كتَّاب إيلاف

أيمن نور.....وجمهورية الفساد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أكتسب كتاب كنعان مكية عن نظام صدام حسين "جمهورية الخوف" Republic of Fear مصداقية وشهرة واسعتين لأن عنوانه فقط يكفى لتقديم تعبير بالغ عن الرعب الذى صار فى العراق تحت حكم صدام حسين الذى نكل بشعبه وقتل منه مئات الالاف حتى أصبح المواطن العراقى يخشى أن يهمس ضد النظام حتى أمام زوجته واولاده.إذا اردنا أن نصف نظام الرئيس مبارك فى عبارة مركزة مثل تلك التى كتبها كنعان مكية عن صدام فى تصورى هذه العبارة هى " جمهورية الفساد" Republic of Corruption، فرغم أن فترة حكم الرئيس مبارك(1981-حتى الآن) ، أطال الله عمره، تعتبر واحدة من أطول فترات الحكم عبر التاريخ المصرى الممتد لثمانية آلاف عام وثانى أطول مدة حكم بعد محمد على مؤسس مصر الحديثة، إلا ان النظام المصرى الحالى والشلة التى تحكم مصرمن سياسيين ورجال أعمال وأعلاميين ومنتفعين جعلت هذا النظام يتفوق ويبرز كحلقة من حلقات الفساد والتخريب الممتد لقرون طويلة منذ غزو العرب لمصر والذى بدأ بنظام عمرو بن العاص الذى غزا مصر عام 642 ميلادية وجمع خلال مدة حكمه عشرة أطنان من الذهب مما حدا بالخليفة عمر بن الخطاب بأن يتهمه بالسرقة ويسأله من أين لك هذا، ومن بعده تناوب على حكم مصر كل أشكال اللصوص الذين جاءوا من شتى أركان ما يسمى بالعالم الأسلامى فخربوا مصر ونهبوا ثروات شعبها مسلميه واقباطه.
نظام الرئيس مبارك أعتمد على شراء أعوان النظام ومعارضيه ولا يتدخل ضد أى منهم إلا عندما تفوح رائحته بشكل لا يستطيع التستر عليه أمام الرأى العام، ولهذا تغلغل الفساد وأصبح فسادا هيكليا منظما لا يمكن محاصرته بشكل فعال بدون أن يسقط النظام، ومع توحش الفساد انهارت منظومة القيم واختل التوازن الاجتماعى وانهارت الطبقى الوسطى وفقا لتعريف الطبقة الوسطى العلمى بأعتبارها مستودع القيم ووضعها المادى هو نتاج عمل حقيقى ،وظهرت طبقى وسطى جديدة تتكون من صغار الموظفين الذين كونوا ثرواتهم من الرشاوى بالأضافة إلى الكثير من العائدين من بلاد النفط بدولاراتهم وقيم البداوة ، ثم طبقة آخرى من الأثرياء بشكل فاحش من مصادر ملوثة ومنحرفة،وبالطبع هناك فئة آخرى كافحت بشرف لتكوين ثروات كبيرة او لتعيش ضمن الطبقة الوسطى الجديدة.
ولهذا لم يكن نظام الرئيس مبارك عنيفا مثل نظام صدام أو الاسد أو القذافى خلال سنوات حكمه السابقة فشراء الذمم افضل بكثير من المواجهة والخصومة والعداء،.ينطبق ذلك على أحزاب معارضة ومثقفين وشيوخ رسميين ومشاركين وعملاء ومتعاونيين مع النظام.
حالات قليلة هى تلك التى تعامل فيها النظام بعنف مع مثقفين منها حالات سعد الدين ابراهيم وايمن نور، وفى حالة سعد الدين ابراهيم تردد بسبب إنه أول من تكلم عن توريث الحكم، ولانه واسع التاثير دوليا وخاصة مع الأمريكان وهو ينتقد نظام مبارك عندهم ،ولأنه يدافع عن الأقباط، وفى النهاية لا تجد سببا مقنعا لماذا كان هذا العنف غير المبرر ضد سعد الدين ابراهيم.
فى حالة ايمن نور تكررت أسباب شبيهة، لأنه سينافس جمال على الرئاسة مستقبلا ، ولأنه تجرأ ودخل سباق حقيقى مع مبارك خلافا للمعارضة الآخرى التى كان يبدو أنها مرتبة، ولأنه قابل مادلين اولبريت فى القاهرة ، كما تردد انه حاول الأتصال بالامريكيين لإضعاف نظام مبارك.
ولأن أيمن نور مازال سجينا فى حكم خمس سنوات لم يقض منها إلا بضعة شهور فقضيته مازالت ساخنة وطازجة وتحتاج إلى تحرك الشرفاء للدفاع عنه حتى يخرج من محنته كما خرج سعد الدين ابراهيم.
● ● ●
هناك أجماع فى الداخل والخارج أن قضية ايمن نور مسيسة وملفقة وكما وصفها تقرير هيومان رايتس ووتش " بأن المحاكمة يشوبها درجة عالية من التسييس" ويبدو ذلك من كل وقائع القضية، فكما ذكرت نيويورك تايمز "لا يوجد ما يبرر لأى ذى عقل أن يقوم ايمن نور بتزوير توقيع زوجته ووالده، وكيف لا يستطيع سياسى حصل على 8% فى الأنتخابات الرئاسية أن لا يستطيع الحصول على 50 توقيع ويضطر لتزويرهم" (نيويورك تايمز 23 ديسمبر 2005).والدليل كما يقول المراقبون على التسييس والتوجيه أن القاضى عادل عبد السلام جمعة الذى حكم على نور بخمسة سنوات هو نفسه الذى حكم على سعد الدين ابراهيم بسبع سنوات عام 2001 قبل أن تبرئه أعلى محكمة فى مصر وهى محكمة النقض، وهذا القاضى يوصف بأنه المفوض بتأديب خصوم الأسرة الحاكمة،كما أن تحويله إلى القضاء الأستثنائى هو دليل آخر على التسييس، وأيضا وقائع رفع الحصانة عنه والتى أستغرقت اقل من نصف ساعة وبعدها تم القبض عليه مباشرة رغم أن هناك مجرمون وقتلة للمئات من الشعب ومهربى أطنان من الفياجرا كما حدث مؤخرا لم يستجوبوا مجرد أستجواب أمام البرلمان الذى هم أعضاء فيه.وربما ما يؤكدعلى سيناريوا التلفيق ما ذكرته جميلة اسماعيل زوجة نور فى حوار مع محطة س ان بى سى العربية بتاريخ 12 فبراير 2006 من أن ايمن تلقى قبل الحكم عليه طلب صريح من مسئول مصرى بمغادرة البلاد لمدة ثلاث سنوات، وأنه رفض تقديم طلب ألتماس بالعفو عليه لأسباب صحية ويصر على البراءة أمام قاضيه الطبيعى.
إذا كانت القضية ملفقة فما هى الأسباب التى جعلت النظام يقدم على هذه الخطوة؟
وفقا لأراء المحللين هناك عدد من الأسباب منها:
أفتتاحية واشنطن بوست بتاريخ 23 ديسمبر 2005 قالت أن السبب وراء سجن نور هو أفساح الطريق السياسى لجمال مبارك.
أما صحيفة لوس انجلوس تايمز فقالت فى أفتتاحية أخرى بتاريخ 28 ديسمبر 2005 أن السبب هو خوض نور الأنتخابات الأخيرة ضد الرئيس مبارك.
وأيمن نور نفسه يعزو السبب إلى تصريحه لقناة الحرة فى يناير 2005 بأنه سيخوض الأنتخابات ضد جمال مبارك إذا رشح نفسه.
أما جميلة أسماعيل زوجته فتقول فى حوار مع جريدة العربى العدد 991
أن هناك جملة من الأسباب بدأت بحصول نور على 168 صوتا لمنصب وكيل مجلس الشعب عام 2000، وأن لنور جماهيرية واسعة فى الشارع وقواعد أنتخابيةجعلته يفوز فى دورتين ولولا التزوير لفاز فى الثالثة كما إنه جاء الثانى فى المنافسة الرئاسية بنسبة تقدرها هى من 20-25% وليست 8% كما أعلن النظام، وتختتم أسبابها بأنه فى الأنظمة الأستبدادية تحدث كثير من الأمور لا نعرف أسبابها وربما تكون قضية نور من هذه الأمور أيضا.
أما سعد الدين ابراهيم فيعزو السبب أن نور تحدى آل مبارك وحاول إفساد تمديد الرئاسة للأب وتوريثها للأبن.
وهناك آخرون يرون أن السبب أن نور لم يكتفى بالملعب الداخلى وحاول تعزيز وضعه بجلب تأييد الخارج الأمريكى والأوروبى له ولحزبه الوليد.
● ● ●
مرة آخرى يظهر شموخ الصحافة الحرة المسئولة فى امريكا والغرب، فنادرا ما نقرأ فى الأعلام الأمريكى أحتجاجا على أعتقال مبارك للأخوان المسلمين لأنه فى النهاية واضح أنه صراع بين فاشيتين على كرسى الحكم، ولكن فى حالة سعد الدين ابراهيم ومن بعده ايمن نور أسهبت الصحافة الأمريكية فى الدفاع عنهما، لأن الأول عالم أجتماع وناشط بارز لا يملك إلا قلمه وله كل الحق فى تشريح مجتمعه من آجل اصلاحه وفقا لرؤيته كعالم أجتماع سياسى والثانى شاب طموح أراد أن يسلك طريق الديموقراطية لتحقيق أهدافه ولا يملك تنظيما سريا ولا أموال تتدفق عليه من الأخوة فى الله من هنا وهناك وأنما يحاول أن يحقق حلمه بطريق مشروع ديموقراطى سلمى،ولهذا وقف الأعلام الغربى مدافعا بشراسة عن هؤلاء الطامحين لتغيير مجتمعاتهم فى أتساق مع منظومة القيم الأنسانية .
وعلى المستوى السياسى أيضا ظهر تضامن غربى واضح مع ايمن نور، فبعد أعتقاله المفاجئ فى فبراير 2005 الغت كوندليزا رايس زيارة لها للقاهرة أحتجاجا على هذا الاعتقال ، وتم الأفراج عنه نتيجة لهذه الضغوط وسمح له بالمنافسة على الرئاسة. وعقب الحكم الجائر الذى صدر ضده فى ديسمبر 2005 علقت الولايات المتحدة مفاوضات أتفاقية التجارة الحرة لعدة سنوات وطالب البيت الأبيض بالأفراج الفورى عنه.ودعت كبرى الصحف الأمريكية لأستخدام سلاح المعونة للضغط على نظام مبارك للأفراج عن نور، الجدير بالذكر أن أستخدام سلاح المعونة نجح فى حالة سعد الدين ابراهيم عندما أوقف الرئيس بوش طلب مصر بطلب معونة أضافية قدرها 200 مليون دولار مما أعطى أشارة جادة للنظام المصرى بأن سلاح المعونة غير مستبعد، بعدها مباشرة حولت قضية سعد إلى القضاء الطبيعى الذى برئه من تهم النظام المفبركة.
وعند كتابة هذه السطور علمت ان عضو الكونجرس اليانا روس ليتنن رئيسة اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط فى مجلس النواب تقوم بجمع توقيعات من أعضاء الكونجرس لأرسالها إلى الرئيس مبارك للإفراج عن ايمن نور وسوف نقرأ اسماءهم فى المظاهرة.
وقف الاتحاد الأوروبى موقفا مساندا لايمن نور أيضا فعقب الحكم عليه أصدر الأتحاد الأوروبى بيانا ذكر فيه ان " الحكم يبعث اشارات سلبية عن الأصلاح السياسى الديموقراطى فى مصر"، وقال ادوارد مكميلان سكوت من حزب المحافظين البريطانى ونائب رئيس البرلمان الأوروبى " يجب أطلاق سراح ايمن نور فورا ويجب على الأتحاد الأوروبى توجيه رسالة قوية إلى نظام مبارك بمنع أرسال المعونات الأوروبية إلى مصر"، كما أن هناك ثمانية أعضاء من الأتحاد الأوروبى وقعوا على الألتماس الموجود على الانترنت للأفراج عن أيمن نور والموجود على الموقع
www.freeaymannour.org
والذى ندعو الجميع للتوقيع عليه، ويشارك أعضاء من الأتحاد الاوربى أيضا فى المظاهرة أمام البيت الابيض يوم 25 مارس الحالى للدفاع عن نور.
● ● ●
الجديد أيضا أن مياها كثيرة جرت منذ اعتقال سعد الدين أبراهيم عام 2000 حتى أعتقال ايمن نور2005 عام ، فلم يعد أحد يصدق أكاذيب النظام المصرى تجاه معارضيه السياسيين ولهذا لم يستطع النظام تشويه ايمن نور كما حدث مع سعد الدين ابراهيم، بل وصل أفلاس النظام أن الشخص العادى وليس فقط المتخصص أو السياسى أصبح يتنبأ بسلوك النظام تجاه معارضيه السياسيين ،وسقط حاجز الخوف عند المواطن العادى ، والنظام نفسه بات أكثر ضعفا وفسادا. وعلى المستوى المحلى حدث نضوج لدى بعض أفراد الجماعة الوطنية المصرية، فلا مانع لديها من التعاون مع المجتمع الدولى فى قضية عادلة تصب فى صالح المواطن أو ترفع ظلما عن مظلوم دون خوف من سيف المستبد الذى كان يرهب الجميع به من الأتصال بالمجتمع الدولى.
● ● ●
من آجل كل هذا، ومن آجل الدفاع عن حقوق الأنسان والديموقراطية، ومن آجل دعم نشطاء حقوق الأنسان فى الشرق الأوسط ، ومن آجل رفع الظلم، ومن آجل الدعوة لألغاء قوانين الطوارئ والقضاء الأستثنائى، ومن آجل دعم المجتمع المدنى والقوى الليبرالية فى مصر والعالم العربى،ومن آجل مستقبل أفضل لاهلنا فى الشرق الأوسط.
من آجل كل هذا ندعوالعرب المقيمين فى الولايات المتحدة ومراسلى وسائل الأعلام العربية فى واشنطن للأنضمام الينا فى المسيرة التى تدعو للأفراج عن أيمن نور امام البيت الأبيض يوم السبت 25 مارس الحالى من الساعة الحادية عشر صباحا حتى الثالثة مساءا.
يرعى المسيرة منظمة فريدوم هاوس بالاشتراك مع مركز بن خلدون وأعضاء من الأتحاد الأوروبى ونشطاء حقوق أنسان من الشرق الأوسط وامريكا واوروبا وأتشرف بالأشراف على تنسيقها ومعى الصحفية الايطالية الصديقة آنا باردكسى
تعالى وأدعو معك آخرين لتثبت أن العرب يتظاهرون من آجل حقوق الأنسان أيضا ولا تحركهم المشاعر الدينية فقط .
للأستعلام راسلنا عبر البريد الاكترونى وسوف نرد عليك ويسعدنا مشاركتك.
magdi.khalil@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف