كتَّاب إيلاف

الإنتخابات العراقية و السؤال المحرج (1)

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فنتازيا عربية

في مقال تهَكُمي ساخر،عن الفضائيات العربية،كنت قد اعلنت نفسي كبيرا للخبراء والمحللين بعالمنا العربي الكبيرمن على هذا المنبر ومن على منابر اخرى قبل ذلك. فعلت ذلك بعد ان رأيت انتشار الفضائيات في سمائنا، وان كل الناس صاروا محللين وخبراء ومفكرين!! خاصة ابناء دفعتي والدفعات السابقة واللاحقة، واكتشفت انني انا الوحيد الذي لم يصبح مفكرا او خبيرا في شئ او محللا لشيء، وبالطبع لم يرضني هذا الوضع لذلك قمت بتنصيب نفسي مفكرا وخبيرا ومحللا في جميع الامور والشئون الخاصة بالعالم العربي والعالم الاسلامي والعوالم المجاورة، وغير المجاورة (خاصة وقد اكتشفت بان الخبرة او التفكير ماهي إلا حفظ بعض محتويات الكتب الصفراء والخضراء وبقية الالوان وما اكثرها عندنا، يُضاف الى ذلك حفظ عدد من الكلمات الأجنبية مع شِوية حقائق علمية ، كما يمكن الاستعاضة عن كل ذلك بقوة الحنجرة والمقدرة على رَصْ وسرد الكلام). وكنت ايضا قد ناشدت جميع القنوات الفضائية والارضية بما في ذلك قناة السويس وبنما، وحتى قناة استاكيوس، بان لاتستضيف أي مفكر او محلل غيري. وبما انه مضى على ذلك الاعلان فترة ولم يعترض عليه احد،فان ذلك يعتبر موافقة من الجميع على هذا التنصيب (لانكم تعلمون بأن السكوت علامة الرضا). ولكن يبدو انني بهذا الاعلان قد وقعت في شر أعمالي. إذ ان احد مقدمي البرامج إياها!! لاحدى القنوات إياها!! قد اتصل بي طالبا اجراء حوارعن الشأن العراقي،خاصة وانتخاباته قد انتهت وخناقاته حول تشكيل الحكومة قد بدأت. بالطبع لم اضِِِِِع الفرصة ووافقت على الفور على هذا اللقاء،خاصة وانا اعلم انه سوف لن يكلفني جهدا، ذلك ان الكلام الذي يقال في هذا المجال محفوظ ومعروف، بل انني اعلم بان ذلك المذيع قد لا يحيجني لاي كلام لانه وفي الغالب سوف يلقي خُـطبته الافتتاحية والتى سوف تستهلك نصف وقت البرنامج ـ ومنها سوف اعرف الخط الذي يجب ان اسير عليه ـ ثم سوف يلقي خـُطبه السؤالية ويعقبها بخـُطبه الجوابية بينما اكون انا فاغرا فاهى جالسا (كما ألأهبل) امامه. كان من ضمن الاسباب التي جعلتني اوافق فورا على هذا اللقاء هي الفرصة التى سوف تتاح لي لإمتطاء الطائرة،مجانا، الى البلد الذي تقبع فيه تلك القناة،هذا بالإضافة للاقامة في فنادق الخمسة نجوم، والفخفخة التي سوف اعيشها لمدة يومين اوثلاثة، وهذه اشياء لا تتيحها امكانياتي الخاصة،هذا إضافة للظرف المنتفخ الذي قد استلمه بعد اللقاء، والذي اعرف انه سيزيد انتفاخاً كلما زاد انتفاخ اوداجي وعلا صوتي، وكلما تفننت في كيل الشتائم لمن يريد مني المذيع شتمه. وفي انتظار موعد السفر قمت بتجهيز نفسي بمذاكرة كل الخـُطب والمصطلحات والمقالات الخاصة بهذا الموضوع، وايضا الخاصة بالعدو الصهيوني وامريكا والامبريالية!! بل وجهزت ملفا كاملا بهذه الاشياء لكي احمله معي تحوطا لكل ملابسات،هذا على الرغم من انني وكما قلت سابقا قد لا احتاج الي ذلك لان الاسئلة في هذه المجالات معروفة ومحفوظة، وإجابتها ايضا معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب، اضافة الى ان المذيع نفسه سوف لن يقصِّر في هذا المجال إذ انه غالبا سيقوم بطرح الأسئلة وطرح اجاباتها، وبالطبع فان المتداخلين (وهم معروفون مسبقا امثال الدكتور فلان الفرتكاني من هولندة،وأُم عرمان من السويد وبقية الشلة المعروفة والجاهزة في كل البرامج) هؤلاء سوف يدعمون الموقف بخطبهم الررنانة الحاسمة وتصويتهم الذي سوف يدعم موقفي بنسبة لا تقل باي حال من الاحوال عن التسعين في المئة، وبالطبع ايضا اعرف ان أي شخص من خارج السرب ويريد الشوشرة، سوف لن يتاح له تليفون الاتصال ، واذا حدث أن تسلل احد من هؤلاء عن طريق الصدفة او بالتعمد (للتحلية)، فان المذيع كفيل بأن يجندله ويصرعه،هذا بإلاضافة للمتداخلين الذين هم له بالمرصاد وسوف يلقمونه صخورا. اما اذا كان ذلك الخارج عن السرب موجودا معي في الاستوديو للاشتراك في نفس البرنامج فان خـُطبي الجاهزة والمحفوظة كفيلة بردعه والرد عليه (وقطع نـَفسِه)، هذا اذا اتيحت له فرصة لان يتنفس او ينبس ببنت شفة، او اذا لم يسبقني المذيع الى جندلتة وصرعه. اما اذا كان ذلك المشاكس قوياً ومتمكناً فإن المذيع قد يستدعي قوات الردع السريع بما في ذلك اسلحة الدمار الشامل من امثال الصاروخ الذري عبدالباري بكري او القنبلة الهيدروجينية مصطفى عطوان. لكل هذه الاسباب حينما حان موعد السفر هرعت الى المطار قبل موعد الطائره بنصف يوم وانا مطمئن على الوضع واضعا في بطني مزرعة بطيخ شتوي (ومافيش حاجة هاماني). وصلت الى هناك حيث الاستقبالات والاستضيافات، وعندما حان وقت الذهاب الى الاستوديو خرجت من الفندق على سنجة عشرة بفضل ما استلفته من الاصدقاء لهذه المناسبة من بدل وكرفتات وساعات وجزم (لا مؤاخذة) واشياء اخرى،وهذا بالطبع لكي يكون منظري مشابها للخبراء والمفكرين..... والى اللقاء في الاستويو.

(كاتب سوداني)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف