دولة يشار بويوكانيت!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أود أن تكون مساهمتي هذه المرة متمثلة في ترجمتي لمقال كتبه المعلق الكوردي أحمد أكتاش:
"قبل عام من الآن، وفي تعقيب على مجريات الأحداث والتطورات في العراق، كان الجنرال يشار بويوكانيت، قائد القوات البرية في الجيش التركي، يشكو عجز الدبلوماسية التركية أمام التعامل مع التطورات العراقية. نقل عن بويوكانيت آنذاك قوله" أن تركيا لاتمتلك أية سياسة للتعامل مع قضايا وتطورات العراق". الآن، ثمة واقع آخر، فالعسكر في تركيا، وبقيادة مباشرة من بويكانيت نفسه، سيطروا على مجمل السياسة الداخلية والخارجية للدولة التركية. ورغم أن بويوكانيت لم يتقلد رئاسة أركان الجيش حتى الآن بشكل رسمي، وهو المتوقع بعد بضع شهور، إلاّ أنه يٌعتبر الشخص الممسك بزمام السياسة التركية، والمحرك الوحيد لأهم الملفات الحساسة في البلاد.
طالبّ بويوكانيت الحكومة بعزل النائب فرهاد ساراكايا من منصبه، عقاباً له على رفع دعوى بحقه وإتهامه في التخطيط لحادثة شمزينان، التي قتل فيها ضابطين تركيين، بأمر من بويوكانيت، مدنيين كرديين وجرحوا خمسة عشرة آخرين، فكان له ذلك، وطردت حكومة أردوغان ساراكايا من منصب النائب العام في مدينة وان الكردية.
أصرّ بويوكانيت على إلغاء الحكومة لقوانينها القديمة، وإصدار قوانين جديدة ل"مكافحة الإرهاب"، ومنح صلاحيات أكثر لرجال الأمن والجيش وإعفائهم من أية مسائلة قانونية، في حال قمع وقتل المدنيين، فلبى نواب "العدالة والتنمية" طلب/ أوامر الجنرال، وإستصدروا قانون "مكافحة الإرهاب" الجديد، الذي أصبح الطفرة الفريدة في شرعنة القمع وإلباسه لبوساً قانونياً جديداً. لقد رضخ قبضاي حي قاسم باشا، أردوغان لكل أوامر الجنرال الحديدي، دون أن يعترض ولو على مضض...
بويوكانيت، وبعد أن "ضبعّ" الحكومة وكسر عينها، وأصبح هو وعسكره الآمر الناهي في عملية إستصدار القوانين، والتدخل في السياسة والعمل الدبلوماسي والحقوقي وإقالة موظفي الدولة الكبار، قررّ نقل مقر قيادة الحرب التي يقودها منذ مدة إلى مركز كردستان.
كذلك أصدر بويوكانيت أوامره بقطع الإجازات عن الجنود الأتراك العاملين في كردستان، وحشد آلاف الجنود على الحدود العراقية في "سفر برلك" جديدة ضد الكرد ومقاتلي حزب العمال الكردستاني المتحصنين في الجبال. الجيش يرغب في إجتياح مناطق من العراق، ذلك الإجتياح الذي تم تأجيله كثيراً، وسحق المنجزات التي حققتها الإدارة الكردية في جنوبي كردستان، والتأثير على التشكيل السياسي وطريقة توزيع المناصب في بغداد، لضمان عدم تكرار السيناريو العراقي في إيران، حيث الإحتمال الأكبر في ضربة أميركية للمراكز النووية الإيرانية، وهناك حديث عن رغبة واشنطن في المضي أبعد من تدمير الطموحات النووية الإيرانية وإنهاء برنامج طهران النووي، بل المضي قدماً في تغيير النظام الديني المتطرف هناك، مما يعني ظهور واقع جديد وقوى جديدة ستتصدر لملئ فراغ السلطة هناك، والكل يعلم بمدى قوة وشعبية حزب العمال الكردستاني بين الكرد في شرقي كردستان، لذلك فالأتراك قرروا حشد قواتهم هناك على الحدود للتدخل في أي طارئ ومنع تكرار السيناريو العراقي: حينما ملئ الكرد الجنوبيون الفراغ الذي أحدثه إنهيار النظام العراقي في بغداد والموصل وكركوك.
في عيد الطفل التركي، في الثالث والعشرين من شهر نيسان الجاري، خاطبّ الجنرال يشار بويوكانيت باشا أطفال بلاده بهذه الكلمات" إننا نحارب حزب العمال الكردستاني، ولن نتوقف عن محاربته مادم موجوداً وقادراً على تهديد أمن بلادنا، لذلك لاأحد يتحدث لي عن الديمقراطية الآن...!". هكذا قال الجنرال جهاراً، فهم، أي العسكر، يثبتون وجودهم عن طريق تضخيم الأخطار وبث المزيد من الحقد في نفوس الآخرين، لتربيتهم على ذلك المنهج المتجذر في العقل الجمعي التركي، والحاث لمزيد من الكراهية والحقد، حيث الخوف الأبدي من ثالوث: الكرد ـ الحرية ـ الديمقراطية. وماعدى هذه النظرة، فهو وهم في إعتقاد بويوكانيت ولاينبغى الحديث عنه أبداً..."