الى كل مصرى يريد أن يتمسلم أو يتنصر: افعلهاسرا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بسم الله الرحمن الرحيم
فى عيد القيامة فى سنة 1993 ( حسبما أتذكر ) كنت مارا بالقرب بالكنيسة المجاورة لبيتى وقت احتفالات الأخوة الأقباط بعيد القيامة ، فوجدت بجند الأمن المركزى يقفون فى حماية الأطفال الأقباط من جيرانى وهم يلعبون فى براءة دون أن يدركوا النفق المظلم الذى دخلنا فيه. بعدها كنت فى ندوة الجمعية المصرية للتنوير ، والتى أنشأناها فى مكتب الراحل فرج فودة بعد اغتياله. تحدثت عن معنى أن يصل بنا الحال الى أن يلعب أطفال مصريون أمام كنيستهم فى حراسة الأمن ؟ لم أستطع تكملة حديثى فاختنق صوتى بالبكاء .!!
أتذكر أيضا فى جنازة صديقى الراحل فرج فودة وقد كان بين المشيعين محمد عبد القدوس فتعرض لضرب بعض الحانقين من المشيعين. ليست بينى وبينه صداقة ولا ود ، ولكننى حزنت لما أصابه ، فليست له يد فى اغتيال فرج فودة ، حتى لو كان صهره الشيخ الغزالى ممن ألّب على الفقيد الراحل ، ولكن القاعدة أنه " ألاّ تزر وازرة وزر أخرى " ولعل محمد عبد القدوس جاء مخلصا فى حزنه أو على الأقل ليبدى استياءه مما حدث وليعلن بمجيئه استنكاره للاغتيال الآثم. وفى كل الأحوال لا ينبغى مقابلة عمله هذا بالضرب والاهانة.
تخيلت نفسى ـ وأنا المسلم ـ أسير فى جنازة أخى القبطى الذى قتلته اليد الآثمة وهو خارج من صلاته ، تخيلت نفسى أسير حزينا لأشارك أخوتى الأقباط فأتعرض للضرب ، ويتعرض غيرى من المسلمين المدافعين عن أخوتهم للضرب والاهانة لا لشىء الا لمبدأ ( الضرب على الهوية ) والذى يؤدى الى (القتل على الهوية )، كما فعل المجرم الأثيم الذى زعموا أنه مختل عقليا، ومن المؤكد أن نكون نحن مختلين عقليا لو صدقناهم.
منذ عصر السادات وتحالفه مع الاخوان وجماعات الارهاب وحتى الآن ونحن فى حالة احتقان طائفى ونقف على هاوية تهدد بتحول الاحتقان الى انفجار. وفيما بين الاحتقان والانفجار يتحول المجتمع المصرى الى معسكرين يتعصب كل منهما ضد الآخر ، وفى هذا الاستقطاب يتم معاملة كل أفراد المعسكر الآخر كأعداء بمجرد الاسم والهوية لمجرد أنه مسلم أو لأنه مسيحى. وتتحول الكراهية من كراهية المتعصبين فقط الى كراهية كل من هم على دينه ، ثم تتطور الكراهية لتمتد الى الدين نفسه اجمالا وتفصيلا . هذا ما بدأنا الدخول فيه فعلا.
فى هذا الجو الخانق الملتهب تنمحى تماما حرية الاعتقاد فيصبح المسلم الذى يريد التنصر خائنا لقومه المسلمين ، ويصبح المسيحى الذى يريد دخول الاسلام خائنا لقومه المسيحيين . ويتحول اعتناق الاسلام او المسيحية من حرية شخصية الى جريمة سياسية واجتماعية وطائفية، وتتفاقم المشكلة اذا كان الذى يتحول الى الدين الآخر فتاة أو امرأة. هنا يرتبط الدين بالشرف وبالكرامة الشخصية والطائفية. وتتحول تلك المفاهيم العليا (الدين ـ الشرف ـ الكرامة) الى خدمة التعصب ، بل تحول التعصب الى سفك دماء يبدأ فرديا ثم يصبح جماعيا.
هل نريد لمصر أن تتحول الى لبنان السبعينيات او الى عراق اليوم ..
لذا أقولها لكل مصرى يريد أن يتنصر أو يتمسلم : أرجوك افعلها سرا....لا تضع المزيد من الزيت فوق الفحم المتأجج ..
فى البداية نحن نحترم حقك فى التحول الى أى دين تشاء ، ولكن الاعلان على تحولك الدينى ولجوئك الى السلطات الدينية هنا أو هناك يجعل قضيتك الشخصية شأنا عاما وسياسة تسهم فى تأجيج الخصومة بين المعسكرين المتعاديين. وستدفع الثمن وسيدفعه معك أبرياء من أسرتك ومن غير أسرتك. وفى كل الأحوال ستجد نفسك رهينة بين الأزهر و أمن الدولة والاخوان والمنظمات الارهابية والكنيسة ، كلهم يتخاطفونك ويتحاربون فوق جثتك أو ما تبقى منك. وفى النهاية تصبح عود ثقاب يشعل حريقا فى مصر. لا أظن انك تريد حريقا لمصر!!