هل من مشروع إنقاذ للخروج من المأساة؟؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إدارة الأزمات العراقية
مقدمة
دعوني اعود اليكم ثانية مثمنا كل الذين كتبوا لي ونشروا عّني نداءاتهم ومقالاتهم وتقييماتهم التي لا استحقها، وبالرغم من بقاء الظروف الصعبة خصوصا انني ما زلت اعيش الازمة نفسها.. ولكن الضرورة تفرض علّي هذه العودة اليكم مهما كان الثمن.. خصوصا وقد وصل حال العراق اليوم الى الابواب المغلقة كما وصفتها قبل اشهر! لقد وصلتني مؤخرا مناشدات العديد من الاخوة العراقيين الشرفاء من اجل المناداة بهيئة انقاذ وطني ـ او كما وصفها الاخ الاستاذ عزيز الحاج بـ " حكومة انقاذ " ـ، اذ سبقني في ذلك.. ولكنني اعتقد بأن أي علاج آني مرحلي سوف لا تكون له أي فائدة ان بقيت الاوضاع الصعبة تسير من سيئ الى أسوأ، فالمشكلة لا تنحصر بتركة نظام سابق، بل بعجز النظام الجديد على ايجاد حلول ومعالجات. وهنا اتساءل وربما يتساءل معي قرائي الاعزاء: هل ينفع أي مشروع انقاذ للخروج من المأساة؟ هل يمكن ازالة الاحتقانات مرحليا مع بقاء كل عوامل الانقسام والتشرذم؟ هل يمكن للعراقيين ان يوحدّوا اهدافهم الوطنية في ظل ما يريده الاحتلال؟ هل يمكننا تطويق الازمات الصعبة التي استفحلت الى ما يشبه المعضلات في ظل صراعات القوى الاجتماعية المذهبية والطائفية والشوفينية والتكفيرية.. الخ بعيدا عن التفكير السياسي المعاصر؟ في ادناه رؤية نقدية من خلال تقديم " مشروع " كنت قد اعلنت عنه منذ نهاية العام 2003، ولكن اختار القادة الجدد طريقا آخر سامحهم الله، وكانوا وما زالوا يتشبثون بالمناصب لغايات باتت مفضوحة، بل ويستعجلون تقديم طبختهم الكريهة التي ستودي سمومها بالعراق والعراقيين ولات ساعة مندم.. وعند ذاك لا ينفع الندم.
اعادة التأهيل مرة أخرى
ان ادارة الازمات في اي مكان من الوجود بحاجة ماسة الى من يكون مؤهلا لها من اجل اعادة الامور الى نصابها وضبط الاوضاع التي تتداخل فيها السياسة مع الامن وخشية من التدهور والتمادي في الانهيار لابد من قرارات جريئة لا لتجميد العملية السياسية، ولكن للمرور بمرحلة نقاهة حقيقية يسودها قادة من العراقيين الوطنيين مهما كانت انتماءاتهم الاجتماعية ولكن بعيدا عن الانتماءات الحزبية والكتلوية التي تفرض نفسها على الساحة.. اناس مؤهلون لادارة الازمات والخروج من اي مأزق تعيشه البلاد اذ سينتج عن ذلك ـ كما اعتقد بشكل راسخ ـ اعادة للوضع واستتاب للامن وضبط للاوضاع.. وكم نادينا ان يجري تغيير الاليات لضبط الاوضاع في العراق لتخليصه من الارهاب وقتل الناس الابرياء بفرض الاحكام الاستثنائية وغلق الحدود ونزع الاسلحة وحل الميليشيات.. وهذا لا يتأتى الا من خلال اناس مخلصين للبلاد ولهم القدرة على ادارة الازمات.. علما بأن الازمات تختلف في طبيعتها، ذلك ان قتل الابرياء يعد من الازمات الصعبة وبدا العراق وقد اخترق على اشد ما يكون الاختراق بعد سقوط النظام السابق ومذ الاحتلال فانفلتت الامور واخترقت الحدود واصبح العراق مباحا لقوى خارجية بعد ان كان عصّيا على من يريد زيارته او السياحة في ارجائه او حتى ان كان يمر عبر اراضيه!
