أنا خائف على أهرامات بلادي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مصر متجهة نحو الدولة الدينية،فمنذ الثمانينات من القرن الماضي وهي تسعي حثيثاً لتطبيق الشريعة الإسلامية، وكاد السادات أن يطبقها لولا أن دعا المستشار العشماوي في استراحته بالقناطر الخيرية فشرح له كتابه"أصول الشريعة" فتوقفت عن تطبيقها،ومن يومها والإخوان المتأسلمون يحاولون بشتى الطرق فرض الشريعة فرضاً على المجتمع،من خلال فرض الحجاب [الذي قال عنه المستشار العشماوي والأستاذ جمال البنا ود. حسن الترابي أنه ليس من الإسلام في شيء بل كان خاصاً بزوجات النبي]على الفتيات وإطلاق اللحي، وارتداء اللبس الأفغاني. مصر الحضارة والتاريخ والانفتاح والتسامح أضحت بفكرهم الرجعي القروسطي مصر التعصب والانغلاق والبداوة، مصر السبعة آلاف سنة حضارة تسعي الآن في القرن الحادي والعشرين لتطبيق الشريعة لقطع يد السارق ورجم الزانية ودق عنق المرتد.ولقد فاجئنا مفتى جمهورية مصر العربية علي جمعة منذ اسبوعين بفتوى تحمل رقم 68 بتحريم تزيين المنازل بالتماثيل مستنداً في فتواه بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم القائل"إن الملائكة لا تدخل بيتاً به كلاب أو صور". هذه الفتوى تذكرني بالجريمة التي ارتكبتها طالبان بتدمير تمثالي بوذا، التي اعتبرها العالم جريمة في حق الإنسانية والحضارة. فتوي علي جمعة تجعلني خائفاً على مستقبل أهرامات وآثار بلدي مصر،فمن المتوقع أن يصل الإخوان إلي الحكم - وهذا متوقع- فمن يضمن لنا أنهم عندما يصلون إلى الحكم لن يصدروا فتوى بتدمير كل الآثار الفرعونية باعتبارها وثنية وتحث على الكفر. نحن في ردة حضارية غير مسبوقة، من كان يصدق أن مصر التي علمت العالم كله فن النحت والتحنيط يصدر مفتيها في القرن الحادي والعشرين فتوى بتحريم التماثيل؟ فنحن لم نكتف بأننا لا نضيف الآن جديداً إلى الحضارة الإنسانية، بل وصل بنا الانحطاط إلى محاولة محو آثار الحضارة الباقية التي شهد لنا بها العالم أجمع إلا المتأسمون.
وقد علق وزير الثقافة المصري والفنان التشكيلي فاروق حسني على هذه الفتوى قائلاُ:"إن التمثال قيمة فنية وهو في الأساس يجسد نوعاً من المحاكاة لما خلقه الله سبحانه وتعالى، كما أن تماثيل الشخصيات التاريخية مثل سعد زغلول ومصطفي كامل ومحمد علي وغيرهم وضعت لتمجيد بطولاتهم في ذاكرة الشعوب" وأشار وزير الثقافة أن حديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي استشهد به المفتى في فتواه كان المقصود به تحريم تماثيل الجاهلية التي كانت تستخدم للعبادة ولا ينسحب على تماثيل العصر الحالي الذي تصنع بغرض الفن وتمجيد شخصيات أثرت في تاريخ شعوبها.
أما المفكر محمود أمين العالم فاستنكر هذه الفتوى قائلاً:"لن أرد على مثل هذه الفتوى التي تندرج في ثقافة الجاهلية، أنا مندهش كيف يصدر هذا عن رجل تعلم في فرنسا وأعرف أنه مستنير ومتفتح ومحب للحياة، إن التماثيل لها قيمة فنية كبيرة، وهي ركن أساسي في كل الحضارات التي شكلت وعي الإنسانية".
أما رئيس تحرير أسبوعية"أخبار الأدب" جمال الغيطاني، فقد ذهب إلى اعتبار فتوى الشيخ جمعة"كارثة"مضيفاً أنها"تجعلنا لا نستبعد أن يدخل شخص إلى معبد الكرنك في الأقصر أو أي معبد فرعوني آخر لينسفه اعتماداً على فتوى جمعه"، ووصف الغيطاني الفتوى بأنها "طالبانيه"، ولم يكتف بذلك فأضاف:"إن هذه الفتوى تعكس أزمة المؤسسة الرسمية في فهم المشاكل التي تحيط بالمسلمين في اللحظة الحاضرة والتي تبرر حاجتنا إلى فقيه كبير يدرك حجم المخاطر والمشاكل المطروحة الآن بالنسبة للإسلام والمسلمين" وقال"آن الأوان للذين يضعون تعارضاً بين الإسلام والحياة المعاصرة أن ينتهوا من حياتنا خصوصاً وأن هناك اجتهادات لشيوخ كبار في القرن الماضي تجاوزوا التفاصيل السخيفة فما بالك الآن ووجودنا نفسه يتعرض للتهديد"، واعتبر فتوى تحريم التماثيل "ارتداد على منجزات الإمام محمد عبده".
