كتَّاب إيلاف

الحجاب منتهى اللذة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

للأسف استقبل الناس خبر حجاب حنان ترك بنفس الطريقة المعتادة، إما ترحيب شديد، أو رفض وتحفظ عنيف، دون أن نتوقف للحظات لنفكر فيما وراء الخبر
فوراء حجاب حنان ترك أشياء ومعاني كثيرة يجب أن نفهمها جيداً، ليس هذا فحسب بل أن حجاب حنان في هذا التوقيت يفتح المزيد من الأسئلة حول الدين والفن في مصر، لكننا سنبدأ بالتأكيد على أن التفكير الجمعي العربي والمصري لا يتغير رغم كل ما يتغير في العالم من حولنا وذلك على النحو التالي:

1.رسائل على كل المنتديات تهنئ وتبارك وتكاد شاشة الكمبيوتر تطلق "زغرودة" بمجرد قراءة الخبر، وكأن حنان أعلنت إسلامها، وكأن حجاب حنان بمفرده يعني انتهاء مشاكل الأمة واعلاء كلمة الإسلام، وكأن حنان هي كونداليزا رايس التي لو تحجبت بالفعل لتغير الكثير من أحوال العالم، لكن حجاب حنان هو قرار التزام من سيدة مصرية رأت أنها يجب ان تفعل ما اقتنعت به الآن وليس في أي وقت لاحق.
2.هذه التهاني جاءت بنفس القوة من منتديات حنان ترك على الانترنت - 90 % من الأعضاء رحبوا بالقرار- مع أنه ضد نجومية صاحبة المنتدي، لكن التفسير الوحيد لهذا التناقض أن نفس هؤلاء السعداء هم الذين كانوا يرحبوا بكل أعمال حنان السينمائية، ويدافعوا عن كل مواقفها، بالتالي "سياسة القطيع" متوافرة بشدة، هم شباب آمنوا بوقت الفراغ وقرروا متابعة اخبار كل فنان يحبونه فشكلوا أحزاباً، حزب مني زكي، وحنان ترك، ومنة شلبي، وكلما دخلت تلك المنتديات ستجدهم مشغولين بظهور حنان على شاشة قناة ما، أوإعادة مسلسل سارة، أو موعد عرض فيلمها الجديد، واديها شكر وتعليقات، ثم يأتي الخبر الحجاب فيهللوا أيضا لأنهم من داخلهم يتمنون أن تكون الفنانة المحبوبة لهم محجبة مثل معظمهن لسبب بسيط هو...
3.أن المصريين بطبيعتهم لا يستطيعون أن يقولوا لا للتدين بكل مظاهره، وهي نقطة أساسية ومهمة في العلاقة بين المصريين والفن على طول الزمان، لا ننكر -أنا وانت- أن هناك حتى الآن من لا يحترم الفنان رغم أنه يشاهده، ويسعد إذا حدثت له مشكلة، ولا يقتنع أبداً أن قبلات الفنانين على الشاشة هي من سياق الدراما، وما يزيد من ذلك أن الفنانين دائما يُقبلون ويشربون ويرقصون بعيدا جداً عن سياق الدراما، لهذا ظلت دور السينما مفتوحة والإيرادات بالملايين ومسلسل السابعة مساءا مقدس، لكن الكل يتمنى أن تتحجب الفنانة التي يحبها، وهو نفس الشعور الذي يشعر به المصري نفسه، هل سمعت مرة فتاة تقول أنها لا تتمنى ارتداء الحجاب، نتحدث هنا عن الغالبية وليست الفئة التي تمارس أفعالها عن اقتناع أو عن ابتذال مثل مجموعة " أنا وأسم أمي على الغريب".
4.اذن فما فعلته حنان يأتي في ذات السياق ولكنها تأخرت كثيرا عن الموعد المحدد، فقد مرت بها ظروف عصيبة جعلتها تفكر في القرار منذ زمن، ظروف مثل خطبتها الفاشلة لرجل الأعمال -المنتحر والقاتل فيما بعد- أيمن السويدي، ثم حادثة الشبكة اياها، وما تبين بعدها أنها كانت للاستهلاك الإعلامي، ثم وفاة علاء ولي الدين بعد 24 ساعة فقط من عودتها معه على طائرة واحدة من البرازيل، بعدها بدأت حنان تتبدل، تفعل اشياء كثيرة عكس بعضها البعض، رفضت فيلما جديدا مع يوسف شاهين، بدعوى وجود مشاهد ساخنة رغم أنها قدمت بعضاً منها في "الآخر" ومع ذلك حافظت على تصريحاتها الدبلوماسية عن الأستاذ، لم ترتد أي ملابس مثيرة وإن كانت من الأصل لا تتمتع بهذا النوع من الجاذبية، لأن كايرزما حنان ترك لم تعتمد اطلاقا على المواصفات الجسدية، وظلت حنان تقول دائما أنها تفكر في الحجاب،لكنها في فيلم " الحياة..منتهى اللذة" والذي قدمت فيه دوراً أقرب للصوفية، قالت أن العلاقة مع الله يمكن أن تكون أفضل دون حجاب، حتى كتبت جريدة الدستور، لماذا تتكلمين كثيرا إما الحجاب أو الصمت، وقتها قالت لى، لماذا يشغلون بالهم بتصريحاتى، ليس لأحد شأن بذلك، كان هذا الكلام منذ شهرين تقريبا، ثم ها هي تقطع سلسلة طويلة من التصريحات والنوايا بالفعل القاطع، وبعدما خاضت الفترة الماضية حملة للدفاع عن مشاركتها في فيلم "دنيا" بكل ما يحمل من أفكار تتعارض مع المزاج المصري العام.
