اليمن ومجلس التعاون الخليجي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا أدري على أي أساس سيتم قبول اليمن في مجلس التعاون (مستقبلاً) كما أعلن في قمة الرياض. فالسياسة عند الخليجين (خاصة) هي فن (السرية)، و الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان، وفضيلة (السكوت الذهبي) ونبذ (الشفافية الفضية)، لذا لا يعلمُ عباد الله الخليجيين من أمثالنا- بعد - ما هي مصلحتنا من ضم اليمن إلى منظومة مجلس التعاون!
اليمن لا تطل على الخليج جغرافياً. وهي دولة تعاني من إضطراب يصل إلى حد الانفراط والفوضى في الأمن، شعباً ومؤسسات أمنية. و تشكو من علل اقتصادية شبه مستعصية، إذا لم تكن مستعصية تماماً. فإذا كانت المصلحة المتبادلة هي (الفيصل) في مثل هذه التكتلات الإقليمية كما يقولون، فماذا يرجو أهل الخليج من بلد يئنُ أمنياً واقتصاديا وسياسياً واجتماعياً وتنموياً؟
اعتبروني (هبنقة) في السياسة، وتعاملوا معي على هذا الأساس.
بلد لا وجود للسلطة المركزية فيه اللهم إلا في بعض المدن أما بقية البلد فتتحكم فيه القبائل. وبلد يُعاني من كل أنواع البطالة وندرة الخبرة العمالية المتخصصة تكاد تكون مثل ندرة الدولار عندهم. وبلد يُباع فيه السلاح على قارعة الطريق، حتى لو تطلب دبابة لأمنوها لك. وبلد إذا زالت الشمس في مُـدنه ظهراً، اشتغل (القات) في رؤوس أهلها ففعل بها وبهم الأفاعيل. وبلد تقول الإحصاءات أنه البلد الأقل (إنتاجية) بالنسبة للإنسان العامل بين كل دول العالم على الإطلاق بسبب القات ربما. وبلد إذا (طـفـّـرَ ) شيخ قبيلة من قبائله، اختطف أقرب أجنبي وافد إليهم وساوم عليه حتى (يتغر) رئيس القبيلة بالدولارات فيطلقه. وبلد تتجاذبها أربعة تجاذبات: (الفقر) و(القبلية) و(العروبوية) و(الإسلاموية)، ومثل هذه الأوبئة الأربعة إذا تكالبت فيروساتها على مجتمع إنساني فاقرأ عليه السلام، لأنه سيصبح حتماً (جنازة) يجب أن تهيئ للدفن.
يقول عبد الرحمن الراشد في الشرق الأوسط: (أن انضمام اليمن مفاجأة سارة)!. ويتجاوز - لا فض فوه - مشاكله المستعصية، ليقول مُبرراً، وربما مشجعاً: ( لكننا نتذكر أن الاتحاد الأوروبي أوقف اسبانيا والبرتغال على الباب لسنوات).. من جدك بالله!.. اليمن - يا سيدي الفاضل - يحتاجُ (قروناً) واقفاً على الباب كي يلحق بالدول الخليجية، ويُصبح (مؤهلاً) للتعامل مع الحضارة، ثم ألست أنت من يرفع شعار (المصلحة أولاً،) فلماذا (هونت) عندما جاء الحديث عن اليمن؟
لا أريدُ أحداً - بالله عليكم - يأتي ليذكرني بالأخوة العربية، أو الإسلامية، والشعارات والمعلبات القولية الفارغة. ولا أن يذكرني بفضيلة الإيثار، وأنها من فضائل الأجداد التي يجبُ أن يقتدي بها الأحفاد. ولا بقيم الأخرق المبذر (حاتم طي) وكرمه (الساذج) بمنطق الأعراف الاقتصادية. هذه في موازين المصلحة السياسية غثاء كغثاء السيل.. بمعنى (خراط) و(كلام فاضي).
انضمام اليمن - أيها السادة - وهو ينوء بمثل هذه الأحمال إلى منظومة مجلس التعاون، يعني أن أمراضه وعلله وفيروساته ستتسرب حتماً إلى الجسد الخليجي. أما شرط (التأهيل) الذي اشترطته قمة الرياض على اليمن فهو ضربٌ من ضروب المستحيل. وأعرفُ أن هذا الشرط سنتنازل عنه غداً، لنجد اليمنيين أعضاء، ونجد (القات) يُباع في العواصم الخليجية، وأوعية (البصاق) في مجالسنا ذات اليمين وذات الشمال بما يتناسب مع (تخزين) الضيف اليمني المتمدن جداً!
بصراحة لن نستفيد من اليمن إلا التخلف.. ومجلس التعاون الخليجي ليس مؤسسة خيرية، وحاشا أن تكون جامعة عروبية (كسيحة) كجامعة عمرو موسى.
نجح مجلس التعاون لأن بين شعوبه تماثلاً في الجذور الاجتماعية، وفي الاقتصاد، وحداً أدنى من التنسيق السياسي بين دوله لولا بعض حماقات ابن ثاني التي هي على غرار (شوفوني وإلا بخرّب) كما يفعل الصبيان. والأهم أن المصالح والعقلانية وليس العواطف والشعارات هي التي توجه قراراته، فأصبح نموذجاً للتكامل الاقتصادي في المنطقة، فلماذا ننسف كل تلك الإنجازات بإدخال من سيفجر - حتماً ـ هذه المنظومة؟
ولا أدري هل ذاكرتنا بهذا القدر من الضعف، لننسى أن الحكام اليمنيين الحاليين ذاتهم، سبق وأن قلبوا لنا ظهر المجن، وحاولوا طعننا في الخاصرة، وانضم كبيرهم (الجنرال) علي عبدالله صالح إلى صدام و وقف معه في خندقه، وسيّرَ المظاهرات تلو المظاهرات تلعننا وتلعن (سنسفيلنا)، لنكافئه ونكافئ نظامه، بعد كل هذا الغدر والنكران والخيانة، بالسماح له بالانضمام إلى عضوية مجلس التعاون؟
كفانا سماحة وسذاجة وكرم يا أبناء الخليج.