أما مفكرنا الإسلامي جمال البنا فعلق على هذه الفتوى قائلاً:"إن الفنون والآداب حرث من الدنيا، وقد حسم الله تعالى هذه القضية حين قال:من يرد حرث الدنيا نؤته منها ومن يرد حرث الآخرة نؤته منها، فمن هنا لا يمكن معالجة تلك القضايا بمعايير إسلامية لأنها من حرث الدنيا وثمرة من ثمرات النفس الإنسانية لأنه سبحانه جبلها على الفجور والتقوى، إن الفنون"كالرسم والنحت..إلخ" إلهام من الله وخارج إطار المعايير الدينية، فليس للدين أن يدخل في هذا المجال(...) وهذا هو الحل الحقيقي للقضية وما عداه سفسطة".
لكن هل اختلفت فتوى الشيخ جمعه عن فتوى شيخ "الوسطية" القرضاوي عن تحريم التماثيل؟
تقول فتوى القرصاوي:"حرم الإسلام التماثيل ...كل الصور المجسمة، ما دامت لكائن حي مثل الإنسان أو الحيوان فهي محرمة، وتزداد حرمتها إذا كانت لمخلوق معظم. مثل ملك أو نبي كالمسيح أو العذراء،أو إله من الآلهة الوثنية مثل البقر عند الهندوس، فتزداد الحرمة في مثل ذلك وتتأكد حتى تصبح أحياناً كفراً أو قريباً من الكفر، من استحلها فهو كافر. فالإسلام يحرص على حماية التوحيد، وكل ما له مساس بعقيدة التوحيد يسد الأبواب إليه. بعض الناس يقول:هذا كان في عهد الوثنية وعبادة الأصنام، أما الآن فليس هناك وثنية ولا عبادة للأصنام... وهذا ليس بصحيح... فلا يزال في عصرنا من يعبد الأصنام... من يعبد البقر ويعبد المعز. فلماذا ننكر الواقع؟ هناك أناس في أوربا لا يقلون عن الوثنيين في شيء... تجد التاجر يعلق على محله(حدوة حصان) مثلاً، أو يركب في سيارته شيئاً ما... فالناس لا يزالون يؤمنون بالخرافات، والعقل الإنساني فيه نوع من الضعف ويقبل أحياناً مالا يصدق... حتى المثقفون، يقعون في أشياء هي من أبطل الباطل ولا يصدقها عقل إنسان أمي.فالإسلام احتاط وحرم كل ما يوصل إلى الوثنية أو يشتم فيها رائحة الوثنية...ولهذا حرم التماثيل. فتماثيل قدماء المصريين من هذا النوع. ولعل بعض الناس يعلقون هذه التماثيل بوصفها نوعاً من التمائم،كأن يأخذ رأي"نفرتيتي"أو غيرها ليمنع بها الحسد أو الجن أو العين...وهنا تضاعف الحرمة. إذ تنضم حرمة التمائم إلى حرمة التماثيل.لم يبح من التماثيل إلا ألعاب الأطفال فقط، وما عداها فهو محرم... وعلى المسلم أن يتجنبه".
هذه الفتوى القرضاوية كافية لاعتباره كعدو للحضارة والإنسانية، نفهم من فتواه أن الآثار الفرعونية وثنية كافرة، إذن وجب تدميرها لمحو آثار الشرك،هذه الفتوى "الجريمة" دعوة لتدمير تراث مصر الفرعوني القبطي والإسلامي الذي هو وسام شرف تضعه مصر على صدرها واعترف لها به العالم أجمع إلا شيخنا، شيخ"الوسطية المزعومة" وإخوان الشياطين الذين يضيقون علينا ديننا الرحب، ديننا الذي هو دين زينة وحب وتسامح، ألم يقرأوا قوله تعالي"قل من حرم زينه الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق"، ألم يقرأوا قوله تعالي"خذوا زينتكم عند كل مسجد" وماذا يقولون في قوله تعالي"ولا تنس نصيبك من الدنيا". يا فقهاء الإرهاب إن ديننا دين تسامح وزينة وحب لغرائز الحياة، ودينكم أنتم دين موت وحب لغريزة الموت، لماذا تغررون بشبابنا وتغسلون دماغه بفتاويكم الميتة والمميتة لتقربوه من غريزة الموت على حساب غرائز الحياة؟لماذا تبعدوه عن غرائز الحياة وما يقرب إليها من موسيقي وفن ورقص وغناء، وتحببوه في النحر والانتحار؟ كفوا عن تخويف شبابنا بعذاب القبر والشجاع الأقرع (ثعبان له سبعة رؤوس)، كفوا عن فتاويكم القروسطية، وإذا كنتم مصرين عليها فلا مكان لكم سوى كهوف أفغانستان، لأن ديننا الإسلامي الحنيف علمني أن الله جميل يحب الجمال.والحمد لله أن جعل د. حسن الترابي يصفع القرضاوي وأمثاله من فقهاء الإرهاب،فقد أفتى في حديثه في الشرق الأوسط 9/4/2006 بأن الحجاب هو لتغطية الصدر فقط وليس لتغطية الرأس أو الوجه كما يزعم القرضاوي، وأن شهادة المرأة تعادل شهادة الرجل عكس لما يدعيه المتأسلمون من أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، وأجاز للمسلمة حق الزواج من المسيحي أو اليهودي وهو ما يعتبره القرضاوي والغنوشي كفراً. فألف شكر لك يا دكتور حسن الترابي أنت الذي انضممت لنا نحن المسلمين المتنورين. والحمد لله رب العالمين.
Ashraf3@wanadoo.fr