الإنسانية المجهولة؟... لقد تعرض فقراء (الشيعة) في العراق من المحرومين والبسطاء لأعظم وأكبر المصائب في التاريخ العراقي المعاصر، وأضحى الموت المجاني يحصد شبابهم وشيبهم ونسائهم وأطفالهم من أجل إرضاء غرور وتسلط وعنجهية عمائم السياسة والنهب والتخلف والتكالب على السلطة والمناصب وهو ملف معقد ومتشابك وحافل بكل صور النصب والدجل، فتحت طيات العمائم السياسية اللاهثة تختفي العديد من الملفات والأسرار التي ستكشف لاحقا.
لقد كانت طبيعة التشكيلة الوزارية للحكومة العراقية المؤقتة السابقة تشكيلة فاشلة وعجيبة وغريبة منذ البداية، فتاجر الإعلاف والمواشي والأبقار تقلد منصب وزارة الثقافة في عراق يعج بآلاف المثقفين والفنانين والمبدعين !، فهل ثقافة المواشي والأغنام هي نظرة السيد الجعفري للثقافة العراقية المعاصرة؟ أم أنها حكاية السنة والشيعة المخجلة وسياسة التوازنات الطائفية المرفوضة والفاشلة !، كما تميزت وزارة الجعفري السابقة وضمن سياسة إرضاء هذا الطرف أو ذاك بطمس معالم ملف المتابعة القانونية لمقتل الشهيد السيد (عبد المجيد الخوئي) ورفاقه على يد (صبيان مقتدى الصدر) من القتلة والمجرمين القادمين من قطعان (فدائيي صدام) والجيش الشعبي البائد وجيش القدس المهزلة! وبأوامر صريحة وواضحة من مقتدى الصغير سحلت جثة السيد الخوئي في وصمة عار تميز بها الشارع العراق المنافق للأسف والذي يستقوي على الضعفاء ويجل المجرمين ويبجلهم!! والسيد الخوئي هو أول وأبرز شهيد لعملية (حرية العراق) التي أجهزت على النظام البعثي البائد، وكانت عملية قتله الجبانة تعبير عن فشل وإنحدار قيمي خطير وتعدي فاضح على أبرز زعماء الشيعة المعتدلين والراقين فكرا وسلوكا، وكانت عملية الإغتيال الخسيسة الجبانة فتحا لباب التصفيات الجسدية البشعة التي ذهب ضحيتها العديد من قادة العراق الجديد ورموزه الشعبية، وبدلا من أن تتم متابعة القتلة مهما كانوا تجددت صور الفتنة الكبرى في تاريخ المسلمين الغابر وأختفى القتلة تحت شعارات التوافق الطائفي والمحاصصة الطائفية المريضة وتمت مكافأة القتلة وأوقفت المتابعات القانونية بعد أن تم إضفاء العصمة والقداسة على مقتدى الصدر ليتمتع بالحصانة الكاملة ولتتم مكافأة عصابته بتوزير عناصرها، وكانوا وزراء فاشلين بكل المقاييس! وأعتقد أن العديد من المتابعين لا زال يتذكر فضيحة وزير النقل الصدري (سلام المالكي) قبل شهور عندما تجاوز على إختصاصات وزير الخارجية وتطوع بإيراد معلومات مزيفة عن إطلاق دولة الكويت لسراح عدد من المعتقلين العراقيين وقيام أسرهم و عشائرهم بالتجمع على الحدود .. ولم يكن الخبر صحيحا بالمرة وهو ما فنده وقتها وكيل الخارجية الكويتية السيد خالد الجار الله.. وكانت فضيحة بجلاجل!، ولقد تراكمت أخطاء السيد الجعفري وإدارته الفاشلة، فإدارة دولة معقدة بحجم العراق لا يشبه إدارة حملة للحج أو حسينية أو موكب للطم والعزاء!!.. وتلك معضلة...
ولعل إرخاء الحبل لمقتدى الصدر قد وفر له حجما أكبر بكثير من حجمه الحقيقي فهو يتحرك اليوم مكوكيا في دول المنطقة والتي تستقبله في ظل ضوابط وإشكاليات غير معروفة؟ فمقتدى ليس مرجعا دينيا وهو بالتالي أيضا لا يمتلك مواصفات الزعيم السياسي فسذاجته وتصريحاته المعادية لسياسة الأحزاب الشيعية ذاتها ولتوجهات الحكومة العراقية التي يشارك فيها قد شكلت مهزلة حقيقية.. فهو ضد الفيدرالية!! وهي مطلب الإئتلاف أصلا!! وهو ضد الدستور الدائم!! رغم أنه من إنجاز الإئتلاف!! وهو ضد أي شيء وأي شيء؟ ولكنه يتوافق تماما مع نظامي دمشق وطهران! ويطلب من النظامين المأزومين تقديم ما يحتاجونه منه ومن عصاباته!! وهي قمة المهزلة، فسياسة (شيلني وأشيلك) قد جعلت من مقتدى قطبا سياسيا ولربما عسكريا كبيرا؟ وسياسات الجعفري من أجل الإستمرار في السلطة قد ولدت الكوارث والنكبات وما زالت تهدد بأسوأ العواقب فمسلسل الفشل في سجل الرجل قد أصبح متأصلا ولا سبيل للخلاص منه وضعف إدارته للأمور قد إستغلها خير إستغلال مقتدى الصدر الذي يحاول بناء زعامة عراقية خاصة له في ظل الفراغ القيادي المريع في العراق، فالرجل أي مقتدى قد عقد إتفاقات مع رئيس النظام السوري!! وهو يتجول من عمان وحتى طهران ولربما موسكو وأذربيجان!! بينما الجعفري نائم في العسل ولا يعي جيدا أن ذلك المقتدى قد جعل الحكومة العراقية أضحوكة وهي كذلك بالفعل؟ فهل هكذا تجري الأمور في العراق الجديد؟
العراق يسير اليوم بكل جدارة نحو الكارثة والضياع ما لم يملأ الفراغ القيادي، وتصفى كل أشكال المليشيات والعصابات الطائفية أو الدينية المسلحة، ويتم التخفيف من عمليات الفرز الطائفية، ويتوحد الشعب تحت راية المصلحة الوطنية العليا، وتعاد الخدمات بدلا من حشد اللطميات والظواهر المتخلفة.. وهي مهام يدرك مقتدى الصدر بأن الجعفري غير قادر على تحقيقها، لذلك فهو يستغل فراغ الساحة ومساحات السذاجة التاريخية التي تتمتع بها الجماهير البسيطة التي رفعت من قدر صدام والبعثيين الذين لم يتركوا العراق إلا بفضل القوة الأميركية وحدها... فتصوروا لو أن جيش الولايات المتحدة لم يسقط نظام صدام؟ ماذا ستكون النتيجة؟.. إنها معروفة وواضحة، فسيحكم صدام وأبنائه وسلالتهم الذهبية العراق .. حتى ظهور المهدي!!... ويبدو أن ذلك هو الحلم الذي يراود اليوم قائد وجنرال (جيش المهدي).... ما رأيكم دام فضلكم؟.