أزمة حكم أم أزمة بلاد؟؟
ولقد تشكلّت الى حد اليوم ثلاثة انواع من الادارات: مجلس الحكم والحكومة الانتقالية ثم الحكومة المؤقتة.. ولقد تفاقمت الازمات سوءا من دون ان نجد اي علاجات وقائية ولا اي ادارات متميزة.. ونحن اليوم على ابواب ادارة جديدة ستبقى اربع سنوات في ظل اوضاع محتقنة للغاية. وبصراحة ان أي وزارة ستؤلف ضمن الاسماء المطروحة سوف لا تقدّم او تؤخر اذ ستبقى الاوضاع سيئة ما دامت هناك محاصصات يعمل بها الواقع الجديد. لقد دخل العراق فعلا نفقا صعبا بترسيخ هذه المحاصصة (= التوافق) ومن الصعب جدا اخراج العراق سالما من هذا النفق.. ذلك ان مشكلة العراقيين هي غير مشكلة اللبنانيين ـ مثلاـ، فكل طيف لبناني يعتبر لبنان ملكا لجميع اللبنانيين، ولكن كل طيف عراقي يعتقد ان العراق ملكا له نفسه وليذهب الطيف الاخر الى الجحيم! ناهيكم بأن كل لبناني يعتز بلبنان اعتزازا وطنيا لا حدود له، في حين ان هناك من العراقيين لا يؤمنون بالعراق وطنا..
ان التجربة المريرة التي عاشها العراقيون في السنوات الثلاث المنصرمة تعلمنا بأن قادته الجدد لم ينجحوا ابدا في حكم البلاد ولم يحظ العراق حتى اليوم بمن هو مؤهل لادارة ازماته التي تتعقّد يوما بعد آخر لتصبح اشبه بمعضلات عصّية على الحل.. فاذا كان العراقيون قد اخفقوا في ادارة انفسهم وحل ازماتهم، فكيف باستطاعتهم ان ينجحوا في بنائهم مشروعات اساسية ووطنية! السؤال الان: ما الذي ينقص العراق اليوم من اجل استعادة عافيته التي ضاعت.. ومن اجل تقويم مسيرته التي تاهت؟
اجراءات ادارة عادية غير ادارة العراق الصعبة
ان الاجراءات التي مورست لا تستوي وطبيعة صعوبات المرحلة، ان العراق بحاجة الى ادارة قوية وليست رخوة.. ادارة ذكية ومتفاعلة وودودة مع المجتمع بكل اصنافه.. ادارة تحاول ان تكسب كل العراقيين الى جانبها.. ادارة لا تستمع الا الى صوت العقل ولا تركن الى اية تأويلات او تفقهات او تسّلم أوامر وفتاوى.. ادارة تعمل كخلية نحل في غرفة عمليات تنتقل في كل ارجاء العراق.. ادارة تعرف كيف تنصت الى الحكماء والمستشارين.. ادارة تنسى انها تنتمي الى حزب او مذهب او طائفة او كتلة تثير الاخرين ولا تقعدهم.. ادارة تختلف اختلافا جذريا عن اجراءات عادية، ادارة تميّز بين طبيعة الموضوعات والاجراءات.. ادارة جريئة في التعامل مع الازمات ولا تخاف من احقاق الحق.... ادارة رجل لابد ان يبدو حازما وجدّيا وصارما في التعامل مع كل الازمة.. ادارة لا يمكن تشكيلها من خلال حفلات عشاء بتوزيع المناصب كما توزع الحلوى على الاطفال! وعندما تتعّرض البلاد لأزمة معينة ينبغي ان يلتف الشعب حول القيادة من اجل الخلاص منها شرط ان لا يكون قائد البلاد هو المساهم في صنع الازمات! او تجده يغّرد خارج السرب.. رجل يقدّم الاهم على المهم. كم كنت أود ممن يدير ازمات العراق اليوم ان يقرأ سير ووثائق تاريخ زعماء العراق الكبار الذين مهما قيل في حقّهم من اباطيل، فلقد كانوا قادة حكماء لهم قدرتهم وكفاءتهم ومعرفتهم بادارة شؤون العراق الصعبة. زعماء لم يستخدموا الاسلحة الكيمياوية، لكنهم استخدموا عقولهم ومشروعاتهم في فض الازمات.
مشروع اصلاح منذ نهاية العام 2003
اعيد واكرر القول بأننا كنا قد دعونا منذ نهاية العام 2003 في عدة دعوات الى مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير في مختلف أجهزة الحكم العراقية، وان يستعد القادة الجدد للعراق تحّمل مسؤولية العمل الجاد والمسؤول على مكافحة الفساد والمفسدين ومحاربة المحسوبية ومروجي الاتهامات الباطلة التي يراد منها اغتيال الشخصية العراقية، كما دعونا إلى العمل الجاد لمحاربة ثقافة التكفير والإرهاب. ونادينا بانعقاد مؤتمر وطني كبير يجمع كل الاطياف السياسية العراقية ومن الحكماء المستقلين للاتفاق على مبادئ وطنية والانطلاق من خلال فترة نقاهة تاريخية كي يستعد العراق للعملية السياسية التي لا يمكن ان تطبخ سريعا تحت حجج ومبررات واهية.. أن الإصلاح لم يعد خيارا فقط بل هو ضرورة حياتية للعراق الجديد الذي نريد والذي قطع العراقيون شوطا مهما في النضال من اجله. ثمة امر آخر لا يعترف به الا لماما ذلك ان كل ما يحدث في العراق هو تنفيذ لتدخلات دولية واقليمية واضحة.. ليقتنع كل العراقيين بأن التدخلات لوضع خطط ومقترحات ومشروعات وافكار سارية المفعول هو واقع لابد من الاعتراف به. فهل تستطيع القوى السياسية العراقية اليوم انكار ذلك؟ وهل باستطاعة العراقيين التخّلص من تنفيذ اية اجندة خارجية ولم الشمل من خلال مؤتمر وطني يتم التوافق المصيري على المبادئ ومن ثم يتم الاتفاق على الاليات واساليب التنفيذ.
مشروطية صنع القرار عراقيا
لقد أكدّنا بما لا يقبل مجالا للشك مشروطية صنع القرار عراقيا اولا واخيرا بعيدا عن أي اجندة غير عراقية..كنا نأمل من الحكومتين العراقيتين المؤقتة والانتقالية مطالبتهما بتكريس الإصلاح مفهوما ومعنى في جدول أعمالهما اليومي باعتبار سيرورة الاصلاح والبناء شرطا لا بديل عنه ونهجا لا حيدة عنه.. وان تشريع دستور دائم للبلاد كان عليه ان يرقى فوق أية ميول واتجاهات سياسية ودينية وطائفية والا يحفل بالتناقضات بين الاسلام والديمقراطية.. أن الديمقراطية ليست مجرد شعارات ترفع في المناسبات، وكان على الحكومتين العراقيتين أن تعملا على مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير. لقد دعونا في اكثر من بيان وخطاب ومقال الحكومة العراقية باشكالها إلى الالتزام بالمحاور الاجتماعية والاقتصادية التي تناولتها الأجندة الوطنية وفق الأولويات التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح العراق العليا في المقدمة. وشددنا على ضرورة أن تضع الحكومة خططا عملية وسريعة للشروع فورا بمعالجة جيوب الفقر والحد من البطالة، وإيجاد قاعدة بيانات واضحة ومحوسبة وميدانية وحديثة لحصر العاطلين والمشردين والارامل والثكالى والمعوزين ضمانا لإيصال الدعم إلى مستحقيه.
