أزمة القيادة السياسية في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يعاني العراق من أزمات عديدة وليس من أزمة واحدة، ولا غرابة في ذلك، إذ ولد العراق مأزوماً منذ البداية. ففي الوقت الراهن وبعد خلاصه من أسوأ نظام عرفه التاريخ، هناك أزمة أمن وأزمة خدمات وأزمة سلطة وأزمة قيادات وأزمة إخلاق...الخ. وتأزم العراق هذا ناتج عن موقعه الجغرافي المتباين وتضاريسه الصعبة، وتركيبته السكانية المتعددة والمعقدة وثرواته الهائلة والحكومات الظالمة المتعاقبة التي حكمته منذ فجر التاريخ. وهذه الخلطة غير المتجانسة صارت سبباً للنقمة على الشعب بدلاً من النعمة له. لذلك، فلا أعتقد يلام ونستون تشرتشل عندما قال:"العراق تشكل في لحظة جنون".
وفي هذه المداخلة أود التطرق إلى أزمة واحدة فقط، ألا وهي أزمة القيادة السياسية. إذ هناك تذمر واسع من قبل العراقيين وغيرهم من هذه الأزمة. فمعظم الناس والمعلقين السياسيين يعتقدون أن هذه القيادات هي دون مستوى المسئولية لمواجهة المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي بعد سقوط النظام البعثي. كما ويعتقدون أن هناك أناساً أفضل من القادة الحاليين، لو أتيحت لهم الفرصة لقيادة البلد لكان أداؤهم أفضل وحلّوا المشاكل التي تهدد أمن وسلامة الشعب. أجل، هناك أزمة قيادة مؤسفة إن لم نقل قاتلة، وإلا ماذا نقول عن دولة تجري فيها انتخابات برلمانية ويشارك فيها أكثر من 70% من المسجلين في قوائم الانتخابات، وبعد مرور أكثر من خمسة شهور، ما زالت هذه القيادات عاجزة عن تشكيل حكومة لتسيير أمور البلاد والعباد؟ وهو رقم قياسي في تاريخ الدول بتأخير تشكيل الحكومات.
ولكن يا ترى، هل كان بالإمكان تفادي هذه المشكلة وبروز قيادة سياسية أفضل من القيادة الحالية في ظل الظروف الراهنة؟ أنا أشك في ذلك، مع علمي أن كلامي هذا سيجلب عليّ نقداً شديداً من البعض ومنهم أصدقاء أعتز بهم، وخاصة من المتذمرين من القيادة الحالية. وسبب شكوكي في الحصول على قيادة أفضل هو أن هذه الأزمة التي يعشها العراق ناتجة عن عدة عوامل معقدة ومتشابكة تجعل بروز قيادة أفضل أمر غير ممكن. فأزمة القيادة هي نتاج أزمة عامة أكبر يعيشها العراق. ولو كان هناك أناس أفضل وأكثر كفاءة من القادة الحاليين لظهروا واحتلوا مكانهم المناسب. ولو جاء هؤلاء المفترض بهم الكفاءة والنزاهة والحيادية أكثر من غيرهم، مثل التكنوقراط العلمانيين المستقلين الذين كلنا نطالب بتشكيل الحكومة منهم، لواجهوا نفس التذمر الذي يواجهه القادة الحاليون. والسبب هو أن المرحلة الحالية هي مرحلة المد الطائفي والتي لا تفرز إلا قادة طائفيين يستجيبون لنداءات أبناء طوائفهم، ولا يمكن تجنب هذه المرحلة إلا بأن تستنفد نفسها وترك العاصفة تمر بأقل خسائر، كما مرت المراحل والأيديولوجيات السابقة. وسأوضح ذلك أدناه.
أسباب أزمة القيادة السياسية
يقول أرسطو: "كما تكونوا يولّى عليكم". ومقولة إنكليزية تفيد "الناس يستحقون حكامهم"، لأن القادة السياسيين، شئنا أم أبينا، هم إفرازات شعوبهم. المفترض أن تكون القيادات السياسية والفكرية والفنية..الخ، هي طليعة شعوبها. ولكن يجب الاعتراف بحقيقة مفادها أن طليعة الشعوب المتخلفة لا يمكن أن تكون بمستوى طليعة الشعوب المتقدمة. فالشعوب العربية التي تعاني من الأمية الأبجدية بنسبة 60% لا يمكن أن تنجب مفكرين من وزن برتراند راسل أو سارتر أو جون ديوي، لأن هؤلاء العمالقة هم نتاج شعوبهم ويعكسون المستوى الحضاري الذي بلغته تلك الشعوب. فالشعب العراقي مثلاً، تعرض إلى دمار شامل خلال حكم التيار القومي العروبي الذي دام أربعين عاماً والذي بدأ بانقلابهم الدموي يوم 8 شباط 1963 الأسود وانتهى يوم 9 نيسان 2003 المجيد. وخلال هذه السنين العجاف، أعيد الشعب إلى الوراء لعشرات السنين إلى ما قبل تكوين الشعوب، ففرض عليه نظام الحزب الواحد والرأي الواحد وتأليه "القائد الضرورة"، كما وتمت عملية تشويه مفاهيم الوطنية والمواطنة، وتفتيت النسيج الاجتماعي بفرض الأيديولوجية العروبية الشمولية، خاصة في فترة البعث بنسختها الفاشية المتطرفة، فحصل انهيار حضاري وفكري واجتماعي وثقافي واخلاقي وفي جميع المجالات. وشعب تعرض لهذا النوع من الاضطهاد والدمار لا يمكن أن يتصرف كأي شعب عاش في ظروف طبيعية من الاستقرار، ولا يمكن أن ينجب قادة بمستوى قادة الشعوب المتطورة العريقة بالديمقراطية.
المعروف في الطب وعلم الفسلجة، أن الإنسان إذا توقف عن استخدام أية عضلة من عضلاته، تصاب تلك العضلة بالضمور، وتسمى هذه الظاهرة بـ (disuse atrophy). وكذلك العقل، فعدم استخدامه لمدة طويلة، يصاب بالضمور ويتعطل عن التفكير السليم، ولذلك قالوا: (use it or lose it). وهذا يشبه الماكنة المهملة عن العمل لفترة طويلة فتصاب بالصدأ، وتحاج إلى طرقها بالمطارق لإزالة الصدأ عنها وتزييتها لكي تعمل بشكل طبيعي. لقد مَنَع نظام البعث العراقيين من التفكير واستخدام عقولهم وأخذ أية مبادرة خلال حكمه الطويل، وكان رئيس العصابة المافيوزية، صدام حسين، هو وحده الذي يفكر نيابة عنهم. لذلك عطل هذا النظام كل قدرات الشعب وشلَّ تفكيرهم وحرمهم من أخذ المبادرات. وهكذا شعب، من الصعوبة أن ينجب قادة كفوئين. لذلك، فما أن سقط النظام، حتى ولدت أزمة قيادة. فصدام حسين، ما كان ليتردد عن إبادة أي شخص يتوسم فيه القيادة حتى ولو كان من أقرب الناس إليه، كما فعل بابن خاله، عدنان خير الله. ولو كان نيلسون ماندلا أو غاندي في العراق في عهد صدام لما سمع بهما أحد.
وهناك حقيقة أخرى جديرة بالذكر، تخص كل الشعوب المبتلية بالأنظمة الدكتاتورية، ومفادها أنه إذا كان الحكام لا يحترمون الديمقراطية، فمن الصعوبة أن يجعلوا الناس الذين تحت جورهم أن يحترموها.. وإذا كان الناس لا يحترمون الديمقراطية، فمن الصعوبة عليهم أن ينجبوا حكاماً ديمقراطيين. وهذه الحلقة المفرغة هي محنة العرب الكبرى والعراق خاصة، نرى نتائجها واضحة على الساسة العراقيين الآن بعد سقوط نظام البعث المستبد.
دور التربية
يقال أن امرأة استشارت فيلسوفاً عن أفضل طريقة لتربية طفلها. فسألها كم عمره؟ فقالت ثلاث سنوات. فأجابها: لقد تأخرت عن السؤال بثلاث سنوات! أما وفق مقاييس العالم المتحضر اليوم، فتبدأ التربية حتى قبل ولادة الطفل، وذلك بالرعاية الصحية للأم إثناء الحمل وحتى قبله.. الخ. بيت القصيد، أن تربية الإنسان تبدأ منذ الطفولة المبكرة. فشعب يؤمن بالقسوة في التربية ويعتبرها جزءً من تراثه المقدس، لا يمكن أن ينجب قادة ديمقراطيين رحماء على رعاياهم الذين تحت حكمهم. إذ يولد الطفل في المجتمعات العربية والإسلامية وهو محروم من الرعاية والحنان والاحترام. إذ يلاقي الطفل القسوة في البيت ومن أقرب الناس إليه. فعندما يأخذ الأب طفله إلى المدرسة، يقول للمعلم، (لك اللحم ولي العظم). أي من حق المعلم معاقبة الطفل بالضرب حتى يهرس لحمه، ولا يحق له كسر عظامه!. قارن هذه الطريقة التربوية الهمجية مع التربية في الدول الغربية، حيث يتلقى الطفل الاحترام كإنسان كامل، يتربى في جو مفعم بالود والاحترام لشخصيته واحترام الآخرين، وتعويده على الثقة بالنفس والإعتماد على الذات إلى آخر مرحلة من حياته، إلى حد أننا نسمع عن فصل معلم من وضيفته ويصبح خبراً في الإعلام، لمجرد تعنيفه لأحد تلامذته أو توجيه ضربة خفيفة على اليد في حالة قيام التلميذ بمخالفة، لأن الضرب مهين لكرامة الإنسان ولذلك فهو ممنوع في المدارس الغربية. وإذا ما استخدم الأبوان الضرب لطفلهما فتأخذه الحكومة من أبويه وترعاه في مؤسساتها الخاصة لحمايته.
بينما يتربى الإنسان في مجتمعاتنا العربية والإسلامية على القسوة في جميع مراحل تعليمه ونمو شخصيته، من الروضة إلى الجامعة والعسكرية وما يتلقاه من السلطة والمجتمع من عنف وإهانة. فأي شخص يرجى من هذا الطفل أن يكونه في المستقبل عندما يبلغ سن الرشد ويتبوأ منصباً عالياً في الدولة؟ وصدام حسين أفضل مثال مضخم للقائد السياسي العربي، حيث نعرف من سيرته أنه عاش طفولة قاسية وبائسة، وانعكست معاناته على شخصيته وسلوكه عندما تسلط على رقاب الناس كحاكم مطلق لينتقم من المجتمع. فلا شك أن صدام كان يتمتع بقدرات هائلة، ولو تلقى تربية إنسانية في طفولته لكان من المحتمل استثمار هذه القدرات إلى أعمال إيجابية بناءة لصالح الشعب. ولكن بسبب معاناته إثناء الطفولة سخر هذه الإمكانيات في الجريمة ضد الإنسانية وتدمير المجتمع.
فالقادة العرب هم نتاج هذا الموروث الاجتماعي الذي يقدس العنف والقسوة التي صارت مرتبطة بالرجولة والشرف. لذلك، إذا أرادت الشعوب العربية تجنب ظهور القساة والمنحرفين في الدولة والمجتمع، عليهم بالاهتمام بتربية أبنائهم تربية صحيحة منذ الولادة. وهذه مسئولية المثقفين لشن حملة واسعة دون توقف لدفع الحكومات والشعوب العربية والإسلامية إلى تبني سياسة تربوية سليمة للأجيال، خالية من العنف والقسوة والقهر والتخويف، تزرع فيهم حب الخير والحرية واحترام الإنسان، ونبذ التمييز العنصري والديني والطائفي.
كيف يدرب الغربيون قادة المستقبل
يبدأ الغرب بتدريب القادة وغير القادة منذ الطفولة كما أسلفنا، وذلك عن طريق التربية الصحيحة وفق قواعد علمية. فالطفل هو مشروع قيادة للمستقبل، يمتلك مؤهلات ليكون عضواً نافعاً للمجتمع فيما لو أحسنت تربيته. ولذلك نرى المسئولين يهتمون كثيراً في تربية الأطفال وتدريبهم على احترام الذات واحترام الآخر والتعايش مع المختلف، وتقبل التنوع الثقافي وتعدد الآراء. فيبدأ تدريب الأطفال على السجال واحترام مختلف الآراء، وحتى هناك برلمانات للتلاميذ، يعودونهم فيها على احترام المؤسسات الدستورية.
وهذا لا يعني أن الناس في الغرب قد تحولوا إلى ملائكة. إذ لا يمكن تخليص المجتمعات البشرية من المجرمين والجانحين والشاذين، فلا بد أن تبقى نسبة من الجانحين في جميع الأحوال. ولكن هذه النسبة واطئة لا تتجاوز الـ 5% بمختلف الدرجات، يمكن للسلطات احتواؤها وحماية المجتمع من شرورها قدر الإمكان. ومثل ذلك كمثل التقدم في الطب والخدمات الصحية المتقدمة في الغرب، لا يعني أن الشعوب الغربية قد تخلصت تماماً من جميع الأمراض وأن الإنسان لا يمرض في الغرب. كما لا يعني أن القادة الغربيين صاروا ملائكة أيضاً، بل هناك نسبة منهم يحاولون إساءة صلاحياتهم لمصالحهم الخاصة، ولكن بسبب الديمقراطية وحرية الصحافة والرقابة الشعبية ووجود معارضة، يتم فضح هؤلاء ومعاقبتهم.
يبدأ الإنسان في الغرب بالتدريب على القيادة من المدرسة، حيث يشارك في نشاطات الاتحادات الطلابية والفرق الرياضية والموسيقية والمباريات الأدبية وغيرها. وبعد التخرج، ينخرط في أعمال تطوعية يقدم خدمات للمجتمع، وينتمي إلى حزب حسب اختياره، ويتدرج في الحزب وفق نشاطه وحماسه، ثم يرشح إلى عضوية المجالس المحلية، وهكذا إلى أن يرشحه حزبه إلى عضوية البرلمان، فيخوض معارك انتخابية عديدة، إلى أن يفوز أو يفشل فينسحب بهدوء. وإذا فاز كنائب في البرلمان، فيبقى فترة في الصفوف الخلفية backbench ويتدرب على العمل البرلماني إلى أن ينتقل إلى الصفوف الأمامية frontbench في حكومة الظل، إذا كان حزبه في المعارضة، أو وكيل وزير أو وزير، إذا كان حزبه في السلطة. وهكذا نجد طريقاً طويلاً أمام الإنسان الغربي في الدول الديمقراطية الناضجة ليتبوأ المناصب القيادية.
أما في الدول المبتلية بأنظمة الجائرة، فيقفز الإنسان إلى السلطة إما على ظهر دبابة في انقلاب عسكري، أومن مضطهد في السجن أو مشرد في المنافي ومعارض للسلطة، إلى القيادة السياسية، دون المرور بأية مرحلة تحضيرية انتقالية تصقل مواهبه وتدربه على قيادة السلطة. إضافة إلى ما يواجهه من ركام هائل من المشاكل التي يرثها من النظام السابق كتركة ثقيلة من المخلفات الضارة بالشعب، كما نشاهد الآن في عراق ما بعد صدام.
ما العمل؟
هذا لا يعني أننا نيأس ولا أمل في بروز قيادات ناضجة في العراق الجديد. فلا بد من أن يبدأ العراق من نقطة ما، ورحلة الألف ميل بدأت فعلاً بالخطوة الأولى وبمساعدة الدولة العظمى وحلفائها، حيث تم التخلص من أكبر عقبة أمام تطور البلاد الطبيعي. وشراسة القمع التي اتبعها النظام البائد هي التي حتمت على الشعب العراقي قبول التدخل الأجنبي لإزالة العقبة الكأداء أمام الديمقراطية وليبدأ العراق ولادة جديدة عن طريق عملية قيصرية.
ولحسن الحظ أن هناك أصدقاء معنا لمساعدة الشعب العراقي للخروج من أزمته. فالقيادة السياسية، رغم مرور ثلاث سنوات على سقوط الفاشية، مازالت في طور التكوين والتعلم والاستفادة من تجارب الآخرين وخبرة الأصدقاء. وخلال هذه العملية الديمقراطية، يحصل الاختيار الطبيعي والبقاء للأصلح، فتظهر قيادة ديمقراطية كفوءة. وهانحن نرى أمريكا وبريطانيا تبعثان الوفود تلو الوفود لتقديم المشورة والدعم للقيادات السياسية العراقية الناشئة وحثهم على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لقيادة البلاد إلى بر الأمان. وليس من الإنصاف اعتبار ذلك تدخلاً في الشأن العراقي. فعندما يحصل خطأ في العراق يسارع الجميع بإلقاء اللوم و المسئولية على أمريكا باعتبارها هي التي حررت العراق وأسقطت النظام الفاشي. لذا فمن مسئولية أمريكا وبريطانيا أيضاً أن تساعدا العراق على تشكيل حكومته الوطنية المنتخبة. فهذه القيادة بحاجة إلى دعم الأصدقاء. كما ويجب على القيادات السياسية العراقية أن تتجنب المكابرة والعناد ولا تعتبر ذلك تدخلاً. فلولا أمريكا لكان هؤلاء مازالوا مشردين في الشتات أو كانوا مضطهدين في الداخل ونظام البعث يواصل توسيع المقابر الجماعية.
التفاؤل بالمستقبل
ورغم المصاعب التي يواجهها الشعب العراقي في ظروفه الحالية، إلا إني متفائل بالمستقبل. وتفاؤلي هذا ليس نتيجة التمنيات والرغبات فحسب، أو مقولة (تفاءلوا بالخير تجدوه، بل ناتج عن استنتاج علمي مسند بشواهد تاريخية لشعوب مرت بنفس الظروف التي يمر بها العراق، وتنعم الآن بالديمقراطية والاستقرار والازدهار. يقول نيتشه: "ما لا يقتلني يجعلني أقوى!". فهذا الوباء الطائفي والعرقي المتفشي في العراق الآن وصار عنواناً للإرهاب والصراع القاتل على السلطة والمحاصصة الطائفية، سيكسب الشعب العراقي مناعة قوية ضد هذا المرض الخبيث، أشبه بمن يصاب بمرض الحصبة والجدري ويشفى منهما فيكسب مناعة دائمة ضد هذين المرضين. وأفضل مثال على ذلك هو شفاء الشعبين، ألماني من النازية والإيطالي من الفاشية، وهما أشد مقتاً وأقوى مناعة ضد هذه الأيديولوجية العنصرية. كذلك سويسرا التي يتكون شعبها من عدة أعراق وطوائف دينية، خاضت حروباً أهلية دامية فيما بينها، انتهت في النهاية إلى هذا النظام الفيدرالي الديمقراطي الرصين، والذي صار سبباً لتقدمه المطرد وازدهاره الاقتصادي وتآلف مكونات شعبه في وحدة وطنية متراصة. لذلك فبعد انقشاع الغمامة الطائفية السوداء من سماء العراق، وأنا واثق جداً من ذلك، سيخرج هذا الشعب معافى، وسيكون من أشد شعوب المنطقة مناعة لمرض التمييز العرقي والطائفي، ويصبح نموذجاً للوحدة الوطنية والديمقراطية والازدهار الاقتصادي.