5.لكن حتى الآن هناك من لا يستوعب أن الغالبية العظمي من المسلمين يؤمنون بأن الحجاب فرض، حتى لو لم يلتزموا به، لأن بالعقل فقط يمكن القول" ليه تلبس قليل لما ممكن تلبس كتير"، ولماذا لا ننتقد ذات الملابس الساخنة وتقولوا حرية،وتغضبون من المحجبة، وهكذا وكما هلل الكثيرون للحجاب وكأنه انتصار للإسلام في معركته مع الغرب، ظهر أيضا الغاضبون أصحاب الكلام المكرر عن أن الايمان في القلب وليس في تغطية الشعر، وأن القرار يعني مزيدا من العودة للوراء، وكأن البلد بكل قوتها تسير للأمام ثم جاءت حنان ترك وأفقدتنا عزيمة النهضة بقرار مفاجئ، وهكذا تتكرر المعركة في كل مرة، الكل يشتم الكل، دون أن نعي أن حجاب حنان لن يزيد مساحة الديموقراطية، ولن يشفي قلب البسطويسي العليل، ولن يعيد للفتيات شرفهن الضايع علي ايدي رجال الأمن في اعتصامات شارع عبد الخالق ثروت، لهذا نقترح عليكم أن ننتقل بخبر الحجاب إلى قضية أخرى قد تكون تستحق المناقشة.
6.القضية تبدأ باعلان حنان أنها لن توقف نشاطها الفني، وستمثل بالحجاب طالما الدور لن يتعارض مع ذلك، لتكون الممثلة الثانية خلال شهر التي تعلن تلك التصريحات، حيث بدأت حلا شيحا بالفعل تصوير فيلم بالحجاب وبسرعة غير متوقعة، سبق ذلك قرار عبلة كامل عدم الظهور دون غطاء رأس في اي عمل فني، لكن طبيعة ادوار وشخصية الموهوبة عبلة لم تغضب الأخوة بتوع العودة للوراء ولم تفرح أنصار حجاب أي فنانة.
في نفس العام عادت سهير رمزي وسهير البابلي وصابرين للتمثيل بالحجاب لكن على شاشة التليفزيون، ليشكلن جميعا تياراً جديداً يرى امكانية التمثيل مع الحجاب في أدوار وقصص درامية محددة، طبعا التيار لا يشمل كل المججبات، ولا توجد سيطرة كاملة إلا على ادوارهن، وحتى الآن لم نر عملاً ملتزماً يستدعى حماس الممثلة المحجبة للعودة من خلاله، اللهم إلا الأعمال الدينية وحتى هذه ابتعد عنها حسن يوسف وقدم عملين اجتماعيين في عام واحد لم يشعر بهما أحد، اذن السؤال الأول هل يستطيع هذا التيار خلق دراما خاصة به، ثم هل يمكن أن يساعدوا في تقدم السينما والفن المصري مثلما حدث مع السينما الإيرانية، بمعنى هل السينما الإيرانية متقدمة لأنها تناقش موضوعات جادة بلغة سينمائية رفيعة لا تحتاج لأن تكون الممثلة سافرة، أم أنها متقدمة لأن الممثلة محجبة؟ طبعا الاختيار الأول هو الصحيح، فهل تستطيع حنان واخواتها القيام بذلك ؟؟ حتى الآن الإجابة من واقع من نراه هي لا، لأن 90 % من الوسط الفني لم يدرك بعد معنى اللغة السينمائية الرفيعة، ناهيك عن ان الالتزام أصبح شأناً أنثويا، ونادرا ما نجد فناناً يعلن التزامه ويكمل المشوار، ربما لان الرجال المصريين عموماً، لا يحرمون على أنفسهم أشياءاً كثيرا، في نفس الوقت لا يمكن اتهام باقي الممثلات بأنهن خاطئات ولا يحملن رسالة، هناك منهن من يؤمن فعلا بدور الفن لكنهن قليلات.
7. وحتى نجد الإجابة على السؤال السابق تحديدا، يجب أن نذكر هنا أن هناك من بين الفنانات المحجبات من اعتزلن بالفعل كل شئ، واستطعن طوال سنوات عديدة، أن يصنعن سياجا عازلا بين حياة سابقة وحياتهن الحالية، فهل هن على صواب أم الأفضل أن ينخرطوا في الوسط الفني ليزيد عدد الملتزمات ويشكل تياراً أقوى، أي هل نطالب بعودة شادية وهناء ثروت ونسرين وشمس الباردوي، أم ننصح حنان ترك بالإنضمام لهن، وحتى تأتينا اجابات كل تلك الأسئلة، نرجو أن لا تتكرر نفس "الزفة" من المؤيدين والمعارضين مع خبر حجاب فنانة أخرى، وكأن الفنانة انتقدت عملية تزوير الانتخابات أو طالبت بتعديل جديد للدستور، وبالمناسبة من هي الفنانة التي تتوقعون أن تتحجب قريباً، ومن هي التي تتمنون أن تختفي سواء بالحجاب أو بغيره، من فضلك..اكتب إجابة واحدة لكل سؤال.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف