كتَّاب إيلاف

على المرأة أن تتحرر من كل القيود

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مازال المتأسلمون يسومون المرأة كل أنواع الذل والقهر والعذاب لا عن ذنب فعلته سوى أنها امرأة، فسجنوها في المنزل وقالوا أن لها خرجتين، واحدة من بيت أبيها إلى بيت زوجها، والثانية من بيت زوجها إلى القبر.فهم مهووسون بالجنس وانعكس هذا الهوس على المرأة فلم يروا فيها الا جسداً لا يصلح للنقاش بل فقط للفراش، فاختزلوا المرأة في الغريزة الجنسية لإشباع نزواتهم وإنجاب الأطفال فعطلوا نصف المجتمع ليعيش عالة على نصفه الآخر، سجنوها في المنزل باسم الإسلام والإسلام منهم ومن فتاويهم برئ، فالمرأة كانت في عهد رسولنا الكريم تشتغل بالفقه وتجلس للفتوى وتنشد الشعر بل وخرجت مع رسول الله تحارب في الغزوات، بل أنها كانت تلقن العلم كالرجال وتقدم المشورة الصائبة كما فعلت أم سلمة في صلح الحديبية. لقد بلغ عداء الإخوان المسلمين للمرأة وكراهيتهم لها حد أنهم يمارسون إخصاء النساء بالختان لفرض العفة عليهن كما كان العبيد يخصون في الماضي لفرض العفة عليهم وكما كان محاربوا أوربا في العصور الوسطي يضعون على فروج زوجاتهم "حزام العفة" الشهير خوفاً من خيانتهن لهم. في حين أنه لم يثبت أن رسولنا الكريم ولا صحابته الميامين مارسوا هذه العادة البشعة، مازال دعاة التخلف ومرددي الشعارات الكاذبة ينسبون تخلف المجتمعات العربية لسفور المرأة ففرضوا عليها الحجاب الذي لم يفرضه الإسلام، بل أنهم ألزموها به داخل بيتها حتى لا تراها الملائكة سافرة، وهم في الحقيقة ما قصدوا حجب شعرها بل حجب عقلها عن المشاركة في قضايا المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى لا تتساوي بالرجل في الحقوق والواجبات.بهذه الأفكار البالية جعلوا المرأة قاصرة أبدية، فحرموا عليها حتى قيادة السيارة، في حين أن المرأة كانت في عهد الرسول تقود الجمل الذي هو أشد مراساً من السيارة. فلقد أدرك المتأسلمون أهمية دور المرأة في المجتمع وبأنها نواة الأسرة التي هي نواة المجتمع، فالمرأة هي اللعبة التي يحلو للمتأسلمين اللعب بها لإحكام سيطرتهم على المجتمع، إن تغييب المرأة المسلمة عن المجتمع هدف مقصود من إخوان الشياطين لإشاعة الجهل والتخلف في المجتمع، ماذا ننتظر من أم غائبة ومغيبة عن المجتمع إلا اجيالاً جاهلة ومتخلفة، أجيال ماتت فيهم ملكة النقد والإبداع ففاقد الشيء لا يعطيه، كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
الأم مدرسة إذا اعدتتها / أعددت شعباً طيب الأعراق

سأركز في مداخلتي على خمسة نقاط أساسية وجوهرية لابد من إعادة النظر فيها لنحرر المرأة المسلمة من قصورها الأبدي الذي حكم المتأسلمون به عليها، لتصل لسن الرشد لتختار قيمها بنفسها وتكون حرة في التصرف بجسدها، لنثبت للعالم أجمع أن المرأة في الشرق الأوسط ليست أقل من المرأة الأوربية في شيء، لتحتل مكانتها اللائقة بها كنصف للمجتمع، وكشريك للرجل في الحقوق والواجبات، والنقاط الخمس هي:
1-قضية الإرث: لقد جعل الإسلام "للذكر مثل حظ الانثيين"، هذه الآية يوم نزلت كانت بمثابة ثورة على المجمع الجاهلي، لقد كان العرب في الجاهلية يقتلون بناتهم قال تعالي"وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت"، وكانوا يستقبلوا مولدها بعدم الرضي"وإذا بشر أحدهم بالإنثي ظل وجهه مسوداً وهو كظيم"، فأعطاها الإسلام نصف الذكر كثورة أولي على تقاليد هذا العصر، وآن لنا الآن وبعد 1400 عاماً أن نعطيها النصف الآخر مراعاة لمقتضيات العصر، وإمتثالاً لحقوق الإنسان، التي هي دين هذا العصر، ففي سنة 1930 نشر الشيخ الطاهر الحداد كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" مطالباً بشجاعة منقطعة النظير، ما أحرى كتابنا ومفكرينا التحلي بها، بضرورة القراءة التاريخية لآيات القرآن، مطالباً بضرورة إلغاء تعدد الزوجات، وكذلك المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الواجبات، بما في ذلك الإرث.
2-الشهادة : لا أعرف ماذا سأقول لابنتي الكبرى إذا ما سألتني يوماً لماذا شهادتي تساوي شهادة نصف رجل؟ هل سأقول لها لأنك انثي؟ فإذا كان هذا الكلام مقبولاً في فترة معينة لإناس معينين، فهو غير مقبول بالمرة الآن لمخالفته لروح عصرنا، عصر حقوق الإنسان، ومساواة المرأة بالرجل، فالحجة المقدمة لذلك واهية " إذا ما نست إحداهن تذكرها الأخرى"، وماذا لو نسي الرجل من الذي يذكره؟ ومن الذي قال أن ذاكرة المرأة أضعف من الرجل؟ قال تعالي:"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" (143 البقرة)، نلاحظ في هذه الآية قوله تعالي"لتكونوا شهداء" الخطاب هنا موجه للرجال والنساء بالتساوي .
3-ناقصات عقل ودين: هذا المفهوم الخاطئ والشائع نردده كالببغاوات حتى أصبح اليوم في حكم الحقائق التي لا تقبل المناقشة. فالعلم لم يثبت تفوق عقول الرجال على عقول النساء، بل إن أهل المنطق يقولون إن "العقل هو اعدل الأشياء قسمة بين الناس" .ومع الثورة العلمية الحديثة والكمبيوتر، كيف سنقنع أولادنا بأن المرأة ناقصة عقل في حين يرونها في أوربا وأمريكا مكتملة العقل. أما عن الدين الذي هو عبارة عن علاقة بين المرء وربه، فالمتأسمون يعتبرون المرأة ناقصة دين لأنها تأتيها الدورة الشهرية، إن كان دينها ينقص من أجل ذلك فهم مخطئون، لأنه لولا هذه الدورة التي يحتقرونها لما كان الجنس البشري، وما أتوا هم إلى الحياة، فالمرأة كاملة في دينها رغم أنف المتأسلمون وكاملة في عقلها ولو كره المتشدقون، فعلينا أن نعيد الفكر في أحكامنا المسبقة التي أخذت بحكم تقادمها حكم المسلمات، مراعاة لمصالح أولاً والمسلمين ثانياً، حتى لا نغدو أضحوكة للعالم ، فالمرأة كاملة في عقلها ودينها بحيضها ونفاسها ولو كره المتأسمون.
4-ولاية المرأة :لم يرد في الإسلام ما يحرم ولاية المرأة الصغرى أو الكبرى، حيث قال تعالي:"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" فلم يرد أي تحريم في القرآن، لكن فقهاء القرون الوسطي الذي مازالوا يعيشون أيام الجمل والصحراء والغزوات وجمود الحياة، مازالوا متسمرين في هذه الفترة برغم أننا في أوائل القرن الحادي والعشرين، في العصور الوسطي كان الحاكم فرد عليه أن يصوغ الأحكام ويستنبطها، وكذلك كان يفعل القاضي، أما الآن وبعد أن انتقل الحكم الفردي إلى حكم المؤسسات التي يشترك فيها جميع ذوي الخبرة والرأي والاختصاص، حتى إن الكمبيوتر أصبح الآن يشارك في اتخاذ القرارات، أصبح لا يوجد أي مانع يمنع المرأة من الولاية العامة والقضاء وخاصة بعد أن أصبح قاضي اليوم ورئيس اليوم لا يجتهد في اتخاذ القرارات والقوانين، بل أصبح دوره الإشراف على "تنفيذ" القوانين التي صاغتها المؤسسات. وإذا كان الإسلام ضد ولاية المرأة العامة كما يزعم المتأسلمون، فلماذا أثني القرآن على ولاية المرأة العامة في وجود المؤسسة الشورية، كما هو الحال في أمر ملكة سبأ إذ يقول:"قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون" (32 النمل)، بينما ذم القرآن ديكتاتورية الرجل حين ينفرد بالسلطة وباتخاذ القرار حيث يقول:"قال فرعون ما أريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"(29 غافر). أما بخصوص الحديث الذي يعتبره المتأسلمون مرجعاً أساسياً لعدم ولاية المرأة الولاية الكبرى القائل"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، هذا الحديث ورد بروايات متعددة منها"لن يفلح قوم تملكهم امرأة" و"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"و"لن يفلح قوم اسندوا أمرهم امرأة". وملابسات هذا الحديث تقول إن نفراً قدموا من بلاد فارس إلى المدينة المنورة، فسألهم الرسول صلي الله عليه وسلم:من يلي أمر فارس؟. فقال احدهم: امرأة. فقال صلي الله عليه وسلم:ما فلح قوم ولوا أمرهم امرأة" فهذا الحديث كان بمثابة نبؤة من رسولنا الكريم بقرب زوال ملك فارس كما تحقق ذلك بعد عدة سنوات، ولم يكن تشريعاً عاماً يحرم ولاية المرأة من العمل السياسي، لأن حرمانها من الولاية يتعارض مع قوله صلي الله عليه وسلم"النساء شقائق الرجال".
5-القوامة : قال تعالي"الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" يفهم من هذه الآية أن درجة القوامة كانت للرجل لأنه هو الذي ينفق على المرأة ويتكفل بشؤون معيشتها، أما وقد خرجت المرأة للعمل وساهمت تماماً كالرجل في شؤون المعيشة فقد سقطت هذه القوامة، بل إنه توجد الآن بعض النساء هن العائلات لأسرهن.
نحن بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من مسلماتنا ونصوصنا التي حفظناها عن ظهر قلب، فكل شيء يتغير إلا قانون التغير، ومن منطلق "الضرورات تبيح المحظورات" أوجه نداء لنساء العالم العربي والإسلامي وأقول لهن لا تستسلمن للفكر الإخواني الذي استبطن عداء المرأة كأم شريرة مفترسة، ثورن على التقاليد العتيقة التي أكل عليها الزمان وشرب، إن مشكلتكم الأساسية هي في إستسلامكن للمجتمع البطريقي الذي يضع قوانينه الرجال للرجال، فالمرأة لم تنصف في فقهنا حتى الآن لأنه لم توجد حتى الآن امرأة فسرت لنا القرآن من منظور نسائي، وفي اليوم الذي سنري فيه تفسيراً نسائياً للقرآن، و كذلك فقهاً إسلامياً نسائياً ستتغير كثير من مفاهيمنا عن المرأة، وكذلك نحن في حاجة للمرأة لكي تترأس الوزارة والدولة كما يحدث في باكستان وأندونسيا.
أتعرفون ما هو سبب تأخر العالم العربي ؟ لأسباب عدة منه أنه لم توجد حتى الآن امرأة رئيسة لأية دولة عربية، وأحمد الله أن بلدي مصر كانت من أولي الدول التي حكمتها امرأتان هما " كليوباترا"و"شجرة الدر". وأختتم مداخلتي ببعض أبيات للشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي مخاطباً المرأة العراقية قائلاً:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا / واسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه أو احرقيه بلا ريث / فقد كان حارساً كذابا
زعموا أن في السفور سقوطاً / في المهاوي وأن فيه خرابا
كذبوا فالسفور عنوان طهر / ليس يلقي معرّة وارتيابا


* مداخلة في أسبوع العراق المقام في "أربيل" الذي تنظمه دار المدي ما بين 22-30 ابريل 2006.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف