حوار مع عادل السيوى حول فوبيا الجسد وتحريم الفن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
* نحن نعتبر الجسد فى مصر بيت الغواية ومفتتح الهلاك.
* الغيبوبة تروج من خلال شاشة التليفزيون المصرى الذى ضيع فى الأوهام عمره، وضيعنا معه.
* الإنكفاء المرضى على الذات يخلق فى كل منا نموذج بن لادن الذى قسم العالم إلى فسطاطين، فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان.
الحرب الدائرة فى مصر الآن ضد التماثيل والفن التشكيلى هى حرب متعددة الملامح، أو بمعنى أدق مرض متعدد الأعراض، ولايمكن فصله عن هوس الخوف من التعامل مع الجسد الذى نتعامل معه على أنه عورة أو جثة كما نتعمل مع الحياة على انها مجرد عيشه، وأعتقد أنه مرض لابد أن يضاف إلى قاموس الطب وإسمه فوبيا الجسد، ومن بداية القرن الماضى حيث كان طلبة الفنون الجميلة يرسمون الموديل العارى بكل حرية وبلا عقد حتى مطلع القرن الحادى والعشرين حيث سيطر النقاب والجلباب والتاثيم والتحريم والتجريم مدرجات كلية الفنون، من هذه البداية حتى هذه النهاية نستطيع أن نرسم بورتريه القبح والدمامة والبثور فى وجه تاريخ مصر المحروسة، ولمحاولة تشخيص هذا المرض حاورت الفنان التشكيلى عادل السيوى، وليست مصادفة أن يكون عادل السيوى طبيب بشرى سابق فهو مازال بفنه الجميل طبيب الفن وفنان الطب، ولذلك فتشخيصه لفوبيا الجسد له أهمية ودلالة خاصة، وإليكم حصيلة حوارى مع هذا الفنان المثقف الجميل المهموم بقضايا وطنه، يقول السيوى:
ما يحدث داخل كليات الفنون، هو انعكاس ملموس لوضع عام يسود فى كل موقع في بلدنا وإن تجسد بدرجات متفاوتة هنا وهناك. هذا الوضع هو في اعتقادى الخاص من تداعيات الهزائم الكبرى التى حلت بنا على جميع المستويات ، ما يحدث الان هو ترجمة لحالة من العجز أمام كافة التحديات الحياتية، حتى البسيط منها، وغياب مخجل لارادة جماعية لتجميع الذات لتحقيق حتىالامال الصغيرة والعملية، هناك اذا تداخل بين بعدين وهما الهزيمة والتراجع من جهة
وادراك انه لا مجال لتجميع القوى لمواجهة هذا التراجع والتفكك من الجهة الأخرى، وأمام هذه المحنة، تبرز الحلول المرضية، ويصبح الهروب الى سراديب اخرى لتغطية هذا العجز ملاذاً، وحلاً هستيرياً فى اغلب الحالات، وكما حدث معنا، يكون الجسد هو ضحية هذا الاختيار الانسحاقي، حيث تحاصره الروح المهزومة وتعتبره بيت الداء وموقع الرذيلة، بل وسبب الهزيمة، ويصبح الجسد مرادفا للإنحطاط ووعاء لفاعلية الشيطان وهكذا يتجرد الجسد من براءتة ويتحول الى عدو لابد من حجبه و اعلان الحرب عليه وتصفية فاعليته، بدلا من التعرف عليه واكتشافه.
وسط هذا الهوس يتم التخلص من كافة التصورات المتنوعة للجسد : الجسد الرياضي او الجسد الجميل او الجسد البطولى او الجسد الامومي، الجسد الرشيق، ويتم استبدال كل حالات الجسد بحالة واحدة فقط ، الجسد المثير، الجسد المهدد بالفاحشة وحدها ولا اختيار آخر، وكأن ظهور الجسد لا يمكن أن يعلن عن أى شىء آخر، فهو بيت الغواية ومفتتح الهلاك، ويصبح الجسد بذلك مرادفا أيضا للسقوط والهلاك والابتذال، وعورة يجب تغطيتها.
انها الروح المهزومة والافكار المهزومة، النفس العصابية التى لا تملك القدرة على مواجهة عجزها الحقيقي، ولا تردي ان تحاسب نفسها وتقف وجها لوجه أمام مسئوليتها، وقد تكرر هذا تاريخيا فى حياة شعوب كثيرة وخاصة بعد انهيارات كبرى كالتى حلت بنا.
ان الخوف من الجسد ووضعه فى بؤرة التوجس دائما، ليس هو الترجمة الوحيدة للعجز، فعملية الحجب والاخفاء، تمتد خارج الجسد أيضا، وأحد تجلياتها هو الخوف من الرقم، ويصبح الرقم كالعورة أحيانا، لانه صريح ولا مواربة فيه، فالرقم عارى تماما فى نصوعه كدلالة، وبليغ فى ذاته، دلالته قاسية، يسبب التصريح به حرجا بالغا، وبالمثل يمتد نفس المنطق الى الأسماء والحقائق، تصبح بدورها عورات الى حد ما ، لابد فى النهاية من حجب كل ما يقودنا الى مواجهات مباشرة ، ولابد من التخفى وراء واجهات مؤقتة وزائفة لتغطية الحقائق الكامنة خلفها، وهكذا يتم التمسك بجميع أنواع الاغطية، وهى كثيرة فاللقب غطاء والاحتفال غطاء، والجوائز أغطية، والمهرجان غطاء، والتكريم غطاء، وواجهة المبنى، والبلاغة اللفظية غطاء، ان منطق التحجب لا يتوقف على الجسد وانما هو منطق أوسع كثيرا من ذلك، انه آلية نفسية تتبناها الجماعة فى لحظات انحطاطها، ومن هنا يصبح الفن فى تلك الحالة بدوره مريبا،
فهو معنى بالكشف فى الأساس، لأن جوهره هو الاظهار والتجسيد والتشكيل : أى اكساب المادة الخام شكلا ما، ولذا يصبح الفن متهما بالضرورة، وخاصة فى ذلك الجانب المعنى بكشف الحقائق او التعامل المباشر مع الواقع كما هو بلا أغطية، لقد كانت عملية نزع الاغطية عن الاجساد فى عصر النهضة الاوربية، مجازا لرغبة قوية فى التعامل مع الحقائق الاصلية لا مع العارض والزائل، لم تكن تلك الاجساد المكشوفة تلبى رغبة فى تامل حسي، وانما تمثل فرحة بالتقاء الحقائق، والقدرة على التعامل معها كما هى بلا مواربة، وتضع الانسان بضعفه وتردده ومخاوفه ومشاعره الانسانية فى قلب إهتمام الفنان، فهو مادة التأمل الكبرى، وسيظل دائما الانسان هو موضوع التأمل والبحث الكبير لكل الفنون بلا جدال.
إن منطق المنع وتوسيع دوائر التحريم سيظل فى تصاعد مستمر، طالما سادت هذه الحالة من التواطوء، والتى تمنع أى مواجهات حقيقية مع مناطق ضعفنا، وطالما تغاضينا عن التعامل مع مواقع العلة الحقيقية فى تجربتنا الاجتماعية، وهى حلقة شرهة تزحف على كل الممارسات الانسانية لتخنقها، ولتجعل الخوف بديلا للورع، والريبة والتوجس والرعب بديلا عن الروحانية الرائقة والواثقة من صدق نواياها.
الفن التشكيلى هو أضعف الحلقات، ولاجماهير حقيقية له، ولذا يسهل الالتفاف عليه، رغم كل المقاومة التى ظهرت مؤخرا، ولكن هل يمكن الانتقال بعد ذلك بنفس المنطق الى فن جماهيرى كالسينما، والتشخيص فيه، يجعل التشخيص فى التشكيل أمرا بدائيا، هل ستتسع دوائر التحريم، وتغامر بالدخول فى صدام حتى مع الممارسات الواسعة للناس، لا اعرف فربما عندها يمكن أن تتولد مقاومة من نوع مغاير، لا تتحرك على أرضية الأفكار، وانما كدفاع عن ممارسة أصبحت داخل السياق اليومي للناس، وتجر بذلك قطاعات واسعة للدفاع عن حياتها اليومية فى بساطتها المعتادة، ربما.
إنتهى حوار الفنان عادل السيوى ولكن النقاش وطرح الأفكار حول فوبيا الجسد لم ينته بعد، لنفتح الملف ونسأل الجميع هل أنتم أعداء أجسادكم ؟، وهل دائماً تنظرون إليه على أنه منبع الشرور والرجس والخطيئة ؟، أم على أنه منبع البهجة والحياة والتأمل والفن ؟، هذا هو السؤال الذى نرجو أن نجيب عليه بصراحة.
آخر موضة بول الإبل بسبعة عشر جنيهاً لشفاء الضعف الجنسى وفيروس سى!
صلاح عنانى والفكر الطالبانى فى وسط البلد!
الفنان التشكيلى صلاح عنانى فنان حقيقى غير مدعى وغير مزيف، إستطاع أن يكتسب جماهيرية عريضة يستحقها فى وقت قصير نسبياً، وأنا شخصياً أحتفظ بمستنسخات كثيرة للوحاته فى حجرة مكتبى المتواضعة، ولكن ماوصل إليه الفنان عنانى هو نتاج فنه وريشته، وحصيلة تشكيله وألوانه، وصناعة ظلاله وأضوائه، أى بإختصار إفراز فنه وليس إفراز أحاديثه ومقالاته، ومن داخل ستوديو مرسمه وليس من خلال إستوديوهات ماسبيرو، ولذلك فقد إنزعجت بشدة من حواره مع المذيعة شافكى المنيرى فى برنامج وسط البلد، وكان مصدر إنزعاجى هو أن البرنامج أو عنانى نفسه قد قرر تنصيبه مفكراً يفتى فى كل شئ مثله مثل الدعاة الجدد، وقد كنت أحسبها فقرة طارئة ولكننى فوجئت بأنها فقرة ثابتة كل أسبوع، وهذا ماجعل الكلام مكرراً، والحشو مزمناً، والإلحاح مثيراً للدهشة والتساؤل، لماذا يضع فناناً بحجم عنانى نفسه فى هذا المأزق السخيف بحيث يكرر نفسه فى كلام أقل مايقال عنه أنه سطحى ؟، هل هذا من أجل الظهور التليفزيونى أو الشو الإعلامى ؟، أعتقد أن عنانى شبعان من هذا الظهور، ولكنه إستسهال معد البرنامج الذى قابله إستعداد عند عنانى المخدوع بأن مايقوله هو نظريات فكرية غير مسبوقة، وياليته يعرف أنه ليس شرطاً لمن يستطيع التعبير بالريشة أن يعبر بالكلام بنفس القدرة والمهارة، وياليته يعرف أيضاً أن مايقال على المقهى بين الأصدقاء من قبيل قتل الوقت، ليس من الضرورى أن يكون نظرية فلسفية أو مانفستو سياسياً، وماصدمنى فى أحاديث عنانى المكررة ليس سطحيتها وسذاجتها فقط ولكن لأنها تمر من خلال كاريزما وجاذبية عنانى الفنية، وكل مايردده الفنان عنانى فى البرنامج ملخصه أن الغرب هو كيان عبيط وتافه وبلاحضارة حقيقية وعايز يدمرنا لأننا ماحصلناش وأجدع ناس وإحنا اللى عندنا الحضارة والمعرفة وهم خايفين مننا، ويظل طوال البرنامج يكرر نفس الإسطوانة المشروخة، حتى فى حلقة الإنترنت الماضية ظل يكرر نفس الكلام عن إن الغرب إخترع الإنترنت علشان يدمرنا ويفتتنا وإن إحنا لازم نضحك على الغرب ده اللى ماعندوش معرفة ولكن عنده علم بس لإن إحنا العنصر الأذكى....إلى آخر هذا الكلام الوهمى الذى ينتمى لمرض عصاب الآخر ولاينتمى على الإطلاق لأى فكر أو فلسفة، وتضخم هذا العصاب لدرجة إنه شتم التجريد وقال عليه تخريف، بالرغم من أنه يعلم قبلنا ويعرف تماماً أن الفن الإسلامى الذى يشيد به كان فى معظمه تجريد!، إن الإلحاح على هذا المنهج الطالبانى الإنعزالى فى التفكير والذى يرسخ العداء والكراهية للآخر، وينفخ فى الأنا ويضخم فى النرجسية المزيفة، ولاينظر إلى مانحن فيه من ضياع وخراب بسببنا نحن قبل أن يكون بسبب أى شماعة غربية، نحن لانستطيع أن نقول أن كل الغرب خير، ولكننا لانستطيع أيضاً أن نوصمهم ونصفهم بالشيطان الرجيم طوال الوقت، إن هذا الإنكفاء المرضى على الذات يخلق فى كل منا نموذج بن لادن الذى قسم العالم إلى فسطاطين، فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان، ومايدعو إليه عنان من خلال هذه اللقاءات التليفزيونية مع المذيعة المبهورة طوال الوقت ماهو إلا لعب على نفس الوتر البن لادنى، والمفروض أن يتذكر عنانى فنانين تشكيليين وسينمائيين أمريكان وأوربيين رفضوا الإتجاهات اليمينية المحافظة لبوش وبلير، وهاجموهم بقسوة وعنف، والمفروض ألا ينسى أن هناك إلى جانب الحضارة الفرعونية العظيمة وبعدها كانت هناك الحضارات البابلية والآشورية والصينية والإغريقية والرومانية والحديثة، والسؤال الذى من المفروض أن يطرحه عنانى على نفسه لماذا تم نمو الحضارة الإغريقية مثلاً وذبول الفرعونية على أيدى أبنائها ؟، هذا هو المهم الآن، ويافناننا الكبير ألا تعرف أنه فى مدرجات كلية الفنون التى أنت أستاذ كبير فيها مازالت تقبع وتتكاثر خفافيش الظلام التى تكفر ماترسمه أنت شخصياً، وللأسف يحملون نفس فكرك الذى يقصى الآخر ويعتبره عدواً على طول الخط، أنا لاأنادى بتقديس الغرب ولكنى أنادى بأن نتعلم بدون غرور من منجزات منهجهم العلمى، ونعرف حجمنا وثقلنا الحالى فى هذا الكون الفسيح، هذه هى بدايات الحل الصحيح لمشكلتنا المزمنة، ولكن أن نظل ننادى بأننا الأجدع والأفضل والأعلم....الخ فهذا هو تزييف الوعى وهذه هى الغيبوبة بعينها، وللأسف هذه الغيبوبة تروج من خلال شاشة التليفزيون المصرى الذى ضيع فى الأوهام عمره، وضيعنا معه.
آخر موضة بول الإبل بسبعة عشر جنيهاً لشفاء الضعف الجنسى وفيروس سى!
وصلتنى هذا الأسبوع من القارئ رؤوف مصطفى محمد رسالة مثيرة للبكاء على ماوصل إليه حال العقل والشارع المصرى من هوس وخرافة وغيبوبة، تقول الرسالة التى تقطر ألماً على هذا الوطن : المسلمون الآن فى شارع العزيز بالله بالزيتون يشربون بول الإبل، حيث يقوم بعض شيوخ جامع العزيز بالله بالترويج لحديث نبوى موضوع يروى أن الرسول كان يأمر المسلمين بأن يشربوا من ألبان الإبل وأبوالها، إفترش الباعة أرضية الشارع وأقبل الناس على شراء اللبن والبول المخلوطين ببعضهما لعلاج الضعف الجنسى وفيروس سى وقرحة المعده حتى وصل سعر زجاجة اللبن الكيلو بسبعة عشر جنيهاً والبول مجاناً!!!، إنى أدعوك يادكتور خالد لزيارة هذا الشارع فأنا لاأستطيع وصف الكارثة، لقد تحول الشارع إلى نموذج لقبائل البدو فى القرون الوسطى، وكل المحلات تغير نشاطها إلى تجارة أشرطة كاسيت متطرفة وكتب وهابية ونقاب وقفازات...الخ، وكل خطب الجامع هى خطب تكفير للغرب والنصارى وجميع أطياف المسلمين ماعدا الفرقة الناجية، والميكروفونات الضخمة حولت الشارع إلى جحيم، والشيخ يقول أن المرأة ناقصة عقل حتى تتكيف مع المستوى العقلى لأطفالها!، إننى أخشى اليوم الذى يعلن فيه الجامع إنفصاله عن مصر، إنها الفوضى بإسم الدين، وأترك الحكم لوزير الأوقاف ووزير الصحه.