عندما جنسّت برلين لصوصها...
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حملت الأخبار إتفاق وزراء داخلية الولايات الألمانية الستة عشر، على إبتداع قانون موحد يضمن شروط تجنيس الأجانب المقيمين في ألمانيا منذ فترة طويلة( وجل هؤلاء من المسلمين، كما لايخفى). وخلصّ الإجتماع الذي قاده عميد وزراء الداخلية الألمان، وأحد الصقور في الحزب المسيحي البافاري غونتر بكشتاين، إلى ضرورة عدم منح الجنسية الألمانية إلاّ للأشخاص الذين أخضعوا فعلاً لدورات تعلم اللغة الألمانية، وباتوا من خلال ذلك، على درايّة لابأس بها بالتاريخ والدستورالألماني. وهو مايعني إلغاء الأسئلة المائة التي دونتها كل من ولايتي بادن فورتنبرغ وهسين، وأدخلتها في شروط منح الجنسية للأجنبي المتقدم. ولمن لايعلم، فقد أثارت تلك الأسئلة ردود أفعال عديدة أغلبها غاضبة ومحتجة، لحديثها عن أمور أعتبرت تدخل في سياق "المحظورالديني". وكالعادة، كانت الجمعيات الإسلامية في ألمانيا( التي تعتاش على إطلاق دعاوي إتهام الناس بالعنصرية والعداء للإسلام، كلما دق الكوز بالجرة) الأكثر صراخاً وزعيقاً، وشكلّت تلك الجمعيات مع أحزاب اليسارالألماني، المفلسة تماماً بعد إندحاراليسار العالمي، حيث لم يعد أمامها سوى التركيزعلى حقوق جيوش الأجانب العاطلين عن العمل، شكلوا معاً "جبهة الرفض" في وجه تلك الأسئلة وخطط الحكومة التصويت عليها وإدراجها في قانون خاص...
والحال، أن الأسئلة المائة كانت تدوركلها حول مدى قياس تقبل المرء للحياة الألمانية، ولاتخرج عن سياق خوض الأمور والمسائل الراهنة، التي يتداولها الأعلام الألماني كل يوم. فمثلاً: هناك حديث دائم عن مشاكل المهاجرين المسلمين في البلاد، من حيث الإندماج وتعلم اللغة، وإقامة المجتمعات الموازية(Parallelgesellschaft) داخل المجتمعات الألمانية الأصلية، وكذلك رفض نمط حياة الألمان المضيفين، والإنعزال وإطلاق فتاوي تكفيرية ضد المواطنين الألمان تنطلق من جوامع حواري المهاجرين، من أفواه فقهاء وأئمة جهلة أستدعوا من بلدانهم بغرض إمامة المصلين، حيث لايربطهم شيء بالحياة الألمانية، ويمارسون دوراً تخريبياً في مسألة إندماج المهاجرين بالمجتمع الألماني، الذي وفدوا إليه وإرتضوا العيش بداخله.
كما كان هناك سؤال، ضمن قائمة المائة تلك، عن تقبل المرء لفكرة محرقة اليهود( الهولوكوست) وموقف الشخص الممتحن منها، وهو الموضوع الذي يٌشكل التعرض إليه أوالطعن فيه ضربة في صميم المجتمع الألماني، الذي يعتبرذلك خطاً أحمراً، يقدم منتهكه للمحاكمة. ومعروف طبعاً أن جل المسلمون ـ عن قصد أحياناً، وجهل غالباً ـ يعتبرون (الهولوكوست) بمثابة "كذبة يهودية" جاءت "لإستدراج عطف الغربيين" و"إبتزاز الألمان" حسبما تعلموا من الأعلام العربي وقنوات الأصولية الإسلامية، التي باتت كالطحالب الضارة في كل مكان وموقع. لذلك فقد أستنفرت المنظمات الإسلامية، و"تداعى سائر أعضائها" للتصدي لهذا المشروع، والعزف على إسطوانة "التعرض لليقين الديني"، والحديث عن "إستهداف الأسئلة للمسلمين بشكل خاص" وكأن ثمّة هناك من يرفض حدوث (الهولوكوست) من غيرالمسلمين. هذا بالأضافة لبعض الأسئلة التي تتعلق بحقوق الأنسان والمرأة والشواذ جنسياً: وهي، كما هو معلوم، من الأمورالمٌسلم بها في المجتمعات الغربية، ومن الكبائر في جل مجتمعات الشرق.
وزير داخلية ولاية بافاريا غونتر بكشتاين قال إن القانون الجديد المتفق عليه، سوف لن يتساهل مع كل من ينتهكون القانون ويرفضون نمط الحياة الألمانية، وإنهم غير مجبرين على "تجنيس المجرمين" في إشارة إلى أصحاب الجنح والجرائم، لكن السؤال يبقى: ماذا عن عشرات الآلاف من الذين تم تجنيسهم في السابق، وثبت أن الكثيرين منهم إرتكبوا جنحاً وسرقات ومسلسات نصب وإحتيال ضد مؤسسات الدولة، هذا ناهيك عن تورط بعض المجنسين في دعم منظمات إرهابية؟. وكيف سيكون الحال مع الذين "دبرّوا" الجنسية بطريقة أو بأخرى، حيث أن هناك الكثيرين ممن حصلوا على الجنسية الألمانية دون أن يجهدوا أنفسهم في تعلم اللغة الألمانية أو الإنخراط في عمل ما و"فك الإرتباط الأبدي" مع مؤسسة الضمان الإجتماعي العتيدة؟.
هل سٌيعيد القانون الجديد النظر في القرارالقديم الذي منحهم الجنسية، أم أنه سيعمد هو الآخر للتطنيش، وترك هؤلاء يمضون في بناء مجتمعاتهم الموازية/الرافضة للحياة الألمانية، لكي لانقول المحتقرة لها؟.
ملايين الأجانب يعيشيون في المانيا في مجتمعات منغلقة على نفسها، لهم طريقة حياة مختلفة: متاجر خاصة، طعام خاص، لغة خاصة، وقنوات أعلام مرئية ومقروءة خاصة، ويجهدون في أن "تغزو" مظاهر ثقافتهم الشرقية( في طبعتها الإصولية الرافضة للآخر) كل الحياة الألمانية، ومن ذلك على سبيل المثال لاالحصر، شراء الجنسية الألمانية عبر"إبتداع" طرق تحايل و"كشف ثغرات" في القانون الألماني، بحيث لاترى إلا وقد مٌنحت لهم الجنسية الألمانية بدون أن يعملوا يوماً واحداً، أو يجهدوا أنفسهم بمغادرة أبراجهم العاجية، و تعلم حرف واحد...!
فهل هذه هي سياسة الإندماج الألمانية الجديدة؟