ضرورة القضاء على الهوس الديني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خرج مؤتمر واشنطن الذي انعقد ما بين 16-19 نوفمبر 2005 بسبعة قرارات ينبغي على الحكومة المصرية أخذها بعين الاعتبار:
1bull; إلغاء كافة القوانين والقرارات الإدارية المقيدة للحريات العامة و الأساسية لحقوق الإنسان وفي الصدارة منها حالة الطوارئ المستمرة منذ نحو ربع قرن، وكافة ما ترتب عليها من آثار قانونية سلبية.
2bull; إطلاق حرية تأسيس الأحزاب السياسية المدنية غير الدينية وتأسيس الجمعيات الأهلية المدنية و إلغاء كافة القيود المفروضة في هذا الصدد.
3bull; إطلاق حرية إصدار الصحف و إنشاء وسائل الأعلام المرئية و المسموعة مع إلغاء كافة القيود علي حرية التعبير.
4bull; الإسراع بإصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة لتأسيس المساواة الكاملة بين المصريين في بناء وتدعيم دور العبادة الخاصة بهم مع تغليظ العقوبة علي الاعتداء علي دور العبادة.
5bull; تجريم التحريض ضد الأديان وتسفيه المعتقدات الدينية وتشديد العقوبة في حالة التحريض عبر وسائل الأعلام الرسمية والحكومية ومعاقبة المسئولين في هذه الأجهزة والأجهزة الحكومية.
6bull; تأسيس أقسام للدراسات القبطية بالجامعات المصرية باعتبارها جزءا أصيلا من الثقافة الوطنية .
7bull; إتباع سياسات تصحيحية انتقالية لمعالجة تهميش المرأة والأقباط والأقليات الأخرى وذلك بإتباع آليات التمييز الايجابي الجاري العمل به في أمريكا وفرنسا بالاسترشاد بنسبة مئوية ملائمة من المقاعد البرلمانية والمجالس المحلية والمناصب القيادية.
وسأركز هنا في مداخلتي على محورين لتحسن أوضاع مواطني الأقباط لنيل حقوقهم الدينية والمدنية ليتساووا بإخوتهم في الله والوطن المسلمون، إعلاءً لحق المواطنة، لتكون مصر لكل المصريين،والمحورين هما:
1- التعليم:هناك مظاهر للتمييز بين المسلمين والأقباط تتلخص في عدم قبول الطلاب الأقباط في جامعة الأزهر، وكذلك في كلية دار العلوم وأقسام اللغة العربية بكليات التربية والآداب، وتخصيص نسبة بسيطة لقبولهم في كليات الشرطة والكليات العسكرية، وقصرت المقررات الدراسية على النصوص الدينية الإسلامية وتجاهل النصوص الدينية القبطية، وتجاهل تدريس الفترة القبطية من التاريخ المصري ويواجه الطلبة المسيحيين متاعب في المعاملة والتفرقة في الجامعة سواء في مواعيد الامتحانات وتداخلها مع إجازات الأعياد المسيحية أو في اضطهادهم في الامتحانات الشفوية بسبب أسمائهم القبطية. وإذا كان الاسم محايداً سأل الممتحن الطالب عن أسمه حتى الجد الخامس!، واستبعادهم بشتى الطرق من التعيين في هيئات التدريس في الجامعة، وعليه فيجب تحييد مؤسساتنا التعليمية والجامعية من الدين (أي دين) ليكون الدين لله والوطن للجميع. فلقد تم أسلمة أماكن العمل في الحكومة والمواصلات العامة، وأصبحت ظاهرة الخلط بين الدين والعمل هي السائدة هذه الأيام، فقد علقت الآيات القرآنية على جدران المصالح الحكومية وأصبح من المعتاد رؤية الموظفين والموظفات يقرأون القرآن الكريم وقت العمل بصوت عال وإذا حلت الساعة الحادية عشر صباحا توجه الجميع لأداء صلاة الظهر،مهملين لعملهم بينما "العمل عبادة" كما قال الأستاذ جمال البنا، فيجب منع الصلاة في أماكن العمل وقضاؤها بعد انتهاء العمل في البيت أو في المسجد،وقضاء الصلاة يأمر به ديننا الإسلامي،وبرغم أن الدستور المصري في المادة (40) ينص على أن (المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة) .إلا أننا نجد هذا التمييز الديني ملحوظاً في:
1- وجود جامعة دينية (جامعة الأزهر) مقصورة على الطلاب المسلمين فقط ولا يسمح بدخول الطلاب الأقباط فيها رغم أن بها الكليات المدنية كالطب والهندسة والعلوم والزراعة واللغات والترجمة ورغم أن هذه الجامعات - كبقية الجامعات - تمول من دافعي الضرائب المسلمون والأقباط على السواء .
2- تخفيض مدة التجنيد لحفظة القرآن الكريم إلى سنة واحد لغير حاملي المؤهلات بدلا من ثلاث سنوات بينما لا يتمتع المجندون غير المسلمون بهذه الميزة حتى لو حفظوا كتابهم المقدس كله .
3- تجميع التلاميذ الأقباط في المدارس الحكومية في فصل واحد وخروجهم من حصص الدين حتى ولو كانوا الأغلبية العددية وصعوبة ما يجدونه من عناء في البحث عن فصل شاغر لأخذ حصصهم الدينية التي كثيرا ما يتلقونها في معمل المدرسة أو المكتبة أو الفناء ناهيك عن جرح مشاعرهم بذلك التمييز .
4- وجود مسجد أو زاوية أو مصلى في كل مدرسة ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية حتى ولو كانت مدرسة خاصة تابعة لهيئة مسيحية أصبح أمرا ضروريا وعاديا بينما لا يسمح للتلاميذ غير المسلمين بأداء شعائرهم وطقوسهم الدينية داخل هذه المدارس،أليس هذا تمييزاً مرفوضاً؟.
5- وجود مدارس ابتدائية ورياض أطفال مقصورة على المسلمين وحدهم وإلزام البنات بها بارتداء الحجاب.
أما مظاهر التمييز غير الرسمي :
1- استبدال تحية العلم الوطني بالقسم الإسلامي وتلاوة أناشيد دينية بدلا من أناشيد وطنية، وهذا كفر بالوطن المصري تقدمه الحكومة هدية لـ"الإخوان" قبل قفزهم على السلطة كما يقفز الذئب على النعجة في الظلام.
2- توزيع كتب وكراسات على التلاميذ الصغار مرسوم على غلافها صورة مسجد أو طفلة محجبة، تصلي وتحتها نصوص وأحاديث دينية.
3- إلزام الفتيات الصغيرات ما دون العشر سنوات بارتداء الحجاب وتشجيعهن على عدم الاختلاط بزميلاتهن غير المحجبات .
4- عقد مسابقات دينية في المدارس غير مسموح لغير المسلمين بالاشتراك فيها حيث تكون الأسئلة خاصة بحفظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة .
5- كتابة التاريخ الهجري في المدارس أصبح أمرا ضروريا بينما غير مسموح على الإطلاق باستعمال التاريخ القبطي .
6- بداية طابور الصباح بحكمة أو خطبة مأخوذة من القرآن الكريم بينما لا يسمح لغير المسلمين بعرض آيات مستوحاة من كتابهم المقدس تحض على المحبة والإخاء والتسامح رغم ما يوجد بها من نقط تلاقي كثيرة تدعم الوحدة الوطنية وروح الانتماء إلى الوطن .
7- عدم وجود أي رئيس جامعة أو عميد كلية أو حتى رئيس قسم بها غير المسلمين، وكذلك ندرة عدد النظار الموجودين في المدارس الحكومية من غير المسلمين .
8- إغراق المكتبات المدرسية والجامعية بالكتب والشرائط الإسلامية بينما تستبعد تماما أية كتب أو نشرات أو شرائط خاصة بغير المسلمين، بحجة أنها نشرات تبشيرية رغم ما بها من تعاليم تنادي بالتسامح والمحبة والسلام بين جميع طوائف الشعب.
2- الإعلام: المرئي والمسموع، يكرر صباح مساء النرجسية الدينية مثل أن ديننا هو الوحيد الحق تطبيقاً للفقه الإخواني الذي يعتبر اليهودية والمسيحية منسوختين بالإسلام، في حين تغيب من الإذاعة والتلفزيون أي برامج ثقافية أو دينية للإخوة المسيحيين يعرّفون بها إخوانهم المسلمين بأعيادهم وطقوسهم ليحترموها، فلا يوجد مسلسل واحد لسيرة أي قديس مسيحي رغم كثرتهم، في حين أن قنواتنا الستة بالإضافة إلى الفضائيات مملوءة بأفلام و بسير الخلفاء وأبطال المسلمين،متناسية تاريخ مصر الفرعوني والقبطي، كما أنه يجب نقل صلاة قداس كل يوم أحد قدوة بنقل التلفزيون المصري لصلاة الجمعة كل يوم جمعه، وكذلك وضع برامج مسيحية يومية لقساوسة ينشرون من خلالها سيرة السيد المسيح وحياته وأقواله، ودعوته إلى المحبة والسلام،وكذلك سير بعض القديسين، فذلك خير وسيلة للتعارف بين الدين الإسلامي والمسيحية، للقضاء على التعصب والبغضاء التي تهددنا اليوم بحرب أهلية لا قدر الله ولا أراد.
على الحكومة أن تفّعل قرارات مؤتمر واشنطن السبعة،مع القضاء على مظاهر الهوس الديني.
بالنسبة للمعترضين على تدويل القضية القبطية، معتبرين ذلك خيانة لمصر وللمصريين، أقول لهم أخطأتم فهماً، فالتدخل الخارجي ضرورة لتفعيل قيم الحداثة في العالم العربي والإسلامي، لأنه بدون هذا التدخل لن تدخل الحداثة بلدان العالم العربي والإسلامي، وأذّكر المعترضين على ضرورة التدخل الخارجي بأن إيران لم تعلق حد رجم الزانية البربري إلا بتدخل من الاتحاد الأوربي، وتركيا لم تلغ عقوبة الزنا وعقوبة الإعدام، وأخيراً شطب خانة الديانة من الهوية الشخصية إلا بضغط من دول الاتحاد الأوربي، فالتدخل الخارجي مطلوب ومرغوب للحاق بركب الدول المتقدمة.
المقال مداخلة في مؤتمر "إستراتيجية العمل القبطي بعد تدويل قضية الأقباط عالمياً" المنعقد في زيورخ في الفترة ما بين 25 - 27 مارس 2006.