ولفتنا الانتباه إلى أهمية أن تتضافر الجهود ليلا ونهارا للبدء باعمار العراق بعد فرض الامن والاستقرار من خلال نزع السلاح من ايدي الناس بأي ثمن وحل الميليشيات كلها والسيطرة على الحدود وتحديد مسؤوليات كل الذين كانت لهم ارتباطاتهم بين الناس (المجتمع) والدولة مثل: المختارين الذين لديهم سجلات باسماء كل العراقيين في كل محّلة وقرية.. ومن ثم الشروع بالاحصاء السكاني باسلوب علمي وكمّي ودقيق بوسائل الحاسوب ليسهل عمل السيطرة الامنية والاجتماعية والانتخابية والوظيفية والمعيشية.. ثم إيجاد المزيد من فرص العمل وبخاصة للشباب وأصحاب الكفاءات والخبرات وكل من توقّف عن العمل بسبب غياب المؤسسات السابقة وبما يضمن الإسهام في رفع نسبة ومستوى التنمية.
لقد دعونا المسؤولين العراقيين لاقامة مشروعات سكنية توزع على الأسر الفقيرة من أبناء شعبنا بأسعار رمزية تتلاءم وظروفهم المعيشية.. مع توفير مستلزمات الحياة الطبيعية بأي ثمن. وأكدنا ضرورة العمل لشمول شرائح أوسع وأكبر من المواطنين في التأمين الصحي والرعاية الاجتماعية والخدمات البلدية ضمن الإمكانات المتاحة. وشددنا على ضرورة أن تباشر الحكومة بإزالة أو تصحيح الاختلالات الإدارية والهيكلية في الاقتصاد أو الخدمات أو المرافق، وتوفير الماء والكهرباء وإزالة الإعاقات والبيروقراطية التي تمارسها بعض الإدارات لأسباب عديدة لضمان ثقة المستثمرين العرب والأجانب في مناخ الاستثمار الواعد في البلاد. وأن على هذه الحكومة العمل الجاد والمسؤول على مكافحة الفساد والمفسدين ومحاربة المحسوبية ومروجي الاتهامات الباطلة التي يراد منها اغتيال الشخصية العراقية الجديدة، وأشرنا إلى أن ما قد يتحقق من منجزات في ميدان مكافحة الفساد او في توفير الخدمات او في اعادة بناء المؤسسات تمثل انجازات تاريخية لا يستهان بها ابدا، اذ لابد ان تحظى بموافقة من قبل منظمات دولية مشهود لها بالنزاهة والموضوعية. لقد طالبت حكومة الاخ الجعفري في مقال لي عن نزاهة المفوضية العليا للانتخابات باجراء تحقيق رسمي عما حصل من تجاوزات، وقد صمتت المفوضية في الاجابة على اسئلتي لها! كما وان الحكومة لم تجر أي تحقيق يذكر! الا يعد هذا خرقا من جملة خروقات واخطاء؟؟
المشروع الوطني سيقبض على انفاس الارهاب
لقد دعونا في هذا السياق القادة العراقيين إلى الإسراع في انجاز قانون مكافحة الفساد، واكدنا ان الارهاب الذي ضرب اطنابه مرافق العراق قد أودى بحياة الابرياء من مواطنين عراقيين وغير عراقيين وخلف الاف القتلى والجرحى مما يدعو ذلك الى ان يزيد القادة الجدد اصرارا على التمسك بالمشروع الوطني على حساب ما يدعون اليه.. ان ثوابت المشروع الوطني للعراق هي الضمانة التي كان لها ان توّفر ما تسعى أي كتلة او حزب الوصول اليه من خلال نهج ديمقراطي واصلاحي معا..اذ لا يمكن ان تشرع بالعملية السياسية وبلادك يزداد خرابها يوما بعد آخر.. ولا يمكنك ان تتوخّى اسكات الارهاب بما تجريه من الذي لا رجعة عنه. كما شددنا على ضرورة تبني استراتيجية شاملة في مواجهة ثقافة التكفير والتراجع والتخلف والانقسام.. تحت اية مسمّيات بحيث لا تأخذ الحل الامني والعسكري فقط طريقا لاسكات المتمردين والمعارضين والثائرين بل تتناول الابعاد الفكرية والثقافية والسياسية للتصدي للذين اختطوا طريق التخريب والدمار للوصول إلى مآربهم ما يستدعي الإسراع في وضع قانون لمكافحة الإرهاب وشن حرب لا هوادة فيها على مدارس التكفير.
هل من مشروع مؤتمر وطني لتأسيس هيئة انقاذ؟
بادئ ذي بدء لابد من القول ان تشكيل أي هيئة انقاذ ليس معناه تأسيس مجلس اهل الحل والشد - كما طرح قبل ايام بايعاز امريكي -، فانني لست مع هكذا مجلس لقد قلنا وكتبنا وذبحنا حناجرنا منذ ايام العهد السابق بأن ما نهض به العراقيون من أعمال ومهمات في ظروف إقليمية ودولية حرجة هو موضع تقدير وتثمين وما أنجزوه في مجالات عديدة يسجل لهم تاريخيا، إلا أن طموحات شعب العراق وجملة الأهداف الإستراتيجية العليا التي حلم كل مواطن ومواطنة بتحقيقها، تفرض على قادة العراق الجديد وعلى كل الاطراف المشاركة في العملية السياسية حتى الان ان يفسحوا المجال لبروز قادة جدد من خلال البدء بمشروع مؤتمر وطني كخطوة اولى برغم ما جرى من عملية سياسية ودستورية رافقتهما اخفاقات كبيرة.. ليس من الخطأ ابدا من استعادة العمل والبدء بمشروع انقاذ للعراق مع لزوم تخّلي كل طرف عن اهدافه المخالفة للمشروع الوطني.. ان الذين سيقع عليهم خيار المهمات والمبادئ والأسس التي آمل من القادة العراقيين تنفيذها والتزام معاييرها وفق قواعد عملية ومقاربات وآليات قابلة للتنفيذ.
اننا ندعو كل العراقيين إلى إيلاء مفاهيم ومعاني ودلالات وأهداف رسالتنا المخلصة وتحويلها الى ارض الواقع سريعا، فهي تتضمن خطوات عملية براغماتية وكبيرة الأهمية التي تستحقها في هذه الظروف، وأن تعمل على إيصالها إلى كل بقعة في أرجاء العراق لانقاذ العراق من التيه والضياع والانقسام.. وبناء علاقات العراق الخارجية في أفضل حالاتها، مع التأكيد على عدم تدّخل أي دولة اقليمية في الشأن العراقي وترك العراقيين يتصرفون بحكمتهم وقوتهم مع سياسات الاحتلال.. ان علاقات العراق الخارجية لابد ان تكون قائمة على مبادئ الاحترام والثقة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد وتحت أي ظرف، الأمر الذي سيكسب الدبلوماسية العراقية الصدقية واحترام العالم اجمع. وسيبدو العالم السند للعراقيين من اجل بناء عراق قوي وموحد يتاح فيه المجال للتعددية والتنافس السلمي وينبذ فيه العنف والإرهاب، علما بأن هناك العديد من الاطراف الاقليمية لا ترضى ان يستقر العراق لضمان مصالحها السياسية او الاقتصادية او الاستراتيجية.
الأمن والإصلاح
ان ادخال العراق في هكذا مأزق باسم استعارة النظم من دون هضم مضامينها زاد من مشكلات العراق العقيمة.. وبدا الموقف اليوم مضحكا للغاية اذ لم يفتقد العراقيون المبادئ الوطنية حسب، بل انهم افتقدوا اسلوب العمل الديمقراطي لأن البلاد خرجت من عهد الظلمات السياسي.. فلا يمكن البتة ان نتكلم بالنماذج بمعزل عن واقع مهترئ.. وأتوقع ان تكون الحكومة الجديدة بعد تشكيلها مضحكة لكل الدنيا وحاسبوني على ما اقول ان بقيت حيا وترحموا علي ان كنت في عداد الميتين.. اننا نأمل في هذا الوقت العصيب ومع دخول مرحلة الاستحقاقات الوطنية مرحلتها الأولى ان يحظى تشكيل الوزارة بالشفافية المطلقة ولكن القادة الجدد يصّرون على المناصب وهم يدركون ادراكا عميقا بأن هناك من هو اصلح منهم لحكم العراق اليوم.. بل وانهم يدركون بأن هناك من هو افضل منهم قدرة وشجاعة ونزاهة وكفاءة.. عراقيون لا يعتمدون الا مرجعية العراق الوطنية بتأسيس مبادئ عراقية بعيدة عن الطوائف وعن الممل والنحل وعن العشائر والجماعات والكتل.. عراقيون يريدون العراق من اجل مستقبل تتوفر فيه مقومات الحياة باستعادة انفاسه اولا ومن ثم تطبيق ما يجمع عليه العراقيون من خطط وافكار وتنظيمات وادارات.. عراق لابد ان يقول للاطراف الدولية والاقليمية: كفى لابد من الاتفاق على ان اكون لوحدي حرا مستقلا لي ولاولادي فقط.. عراق تختفي منه المحاصصات السقيمة ودكاكين التوافقات.. عراق لابد ان ينفصل فيه الدين عن سياسات الدولة.. عراق لابد ان يبدأ زمن النقاهة منذ الان من خلال الإصلاح والتنمية.
نخشى من صورة مرعبة
انني اعتقد بأن ثمة ازمات ومعضلات قادمة نحو العراق وسيحل البرلمان سيكون هو القرار الأول وخوفا من الفوضى التي نخشى ان تعم العراق، فان الشروع بتأسيس من اعضائه هيئة انقاذ وان يحّضر منذ اليوم للانتخابات القادمة بعد اربع سنوات شريطة ان تكون انتخابات مناطق لا انتخابات منطقة واحدة ويتم تنفيذ انتخابات العراق دوليا لضمان النزاهة.. وارجو ان يعذرني كل القادة الجدد من العراقيين كونهم قد شملتهم بانتقادات قاسية كلهم من دون استثناء، حتى أن اغضبهم ذلك، فان مصلحة العراق والشعب العراقي لابد ان تتقدمهم جميعا.. بل أنني ادعو الجميع الى إفساح المجال للبدء بمرحلة جديدة في تاريخ البلاد تستند إلى المكاشفة والشفافية ونكران الذات والإنجاز لحل مشاكل كثيرة مستعصية في العراق. لقد انتقدني أحدهم كونه لا يفهم من قراءاتي شيئا.. ذلك انني لم اصطف مع احد ولا اتخندق مع أحد.. وعصي عليه المسكين ان مثلي لا يمكنه ان يعطي ولاءه لأحد من القادة العراقيين الجدد الذين أظهرت الأحداث انهم اضعف من قوة التحدي وانهم يتشبثون بالمستحيل من اجل السلطة، كما ونسي بأنني احمل بدائل لا تتفق ابدا وخنادق العراق!
وأخيرا: ماذا اقول؟
سابقى انادي بمثل هذا " الحل " ومع احترامي لكلّ الحلول، الا انني اعتقد بأن اوضاع العراق ستسوء اكثر فأكثر ان لم نبدأ بدايات صائبة، كما واعتقد بأن أغلب العراقيين يحلمون بتغيير الواقع الجديد الذي فرضته المتغيرات الخاطئة.. فلا يمكن ابدا ان نضع رؤوسنا في الرمال ونتكلم باسم الاخوة الطائفية او الاخوة العرقية او الاخوة المذهبية او الاخوة الدينية.. والحقيقة عكس ذلك فهذا يريد افتراس ذاك وما خفي كان اعظم.. ان تجربة حكم العراق شوفينيا قد انتهى من دون رجعة ولكن لا يمكن ان نخلق بديلا مشابها مهما كانت درجة مثاليته فان أي تجربة انقسامية لحكم العراق سيودي بحياة العراق وستأكله الذئاب لا سمح الله.. انني اسجل هنا للتاريخ وليس لي من هدف الا العراق بأنني ساعيد نشر المشروع الذي نشرته في العام 2003 في مقال قادم.. ولكن هل من مجيب؟