إيلاف .. والشمعة الخامسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تطفئ (إيلاف) خمس سنوات من عمرها المديد، وقد بلغ مرتادوها كما تقول الأرقام التي لا تكذب أكثر من 180 ألف زائر في اليوم، يغشونها كل صباح، ويتجولون في مواضيعها بما يوازي 22 مليون نقرة Hits كل يوم.. نجاح هذه الجريدة الالكترونية، وفرضها نفسها، وبالقوة، على الساحة الإعلامية الناطقة بالعربية، يعني لنا نحن السعوديون، الكثير والكثير جداً.
نجاح هذه التجربة المتميزة بكل المقاييس في مجال الإعلام الالكتروني يعني أول ما يعني أن الريادة الإعلامية الناطقة بالعربية، في المجالات الجديدة، مازالت بأيدينا، منذ أن أطلق السعوديون قبل ما يزيد على 25 عاماً أول صحيفة عابرة للقارات، تحرر من لندن، وترسل (بالفاكس ميلي)، وتصدر في ذات الوقت في أكثر من نقطة جغرافية حول العالم، وهي جريد (الشرق الأوسط)، التي كانت ومازالت بحق جريدة العرب الورقية الأولى.
نجاح إيلاف هذا النجاح المنقطع النظير، وفي هذا الوقت الوجيز، وفي هذه المجالات الجديدة، (النشر الالكتروني)، هو امتداد لنجاح الإنسان السعودي، وقدرته على (مواكبة) وتوظيف كل ما هو جديد لخدمة قضاياه، وبالذات في ما يتعلق بالتنمية البشرية.
يقولون أن ثمة أكثر من خمسة ملايين سعودي يرتادون (الإنترنت) كل يوم؛ ومن خلال هذه الشبكة العنكبوتية ينفذ هذا الكم الكبير من السعوديين إلى العالم، وإلى المعلومة، وإلى الثقافة الحديثة، وإلى الرأي والرأي الآخر، وإلى توفير الخدمات بشتى أنواعها . وكل المؤشرات تقول أن وسيلة (الاتصال) التي ستتسيّـد بين البشر، وفي كافة المجالات، في المستقبل القريب جداً، هي الإنترنت ؛ حيث ستكون جزءاً لا يتجزأ من حياة البشر؛ كما سيكون الإنسان الذي لا يعرف كيف يتعامل مع هذه (الآلية) الحديثة بمثابة (الأمي) الجاهل، تماماً كما كان في السابق (أمياً) من لا يعرف القراءة والكتابة .
وفي تقديري أن ثقافة التواصل بين الأمم، والتواصل بين الأجيال، والتواصل بين الحضارات، مرّت بثورتين رئيسيتين في تاريخ البشرية .
الأولى، عندما اخترع الإنسان (الكتابة)، واستطاع أن يخلق من خلالها (آلية) جديدة للتواصل بين الناس، وأن يحفظ المعلومة، وأن يهيئ الفرصة كاملة للثقافة والعلوم لأن (تتراكم) وتبقى، ليضيف عليها اللاحقون ما أدركه المتقدمون؛ وفي النتيجة يمكن القول و بعلمية أن ما وصلت إليه حضارة الإنسان من تطور وتقدم، تجلى في المحصلة النهائية في ما نشهده اليوم في كل الحقول الحياتية من إنجازات، يعود فضله (للكتابة) . بدون الكتابة كان لا يمكن - إطلاقاً - أن يصل الإنسان إلى هذا المستوى الحضاري الذي وصل إليه الآن.
الثورة الثانية، التي توازي ثورة (الكتابة) في التاريخ هي (اختراع الإنترنت)، الذي جاء كتطور طبيعي لاختراع الكمبيوتر. الإنترنت لم يحفظ المعلومة، ويسهل من تداولها، وشيوعها، فحسب، وإنما إضافة إلى بقائها وحفظها، وسهولة الحصول عليها، كسر كل أنواع الأسوار والوصاية التي تقيمها السلطات الاجتماعية أو السياسية أو حتى الدينية أمام تدفق المعلومات ذهاباً وإياباً بين البشر، الأمر الذي جعل ذريعة (الخصوصية) مقولة ديناصورية لا يُرددها إلا المتخلفون، وغالبيتهم - بالمناسبة - لم يتعاملوا بعد مع هذا الفضاء الإلكتروني، الذي جعل نيويورك بقضها وقضيضها وعلمها وثقافتها واقتصادها وإعلامها ومعلوماتها، على بعد (ضغطة زر) من أية عاصمة عربية، أو أية قرية في أدغال أفريقيا.
الصحافة الالكترونية الناطقة بالعربية، والتي تتربع على قمتها الآن (إيلاف) بكل اقتدار ومهنية، تعتبر بلغة (المهنيين) تجربة جادة وفاعلة ورائدة في صحافة النشر الإلكتروني بالعربية؛ والتي تختلف كثيراً، وكثيراً جداً، عن الصحافة الورقية . إيلاف عندما بزغ فجرها لم يكن ثمة مشروع مماثل يمكن الاقتباس منه، أو الاستفادة من تجربته، باللغة العربية . لذلك كان العاملون في إيلاف، ومؤسسوها، بقدر ما تعلموا (فنياً) من التجارب الأخرى في النشر الالكتروني غير الناطقة بالعربية، كانوا يحاولون بكل جدية ومهنية لتأسيس صحافة إلكترونية عربية بطريقة مهنية، من خلال صناعة خطوط إنتاج للمادة الإعلامية الصحفية حسب متطلبات الانترنت، معتمدين فيها على (التجربة والتصحيح)، كما هي أي تجربة وليدة لم يكن لها سابقة في أي صناعة . لذلك فإن هذه التجربة التي تمارسها إيلاف، والخبرة التي انتهى إليها العاملون فيها، هي بكل المقاييس تعتبرُ (لبنة تأسيسية) في بنية النشر الصحفي الإلكتروني، الذي تقول كل المؤشرات أنه الإعلام الذي سيطغى على كل وسائل الإعلام الأخرى في المستقبل القريب جداً.
بقي أن أقول أن إيلاف و صاحبها ومحركها ورئيس تحريرها (عثمان العمير) هما وجهان لذات العملة . فلولا عثمان لما بقيت إيلاف، ونجحت، وتعاظم شأنها . ولولا إيلاف- أيضاً - لبقي عثمان في الظل، مجرد رئيس تحرير سابق ليس إلا . فبقدر ما أعطاها من ذكائه وألمعيته وخبرته وتجربته وحيويته، الشيء الكثير، أعطته إيلاف المحلقة في أجواء النشر العالمي الجديد البقاء، والاستمرار، والحضور، كأي نجم إعلامي يتلألأ في سماء العالم الناطق بالعربية، وامتداداته في كل القارات.
تنبيه: بسبب كثرة المقالات المكتوبة بمناسبة الذكرى الخامسة لصدور إيلاف، لن يبقى المقال على الصفحة الأولى... أكثر من عشر ساعات... ثم يتحول إلى القسم الخاص بهذه المناسبة:
https://elaph.com/amp/ElaphWeb/Anniversary/WellDone.aspx