كتَّاب إيلاف

وأخيراً نَفَثَ الطوطم الأعظم سُمَّه!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

-1-
إن لم يكن هناك من دليل ملموس على تقدم الليبراليين في العالم العربي خلال الفترة السابقة، واكتسابهم لمزيد من المواقع والمنابر والأصوات، وضحدهم لفلول الأصوليين الارهابيين في كل مكان من الشرق الأوسط، غير ما يتعرّض له الليبراليون هذه الأيام، من هجوم إعلامي كاسح من قبل الجماعات الأصولية الارهابية، ومن قبل الإعلام الأصولي الارهابي الذي يروّج لهذا الخطاب.
فقبل شهر تلقى أكثر من ثلاثين مفكراً وباحثاً ورجل دين وناشطاً سياسياً ليبرالياً من جماعة ارهابية انذاراً مدته ثلاثة أيام، يُقتلوا بعدها، إذ لم يكفوا عن الكتابة ومخاطبة الرأي العام العربي ومؤازرة الأقليات العربية والوقوف الى جانبها. وقد تحديناهم ورفضنا انذارهم، وقلنا لهم على الملأ: خسئتم، فنحن نتحداكم، ولن نسكت، ولن نستسلم.
وما زلنا نتلقى كل يوم عشرات الرسائل الظلامية من خفافيش الكهوف من هذا القبيل. ولكن الليبراليين أقوى من أن تهزمهم قوى الظلام، وبقايا عظام القبور.
وهذا دليل إفلاس الأصولية الدينية الارهابية في أن تواجه الحُجة بالُحجة، والخطاب بالخطاب، والحوار بالحوار، والكلمة بالكلمة، ولكنها تواجه - من شدة إفلاسها - الكلمة بالسيف، والوعد بالوعيد، والخطاب بالعقاب، والحياة بالموت.

-2-
والدليل الثاني الملموس لانتصار الليبرالية، هو عندما خرج لنا الزرقاوي بالأمس من مخبئه، على هيئة (رامبو الأمريكي) وخطب علينا خطبة عنترية مصوّرة، وهو يستعرض عضلاته ولا يُعمل عقله، ذكرتنا من بعيد بخطب السفاح الحجّاج بن يوسف الثقفي، الذي لم يكن يرى غير رؤوس قد أينعت، وحان قطافها. وذكرتنا من قريب بخطب الكاذب الأكبر محمد الصحّاف وزير إعلام العهد العراقي البائد، الذي كان يقف إلى آخر لحظة من "سقوط هُبل الأعظم"، ويقول إن قوات التحالف تنتحر على أسوار بغداد، وأن علوج الروم ينهزمون أمام أشاوس صدام، وكان هُبل في هذه اللحظة قد سقط وانهار، وضُرب في ساحة الفردوس بالنعال العراقية، فجر التاسع من نيسان المجيد 2003.
فوقف الزرقاوي بالأمس، وقال قول الصحّاف في العلوج، وهدد الشيعة (الرافضة) والكورد (العَلْمانيين) والسُنَّة (المرتدين) بالموت والحبور وقطع السيّور. وهو دليل على الإفلاس، وقرب الهزيمة المنكرة لفلول الأصولية الدينية الارهابية المسلحة.
وما كان الزرقاوي ليظهر على الفضائيات بهذه العضلات المفتولة كقاطع طريق، لو كان النصر حليفه، وفلول الغُربان تتقدم.
فأين كان طيلة كل هذه السنوات الثلاث الماضية؟
ومؤشر هذه الهزيمة، هو مؤشر لنصر الليبرالية التي لها المستقبل، وللأصولية الدينية الارهابية ماضي العظام، وحاضر السخام.

-3-
والدليل الثالث الملموس على انتصار الليبرالية وتقدمها، ما قاله بالأمس أيمن الظواهري في شريط جديد، وترديداً لما قاله الزرقاوي، من أن عراق الظلام قد انتصر، وأن قوى النور العراقية تنهزم. وهي أنّات وزفرات الاحتضار الأخيرة، يطلقها الظواهري، وهو يرى الهزيمة تلوح بالأفق كشمس أغسطس الحارقة. ونلاحظ هنا، كيف خرجت الغُربان من أوكارها تتابعاً ( الزرقاوي، ثم الظواهري، ثم القحطاني، ثم الطوطم الأعظم ابن لادن) تزعق، وتهدد، وتتوعد، حين رأت برهان الحقيقة - وهي قلما ترى - بأن هزيمتها باتت مؤكدة، وخسارتها واقعة لا ريب فيها، وأنها خسرت رهان كل قوى الظلم والظلام في العالم العربي، من اليمين واليسار.

-4-
والدليل الرابع على انتصار الليبرالية وتقدمها، تلك الدعوة المفلسة التي أطلقها محمد القحطاني المعروف باسم "أبو ناصر القحطاني"، الذي فرّ في يوليو 2005 من سجن "بغرام" الأميركي بأفغانستان، لقُدامى الارهابيين (الإرهابيون الاحتياطيون) إلى الالتحاق بالإرهابيين النظاميين، لإخراج الأمريكيين من أفغانستان. فإذا كان للأمريكيين أن يخرجوا من أفغانستان فإن الشعب الأفغاني والحكومة الأفغانية هي التي تقرر خروج الأمريكيين من أفغانستان، وليست مجموعة من الغُربان الارهابيين.
فمتى تدعو الدول المحاربة جيشها الاحتياطي إلى الالتحاق بصفوف الجيش النظامي، إلا حين تشعر باحتمال الهزيمة وقربها؟

-5-
أما الدليل الخامس والأخير على انتصار الليبرالية الأكيد، فهو ما قاله ابن لادن (الطوطم الأعظم) في شريطه الأخير كذلك، من تهديد واضح بالقتل لليبراليين والعلمانيين في العالم العربي، وذكر بالاسم اثنين منهم، هما: غازي القصيبي وتركي الحمد، وحذَّر الغراب الأكبر والطوطم الأعظم، الذي علمهم السحر، من الاستماع أو متابعة أفكار المفكرين العرب الليبراليين الذين وصفهم بـ"المستهزئين بالدين". وما "القاعدة" وأنصارها ومريدوها غير تلك الجهة التي سخرت بالدين، وسرقت الدين، وزوّرت الدين، وشوّهت الدين، وحطّت من قدر الدين الإسلامي في عيون العالم، بما قامت به من جرائم بشعة ضد الإنسانية، وضد المسلمين الأبرياء الذين يقتلون كل يوم في العراق وفي أفغانستان والسعودية ومصر والأردن، ضحية الارهاب الأصولي الديني.

-6-
نعم، قوى الظلم والظلام تتقهقركل يوم، وقوى النور والتنوير تتقدم كل يوم، ولكن ببطء.
فانتشار الظلام أسرع دائماً من انتشار النور.
وكلما تقهقرت قوى الظلم والظلام ازدادت جرائمها، وأمعنت في عدوانها، حتى لا تغيب عن الساحة، ويلفها ظلامها وظُلمها.
ذلك أن قوى الظلام بتبنيها وارتكابها اليومي للأعمال الوحشية الإرهابية، والإعلان عن هذه الأعمال بوسائل الإعلام المختلفة، تنتشر أسرع من قوى النور، التي لا سلاح لها غير سلاح الكلمة، ولا سيف لها غير سيف الحوار، الذي يفتح العقول، ولا يشجّ الرؤوس.
فالليبراليون لا يحملون سلاحاً قاتلاً كما يحمل الارهابيون، ولا يهددون من يخالفهم الرأي بالذبح والسلخ والخطف، ولا يرتكبون جرائم بشعة كل يوم ، كما يرتكب الارهابيون، وليست لهم فضائيات جماهيرية غوغائية واسعة الانتشار، تردد أقوالهم، وتجنّد الصحافيين المختارين والمنتقين بعناية مسبقة من القرون الوسطى، للتعليق على هذه الخطابات، وإلصاق الألقاب الدينية التبجيلية والتقدسية بزعماء هذه العصابات، ووضعهم موضع الفقهاء والشيوخ والعلماء.. الخ.
والليبراليون يتعرضون يومياً لهجوم مُنظَّم من قراء غوغاء وأغبياء، لا يفقهون الألف من الياء، مدسوسون من قبل أجهزة المخابرات العربية والأحزاب الدينية والقومجية العربية، وليست لديهم من حجة وحوار رداً على مقالات الليبراليين وتنويرهم وأنوارهم الكاشفة العاشية لقوى الظلام، غير اتهامهم بالعمالة والعداء للدين. والليبراليون من هذا بُراء. فمنهم شيوخٌ أزهريون، ومنهم علماءُ دين ومتنوّريون، ومنهم مفكرون وفلاسفة تقدميون، ومنهم أكاديميون ضالعون.

-7-
إن النصر المزعوم لقوى الظلم والظلام والارهاب الذي يتحدث عنه الزرقاوي والظواهري وابن لادن، وإعلام "الحملات الهلالية" التي يقودها الارهابيون الآن، والتي أوقعت في صفوف المسلمين من القتلى الأبرياء، أكثر مما أوقعته "الحملات الصليبية"، في نهاية القرن الحادي عشر وبداية القرن الثاني عشر، لا يتجلّى ولا يظهر إلا من خلال هذه الأعمال الوحشية الدموية اليومية، التي يقوم بها هؤلاء الارهابيون، ومن خلال هذه الأشرطة الصوتية والصورية التي تُسجِّل لعصر الظلام العربي والإسلامي، وتؤرِّخ له، ونأمل أن يكون آخر عصور الديجور.

فهذه بضاعتهم، وتلك بضاعتنا.

Shakerfa@Comcast.net

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف