كتَّاب إيلاف

عفواً فضيلة المفتى... المؤسسة الدينية ليست بريئة!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الدين ليس علماً تجريبياً كالطب والإسلام لاكهنوت فيه وفقهاء اليوم كسالى

نجح برنامج "البيت بيتك" فى إقامة مناظرة قوية بين الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى وفضيلة المفتى على جمعه، وبالطبع دافع المفتى عن المؤسسة الدينية وقال إنها ليست مسئولة عن الإرهاب، وبالطبع هذا حقه ورأيه الشخصى لأنه فى النهاية موظف يتبع هذه المؤسسة، وليسمح لى فضيلته أن أختلف معه وأقول له أن الإرهاب فكرة قبل أن يكون قنبلة، وتنظير قبل أن يكون تفجير، والمناهج التى تعلمونها فى مدارس الأزهر هى نظريات مفخخة لأنها تنفى الآخر وتجعله أدنى منك مرتبة، وهذا النفى والإقصاء والإدناء هو أول مبادئ الفكر الإرهابى، أماالآخر فمن الممكن أن يكون المسيحى او الأجنبى أو المرأة أو العبد والجارية أو المختلف معك فى الرأى....الخ، وقبل أن أخوض فى شرح هذه الفكرة لابد أن أرد على الإسطوانة المشروخة التى يصر الشيوخ على ترديدها فى كل لقاء ويشهرونها كالفزاعة فى وجه كل من ينادى بتجديد الخطاب الدينى، ويقولون له أنت رجل غير متخصص فى الدين وكما قال المفتى فى مناظرته أن الدين علم، وبالطبع هذا الدفاع المستميت عن إحتكار وتأميم الدين هو دفاع عن البيزنس الذى أصبح يدر الملايين على رجال الدين من تجارة الفتاوى وبوتيكات الرعب والتأثيم التى إنتشرت على شاشات الفضائيات والتى تطلب ترجمة دينية فورية لكل همسة ولأى تصرف بداية من العطس وإنتهاء بدخول بيت الراحة!، ويؤسفنى أن أقول للمفتى أن كلامك غير صحيح فليس فى الإسلام كهنوت، وأنت كرجل دين لك الإحترام ولكن ليس لك التقديس، وأجمل مافى ديننا الحنيف أنه لاواسطة بين العبد وربه فالعلاقة مباشرة وبلاوسيط ولايوجد من يدعى أنه يحتكر الدين، ثانياً الدين ليس علماً تجريبياً كالطب والكيمياء ولكن فقهه وشريعته وتفاسيره وأحاديثه من العلوم الإنسانية التى لها مناهج بحث متداولة ومعروفة ومن حق أى فرد أن يدلى بدلوه فيها بدون أن يتخرج من الأزهر، وأضرب لك مثلاً بعلم التاريخ فأفضل كتب تحليل تاريخية قرأتها لمفكرين ليسوا من خريجى قسم التاريخ مثل ماكتبه صلاح عيسى عن ثورة عرابى، وماكتبه أحمد بهاء الدين عن فترة الملك فاروق، وبالطبع تقف كتابات هيكل عن حرب السويس و67 على رأس هذه الكتابات التى لم يكتبها متخصصون ولكنها أصبحت مراجعاً للمتخصصين، والأهم أنكم من الممكن أن تكونوا أساتذة فى حفظ هذه المناهج والعنعنات والتفاسير وشرح الشروح ولكنكم للأسف تفتقدون النظرة النقدية التى تتعامل مع الجذور وليس القشور، فأنت تقول أن مهمتى هى عرض الفتوى على جمهور العلماء القدامى وأخذ الرأى من بطون كتبهم، ولكن السؤال أين أنت وفقهاء الأزهر الآخرين؟، هل توقف العلم منذ الف سنة؟، هل تجمد وأصبحت مهمتك ومهمة الشيوخ أن تدخلوا حجرة التحنيط أو ثلاجة التجميد لكى تستخرجوا الرأى وتستنبطوا الفتوى؟، إننا من الممكن أن نكون أفضل من هؤلاء الفقهاء القدامى بل نحن أفضل منهم بالفعل، لسنا أفضل منهم تديناً فمهمة التقييم الدينى والأخلاقى هى مهمة إختص بها الله عز وجل، ولكننا أفضل منهم بمناهج البحث التى تولد كل يوم، وأفضل بالتقدم التكنولوجى الذى يجعل ضغطة زر تطلعنا على كلمات القرآن وتفاسيره والأحاديث النبوية وآراء الفقهاء فى ثانية، إنكم معشر الفقهاء أعظم ماتفعلونه وأقصى جهدكم ان تدعبسوا فى كتب الأقدمين أما الإجتهاد وإدخال تغير الظروف الزمانية والمكانية فهذا عيب وحرام ودنس تتجنبونه وتبتعدون عنه بالفراسخ والأميال، فعلى سبيل المثال عندما تتعرضون لحديث تبحثون عن السند وتقيسون بمسطرتكم الفقهية صحة هذا السند، وإذا صح تستريحون وتتنفسون الصعداء، أما المتن فلايهم إذا كان متناقضاً مع العلم الحديث أو مخالفاً للمنطق والعقل والذوق السليم، وتصرخون فى وجوهنا مادام حديثاً صحيحاً فلتتبعوه حتى ولو خالف عقلكم، وهذا طبعاً لتبرروا الكسل العقلى الذى أصيبت به المؤسسة الدينية التى أصبحت مهمتها كمهمة مقاول الأنفار الذى يجمع عمال التراحيل، فشيوخ هذه المؤسسة صارت مهمتهم الوحيدة هى تجميع الأفكار القديمة وإجترارها ومضغها وعلكها ولتها وعجنها بدون إفراز أى جديد، والله يرحمك ياشيخ محمد عبده وياشيخ شلتوت.
أمازلت تقول وتؤكد على أن المؤسسة الدينية بريئة؟، أرجو منك الإطلاع على الكتب الأزهرية لتعرف أن دفاعك عن هذه المؤسسة متهافت جداً، وأن هذه المؤسسة التى تنتمى إليها وتدافع عنها تشارك فى التنظير للفتنة الطائفية ونفى الآخر وكراهيته، وقبل أن تتهمنى بالتحامل والظلم سأسرد لك بعض قراءات الكتب الدراسية والمراجع الأزهرية لكى تعرف الحقيقة المرة التى تدخل فى بند المسكوت عنه الذى نتواطأ جميعاً لإخفائه ألا وهو أننا نلجأ لحل مشاكلنا الطائفية لحضن صناع ومنظرى هذه الفتنة للأسف الشديد وهم بعض الدعاة الذين يعتلون المنابر لبث سموم الكراهية التى تعلموها فى الكتب والفصول الدراسية، فماذا تتوقع من دارسى حديث فى صحيح مسلم يقول " يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى "؟؟!!!!، بالطبع علامات التعجب من عندى وليست من عند علماء الأزهر، ألا يدرس الطالب عندما يقرأ هذا الحديث كراهية أبناء الديانات الأخرى الذين يتحملون ذنوبنا لأننا مميزون وأفضل منهم وسيدخلون النار بذنوبنا نحن اللى على راسنا ريشة!، ألم يتساءل أحدكم يافقهاء ياأفاضل أن هذا ينتفى مع أبسط قواعد العدل، ألم يلفت نظركم أنها ضد القاعدة القرآنية الصريحة بألا تزرو وازرة وزر أخرى، والحديث الآخر الذى يامرنا بألا نبدأهم بالسلام وأن نضيق عليهم الطريق!، والمدهش أنكم مازلتم تعلمون الطلبة فى مدارسكم أنه لاقصاص بين عبد مسلم وحر ذمى، ومازلتم تصفون أبناء وطنكم من الأقباط بالكفار حين تقولون فى كتاب الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع ص 355 وفى باب شروط الوقف بأن الوقف الصحيح يجب ألا يكون فى محظور اى محرم كعمارة الكنائس ونحوها من متعبدات الكفار!!!، إن كلمة الكفار تتكرر كثيراً فى تفاسيركم لوصف أبناء الديانات الأخرى وبرغم ذلك لاتقتربون منها بل ولاتفكرون فى مناقشتها لأن مهمتكم هى الإجترار فقط ولا أمل فى إبداع فقه جديد يتناسب مع واقعنا المتغير، وهل يعقل أن يظل تفسير الكتب المقررة فى الأزهر لكلمتى الضالين والمغضوب عليهم فى سورة الفاتحة النصارى واليهود، وبعدها تدافع وتقول مالناش دعوة بالفتنة الطائفية!، أعتقد أن هذا الكلام والدفاع من الممكن أن نقبله فى إطار الكوميديا والتنكيت ولكن عند الكلام فى الجد لابد أن نواجهكم ونحاسبكم بل ونحاكمكم، لأن هذا مستقبل وطن، ومستقبل الوطن لاتصح المساومة عليه فى سبيل إسترزاق البعض من بوتيكات الفتاوى.
khmontasser2001@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف