كتَّاب إيلاف

لنرد الجميل الى المسيحيين!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

هل ما نزال نتذكر قصة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم عليه السلام؟
هل ما نزال نذكر موقف اخواننا المسيحيين في المشرق العربي الذين وقفوا معنا في نفس الخندق؟
حسن.. ان كنا ما نزال نتذكر فاليوم هو يوم الوفاء لهم.. كما كانوا يومها اوفياء معنا.
اتحدث هنا عن فيلم شيفرة دافنشي الذي سيعرض قريبا في بعض الدول العربية..
الفيلم وقصته يسيئان للمسيحية، ويشككان فيها، وفي مكانة السيد المسيح، وفي قناعات المسيحيين.
لم اشاهد الفيلم، لكني قرأت الكتاب المأخوذة عنه الفكرة، والذي يحمل نفس الاسم.
أتي الكتاب مليئا بتفاصيل عن حياة المسيح، والتي يصعب على غير المسيحي ادراك ابعادها او خطورتها على العقيدة المسيحية.
شخصيا ارى ان كل كاتب له الحق في ان يعبر عن آراءه كيف شاء، لكن دون الاساءة لدين او عقيدة. و في رأيي ايضا فان الكتاب امتلأ بالاخطاء التاريخية. لكن الخطأ الاكبر ليس في ضعف المصادر التي اعتمد عليها الكاتب، ولا في تضارب معلوماته، بل ان الخطأ الاكبر هو في جرحه لمشاعر المسيحيين في العالم كله. وهذا ما لا ينبغي السكوت عليه حتى من المسلمين انفسهم.
من هنا، فإن شئنا ان نرد لمسيحيينا جميلهم يوم وقفوا معنا ضد الرسوم الكاريكاتورية، فليس اقل من ان نقف معهم ضد عرض فيلم شفرة دافنشي في العالم العربي والاسلامي. بل ونكتب دفاعا عن مشاعرهم ونستنكر بكل قوتنا الاساءة للمسيحية نفسها.
وطالما اننا نتحدث عن فيلم شفرة دافنشي، فإنني أجد نفسي منساقا الى الحديث عن الكثير من الاعمال الفنية الهزيلة الطابع في العالم العربي، سيما الاعمال التاريخية التي تتحدث عن الفتوحات الاسلامية بشكل خاطئ تماما.
فأولا، تاريخنا يفتقر الى الدقة في كثير من الاحيان، ومليء بالتناقضات. والحديث عن الفتوحات الاسلامية من منظور اخلاقي مبالغ فيه، يتعارض مع كثير من الحقائق. فما اتركب من مجازر ومآسي لأبناء الامم الاخرى باسم الاسلام كثير. الاسلام بريء لكن المسلمين لم يكونوا كذلك كلهم. واهداف كثير منهم في معظمها لم تكن دينية الطابع او اخلاقية بقدر ما كانت دنيوية مدفوعة بغرائز اللذات والغنائم والجواري.
ثانيا، ان الاعمال التاريخة العربية تصور الشخصية المسيحية او اليهودية كخصم تقليدي دائم الحضور. تصورها كعدو غريزي او فطري للاسلام. ولم يعد غريبا ان تشاهد عملا تلفزيونيا عربيا، يصور جيشا اسلاميا بزي المهرجين يصرخ فيهم قائدهم يحثهم على قتال اعداء الله من النصارى واليهود.
نحن وحدنا من جعلهم اعداء الله، وليس هو الله من جعلهم اعداءه الذين يستحقون القتل في كل مكان، حتى بأثر رجعي.
اضرب اوضح مثال على ذلك باعمالنا السينمائية والتلفزيونية التي تتحدث عن تاريخ العرب في الاندلس، حيث نصور المسيحيين كمجرمين يمتلئون بالغدر والمكيدة، في حين نبدو نحن في صورة المحررين الابطال اصحاب الارض والرسالة.
وبين لقطة واخرى تتكرر العبارة ذاتها: قاتلوا اعداء الله يا جند الله. وعندما تبحث عن الاعداء تجد الرمز الحاضر دوما في الصليب.
هكذا، فبدل ان تضيف اعمالنا الفنية العربية قيمة الى حضارتنا وثقافتنا، نجدها تضيف الى تعصبنا تعصبا اكثر واكبر، بعيدا عن اي منطق او عقل.
اعود الى موضوعي الاساسي، وهو فيلم شيفرة دافنشي، فأقول ان من واجب الدول العربية و الاسلامية ان تمنع عرض الفيلم مراعاة للمسيحيين، الذين ستتأذى مشاعرهم من فيلم كهذا.
ادعو رجال ديننا الذين لا ينفكون عن الظهور على شاشات التلفزيون يحللون ويحرمون، الى الحديث عن الموضوع ذاته، واعلانهم امام الملأ تحريم الاساءة للأديان الاخرى، بدل اعادة نفس الاسطوانات المكررة عن الحلال والحرام، والنور والظلام.
ليس هو عرفان بالجميل فقط ما ينبغي ان يدفعنا الى الدفاع عما يسيء للمسيحية والمسيحيين، بل هو الايمان ان الله تعالي هو خالقنا جميعا، ووحده كلنا نعبد، ونؤمن برسالته الى الخير والمحبة، وان اقربنا له هو الاتقى، مسلما كان او مسيحيا او يهوديا.

nakshabandih@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف