دور الشعوبية في صنع الفرق الباطنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في كل يوم يكتشف الباحث ان هناك الكثير من الحقائق المتعلقة بالشعوبية ماتزال مستورة عن عامة الناس مما يضطرنا العودة إلى كتابة فصول جديدة عن أعمال وجرائم الحركة الشعوبية (والتي تعني العنصرية) وهي تسمية أطلقها مؤسسوها على أنفسهم تعبيرا عن تعنصرهم لقيمهم وتقاليدهم القومية مقابل رفضهم لقيم وثقافة الحضارة الإسلامية التي أطفأت نيران المجوسية ودحرت الإمبراطورية الكسروية .
لذلك فقد راح الشعوبيون يحاولون إعادة مجدهم الغابرعبر ضرب الإسلام والمسلمين ومنهم العرب على وجه التحديد باختلاق الأساطير وزرع الفتن بتغليب الحس العنصري على الروح الإسلامية لدى أبناء فارس الذين شعروا بحلاوة الإسلام وقيمه الإنسانية التي كانت من اولى ثمارها تحريم عادة زواج المحارم وهي عادة تأنفها حتى الحيوانات ولكنها كانت سائدة في بلاد فارس قبل الإسلام . حيث كان الفرس يتزوجون من محارمهم للحفاظ على نقاوة الدم الآري او بدافع حصر الحكم و الثروة بأسرة معينة . ومثال على ذلك فقد تزوج كورش الإخميني (صنيعة اليهود ) بخالته ليصبح وريث الحكم بعد جده لأمه, و قد تزوج الملك كموبجيه الثاني بأخته آتوسا, وتزوج الملك داريوش الثاني بأخته باريساتيدا، كما تزوج اردشير الثاني بأختيه آتوسا وآمستريدا.
إن هذه القيم و التي هي خليط من العقائد المجوسية و المزدكية الإباحية والمانوية الوثنية كانت و لا تزال تدعو إلى تعالي العنصر الآري وتفضيله على سائر الشعوب و الأمم والأعراق وقد رأت الحركة الشعوبية بقيادة عتات العنصريون الفرس انه لا يمكن الحفاظ على هذه القيم إلا بضرب الإسلام و العرب الذين أصبحوا رسول هذا الدين وحملته إلى العالم . لذلك فقد قامت الشعوبية باختلاق العديد من الفرق الباطنية و من ابرز هذه الفرقة " القرامطة " التي تزعمها عبدالله بن ميمون القداح و الذي بدأ بنشر فتنته في فارس سنة 260هـ حيث كان ظاهر هذه الدعوة التشيع لأهل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق ولكن حقيقتها كانت معادة الدولة الإسلامية. فبعد أن حقق القداح تقدما في دعوته في بلاد فارس أرسل داعيته الفرج ابن عثمان الكاشاني المعروف (بذكرويه )إلى العراق لنشر الفتنة و كسب المؤيدين والأنصار, ومن يقرئ تاريخ هذه الفرقة يجد كيف أنها عاثت في الأرض فسادا عندما تمكنت من الاستيلاء على بعض المدن والولايات خصوصا في عهد سليمان بن الحسن بن بهرام الفارسي فهو الذي هاجم مكة عام 319هـ، وفتك بالحِجاج وهدم زمزم وملأ المسجد بالقتلى ونزع الكسوة وقلع البيت العتيق واقتلع الحجر الأسود ونقله إلى الإحساء وبقي الحجر هناك عشرين سنة إلى عام 339هـ.
وقد تلى القرامطة فرقة باطنية أخرى وهي النصيرية نسبة إلى مؤسسها أبو شعيب محمد بن نصير النميري الفارسي كان من سكنة البصرة ومات في سنة (270هـ) ثم أكمل مسيرته أبو محمد عبدالله بن محمد الجنبلاني 235-287هـ وكان هذا الأخير من مدينة جنبلان بفارس وهم ممن قالوا بألوهية الإمام علي بن أبي طالب زاعمين أنه إمام في الظاهر وإله في الباطن لم يلد ولم يولد، ولم يمت ولم يقتل ولا يأكل ولا يشرب .
ثم ظهرت بعد ذلك فرقة باطنية أخرى سميت بالدروز وكان المؤسس الفعلي لهذه الفرقة هو حمزة بن علي بن محمد الزوزني والذي كان يعرف بأبي علي الفارسي وهو الذي أعلن ألوهية الحاكم بأمر الله الفاطمي سنة 408هـ وكان قد التقى في مصر بنشتكين الدرزي الذي حمل الدعوة إلى بلاد الشام وأخذت الفرقة اسمها من اسمه.
يضاف إلى تلك الفرق فرقة أخرى عرفت باسم الحشاشين بقيادة الشعوبي الحسن بن الصبّاح الذي كان يدين بالولاء للإمام المستنصر الفاطمي وقام بالدعوة في بلاد فارس للإمام المستور ثم استولى على قلعة الموت وأسس الدولة الإسماعيلية النـزارية الشرقية , وأصحاب هذه الفرقة عرفوا بالحشاشين لإفراطهم في تدخين الحشيش، وقد مارسوا الإرهاب في أقسى صوره التي عرفها التاريخ الإسلامي واستمرت دولتهم تمارس القتل و الإرهاب ضد المسلمين على يد قائدهم الذي اخلف الحسن بن الصبّاح وهو كيا بزرك أميد وتبعه من بعده أولاده وأحفاده محمد كيا بزرك أميد و الحسن الثاني بن محمد كيابزرك و محمد الثاني بن الحسن كيا بزرك و الحسن الثالث بن محمد الثاني كيا بزرك حتى وصل الأمر إلى ركن الدين خوارزم شاه الذي في عهده انهارت دولتهم وسقطت قلاعهم أمام جيش هولاكو المغولي الذي قتل ركن الدين شاه فتفرقوا في البلاد.
ومن ضمن ما ابتدعته الحركة الشعوبية الفرقة البهائية التي أسسها الميرزا علي محمد رضا الشيرازي 1235_1266 ( 1819 _ 1850م) وهي فرقة خرجت من رحم الفرقة الإخبارية الشيخية في عهد الملا كاظم الرشتي والأخير فارسي صاحب بدع مشهورة, وقد تحالفت البهائية مع الصهيونية في محاربتها للدين الإسلامي.
هذه الفرق الباطنية والتي كما يظهر جليا جميعها كانت من صنع الحركة الشعوبية قد تبعتها فرق باطنية أخرى كان هدفها كما أسلفنا هدم الدولة الإسلامية وتفتيت عرى المسلمين إلى فرق ومذاهب شتى انتقاما من العروبة والإسلام الذي هد كيان الإمبراطورية الفارسية ورما بعقائدها في مزبلة التاريخ . وإذا ما شاء المتتبع فأنه سوف يجد إن الحركة الشعوبية لم تتوقف حركتها عند تلك الفرق وحسب بل أنها استمرت في بدعها و ليس أخرها بدعة" الحجتية" التي تدعو لنشر الفساد لتعجل بظهور المهدي المنتظر الذي تقول رواياتهم انه لا يخرج حتى يعم الفساد والخراب في الأرض وهم يستعجلون ظهوره بتعميم الفساد.
ومن الملفت أيضاء ان الشعوبيين الذين يحاولون اليوم التلبس بلباس الدين في سبيل قد تناسوا ما دونته أدبياتهم من حقد على المسلمين الأوائل حملة رسالة الإسلام.
ومن تلك الشواهد نجد ان كتاب " الشاهنامة " الذي هو احد أهم أدبيات الشعوبية كيف يمتدح فيه الفردوسي قتل الصحابي الجليل عبدالله بن حذافه السهمي سفير النبي ( صلعم) إلى كسرى ملك الفرس .
حيث يقول :
كه آمد فرستاده يي پیرو سست
نه اسب و سليح ونه چشمي درست
يكي تيغ باريك برگردنش
پديد آمده چاك پیراهنش
وترجمتها بما معناه: لما جاء ذلك المرسال الخوار الذي كان اعور العين ولم يكن يمتلك فرسا أصيلة , بانت شفرة السيف الحادة بين رقبته وقميصه.
وهذين البيتين هما من ضمن قصية طويلة تضمنها ديوان الفردوسي في سب العرب والمسلمين هذا الديوان ألشتائمي الذي الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي هدية إلى البابا يوحنا بولص الثاني خلال زيارته الفاتيكان في آذار عام 1999 وذلك تعبيرا عن حسن نواياه و ترويجا لمشروع حوار الحضارات!!.
هذه العورات يحاول الشعوبيون والكثير من الكتاب الطائفيون التغطية عليها غير أن الصحوة الفكرية التي بدأت تعم المسلمين عامة و أبناء المدرسة الجعفرية في الساحة العراقية واللبنانية و الخليجية و الأحوازية خاصة, قد جعلت أبناء هذه الأقطار وغيرها من الأقطار العربية و الإسلامية الأخرى يدركوا حقيقة الأدوار التي لعبتها وما تزال تلعبها الحركة الشعوبية المتلحفة بمحبة أهل البيت (ع) وباتوا يتصدون لهذه الحركة الخبيثة كاشفين زيفها وخطورتها على وحدة الأمة ومصالحها العليا.
الكاتب رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي